
قاعدة السلامة
* بقلم: تامر المصري.
تبدو نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية, التي أفضت بحركة حماس لتقود دفة الحكومة الفلسطينية, في نظر تل أبيب؛ و كأنها أم الخطيئات, التي يجب على الشعب الفلسطيني بأكمله دفع فاتورة ارتكابها, فيما تزداد ضريبة القيمة المضافة, كلما مر الوقت, لتكون عقارب الساعة الناظم التصاعدي الذي يكفل لسادية المحتلين, حشر كل مقومات حياة أعضاء الجسد الفلسطيني المنهك بالمتاعب أصلاً, سياسياً و اقتصادياً و مجتمعياً, في زاوية العزلة, و نثر الملح على جرحنا المفتوح على كل الآهات ألماً.
فما أن تسلمت حكومة إسماعيل هنية مقاليد أمور السلطة, حتى صارت إسرائيل تتفنن في أساليب لوي الذراع الموجعة, و الذي حتما يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني الذي بات محكوماً بحكومة جاءت عبر عملية انتخابات ديموقراطية و نزيهة,,, فطائرات الاحتلال تمارس هوايتها المفضلة في القتل و الاغتيال, و الدبابات الإسرائيلية تلاطفنا بأربع قذائف كل دقيقة باتجاه أراضٍ زراعية و بيوت سكنية مأهولة, و المعابر التجارية و المرورية مرهونة بما يريد أن يملي علينا الحاكم الإسرائيلي بأمر نفسه, و حملات الاعتقال لا تتوقف ليلة واحدة, فيما أثبتت سياسة الأمر الواقع التي يجيد الإسرائيليون فرضها شدة قسوتها و جبروتها, في وقتٍ أصبح صمت المجتمع الدولي قراراً , و صارت شهوة الاستنكار و الشجب أمراً محرماً, مما شجع و يشجع حكومة ايهود اولمرت على فعل ما تريده بنا, و ها نحن نسمع كل يوم عن وسيلة ضغط جديدة تُفرض علينا و نلمسها في اليوم الذي يليه, آخرها صيحة وقف تزويد قطاع غزة بالمشتقات النفطية بحجج واهية, و الحبل على الجرار, بينما تقف حكومتنا الرشيدة في موقفٍ لا تحسد عليه, الأمر الذي يتطلب عدة خطوات باتجاه تخفيف معاناة شعبها .
لا ينكر عاقل أن الحكومة الإسرائيلية استطاعت التأثير على كل القوى المهتمة و المؤثرة في القضية الفلسطينية, حتى صار مطلب انتزاع اعتراف من حركة حماس بحق إسرائيل في الوجود أمراً لا مفر منه, بعدما تم ربط مصير و استمرار و نجاح الحكومة في قيادة السفينة الفلسطينية التي لا تعتمد في مواردها على آبار نفط أو صناعة متقدمة, بما يقدمه المجتمع الدولي لنا, من فتات المعونات التي عادة ما يتبعها منٌ و أذى, الأمر الذي يجب أن تعيه حماس و تدرك أنها عندما تتحدث عن الاعتراف لا تناقش قراراً داخلياً يخصها وحدها, بعدما ارتضت تحمل المسؤولية طوعاً, و أضحى مصير الشعب الفلسطيني بين يديها, الأمر الذي لا يتطلب المزيد من الوقت للمغامرة في دماء الناس و وسائط أرزاقهم و سبل حياتهم, و هذا أمر صريح عند عامة المواطنين لا يحتمل التأويل أو التأجيل, و لا تشفع في تطبيبه منابر الخطابة, أو قصص عنترة العبسي في الفروسية, أو حكايات زهد و تصوف رابعة العدوية.
فحركة حماس عندما دخلت في أتون الحياة السياسية, ابتداءً بقرارها في المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي و ما يعقبها من خطوات, كانت قد وقعت على اعتراف ضمني واضح بحق إسرائيل في الوجود, و كذاك قبول نتائج المفاوضات و غيرها, لأن التشريعي هو نتاج طبيعي و واقعي لاتفاقية أوسلو السلمية, التي وقعها طرفان يعترفان ببعضهما البعض وقتذاك, و هذا لا يمنع الحركة الآن من إعلان اعترافها على الملأ بإسرائيل, لطالما أنها قبلت بنتائج هذا الاعتراف و تلك المفاوضات, كي نتمكن من تجاوز نقاش جدلي يصب في صالح إسرائيل أخيراً, التي استطاعت إقناع الشرق و الغرب بحجتها في مقارعة الفلسطينيين بقيادة حماس, إن لم تعترف بها الأخيرة, و ما طلب إسرائيل لهذا الاعتراف الصريح إلا استزادة في التأكيد, يهدف لإثبات التحول الذي سارت إليه حماس, ليضر بشعبية الحركة و يحيد جناحاً قوياً عن المقاومة, مما يعني انهزام شعارات حماس التي كانت تمثل منطلقات لها فيما مضى, و هو ذات الأمر الذي تخشاه الحركة, لتفسح حالة الشد و الجذب هذه المجال لشغل المزيد من الوقت على حساب الجرح الفلسطيني, في ظل حالة الجنون الإسرائيلي, المتجه نحو إدامة حرب الاستنزاف مع الفصائل, لتنفيذ مخططاته الرامية إلى الانفصال عن الفلسطينيين و ترسيم الحدود, على حساب حقوقنا التاريخية في أرضنا, و إبقاء شباك الاحتلال مسيطرة علينا, كما هو واقع في كارثة ما بعد الانسحاب من القطاع المحرر !
بمنطق لا يسري في جداول؛ نعرف أن حسابات الحكومة الرشيدة بمعايير الحق و الباطل, لا يلزمها بالاعتراف بإسرائيل ما لم تعترف الأخيرة بها و بحقوق الشعب الفلسطيني أولاً,,, إلا أن هذا المنطق يختلف كثيراً عن واقع السياسة, و لو كان منطق حماس دارجاً, لما كان هناك احتلال أصلا و لا كانت هناك نكبة عام 1948م أو نكسة عام 1967م , فيما كان متوقعاً للكثيرين قبل تشكيل حكومة حماس حجم الضغوطات التي تتعرض لها الآن, و يعاقب على إثرها الشعب الفلسطيني مجتمعاً, وكان مستوجباً على حماس إعداد البدائل أو التهيؤ لواقع جديد, إلا أن أحداً لم يكن يتوقع أو يتمنى أن تكون هناك مغامرة أو مقامرة كهذه التي نعيشها جميعا, أما الآن؛ و قد اختارت حماس طريقها نحو السياسة من خلال التشريعي, عبر اعترافها بإسرائيل ضمنياً, فعليها أن تكمل هذا الطريق سيراً نحو قاعدة السلامة .
* الكاتب صحافي مقيم في غزة.
* بقلم: تامر المصري.
تبدو نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية, التي أفضت بحركة حماس لتقود دفة الحكومة الفلسطينية, في نظر تل أبيب؛ و كأنها أم الخطيئات, التي يجب على الشعب الفلسطيني بأكمله دفع فاتورة ارتكابها, فيما تزداد ضريبة القيمة المضافة, كلما مر الوقت, لتكون عقارب الساعة الناظم التصاعدي الذي يكفل لسادية المحتلين, حشر كل مقومات حياة أعضاء الجسد الفلسطيني المنهك بالمتاعب أصلاً, سياسياً و اقتصادياً و مجتمعياً, في زاوية العزلة, و نثر الملح على جرحنا المفتوح على كل الآهات ألماً.
فما أن تسلمت حكومة إسماعيل هنية مقاليد أمور السلطة, حتى صارت إسرائيل تتفنن في أساليب لوي الذراع الموجعة, و الذي حتما يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني الذي بات محكوماً بحكومة جاءت عبر عملية انتخابات ديموقراطية و نزيهة,,, فطائرات الاحتلال تمارس هوايتها المفضلة في القتل و الاغتيال, و الدبابات الإسرائيلية تلاطفنا بأربع قذائف كل دقيقة باتجاه أراضٍ زراعية و بيوت سكنية مأهولة, و المعابر التجارية و المرورية مرهونة بما يريد أن يملي علينا الحاكم الإسرائيلي بأمر نفسه, و حملات الاعتقال لا تتوقف ليلة واحدة, فيما أثبتت سياسة الأمر الواقع التي يجيد الإسرائيليون فرضها شدة قسوتها و جبروتها, في وقتٍ أصبح صمت المجتمع الدولي قراراً , و صارت شهوة الاستنكار و الشجب أمراً محرماً, مما شجع و يشجع حكومة ايهود اولمرت على فعل ما تريده بنا, و ها نحن نسمع كل يوم عن وسيلة ضغط جديدة تُفرض علينا و نلمسها في اليوم الذي يليه, آخرها صيحة وقف تزويد قطاع غزة بالمشتقات النفطية بحجج واهية, و الحبل على الجرار, بينما تقف حكومتنا الرشيدة في موقفٍ لا تحسد عليه, الأمر الذي يتطلب عدة خطوات باتجاه تخفيف معاناة شعبها .
لا ينكر عاقل أن الحكومة الإسرائيلية استطاعت التأثير على كل القوى المهتمة و المؤثرة في القضية الفلسطينية, حتى صار مطلب انتزاع اعتراف من حركة حماس بحق إسرائيل في الوجود أمراً لا مفر منه, بعدما تم ربط مصير و استمرار و نجاح الحكومة في قيادة السفينة الفلسطينية التي لا تعتمد في مواردها على آبار نفط أو صناعة متقدمة, بما يقدمه المجتمع الدولي لنا, من فتات المعونات التي عادة ما يتبعها منٌ و أذى, الأمر الذي يجب أن تعيه حماس و تدرك أنها عندما تتحدث عن الاعتراف لا تناقش قراراً داخلياً يخصها وحدها, بعدما ارتضت تحمل المسؤولية طوعاً, و أضحى مصير الشعب الفلسطيني بين يديها, الأمر الذي لا يتطلب المزيد من الوقت للمغامرة في دماء الناس و وسائط أرزاقهم و سبل حياتهم, و هذا أمر صريح عند عامة المواطنين لا يحتمل التأويل أو التأجيل, و لا تشفع في تطبيبه منابر الخطابة, أو قصص عنترة العبسي في الفروسية, أو حكايات زهد و تصوف رابعة العدوية.
فحركة حماس عندما دخلت في أتون الحياة السياسية, ابتداءً بقرارها في المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي و ما يعقبها من خطوات, كانت قد وقعت على اعتراف ضمني واضح بحق إسرائيل في الوجود, و كذاك قبول نتائج المفاوضات و غيرها, لأن التشريعي هو نتاج طبيعي و واقعي لاتفاقية أوسلو السلمية, التي وقعها طرفان يعترفان ببعضهما البعض وقتذاك, و هذا لا يمنع الحركة الآن من إعلان اعترافها على الملأ بإسرائيل, لطالما أنها قبلت بنتائج هذا الاعتراف و تلك المفاوضات, كي نتمكن من تجاوز نقاش جدلي يصب في صالح إسرائيل أخيراً, التي استطاعت إقناع الشرق و الغرب بحجتها في مقارعة الفلسطينيين بقيادة حماس, إن لم تعترف بها الأخيرة, و ما طلب إسرائيل لهذا الاعتراف الصريح إلا استزادة في التأكيد, يهدف لإثبات التحول الذي سارت إليه حماس, ليضر بشعبية الحركة و يحيد جناحاً قوياً عن المقاومة, مما يعني انهزام شعارات حماس التي كانت تمثل منطلقات لها فيما مضى, و هو ذات الأمر الذي تخشاه الحركة, لتفسح حالة الشد و الجذب هذه المجال لشغل المزيد من الوقت على حساب الجرح الفلسطيني, في ظل حالة الجنون الإسرائيلي, المتجه نحو إدامة حرب الاستنزاف مع الفصائل, لتنفيذ مخططاته الرامية إلى الانفصال عن الفلسطينيين و ترسيم الحدود, على حساب حقوقنا التاريخية في أرضنا, و إبقاء شباك الاحتلال مسيطرة علينا, كما هو واقع في كارثة ما بعد الانسحاب من القطاع المحرر !
بمنطق لا يسري في جداول؛ نعرف أن حسابات الحكومة الرشيدة بمعايير الحق و الباطل, لا يلزمها بالاعتراف بإسرائيل ما لم تعترف الأخيرة بها و بحقوق الشعب الفلسطيني أولاً,,, إلا أن هذا المنطق يختلف كثيراً عن واقع السياسة, و لو كان منطق حماس دارجاً, لما كان هناك احتلال أصلا و لا كانت هناك نكبة عام 1948م أو نكسة عام 1967م , فيما كان متوقعاً للكثيرين قبل تشكيل حكومة حماس حجم الضغوطات التي تتعرض لها الآن, و يعاقب على إثرها الشعب الفلسطيني مجتمعاً, وكان مستوجباً على حماس إعداد البدائل أو التهيؤ لواقع جديد, إلا أن أحداً لم يكن يتوقع أو يتمنى أن تكون هناك مغامرة أو مقامرة كهذه التي نعيشها جميعا, أما الآن؛ و قد اختارت حماس طريقها نحو السياسة من خلال التشريعي, عبر اعترافها بإسرائيل ضمنياً, فعليها أن تكمل هذا الطريق سيراً نحو قاعدة السلامة .
* الكاتب صحافي مقيم في غزة.