الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

متى سيعود صدام إلى السلطة بقلم:سري سمور

تاريخ النشر : 2006-04-09
متى سيعود صدام إلى السلطة بقلم:سري سمور
متى سيعود صدام إلى السلطة؟!

بعد مضي ثلاث سنوات على اجتياح أرض السواد:-

أين الأمن وأين الخبز وأين الخدمات وأين حفظ الأعراض؟

صدام مستبد سفاح وأحفاد ابن العلقمي ليسوا بأفضل منه بل هو خير منهم

الخيانة هي الخيانة ولا مبرر لها

هناك خيارات أخرى أمام أمتنا غير الاستبداد والاحتلال

كتبه بحرقة وغضب:سري سمور-جنين(بمناسبة ذكرى كارثة السقوط الثاني لبغداد الرشيد)

(1)

لست من المهووسين بالكتب التي تباع على الأرصفة وبعض المكتبات والتي تصف صدام حسين بأنه الذراع الأيمن أو "الممهد" لظهور المهدي المنتظر،وأنه يحاكي السلطان صلاح الدين الأيوبي،رغم أن الرجلين ينحدران من تكريت،فأصل الإنسان يظهر من عمله لا من نسبه ومنبعه فالناس لآدم وآدم من تراب،وقد قال العلماء والخبراء والمحققون في هذه الكتب ما قاله مالك في الخمر! وبالتالي لن أشذ عنهم وأجعل من هذه الكتب نبراسا أو مرجعا في تكوين الرأي ،وأنصح من يبني رأيه وفكره على ما جاء في هذه الكتب،ويروّج أخبارها وأحاديثها الضعيفة-وربما الموضوعة- أن يعيد النظر وأن يحكم عقله.

ولن أسمح لأحد أن يقول لي لا تتدخل في الشأن العراقي لأنك لست عراقيا؛فهذا ما نجح فيه الآخر الذي توحد ضدنا جميعا وفرق صفوفنا شيعا؛فالعربي مرفوض أن يتدخل في شأن العربي،ثم تستمر الاختزالات حتى قيل لا يتدخلن السني بالشيعي ولا الكردي بالعربي ولا التركماني بهما،ولا شأن لابن المشرق بابن المغرب ولا لابن الشمال بابن الجنوب...حتى وصل الحال إلى إعلان الطلاق البائن بين أفراد الأسرة الواحدة،بل إن كل فرد يعاني من حالة خصام بينه وبين نفسه،لذا سأتدخل في شأن العراق ولن يضيرني تدخل كاتب عراقي بشأن الفلسطينيين ،لأن الله تعالى قد قرر بالتأكيد القاطع الذي لا يقبل التأويل"إنما المؤمنون أخوة" ،وقد قال الحبيب محمد ،صلى الله عليه وسلم،أحاديثا في هذا السياق تؤكد على أن الأمة جسدها واحد ومصيرها واحد والمسلم أخو المسلم ،وسرنا طويلا على هذا المنهج الذي أمر به الله ودعا وجاهد رسوله في سبيل ترسيخه ،وكما قال أمير الشعراء يوما:"كلنا في الهم شرق" ،فلن أنثني عن هذا التدخل،وأنا أستخدم كلمة "تدخل" من باب ما تعم به البلوى وليس عن قناعة أو رضا بما تحتويه من خبث وبذور تشتت وفرقة.

وأطمئن الجميع أنني لم أستفد من كوبونات النفط التي "قيل" أن صدام كان يوزعها على أشخاص أو مؤسسات بناء على إظهار الولاء أو كيل المديح له ولنظام حكمه،ولم أستفد أنا أو عائلتي بمقدار دولار واحد من المساعدات التي قدمها صدام للشعب الفلسطيني،ولكن لا أملك إلا شكر صدام على هذه المساعدات خاصة في الظروف الراهنة،حيث لا تستطيع حكومتنا المنتخبة ديموقراطيا توفير رواتب موظفيها وسد حاجيات شعبها،كما أنني لست عضوا في حزب البعث ولا مؤيدا له ولا أحب ميشيل عفلق،ولست من محبي فكرة القومية أو القومجية الشوفينية لأنها جرّت علينا الويل والثبور،وأيضا وهذا مهم ؛لست ممن سلبتهم عواطفهم عقولهم وغاب عنهم المنطق والأسلوب العلمي ...كل هذه المعلومات أو من شاء أن يسمها بالمقدمة ،لأنني أعرف التهم والأوصاف المفصلة لكل من يريد أن يهمس منتقدا للاحتلال أو عاقدا مقارنة ولو جزئية بين ما كان في العراق وما هو كائن،وعليه أرجو أن تخترعوا أوصافا أخرى لي كي تقذفوني بها مثلما جرت العادة ،ولو أردت راحتكم وعدم السخرية من أوصافكم لقلت لكم أنا هو أنا فقط ؛أي فرد من الأمة الممزقة المنهوبة أزعم أن همّا كبيرا أحمله بين جوانبي بسبب ما وصل إليه حالها ،وأشعر بحرقة لأن أعداءها قد ظهروا عليها؛لست بعثيا ولا تكفيريا ولا صداميا ولا صفويا ولا طائفيا ،بل أنا مسلم عربي وحسبي رؤيتي لنفسي لا رؤية من على قلوبهم وعلى أعينهم غشاوة تمنعهم من استيعاب من ليس مثلهم.

(2)

ذكرى أليمة وفاجعة نعيشها ،التاسع من نيسان/أبريل،سيدخل الاحتلال الأمريكي للعراق عامه الرابع ،وكل يوم أسوأ من الذي سبقه،وشلالات الدم ،وأشلاء الأبرياء ،والخراب في كل شيء ،ولا يوجد أي مؤشر على قرب انتهاء هذه المجزرة المستمرة ،وشبح التقسيم يلقي بظلاله ،بل ربما يكون التقسيم قد أصبح أمرا واقعا.

لكن للاحتلال "فضائلا" لا ننكرها فقد كشف عن وجه حضارته التي طالما انبهرنا بها ومدنيته وإنسانيته التي حسدناه عليها وتمنيناها لأنفسنا؛فكان وجها قبيحا كالحا ،وحضارة ظهر زيفها ،وعلى رأي شاعرنا العراقي –المعارض لصدام- أحمد مطر، في معلقة القدس:"كشفت لنا العورات ،بئس حضارة تبني عبادا من ركام عباد".

فقوات التحرير البطلة ،وقادتها المغاوير تمكنوا من حماية وزارة النفط،لكنهم فشلوا في حماية المساجد والمتاحف و الآثار والسكان المدنيين،واستطاعت عقول خبرائهم وتقنياتهم ترميم جثتي عدي وقصي لكنها لم تستطع إعادة الكهرباء للمدن والقرى،واستطاعوا تحصين أنفسهم في المنطقة الخضراء ،لكنهم تركوا العلماء والطيارين والتلاميذ والنساء عرضة للقتل والخطف والاغتصاب،وتمكنوا من إظهار ساديتهم وشذوذهم في سجن أبو غريب وبوكا،ونشروا الفساد في أرض العراق وسمائه...

لقد حوّلوا العراق خلال سنوات الاحتلال الثلاثة إلى جنة للحرية والديموقراطية،فلا قتل ولا تدمير وخدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه النقية على خير ما يرام ،والشعب توحّد أكثر من أي وقت مضى فالعربي والكردي والتركماني والسني والشيعي والصابئي والأشوري يعيشون مع بعضهم بسلام لم يسبق له مثيل في التاريخ ،وينعمون بنعمة الأمن دون أحقاد وبلا شكوك ،فالعراق الجديد الحر الديموقراطي يجمع شملهم ويستظلون بحفظ ورعاية السيد الرئيس الإنسان جورج دبليو بوش ،الذي يرى أن دم أو كرامة أي عراقي من زاخو إلى الفاو هي مسئوليته كرئيس وكإنسان!!!!!

(3)

مكرهون أو مضطرون أو متعمدون أو مغرضون أو حالمون أو واهمون ...ليس مهما الآن،لكن المقارنة بين عهد صدام حسين وعهد جنة بوش هو أمر لا بد منه،ولا مجال لتجنب هذه المقارنة،ومن تجنبها سابقا وجد نفسه مضطرا لها اليوم،ومن هو رافض لها اليوم سيجد نفسه متحمسا لها غدا.

صدام حسين ونظامه كان مادة لكثير من الكتب والمقالات والبرامج الوثائقية والحوارية ،ولكن أستطيع -أو أزعم أنني أستطيع- حصر الآراء حول ما كان من صدام باحتمالات ثلاث ،أظن أنها تريح العقول من الحيرة ولو جزئيا،وسأضع وراء كل احتمال علامة تعجب:-

1) الاحتمال الأول هو إما أن صدام حسين ظل حتى آخر لحظة مرتبطا بأجهزة مخابرات دولية وكل ما صدر عنه كان بناء على تعليمات وخطط مرسومة في العواصم البعيدة عن بغداد ،وأن دهاقنة الاستخبارات والسياسة والمال كانوا هم من سيّر الأمور؛فدخل صدام في حرب مع إيران أهلكت الحرث والنسل،وأوجد موطئ قدم للاستعمار عندما احتل الكويت،وأدت سياساته الداخلية لتدمير نفسية الإنسان العراقي ليجد نفسه جاهزا للسقوط في براثن الشواذ وأبناء لكع القادمين من حانات فلوريدا وكاليفورنيا،وأدى صدام مهمته ،وانتهى فصل من التاريخ ليبدأ فصل جديد!

2) الاحتمال الثاني هو أن صدام كان لفترة معينة مرتبطا بأجهزة المخابرات ،وجزءا من أحجار رقعة الشطرنج في "لعبة الأمم" ،وقرر بناء على نية مبيتة أو تغييرا في نمط تفكيره ،الفكاك من هذا الدور والتحرر من "اللاعبين الكبار" فكان أن قرروا جعله عبرة لغيره ،فحاصروه ودمروا جيشه واحتلوا بلاده وأسروه وأذلوه!

