الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفشل الأمريكي في العراق بقلم: د.غسان العزي

تاريخ النشر : 2006-04-07
الفشل الأمريكي في العراق د.غسان العزي





إن احد أكبر التحديات التي كان على الأمريكيين مواجهتها صبيحة احتلال العراق، في مارس/آذار،2003 الشروع في اعادة اعمار البلد. لقد كان من الأهمية بمكان أن يسارعوا إلى اطلاق العجلة الاقتصادية كي يكتسبوا شرعية لغزوهم ويبدأوا باستثمار موارد البلد المحتل و بناء النموذج المرشح للانتشار في منطقة “الشرق الاوسط الكبير”. لقد طالت عمليات التدمير المنهجي كل المباني والمؤسسات الحكومية منذ اليوم الاول للاحتلال ما خلا وزارة النفط التي حرص الجيش الأمريكي على حمايتها بشكل خاص. وفي فترة زمنية وجيزة وضع مجلس الحكم المؤقت، تحت اشراف بول بريمر، أسس اقتصاد سوق عراقي ليبرالي حر عبر عدد من التشريعات والقوانين التي كان من المؤكد أن السلطة السياسية الجديدة المنبثقة عن الانتخابات سوف تعمد إلى تبنيها كاملة. لكن لايسع المراقب بعد مرور ثلاث سنوات على الاحتلال إلا أن يلاحظ أن المشروع الاقتصادي الأمريكي في العراق فشل هو الآخر بالتوازي مع الإخفاقات في كل المجالات تقريباً. أليست العملية العسكرية في سامراء، الأكبر منذ الغزو، دليلاً يضاف إلى أدلة عديدة أخرى على الاخفاق الأمني والعسكري الأمريكي في بلاد الرافدين؟



في الثامن عشر من فبراير/شباط الماضي مثلت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أمام لجنة المالية في مجلس الشيوخ بغية إقناعه بالتصديق على صرف اعتماد جديد قدره سبعون مليار دولار لتمويل احتلال العراق وافغانستان، فشرحت أنه رغم الصعوبات والعراقيل تتحسن الاوضاع في هذين البلدين بشكل ملحوظ، قبل أن يقاطعها السناتور الديمقراطي كنت كونراد بالقول إن المفتش العام لمراقبة اعمار العراق قال العكس تماماً منذ أيام قليلة والأمور تزداد سوءاً رغم الاموال الطائلة التي صرفت، متسائلا: من علينا أن نصدق؟ تلعثمت الوزيرة رايس قليلاً قبل أن تهز رأسها بالاعتراف بالفشل طالبة الاذن لشرح أسبابه والخطط الموضوعة لدرئه في حال تمت تلبية مطالب الادارة المتعلقة بالأموال المطلوبة.



وكان المفتش العام لاعمار العراق ستيوارت بوين، والذي عينه الكونجرس في نهاية العام 2004 اثر شيوع الانباء عن عمليات الهدر والفساد والغش والسرقة المرتكبة في ورشة اعمار العراق، قد تقدم بتقرير أمام الكونجرس، في الثامن من آذار/مارس المنصرم، يذكر فيه أن الهوة بين أهداف الاعمار التي تم وضعها عقب اسقاط نظام صدام حسين تزداد اتساعاً بالمقارنة مع الواقع. فبعد انجاز أقل من ثلث المشاريع الموضوعة في مجال المياه والصرف الصحي والكهرباء تم التخلي عن الباقي. والنتيجة؟ تخلفت البنى التحتية والخدمات الحيوية المقدمة للمواطنين عما كانت عليه أيام صدام حسين. يقدم تقرير بوين تفاصيل الاوضاع الخدماتية في كل المجالات ليخلص إلى تراجعها الفاضح رغم كل الاموال المنفقة عليها. السبب؟ هدر وغش وفساد وسرقة.. بالإضافة إلى الاسباب الامنية.



الفشل الاكبر يتعلق بمجال الطاقة والبترول على وجه التحديد: الانتاج لا يكاد يتعدى المليوني برميل في اليوم، وهناك من يقول 1،7 مليون برميل فقط، في حين أنه كان يقترب من الثلاثة ملايين قبل الغزو. وإذا كان صحيحاً أن ارتفاع سعر البرميل إلى حوالي الستين دولاراً يعوض جزءاً من الخسارة إلا أن الاصح هو أن الولايات المتحدة لم تقم بكل هذه الحرب التي كلفتها غالياً وماتزال، في كل المجالات البشرية والمادية والمعنوية والسياسية وغيرها، كي تكتفي بهذا القدر القليل من النفط في بلد هو الثاني في العالم من حيث الثروة النفطية. لم يكن الأمريكيون يتوقعون أن يواجهوا مثل هذه المقاومة المسلحة التي تكلفهم بين عشرين وخمسين في المائة من الموازنات المخصصة للمشاريع، بسبب القنابل والمتفجرات وعمليات نسف الأنابيب والمنشآت النفطية والتهديدات المستمرة التي يتعرض لها العاملون في الشركات الأمريكية. فمن المعروف أن أكثر من 2350 عسكرياً أمريكياً قد سقطوا حتى الآن (اذا صدقنا الاحصاءات الرسمية) برصاص المقاومة ولكن ينبغي اضافة حوالي الخمسمائة مدني أيضاً الذين سقطوا ضحايا الرصاص نفسه دون أن ننسى ما تكلفه حماية من لا يزال على قيد الحياة. فالمائة وخمسون ألف عسكري أمريكي لايزالون عاجزين عن حماية المنشآت النفطية وبالتالي فمن المؤكد أن الجيش العراقي لن ينجح في ذلك في المدى المنظور على الاقل.



وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي حققته العملية السياسية والقدرات المتنامية للجيش المكون من 226000 جندي عراقي وتأثير ذلك الايجابي في إعادة الاعمار وتصحيح الاقتصاد العراقي “ينبغي الاعتراف بأن الحكومة العراقية ليست جاهزة للتكفل بادارة مخططات ومشاريع اعادة اعمار البلد لا على المدى القصير ولاحتى المتوسط”، على ما يضيف ستيوارت بوين في تقريره.



لقد اعتقدت ادارة بوش أن الديمقراطية والازدهار الاقتصادي يسيران معاً، وهذا صحيح كما أثبتت تجارب الديمقراطيات الناشئة في غير مكان من العالم. الازدهار الاقتصادي يسهم كثيراً في بزوغ الديمقراطية وهذه الاخيرة تدفع الاقتصاد قدماً إلى الامام. وتوقع المحافظون الجدد أن ينكب الشعب العراقي بعد تخلصه من صدام على انتخاب قيادة جديدة والذهاب فوراً إلى العمل، فالسلام والازدهار يولدان معاً كأخوين توأمين. وكانوا يأملون أن ينصرفوا هم إلى استكمال مشروعهم الكبير في المنطقة انطلاقاً من العراق النموذج. لكن المقاومة العراقية أحبطت في المهد هذه الآمال. وبعد ثلاث سنوات على الغزو ما تزال الديمقراطية العراقية أضغاث أحلام (انتبهوا: الانتخابات شيء والديمقراطية شيء آخر ولو أن الاولى شرط للثانية. علماء السياسة الأمريكيون يشرحون لنا أن الديمقراطية تكمن في الليبرالية الدستورية والمؤسسات والحريات والقضاء النزيه الخ. وأن أكثر الانظمة طغياناً أتت عن طريق انتخابات حرة ونزيهة)، ومايزال الاقتصاد في تراجع بالتوازي مع الامن والاستقرار. في أغسطس/آب المنصرم توصل صندوق النقد الدولي، في أحد تقاريره عن العراق، إلى الخلاصة التالية: العنف يردع الاستثمار ويوقف التجارة.



الاخفاق الأمني الأمريكي في العراق أنتج اخفاقاً موازياً في الاقتصاد. أخطر من ذلك فبعد أن قدرت ادارة بوش كلفة الحرب بين خمسين وستين مليار دولار، في العام ،2003 أنفقت 251 ملياراً على ما تقول دراسة أنجزها مارتن وولف وجوزف ستيغليتز (الحائز على نوبل للاقتصاد) نشرت خبراً عنها الفايننشال تايمز. واذا قررت الادارة ابقاء جنودها لخمس سنوات أخرى-ولو بعد تخفيض عديدهم فسوف تحتاج إلى 270 ملياراً اضافية. وإذا أضفنا تكاليف علاج الجرحى واستبدال الآليات المعطوبة والتعويضات المدفوعة للمعاقين وغير ذلك تصل الفاتورة إلى حوالي 1200 مليار دولار (وربما 2000 بحسب ستيغليتز). ولا تدخل في هذه الحسابات بنود كثيرة مثل تكاليف استفزاز الشعوب الاسلامية في العالم وسمعة واشنطن من أبي غريب إلى جوانتانامو وفقدانها للهيبة العسكرية والتراجع الاستراتيجي وغير ذلك.



عادة ما تشكل الحروب استثماراً رابحاً، لكنها ليست حالة الأمريكيين في العراق كما تدل جردة الحساب السنوية الثالثة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف