بسم الله الرحمن الرحيم
• هناك أمور مسلَّمة من الناحية الديانية:
1- أن الزوجة التي أسلمت لا تحِلُّ لزوجها حتى يُسلِم، تطبيقاً لقوله تعالى :"لا هنَّ حلٌ لهم ولا هم يحلون لهنَّ" وهذا باتفاق المذاهب الإسلامية.
2- أن الفرقة تقع بينهما بإباء الزوج للإسلام، وهذا باتفاق المذاهب الإسلامية، عدا قول للإمام علي (رضي الله عنه): بأنه أحق بها مالم تخرج من مصرها، وقول للزهري: بأنهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما السلطان، وقول لداود وإبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان بأنها تبقى عنده ولكن يُمنَع من وطئها .
• وهناك أمور مختلف فيها بين المذاهب الفقهية: ككون الزوجين في دار الإسلام أو دار الحرب، وكون الفرقة طلاقاً أو فسخاً...
وإذا نظرنا إلى المسألة من الجانب الأخلاقي والاجتماعي، ووضعنا في نظرنا العلاقات الاجتماعية القائمة في الغرب، وراعينا العلاقات الزوجية وإيجابيات دوامها وسلبيات انفكاكها ـ خصوصاً في حال وجود الأولاد ـ وانتبهنا إلى حكمة التشريع فإنَّا سنلجأ إلى القول التالي: وهو أن الزوجة التي أسلمت تنفصل عن زوجها غير المسلم وتقضي عدتها فإن أسلم الزوج في وقت العدة فبها ونعمت، وإلا فما عليها إلا أن تنتظر وتتربص إسلامه، فإن أسلم بعد ذلك فهي زوجته وهو أحق بها، وذلك تطبيقاً لأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فقد ردَّ زينب ابنته على زوجها أبي العاص ـ بعد ست سنين من افتراقهما عن بعضهما ـ بالنكاح الأول ولم يُحدِث شيئاً جديداً.
والمحفوظ من سيرته عليه الصلاة والسلام أنه لم يفرق بين رجل وامرأته أسلم أحدهما قبل الآخر أصلاً ولا في موضع واحد.
ولمَّا قدم أبو العاص بن الربيع إلى المدينة في زمن الهدنة ـ صلح الحديبية ـ وهو مشرك سألت امرأته زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ينـزل في دارها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه زوجك، ولكن لا يصل إليك. وكذلك أسلمت زوجة صفوان بن أمية قبله، ولم يفرق بينهما رسول الله حتى أسلم صفوان، وكذلك أسلمت أم حكيم زوجة عكرمة يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وكذلك أسلمت أم الفضل قبل زوجها العباس بمدة، ولم يفرق بينهما رسول الله ، وكذلك روى حماد بن سلمة عن أيوب السختياني و قتادة كلاهما عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن نصرانياً أسلمت امرأته، فخيرها عمر بن الخطاب إن شاءت فارقته وإن شاءت أقامت عليه، وليس معناه أن تقيم تحته وهو نصراني، بل تنتظر وتتربص، فمتى أسلم فهي امرأته ولو مكثت سنين، وإسلامه بمنـزلة قبوله للنكاح، وانتظارها بمنزلة الإيجاب، وسر المسألة: أن العقد في هذه المدة جائز لا لازم، ولا محذور في ذلك، ولا ضرر على الزوجة فيه، ولا يناقض ذلك شيئاً من قواعد الشرع، وإن لم يسلم فليس هو زوجها والأمر إليها وليس إليه.
والجانب الأخلاقي في هذه المسألة: هو أن المرأة إذا علمت أو الزوج أنه بمجرد الإسلام يزول النكاح ويفارق من يحب ولم يبق له عليه سبيل إلا برضاها ورضا وليها ومهر جديد نفر عن الدخول في الإسلام، بخلاف ما إذا علم كل منهما أنه متى أسلم فالنكاح بحاله ولا فراق بينهما ـ إلا أن يختار هو المفارقة ـ كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبته ما هو أدعى إلى الدخول فيه، وأيضاً فبقاء مجرد العقد جائزاً غير لازم، من غير تمكين من الوطء خيرٌ محضٌ ومصلحةٌ بلا مفسدة، فإن المفسدة إما باستيلاء الكافر على المسلمة فهذا لا يـجوز كابتداء نكاحه للمسلمة، وإن لم يكن فيه وطء، وإما بالوطء بعد إسـلامها، وهذا لا يـجوز أيضـاً، فصـار إبقاء النـكاح جائزاً فيه مصلحـة راجحة ـ خاصة في حال وجود الأولاد ـ للزوجين في الدين والدنيا من غير مفسدة ، وما كان هكذا فإن الشريعة لا تأتي بتحريمه، والمقصود تأليف القلوب على الإسلام بكل طريق.
أما تأويل الآية : " لا هنَّ حِلٌ لهم ولاهم يحلون لهنَّ " أن هذه الآية جاءت لإثبات التحريم بين المسلمين والكفار ، وأن أحدهما لا يحل للآخر ، وليس في هذه الآية أن أحدهما لا يتربص بصاحبه الإسلام فيحل له إذا أسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
محمد عصام عيدو.
عضو الهيئة التعليمية في جامعة دمشق
• هناك أمور مسلَّمة من الناحية الديانية:
1- أن الزوجة التي أسلمت لا تحِلُّ لزوجها حتى يُسلِم، تطبيقاً لقوله تعالى :"لا هنَّ حلٌ لهم ولا هم يحلون لهنَّ" وهذا باتفاق المذاهب الإسلامية.
2- أن الفرقة تقع بينهما بإباء الزوج للإسلام، وهذا باتفاق المذاهب الإسلامية، عدا قول للإمام علي (رضي الله عنه): بأنه أحق بها مالم تخرج من مصرها، وقول للزهري: بأنهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما السلطان، وقول لداود وإبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان بأنها تبقى عنده ولكن يُمنَع من وطئها .
• وهناك أمور مختلف فيها بين المذاهب الفقهية: ككون الزوجين في دار الإسلام أو دار الحرب، وكون الفرقة طلاقاً أو فسخاً...
وإذا نظرنا إلى المسألة من الجانب الأخلاقي والاجتماعي، ووضعنا في نظرنا العلاقات الاجتماعية القائمة في الغرب، وراعينا العلاقات الزوجية وإيجابيات دوامها وسلبيات انفكاكها ـ خصوصاً في حال وجود الأولاد ـ وانتبهنا إلى حكمة التشريع فإنَّا سنلجأ إلى القول التالي: وهو أن الزوجة التي أسلمت تنفصل عن زوجها غير المسلم وتقضي عدتها فإن أسلم الزوج في وقت العدة فبها ونعمت، وإلا فما عليها إلا أن تنتظر وتتربص إسلامه، فإن أسلم بعد ذلك فهي زوجته وهو أحق بها، وذلك تطبيقاً لأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فقد ردَّ زينب ابنته على زوجها أبي العاص ـ بعد ست سنين من افتراقهما عن بعضهما ـ بالنكاح الأول ولم يُحدِث شيئاً جديداً.
والمحفوظ من سيرته عليه الصلاة والسلام أنه لم يفرق بين رجل وامرأته أسلم أحدهما قبل الآخر أصلاً ولا في موضع واحد.
ولمَّا قدم أبو العاص بن الربيع إلى المدينة في زمن الهدنة ـ صلح الحديبية ـ وهو مشرك سألت امرأته زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ينـزل في دارها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه زوجك، ولكن لا يصل إليك. وكذلك أسلمت زوجة صفوان بن أمية قبله، ولم يفرق بينهما رسول الله حتى أسلم صفوان، وكذلك أسلمت أم حكيم زوجة عكرمة يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وكذلك أسلمت أم الفضل قبل زوجها العباس بمدة، ولم يفرق بينهما رسول الله ، وكذلك روى حماد بن سلمة عن أيوب السختياني و قتادة كلاهما عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن نصرانياً أسلمت امرأته، فخيرها عمر بن الخطاب إن شاءت فارقته وإن شاءت أقامت عليه، وليس معناه أن تقيم تحته وهو نصراني، بل تنتظر وتتربص، فمتى أسلم فهي امرأته ولو مكثت سنين، وإسلامه بمنـزلة قبوله للنكاح، وانتظارها بمنزلة الإيجاب، وسر المسألة: أن العقد في هذه المدة جائز لا لازم، ولا محذور في ذلك، ولا ضرر على الزوجة فيه، ولا يناقض ذلك شيئاً من قواعد الشرع، وإن لم يسلم فليس هو زوجها والأمر إليها وليس إليه.
والجانب الأخلاقي في هذه المسألة: هو أن المرأة إذا علمت أو الزوج أنه بمجرد الإسلام يزول النكاح ويفارق من يحب ولم يبق له عليه سبيل إلا برضاها ورضا وليها ومهر جديد نفر عن الدخول في الإسلام، بخلاف ما إذا علم كل منهما أنه متى أسلم فالنكاح بحاله ولا فراق بينهما ـ إلا أن يختار هو المفارقة ـ كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبته ما هو أدعى إلى الدخول فيه، وأيضاً فبقاء مجرد العقد جائزاً غير لازم، من غير تمكين من الوطء خيرٌ محضٌ ومصلحةٌ بلا مفسدة، فإن المفسدة إما باستيلاء الكافر على المسلمة فهذا لا يـجوز كابتداء نكاحه للمسلمة، وإن لم يكن فيه وطء، وإما بالوطء بعد إسـلامها، وهذا لا يـجوز أيضـاً، فصـار إبقاء النـكاح جائزاً فيه مصلحـة راجحة ـ خاصة في حال وجود الأولاد ـ للزوجين في الدين والدنيا من غير مفسدة ، وما كان هكذا فإن الشريعة لا تأتي بتحريمه، والمقصود تأليف القلوب على الإسلام بكل طريق.
أما تأويل الآية : " لا هنَّ حِلٌ لهم ولاهم يحلون لهنَّ " أن هذه الآية جاءت لإثبات التحريم بين المسلمين والكفار ، وأن أحدهما لا يحل للآخر ، وليس في هذه الآية أن أحدهما لا يتربص بصاحبه الإسلام فيحل له إذا أسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
محمد عصام عيدو.
عضو الهيئة التعليمية في جامعة دمشق