3) الاحتمال الثالث أن صدام حسين ليس له أي ارتباطات مشبوهة،بل هو إنسان له رؤيته الخاصة وطريقة معينة في تطبيق هذه الرؤية استندت على الحكم الشمولي وتفرّد الحزب الواحد بالسلطة والثروة ،وأراد صدام للعراق أن يكون عراقا قويا يحمل رسالة هو من كتب سطورها ،رافضا أي تعديل على هذه الرسالة،مستخدما ما يجوز وما لا يجوز في الوصول إلى هدفه،لكن الهدف بالضرورة اصطدم بالمصالح الغربية وعلى رأسها بالطبع وجود إسرائيل ككيان متفرد بالقوة في المنطقة،فقرروا وضع حد لأحلام صدام ورؤيته وكتابة رسالة جديدة بأحرف عبرية لا عربية،وبناء على العوامل الذاتية المتمثلة بضعف أي نظام شمولي في مواجهة الخطر الخارجي كما هو معلوم من سياق التاريخ ومقتضيات الفطرة الإنسانية،وبناء على تفوق الغرب التقني والعسكري المطلق مقارنة مع صدام وقوته ،وقع ما وقع وحدث ما حدث،وذبح العراق وانهار نظام الحكم فيه،لأن رئيسه فكّر في بناء عراق مخالف في مواصفاته لما يراه الساسة الأوغاد في واشنطن ولندن وموسكو وباريس وروما وغيرها من عواصم الاستعمار القديم والحديث!

هذه هي الاحتمالات التي يمكن أن نلخص بها ما كان وما هو كائن ومن لديه احتمال غاب عن ذهني،فليسعفنا به مشكورا؛وليس مهما أي احتمال أرجحه على الآخر الآن ،لأنه وبغض النظر عن رأينا بصدام وسياساته ،فإننا أمام عراق محتل ومنتهك ومدمر وممزق ينهشه القريب والبعيد،وخسر العراقيون أرضهم وإنسانيتهم وسيادة دولتهم وخسر العرب والمسلمون بلدا من أهم –بل لربما الأهم- بلادهم.

(4)

لا مفر من المقارنة والحال كذلك...

• لن ينكر عاقل أن سياسات النظام البعثي بقيادة صدام هي التي أوصلت الأمور إلى

ما نراه اليوم،ولكن قاعدة "أخف الضررين" ضرورية هنا؛صدام يحاكم على قتل مجموعة من أهالي قرية الدجيل وعلى ما ينسب له من ضرب الأكراد بالسلاح الكيماوي في بلدة حلبجة الكردية،قتل إنسان هو ككقتل مليون إنسان،ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا،لا جدال في هذا ،لكن اختلال ميزان العدل واضح ،فلنتفق على تحمل صدام شخصيا وعلى تحمل نظام حكمه وأجهزة أمنه وجيشه مسئولية الأرواح التي أزهقت في الدجيل وحلبجة؛فمن يتحمل مسئولية عشرات الآلاف الذين قتلوا ويقتلون في العراق،ولماذا لا تتم محاكمة المتسببين بالقتل الإجرامي ويكتفي الساسة بتوجيه أصابع الاتهام إلى هذه الجهة أو تلك بلا أدلة مقنعة وبراهين واضحة مكتفين بعرض اعترافات تلفزيونية لأشخاص مع علامات استفهام كبيرة؟وإذا كان صدام قد قتل فردا أو أفرادا فهل معنى ذلك إعطاء المبرر لاستمرار القتل؟وإذا كانت وزيرة خارجية بوش الحسناء الدكتورة رايس قد أقرت بآلاف الأخطاء فلم لا يحاكم أي مسئول أمريكي من أي مستوى؟!

أردت التركيز على القتل ،لأن الأمن هو أولى حاجات الإنسان وأهمها،والقرآن الكريم وعد بأن يبدل أمن المؤمنين الموحدين الذين يعملون الصالحات من بعد خوفهم أمنا،فالأمن حاجة إنسانية تتفوق على غيرها وتأتي في سلم الأولويات،وعند انعدام الأمن لا يكون هناك مجال لبناء مجتمع سليم ولا دولة حقيقية؛في عهد صدام كان هناك قتل،لكنه قتل قليل إذا ما قورن بالقتل الكثير الذي يدور على مدار الساعة ،والقتل الدائر اليوم ليس مرتبطا بالشك بولاء فرد أو مجموعة بعينها بنظام الحكم،ولم يرمي صدام جثث ضحاياه في الشوارع ومكبات النفايات ولم يقتل أحدا لأن اسمه "عمر" أو "علي " فالقتل الموجود اليوم عشوائي أعمى في جزء منه ومنظم مدروس في جزء آخر، وعلى مدار الساعة،يستهدف كل إنسان،وكل عراقي يصحو من النوم وهو مشروع جثة ممزقة بالمفخخات أو الرصاص الغادر الحاقد،وهذا –شئنا أم أبينا- وضع المواطن البريء أمام مقارنة قد يرفضها البعض:في عهد صدام كان المواطن الذي لا يعارض النظام يخرج من بيته إلى الصلاة في المسجد أو الحسينية أو الكنيسة أو المعبد أو إلى عمله أو دراسته أو للتسوق أو التنزه ثم يعود وهو آمن تماما على نفسه من سيارة مفخخة أو انتحاري مفترض،فحق الحياة هو أهم الحقوق الذي قررته شرائع الأديان وقوانين الأرض ،وصدام انتهك هذا الحق بنسبة واحد أو عشرة أو مئة أو حتى ألف على 25 مليون ،وبعد انتهاء حكمه ينتهك هذا الحق بنسبة 25 مليون على 25 مليون،نظرا لأن كل عراقي بغض النظر عن دينه أو قوميته أو طبيعة عمله أو سنه هو مشروع موت محقق!

من الذي يقتل ،هي حالة الهرج كما قلت في مقال سابق،ولكن سواء كان القاتل "أيتام صدام" أم "الحركات التكفيرية" أم قوات الاحتلال أم "أتباع الصفويين" أم غيرهم ممن يتهمون بالوقوف وراء عمليات القتل ،فالنتيجة أن هناك قتلا بشعا يجري،وفي عهد صدام لم يكن هناك اختراق استخباراتي للدولة العراقية بحجمه الموجود اليوم ولم يكن هناك تكفيريون ولا زرقاوي ولا خضراوي ولا قوات أجنبية متعددة الجنسيات تأخذ تعليماتها من واشنطن ولندن وروما ،كان صدام قد حصر القتل فيمن يعارض نظامه أو من يشك –ولو خطأ- في معارضته،فأخف القتل هو قتل صدام ،ولا أبرر،وأشد القتل وأبشعه مع ما قد يجر من ويلات ومصائب وكوارث كبيرة هو القتل الذي يجري منذ الاحتلال،فصدام لو فرضنا أنه حامل لسيف يقتل به فهو أقل وطأة ممن يقتل بمدفع رشاش ولو كان صدام حاملا لمدفع رشاش فهو أقل تأثيرا ممن يرسل المفخخات.

• يتهم صدام بأنه طائفي كونه ينتمي للطائفة السنية،ولكن ظلم صدام توزع على جميع الطوائف والملل والنحل،وكان الشيخ البدري (السني) أول العلماء الذين يقتلهم صدام والأهم من ذلك أن التقسيمات الطائفية السياسية لم يكن لها وجود ،فالعراقي هو العراقي بغض النظر عن انتمائه القومي والطائفي،وهناك الزواج المختلط بين السنة والشيعة،وهناك علاقات الجوار والمصالح الاقتصادية بين كل الأديان والمذاهب والقوميات،ومن السخافة القول أن نظام صدام كان نظاما لأهل السنة ،لأن ميشيل عفلق لم يكن سنيا ولا شيعيا لأنه لم يكن مسلما أصلا،والدولة قامت على فكر عفلق،فالولاء للبعث ولشخص صدام كان هو الميزان وليس الانتماء المذهبي ،ولنتذكر أوراق اللعب التي وزعتها القوات الأمريكية بعيد الاحتلال والتي تحمل صور وأسماء المسئولين العراقيين المطلوبين ،فقد كان بينهم الكثير من الشيعة،وبخصوص الأكراد فإن ما أعطاهم إياه صدام لم يعط لهم من قبل أي دولة أخرى "تعاني" من المشكلة الكردية،خذ تركيا مثلا وهي عضو في حلف الناتو،فقد بطشت بالأكراد بطشا شديدا ولم يتحرك الغرب إلا بخجل وحذر،ثم إن الأحزاب الكردية في شمال العراق ارتبطت مبكرا بإسرائيل ومخططاتها،ويسعى الأكراد إلى الانفصال عن العراق بل إن الانفصال قائم عمليا،وصدام لم يبن نظامه على الطائفية السياسية التي تتناقض مع الديموقراطية الغربية التي زعم المحتلون أنهم سيبنون عراق ما بعد صدام عى أساسها،الطائفية اليوم ظهرت في العراق بأقبح صورها وأشكالها وقد شملت النظام السياسي ثم جرى تعميمها على المجتمع الذي لم يكن يعرفها من قبل،وذابت الهوية العراقية لتحل محلها التقسيمات والتوزيعات الطائفية والقومية؛فهذا سني وذاك شيعي وهذا عربي وذاك كردي،وبالمناسبة عند الحديث عن الأكراد يجري التعامل معهم كقومية منفصلة بعيدا عن المذهبية،فلا يقال مثلا كردي سني ولكن يقال عربي سني ،فأي مجتمع بناه دعاة الحرية وأي دولة قائمة اليوم؟لم يعد هناك عراق بل هناك كيانات على أسس مذهبية ذميمة ،وشبح هذه التقسيمات والفتن يهدد كل دول المنطقة...حتى لو كان لدى صدام سياسات فيها "بعض" الحسابات الطائفية والقومية طبعا ،فشرّ صدام ضئيل وضرره صغير ،لأنه لم يهدد وحدة التراب العراقي ولم يدق الأسافين بين عراقي أعمامه سنة وأخواله شيعة أو العكس،وأتذكر أن الفضائية العراقية في زمن صدام كانت تبث الأذان كما هو عند السنة،أي دون الإضافات الموجودة في المذهب الجعفري،وبعد الأذان كانوا يعرضون العتبات المقدسة لدى الشيعة في النجف وكربلاء ويكتبون على الشاشة "أرض المقدسات"،فما بال عراق موسى الكاظم وأبو حنيفة اليوم؟!

• اختزل صدام العراق بحزب البعث واختزل حزب البعث بعائلته واختزل عائلته بنجليه،وسلّم ذويه من أشباه الأميين مقاليد الدولة والمواقع الحساسة ،نعم،ولكن من جاءوا بعده لم يغيروا هذا النهج ولو أتيح لأي منهم التصرف مثله لما تردد ،لكن تداخل القوى والمصالح هو ما يحول بين كل سياسي وبين حلمه بأن يحاكي صدام بما فعل،والدليل أن كلا منهم زرع أولاده وأقاربه في المؤسسات والوزارات وأقصى غيرهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا،فبات ما تبقى من العراق موزعا بين مجموعة من العائلات والأفراد ،وتم الدوس بخسة ووحشية على الآخرين أي على الأغلبية المسحوقة من الشعب العراقي،ولا ننسى أن الأكراد اختزِلوا منذ زمن بجلال الطالباني ومسعود البرزاني،وهو ما ينسحب على بقية المكونات،ولا حول ولا قوة إلا بالله.

• بعد عملية "عاصفة الصحراء" في شتاء عام 1991م وإخراج جيش صدام بالقوة من الكويت وما رافق العملية من عمليات قصف وتدمير،قيل بأن العراق عاد إلى القرن التاسع عشر،فلا مياه ولا كهرباء ،والحصار يفتك بالناس،وتشفى الإعلام الإسرائيلي،والذي كنا كفلسطينيين نتابعه بكثافة آنذاك، وقال بأن العراق سيحتاج إلى خمسين عاما حتى يعود إلى ما كان عليه،ولكن وبعد أيام معدودة عادت الكهرباء وجرت عمليات إعادة بناء وترميم لما تم تدميره بصواريخ كروز من مبان وجسور ومؤسسات ؛واليوم رغم أنه لا حصار ورغم أن الأمريكان يدعمون الحكومة القائمة فإن خدمات الكهرباء والماء والصحة والتعليم متردية(كان العراق من أوائل الدول من الناحية التعليمة بشهادة اليونسكو)،وقد بثت إحدى الفضائيات مقابلات مع مواطنين في محافظة ميسان في الجنوب وشكوا وتذمروا من تردي خدمات الكهرباء وانتشار البطالة،علما بأن ميسان هادئة ولا يوجد فيها لا مقاومة ولا إرهاب ولا زرقاوي ولا "أيتام صدام" فمن المسئول؟

(5)

العراقي يقتل من قبل قوات الاحتلال التي ابتدع عقل الساسة اسما جديدا لها وهو "القوات متعددة الجنسيات" ،فهي تقتل وتدمر وتعتقل ،ويقتل العراقي على أيدي أجهزة الأمن المستحدثة ويقتل العراقي بالمفخخات التي لا توفر طفلا ولا امرأة ،ويصرخ الساسة وأتباعهم بأن المسئول هم أيتام صدام،بل يرمون الاتهامات هنا وهناك،فهذا يتهم السعودية وذاك يشير إلى إيران وآخر إلى سوريا،والضحية هي المواطن الذي لم يعد يأمن على روحه أو عرضه؛وعلى ذكر العرض ،فقد كتبت الصحف مرة أن مدرّسة جامعية عراقية اغتصبت من قبل أربعة أفراد من الشرطة في عهد صدام،فتوجه زوجها إلى القصر الجمهوري وأصر على مقابلة الرئيس،وبعد أن تأكد لصدام قيام هؤلاء الشرطيون بفعلتهم البشعة استل مسدسه وناوله لزوج المغدورة كي يقتص منهم،ولما رأى أن الرجل ليس له جرأة على الثأر أطلق صدام الرصاص على الوحوش الأربعة وأرداهم في القصر الرئاسي،واليوم لا تأمن المرأة العراقية على شرفها الذي يستباح من المحتلين ومن قوات الأمن ومن العصابات الإجرامية المنتشرة،أعلم أن أجهزة أمن صدام مارست الاغتصاب ولكن عدد الحالات هو نقطة في بحر الأرقام التي نسمع عنها اليوم والكل يؤكد أن ما يصل هو غيض من فيض.

لقد فشل الاحتلال في توفير الديموقراطية وفي توفير الأمن وفي توفير الطعام والخدمات ،وبات العراق مسرحا لتصفية الحسابات وحقلا لتجارب الأسلحة القاتلة المدمرة ،واستغلت أراضيه لنثر البذور السامة ،ونخيله الشامخ ورافديه ونفطه عرضة للنهب والتآمر،ولم تعد أذن أي عاقل تريد سماع المزيد عن جرائم صدام كي تنشغل بالماضي عن الحاضر ،وكي يترسخ الإيحاء الخبيث المخزي ؛وهو أن الفلوجة وما حل بها من قتل و دمار وسامراء وتلعفر والقائم وما تتعرض له من إجرام هو ثأر من أفعال صدام!وهو نفس الإيحاء اللعين الذي يستخدم لتبرير الهجوم على اللاجئين الفلسطينيين،فما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في العراق هو جريمة بكل المعاني والمقاييس ،ولم يحرك الساسة ساكنا،ليستمر خفافيش الظلام بعربدتهم التي دفعت هؤلاء الذين شردوا من ديارهم عام 1948م إلى الفرار نحو لجوء جديد على الحدود الأردنية،عمليات قتل بشعة يقوم بها العراقي ضد العراقي والعراقي ضد الفلسطيني تحت مسمى تصفية الحساب مع صدام،وأقول العراقي هنا من باب المجاز،لأن هؤلاء ليسوا من العراق الذي نعرفه،فقد تنكروا لوطنهم وقبلها باعوا دينهم بدنيا بوش وبلير!

(6)

إن التغيير يجب أن ينبع من الشعب لا من الخارج؛لقد كان الأتراك في أواخر حكمهم لبلادنا يمارسون الظلم والقهر،وانتشر التخلف وعمت ظاهرة العبيد الذين جسدهم الفلاحون المغلوبون على أمرهم والسادة الإقطاعيون من آغوات وباشوات وأفندية الذين شكلوا أركان الحكم العثماني ،ولو ثار العرب على الأتراك رغبة في الخلاص لأن الكيل طفح،وسعيا للحرية بعد طول العبودية،وحفظا للكرامة بعد طول المهانة؛لو أن هذا ما كان لكنت أنا أشد المفاخرين بثورة العرب على العثمانيين،لكن ما يسمى بالثورة العربية الكبرى ليست إلا خيانة ومؤامرة قام بها الشريف حسين مع مكماهون الإنجليزي ولورانس الجاسوس كي يحقق هذا "الشريف" أطماعه الشخصية التي لم ينلها،والتي جلبت لنا وعد بلفور وسايكس-بيكو وإسرائيل وكل المصائب،ليس في قاموسي مصطلح لنعت تلك الثورة المشؤومة إلا أنها غدر وخيانة وجريمة و"زنى بتاريخ الأمة" ،لأنها ثورة ليست من الشعب ،ولأنها تضمنت تحالفا مع ألد أعداء الأمة،والنتيجة تشهد على ذلك،إذا رأيت عقربا أو ثعبانا في بيتك فهل تسكب الوقود وتشعل النيران في البيت ومحتوياته كي تطرد الثعبان؟أم هل تحضر الديناميت وتنسف البيت على من فيه؟هذا بالضبط ما فعله أو يفعله أي متآمر مع الخارج لإزالة ظلم في الداخل ولن أقول ما تعلمناه بأنه كالمستجير من الرمضاء بالنار،لأن الأمر ليس مجرد استجارة بل انبطاح وعمالة وصفقات مشبوهة ،بل هو تواطؤ،و حال هؤلاء أشبه بأجير يؤدي مهمة كلفه بها مشغّله ورسم له تفاصيل دوره وأعطاه أدوات تنفيذه!

عندما تتحرك الشعوب لإزالة الظلم ورفع البغي فهنيئا لها؛لقد تحرك الإيرانيون ،بما يشبه الاستفتاء الصاخب المدوي وتخلصوا من جلادهم،ولا مجال للتشكيك الذي يتبعه بعضهم لأنهم لا يستطيعون التحرك إلا بالسيناريوهات المعدة في عواصم الإجرام،ولو سمحت إيران اليوم بتأسيس حزب ملكي موال لنظام الشاة وخاض الانتخابات فلن يحصل على مقاعد إلا بمقدار ما حصلت عليه قائمة البديل في الانتخابات الفلسطينية!

الألمان الشرقيون ثاروا وهدموا الجدار الذي يفصلهم عن إخوانهم وأبناء شعبهم،وتشاوشيسكو أسقط نظامه وتمت محاكمته وزوجته واقتص الشعب منهما بالرصاص،ورأينا ما حل بسفاح كمبوديا وبينوشيه وغيرهم.

في فلسطين أسقط الفلسطينيون الفساد والظلم عبر صناديق الاقتراع ،فحينما يقرر أي شعب أن يتخلص من جلاديه ومن أفسدوا وظلموا فلن تقف أي قوة أمامه،ولا أنكر أن الشعوب المخدرة التائهة المرعوبة تحتاج إلى هزات وإلى وعي كي تصل على مرحلة النضوج المؤدي لثورة شعبية أو ديموقراطية،لكن أن يأتي جيش جرار من وراء البحار زاعما أنه يريد تحرير شعب ما وهو يريد السلب والنهب وتفريغ رغباته المريضة وتطبيق أفكار التحكم والاستعباد ،فتلك الطامة الكبرى،والأكبر منها أن تجد ممن ينتسب للبلد يسير مع هذه القوات كأبي رغال ويركب دباباتها وينفذ سياساتها ومخططاتها تحت العناوين المعروفة:"الديموقراطية والحرية وإزالة الظلم ورفع المعاناة وبناء وطن جديد والسعي نحو مستقبل مشرق..." ،وبالفم الملآن أقول ما يعلمه القاصي والداني:صدام حسين لم يسقط بثورة جماهيرية،حتى يحتفل البعض بسقوطه ،فلا يتفاخروا بما قام به غيرهم،ويبرر هؤلاء لأنفسهم خيانة أوطانهم والتآمر على شعبهم وضرب أمتهم في الصميم بكون صدام قد وصل حدا من العلو والطغيان ولم يكن من المستطاع إقصاؤه ولو قاتلوا مائة عام ،وقد سيطر الرعب على الشعب من شدة بطشه بمعارضيه وأصبحوا مدجنين خانعين فكان لا بد من تدخل العم سام!

ليس هذا مبررا ولا مسوغا والتاريخ لن يرحمكم،ويوم القيامة لن يقبل منكم عذركم هذا ولا ما تخدعون به أنفسكم ظنا منكم أنكم تخدعون جماهير الأمة التي لم تعد نائمة!

(7)

لقد كان الخليفة العباسي حين هجم المغول على بلادنا رجلا مترفا ،يكنز الذهب والفضة والعلماء والجنود يعانون من الفقر والعوز والدولة تعاني من الفوضى واختلاف الأمة على أشده،وكان المستعصم العباسي مشغولا بالأغاني والجواري،ولكن على قباحاته التي لا يجوز المرور عنها لم يكن المستعصم خائنا لأمته متواطئا مع عدوها فاتحا حجره لعقارب الغزو السامة القاتلة،أما الخيانة فقد باء بها ابن العلقمي،عليه من الله ما يستحق،فهو الذي جعل من نفسه عبدا للتتار ،أخزاه الله ،وأخزى السائرين على نهجه،والتاريخ لا يرحم ؛ها نحن نقول بأن المستعصم رجل ليس أهلا للخلافة وحبس عن جنود دولته أرزاقهم رغم أنه يكنز الذهب الأحمر وقضى وقته باللهو مع الجواري والقيان؛لكننا لا نتهمه بالخيانة،بل نتهم بها ابن العلقمي وأنه هو من سار على نهج أبي رغال،فكان الأخير "كلبا وفيا" لأبرهة وكان ابن العلقمي مثله مع هولاكو!

لنسقط هذا على واقعنا ؛صدام مستبد سفك الدماء وأهلك الحرث والنسل بحروبه ومغامراته،سلم أقاربه البلاد والعباد ليعيثوا فيها فسادا ونهبا ،لا ينكر هذا إلا قومجي موتور،ولكن ماذا عن أحفاد ابن العلقمي الذي جاءوا على ظهور الدبابات الأمريكية،والذين يعتبرون الغزاة أبطالا محررين والذين يريدون تحقيق حلم إسرائيل؟سيبوءون بما باء به جدهم ابن العلقمي وبئس ما باءوا به،ولن يصح في النهاية إلا الصحيح والبقاء للأصلح ،لأن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض.

(8)

متى سيعود صدام إلى السلطة؟فبوجود صدام لن يكون هناك مفخخات،وبوجود صدام لن يكون هناك إرهاب،وبوجود صدام لن يتعرض العراق للتقسيم،وبوجود صدام ستصل الكهرباء إلى البيوت وبوجود صدام لن ترى الجثث في الشوارع ولن يقتل أي شخص بسبب اسمه وهويته المذهبية ،وبوجود صدام ستختفي عصابات الاتجار بالنساء والأطفال والآثار والتحف،وبوجود صدام ستزدهر العلوم وسترجع للشهادة الجامعية الصادرة من العراق هيبتها واحترامها من القريب والبعيد،وبوجود صدام سيعود العراقي عراقيا،وبوجود صدام سيذهب الناس إلى مساجدهم وحسينياتهم وكنائسهم ومدارسهم ومصانعهم ووظائفهم دون قلق ودون رعب من انفجار غادر يمزق أجسادهم،وسيأكلون الرطب ويشربون

ال?اي (الشاي) على ضفاف دجلة والابتسامات تملأ الوجوه،وبوجود صدام سيتجوّل "عمر" في الكاظمية و"علي" في الأعظمية دون خوف،وبوجود صدام سيكون العربي الداخل للعراق ضيفا وأخا عربيا وليس أجنبيا،والأجنبي الغربي أو الآسيوي الداخل إلى العراق سيكون صديقا مسالما آمنا على عنقه من الذبح ،وبوجود صدام ستعود الفئران إلى جحورها والأفعى إلى مئزرها...يا إلهي!أي وضع خلقه مغول العصر وأحفاد ابن العلقمي حتى نرى صدام (بكل فظاعات حكمه) من سدنة الجنة على الأرض؟

قلت وأكدت وأعود وأكرر أنني لست بعثيا،ولكن كيف سيعود صدام؟هل سيخرج الملايين إلى الشوارع في مظاهرات تطالب بتحريره من الأسر وسيزحف الشعب الذي سحقه المحتلون وأعوانهم نحو السجن ليحملوه على الأكتاف؟أم سيترشح صدام للانتخابات ويفوز بأغلبية ويطلق سراحه؟أم أن المسلحين سيحرروه ويهجموا على مراكز الدولة ويعيدون الأمور إلى ما كانت عليه؟!!!!!!!

صدام بيد أعدائه ومن يحاكمه اليوم هو بوش وأولمرت(وشارون قبله) وليس الأدعياء أو الكومبارس ،وشكرا للقاضي رزكار الذي رفض القيام بدور الكومبارس،وأعلم أن عقارب الساعة لا تعود بالزمان إلى الوراء،ولله في خلقه شئون،هل الخوف من عودة صدام يعطي البعض مبررا للتعاون مع الغزاة؟وإذا كانوا يريدون إظهار صدام بوجه قبيح فلماذا يعيثون في الأرض فسادا حتى أجبروا الناس على القول"نار صدام ولا جنتكم"؟ أم حسبوا أن محاكمة صدام واستمرار عزف سمفونية بطشه وفساد نظامه كفيلة ببقائهم وهم أفسد وأشد تنكيلا بالعراق وشعبه منه ؟إذا كان هذا تفكيرهم فهم قوم لا يعقلون،وساء ما يحكمون!

ونحن نعيش ذكرى التاسع من نيسان/أبريل ،ذكرى سقوط عاصمة العرب والمسلمين ،وحاضرة العلماء والمحدثين،وقد سقطت قبلها بيت المقدس في الأمس التي نبكيها مع أختها بغداد،وفي الأمس الأول سقطت الأندلس وبكينا على غرناطة،فعلى أي مدينة سنذرف الدموع والدماء غدا،وهل أمامنا واحد من خيارين اثنين:الاستبداد أو الاحتلال؟!

محاكمة صدام تهدف فيما تهدف إلى إشغال الناس بالماضي الأليم عن الحاضر الأكثر إيلاما،وتريد أن يسمع الناس آهات الماضي،ويغمضوا أعينهم عن الدماء التي تسفك اليوم،الاحتلال وزواله أهم من الحديث عن صدام وجرائمه وحيثيات محاكمته التي يجبروننا على متابعتها في بيوتنا منقوصة ومفبركة،صدام بيد عدوه وعدونا، ،ولن تنطلي الحيلة علينا،ولو قتل صدام اليوم قبل الغد ،فهل ستنتهي المحنة وتنجلي الغمة عن العراقيين؟إذا كان الجواب نعم فليرسلوا صدام إلى المقصلة،لكنهم يعلمون أن لا صدام ولا برزان ولا طه ياسين رمضان هم المشكلة اليوم،بل المشكلة هو الاحتلال وما جلبه من كوارث ومصائب يستحيل معها العيش في مدينة السلام التي غزاها اللئام.

صدام حجتهم الواهية لاستمرار تدميرهم وفسادهم ،وهي حجة ملّت الآذان سماعها،صدام كان منه ما كان وهو في خريف العمر،ولكن الاحتلال مستمر والجريمة متواصلة وحال أمس أفضل من حال اليوم،لن أسأل إلى متى،ولن أطرح نظريات مثالية للخروج من الأزمة،لأن وطن الأنبياء ومستقر الأولياء ومنبع العلم والعلماء،لا يحتاج لحلول من مثل العبد الفقير،لكنني أسال الله أن يزيل الكرب ويلطف بأمة العرب،وان يعجل برحيل مغول العصر ،وان يخزي الأحفاد كما أخزى الجد(ابن العلقمي)،واكربتاه عليك يا مدينة السلام فقد انتقلت من بطش صدام إلى اغتصاب شرّ الآنام!

ليس الاستبداد ولا الاحتلال قدر أمتنا الذي لا يمكن الفرار منه،فأمة تنتسب إلى الأمين محمد بن عبد الله وتنحدر من نسل الصديق والفاروق والكرّار ،وأنجبت صلاح الدين وبيبرس وقطز،وأضاءت للعالم يوما منارات العلوم والمعارف،ومرغت أنف الصليبيين والمغول بالتراب وردت كيدهم وصدّت عدوانهم،يمكنها أن تتخلص من نار الاستبداد دون الاستعانة بجحيم الاحتلال،والله معنا ولن يترنا أعمالنا.

،،،،،،،

سري سمور

جنين-فلسطين

عضو تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين

9/4/2006م،11/ربيع الأول/1427هـ

[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف