بالروح بالدم نفديك يا زهار
لم تكد تغيب عن سماء غزة أصوات الإنفجارات المتتالية تارة من جهة الشرق و تارة من جهة الشمال خلال الأسبوع الماضي. و الحقيقة أنها مع ما ألحقته بالمواطنين و بيوتهم و أرزاقهم القليلة من أذى بقيت كموسيقى تصويرية صاحبتنا خلال الأسبوع الأول من عمر الحكومة الجديدة.
بددت ما حولنا من سكون و بطء في الحركة التي غابت أو كادت أن تغيب عن شوارعنا و أسواقنا و لم يبقى منها إلا شيئان.
السيارات التي تذرع الشوارع عمال على بطال على مدار الساعة و صور نجوم التلفزيون الجدد من أعضاء الحكومة الجديدة و الناطقين باسمها من الضليعين في فنون كل شيء إلا فنون السياسة التي تتطلبها المرحلة .
تلك المرحلة التي أرادت لها حماس و آخرون أن تكون مرحلة صعبة في حياة الشعب الذي ذاق الأمرين عبر السنوات الست الماضية . أرادتها مرحلة صعبة عندما أرادت و عن طيب خاطر أن تجعلها مرحلة مواجهة مع الداخل و الخارج رغم أنها لم تعد العدة للمواجهة حسب الأصول.
أرادتها مرحلة صعبة عندما تقرر ألا تعترف بمنظمة التحرير كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني فوضعت نفسها في مواجهة مع الداخل بكل ألوانه السياسية فكانت حكومة اللون الواحد التي لم يجمع بين أعضاء إلا البدلات الرسمية الجديدة التي أرادت الحركة من خلالها على ما يبدو إرسال رسالة للداخل و الخارج مفادها أن الحكومة حكومة مدنية و مستعدة للدخول بالملابس الرسمية.
أرادتها صعبة عندما أرادت التنصل مع العملية السلمية التي ندرك جميعاً أنها ميتة و أن اسرائيل سرعان ما تتنصل من التزاماتها و هذا أمر ليس بالجديد و ليس اكتشافا حمساوياً.
ما كانت تحتاجه الحركة هو درجة عالية من الذكاء السياسي في التعامل مع المرحلة و الاستماع جيداً إلى كل ما يقوله اللاعبون الرئيسيون على الساحة الدولية و الإقليمية ليس أخرها ما قاله الرئيس الأمريكي بوش إن الانتخابات الفلسطينية كانت تطورا إيجابيا مهما في عملية الارتقاء إلي ظهور الدولة الفلسطينية, وحث حكومة حماس علي تغيير لغة خطابها, والسعي نحو مجتمع مدني يفضي في النهاية إلي السلام. وأضاف أن الفلسطينيين عانوا كثيرا من حكومتهم السابقة وأنهم استحقوا حكومة أفضل, بعد أن تبين فساد القيادة السابقة وقيامها بسرقة أموالهم. وقال إنه بسبب هذه القيادة لم يقترب الشعب الفلسطيني أبدا من تحقيق السلام, لأنه لم يكن هناك مؤسسات قائمة ومستقرة.
وجدد دعوته لحماس لطرح برنامجها ـ الداعي إلي تدمير إسرائيل ـ جانبا, لأنه لن يؤدي إلي سلام أو إلي حل يستند إلي فكرة الدولتين. وأكد أنه بالرغم من أن واشنطن لا يروق لها مجيء حماس إلي السلطة, فإن الانتخابات كانت مرحلة مهمة علي طريق تنصيب حكومة تستمع إلي مطالب الشعب الفلسطيني.
لا أعتقد أن هناك لغة أوضح من ذلك يمكن أن تستمع إليها حماس لا في الخرطوم و لا في طهران. حتى الرسالة الأخيرة التي وجهها وزير الخارجية الدكتور/ محمود الزهار و التي فهمت على أنها تحول في لغة الحركة عادت و تراجعت عنها. و إذا كانت حماس قد حددت مطالبها بدولة فلسطينية حرة و مستقلة في حدود العام 1967 و عاصمتها القدس و إطلاق سراح الأسرى و تثبيت حق العودة للاجئين. فلا اعلم ما سيكون في الأراضي الأخرى من فلسطين التاريخية ؟ أليس هي دولة اسرائيل ؟ فماذا بقي من خارطة الطريق و حل الدولتين ؟
لو أن الدكتور محمود الزهار قد خرج علينا ليؤكد ما جاء في رسالته إلى كوفي عنان لأثبت عندها أنه قائد سياسي يستحق كل الاحترام و التقدير و ليس موظف براتب ثابت في حكومة السيد/ إسماعيل هنيه و لأستحق أن نخرج في مسيرة تأييداً له و نهتف قائلين: بالروح بالدم نفديك يا زهار!!
أما و أنه قد أثر السلامة و فضل أن يبقى مصيرنا و مصيره مربوطاً بقرار هنا و قرار هناك و أن يبقي الكرة ساكنة في ملعبنا دون حراك و أن تظل حكومة هنيه مشلولة رغم "تنطيقه الكرة بشكل ماهر" في ملاعب غزة, حتى عن أخر رموز بقاءها و هو تأدية الرواتب لموظفي السلطة و منهم وزراء الحكومة في موعدها أو حتى بعد مرور أسابيع من دخول الشهر الذي يليه دون حس أو خبر إلا أن الخزينة فارغة و حساب وزارة المالية مكشوف. و يبدو أن حسبنا حينكشف مع انكشاف حسابها لا قدر الله.
سالم أحمد غانم
07/04/2006
لم تكد تغيب عن سماء غزة أصوات الإنفجارات المتتالية تارة من جهة الشرق و تارة من جهة الشمال خلال الأسبوع الماضي. و الحقيقة أنها مع ما ألحقته بالمواطنين و بيوتهم و أرزاقهم القليلة من أذى بقيت كموسيقى تصويرية صاحبتنا خلال الأسبوع الأول من عمر الحكومة الجديدة.
بددت ما حولنا من سكون و بطء في الحركة التي غابت أو كادت أن تغيب عن شوارعنا و أسواقنا و لم يبقى منها إلا شيئان.
السيارات التي تذرع الشوارع عمال على بطال على مدار الساعة و صور نجوم التلفزيون الجدد من أعضاء الحكومة الجديدة و الناطقين باسمها من الضليعين في فنون كل شيء إلا فنون السياسة التي تتطلبها المرحلة .
تلك المرحلة التي أرادت لها حماس و آخرون أن تكون مرحلة صعبة في حياة الشعب الذي ذاق الأمرين عبر السنوات الست الماضية . أرادتها مرحلة صعبة عندما أرادت و عن طيب خاطر أن تجعلها مرحلة مواجهة مع الداخل و الخارج رغم أنها لم تعد العدة للمواجهة حسب الأصول.
أرادتها مرحلة صعبة عندما تقرر ألا تعترف بمنظمة التحرير كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني فوضعت نفسها في مواجهة مع الداخل بكل ألوانه السياسية فكانت حكومة اللون الواحد التي لم يجمع بين أعضاء إلا البدلات الرسمية الجديدة التي أرادت الحركة من خلالها على ما يبدو إرسال رسالة للداخل و الخارج مفادها أن الحكومة حكومة مدنية و مستعدة للدخول بالملابس الرسمية.
أرادتها صعبة عندما أرادت التنصل مع العملية السلمية التي ندرك جميعاً أنها ميتة و أن اسرائيل سرعان ما تتنصل من التزاماتها و هذا أمر ليس بالجديد و ليس اكتشافا حمساوياً.
ما كانت تحتاجه الحركة هو درجة عالية من الذكاء السياسي في التعامل مع المرحلة و الاستماع جيداً إلى كل ما يقوله اللاعبون الرئيسيون على الساحة الدولية و الإقليمية ليس أخرها ما قاله الرئيس الأمريكي بوش إن الانتخابات الفلسطينية كانت تطورا إيجابيا مهما في عملية الارتقاء إلي ظهور الدولة الفلسطينية, وحث حكومة حماس علي تغيير لغة خطابها, والسعي نحو مجتمع مدني يفضي في النهاية إلي السلام. وأضاف أن الفلسطينيين عانوا كثيرا من حكومتهم السابقة وأنهم استحقوا حكومة أفضل, بعد أن تبين فساد القيادة السابقة وقيامها بسرقة أموالهم. وقال إنه بسبب هذه القيادة لم يقترب الشعب الفلسطيني أبدا من تحقيق السلام, لأنه لم يكن هناك مؤسسات قائمة ومستقرة.
وجدد دعوته لحماس لطرح برنامجها ـ الداعي إلي تدمير إسرائيل ـ جانبا, لأنه لن يؤدي إلي سلام أو إلي حل يستند إلي فكرة الدولتين. وأكد أنه بالرغم من أن واشنطن لا يروق لها مجيء حماس إلي السلطة, فإن الانتخابات كانت مرحلة مهمة علي طريق تنصيب حكومة تستمع إلي مطالب الشعب الفلسطيني.
لا أعتقد أن هناك لغة أوضح من ذلك يمكن أن تستمع إليها حماس لا في الخرطوم و لا في طهران. حتى الرسالة الأخيرة التي وجهها وزير الخارجية الدكتور/ محمود الزهار و التي فهمت على أنها تحول في لغة الحركة عادت و تراجعت عنها. و إذا كانت حماس قد حددت مطالبها بدولة فلسطينية حرة و مستقلة في حدود العام 1967 و عاصمتها القدس و إطلاق سراح الأسرى و تثبيت حق العودة للاجئين. فلا اعلم ما سيكون في الأراضي الأخرى من فلسطين التاريخية ؟ أليس هي دولة اسرائيل ؟ فماذا بقي من خارطة الطريق و حل الدولتين ؟
لو أن الدكتور محمود الزهار قد خرج علينا ليؤكد ما جاء في رسالته إلى كوفي عنان لأثبت عندها أنه قائد سياسي يستحق كل الاحترام و التقدير و ليس موظف براتب ثابت في حكومة السيد/ إسماعيل هنيه و لأستحق أن نخرج في مسيرة تأييداً له و نهتف قائلين: بالروح بالدم نفديك يا زهار!!
أما و أنه قد أثر السلامة و فضل أن يبقى مصيرنا و مصيره مربوطاً بقرار هنا و قرار هناك و أن يبقي الكرة ساكنة في ملعبنا دون حراك و أن تظل حكومة هنيه مشلولة رغم "تنطيقه الكرة بشكل ماهر" في ملاعب غزة, حتى عن أخر رموز بقاءها و هو تأدية الرواتب لموظفي السلطة و منهم وزراء الحكومة في موعدها أو حتى بعد مرور أسابيع من دخول الشهر الذي يليه دون حس أو خبر إلا أن الخزينة فارغة و حساب وزارة المالية مكشوف. و يبدو أن حسبنا حينكشف مع انكشاف حسابها لا قدر الله.
سالم أحمد غانم
07/04/2006