عروبة العراق ذروة المقاومة == الياس سحّاب
ليس هذا العنوان شعارا عاطفيا يستعيد أيام المد القومي في منتصف القرن العشرين، ولا هو بالتأكيد ترحما على النظام العراقي السابق، الذي يعتقد كاتب هذه السطور أنه يتقاسم مع الاحتلال الامريكي مسؤولية المأزق الحالي الذي يتخبط فيه العراق.
ليس هذا إذن حديثاً عن الماضي البعيد، أو الماضي القريب، إنه على العكس حديث عن حاضر العراق، وخاصة عن مستقبله القريب.
أما العروبة التي اتحدث عنها في العنوان فهي الظاهرة الحضارية التاريخية الحيوية، التي كانت دائما غنية العناصر، حتى أخرجت قديماً قائداً تاريخياً، (صلاح الدين الأيوبي)، هو كردي العرق، ولد في تكريت (العراق)، وترعرع في بعلبك (لبنان)، قبل أن ينتقل الى رحاب الدولة الفاطمية في القاهرة (مصر)، حتى وصل الى تسلم زمام السلطة فيها، ثم قام بتوحيد سياسي- عسكري بين مصر وبلاد الشام بعد إنشاء الدولة الأيوبية، لينتصر على الغزو الفرنجي في فلسطين (الصليبيين) ويحرر القدس. وهي نفسها(أي العروبة) الظاهرة التي ظلت على حيويتها حتى العصور الحديثة، فأخرجت جحافل الشعب العراقي، بكل عناصره الكردية والعربية (سنة وشيعة) لمقاومة الاحتلال البريطاني، في أعقاب انهيار الامبراطورية العثمانية أمام جحافل الاوروبيين، في نهاية الحرب العالمية الأولى، في مطلع القرن العشرين.
عن هذه العروبة الواقعية الحيوية، في الماضي كما في الحاضر، أتحدث إذن، وليس عن عروبة خيالية هي نتاج انفعالات عاطفية واختلاجات وجدانية.
هذه العروبة التاريخية الحضارية، هي التي يبدو أن الجحافل الأمريكية في العراق في العام ،2003 جاءت لتفككها الى عناصرها الأولى باسم ملاحقة اسلحة الدمار الشامل مرة، ومحاربة الارهاب مرة ثانية، وإشاعة الديمقراطية مرة ثالثة.
ومهما حاولت الادارة الأمريكية، واصدقاؤها في المنطقة العربية، تزيين ما حصل بالأمس وما يحصل اليوم في العراق، فإن الوقائع السياسية اليومية في بلاد الرافدين واضحة المعالم الى درجة لم يعد ينفع معها اي تزويق او تضليل او اخفاء للحقائق، وراء دخان القنابل الاعلامية اليومية.
لقد وصل الأمر فعلا، لا قولا، الى تفكيك المجتمع العراقي الموحد في اطار البوتقة الحضارية التاريخية عبر التاريخ القديم والحديث، الى عناصره الاولى. كما تم تحويل عناصر التنوع العرقي والديني داخل المجتمع العراقي، من عناصر غنى وتنوع وفرادة (كما كان الأمر عبر التاريخ في غالب الأحيان) الى ألغام موقوتة قادرة على تفجير هذا المجتمع التاريخي القديم من داخله، لو نجح احد (لا سمح الله) من الخارج أو من الداخل، في تفجير هذه الألغام، بطريقة أو أخرى.
ولم يعد سرا ان جميع الاطراف المعنية بالأزمة العراقية، تعيش في مأزق مشترك في هذه اللحظة التاريخية، حتى إن إدارة الاحتلال نفسها تتحدث بصراحة عن احتمالات الحرب الاهلية، بعد ان كانت تحاول إيهام العالم كله بأنها إنما أنجزت بغزو العراق، عمليات الازدهار والديمقراطية والأمان. لكن افظع ما في الحديث عن احتمالات الحرب الأهلية، أنه مرتبط بالكلام عن مواعيد قريبة ومتوسطة لانسحاب قوات الاحتلال البريطانية ثم الأمريكية. وهو أيضاً كلام واقعي، لأن احتمالات خروج الجمهوريين من البيت الابيض هي المرجحة، بعد النهاية الوشيكة لولاية بوش الثانية.
إذن لم يعد إخراج الاحتلال هو وحده الهدف الملح والمنشود في العراق، بل انه لم يعد احتمالاً ممكناً أصلاً إذا لم يتحقق قبله الهدف الأكثر إلحاحاً، وهو استعادة المجتمع العراقي لحمته التاريخية، في عصوره القديمة والحديثة، وهي لحمة عربية بامتياز، ليس بالمعنى العرقي أو حتى الديني، بل بالمعنى الحضاري الأشمل والأعمق.
لقد زالت الآن كل الأوهام، وسقطت كل الادعاءات، وبرزت كل المخاطر وكل الاحتمالات، السلبي منها والايجابي، وأصبح واضحا بالتالي أنه حتى لو لم يؤد التفككك الطائفي والعرقي الحالي للمجتمع العراقي الى حرب أهلية، فإنه مرشح لإغراء الاحتلال (حتى لو حكم الديمقراطيون في البيت الابيض) بإطالة عمره الى ما لا نهاية. أما لو تمكن العراقيون، بوعي تاريخي وطني، إدراك سر الدوامة التي أدخلهم فيها النظام السابق أولا، ثم الاحتلال الأمريكي ثانياً، فإن استعادة العراق لعروبته الحضارية سيدفع الاحتلال الى أن يحمل عصاه ويرحل، حتى من غير مقاومة مسلحة.
إن استعادة وحدة العراق وعروبته، هي ذروة المقاومة المطلوب الوصول اليها.
ليس هذا العنوان شعارا عاطفيا يستعيد أيام المد القومي في منتصف القرن العشرين، ولا هو بالتأكيد ترحما على النظام العراقي السابق، الذي يعتقد كاتب هذه السطور أنه يتقاسم مع الاحتلال الامريكي مسؤولية المأزق الحالي الذي يتخبط فيه العراق.
ليس هذا إذن حديثاً عن الماضي البعيد، أو الماضي القريب، إنه على العكس حديث عن حاضر العراق، وخاصة عن مستقبله القريب.
أما العروبة التي اتحدث عنها في العنوان فهي الظاهرة الحضارية التاريخية الحيوية، التي كانت دائما غنية العناصر، حتى أخرجت قديماً قائداً تاريخياً، (صلاح الدين الأيوبي)، هو كردي العرق، ولد في تكريت (العراق)، وترعرع في بعلبك (لبنان)، قبل أن ينتقل الى رحاب الدولة الفاطمية في القاهرة (مصر)، حتى وصل الى تسلم زمام السلطة فيها، ثم قام بتوحيد سياسي- عسكري بين مصر وبلاد الشام بعد إنشاء الدولة الأيوبية، لينتصر على الغزو الفرنجي في فلسطين (الصليبيين) ويحرر القدس. وهي نفسها(أي العروبة) الظاهرة التي ظلت على حيويتها حتى العصور الحديثة، فأخرجت جحافل الشعب العراقي، بكل عناصره الكردية والعربية (سنة وشيعة) لمقاومة الاحتلال البريطاني، في أعقاب انهيار الامبراطورية العثمانية أمام جحافل الاوروبيين، في نهاية الحرب العالمية الأولى، في مطلع القرن العشرين.
عن هذه العروبة الواقعية الحيوية، في الماضي كما في الحاضر، أتحدث إذن، وليس عن عروبة خيالية هي نتاج انفعالات عاطفية واختلاجات وجدانية.
هذه العروبة التاريخية الحضارية، هي التي يبدو أن الجحافل الأمريكية في العراق في العام ،2003 جاءت لتفككها الى عناصرها الأولى باسم ملاحقة اسلحة الدمار الشامل مرة، ومحاربة الارهاب مرة ثانية، وإشاعة الديمقراطية مرة ثالثة.
ومهما حاولت الادارة الأمريكية، واصدقاؤها في المنطقة العربية، تزيين ما حصل بالأمس وما يحصل اليوم في العراق، فإن الوقائع السياسية اليومية في بلاد الرافدين واضحة المعالم الى درجة لم يعد ينفع معها اي تزويق او تضليل او اخفاء للحقائق، وراء دخان القنابل الاعلامية اليومية.
لقد وصل الأمر فعلا، لا قولا، الى تفكيك المجتمع العراقي الموحد في اطار البوتقة الحضارية التاريخية عبر التاريخ القديم والحديث، الى عناصره الاولى. كما تم تحويل عناصر التنوع العرقي والديني داخل المجتمع العراقي، من عناصر غنى وتنوع وفرادة (كما كان الأمر عبر التاريخ في غالب الأحيان) الى ألغام موقوتة قادرة على تفجير هذا المجتمع التاريخي القديم من داخله، لو نجح احد (لا سمح الله) من الخارج أو من الداخل، في تفجير هذه الألغام، بطريقة أو أخرى.
ولم يعد سرا ان جميع الاطراف المعنية بالأزمة العراقية، تعيش في مأزق مشترك في هذه اللحظة التاريخية، حتى إن إدارة الاحتلال نفسها تتحدث بصراحة عن احتمالات الحرب الاهلية، بعد ان كانت تحاول إيهام العالم كله بأنها إنما أنجزت بغزو العراق، عمليات الازدهار والديمقراطية والأمان. لكن افظع ما في الحديث عن احتمالات الحرب الأهلية، أنه مرتبط بالكلام عن مواعيد قريبة ومتوسطة لانسحاب قوات الاحتلال البريطانية ثم الأمريكية. وهو أيضاً كلام واقعي، لأن احتمالات خروج الجمهوريين من البيت الابيض هي المرجحة، بعد النهاية الوشيكة لولاية بوش الثانية.
إذن لم يعد إخراج الاحتلال هو وحده الهدف الملح والمنشود في العراق، بل انه لم يعد احتمالاً ممكناً أصلاً إذا لم يتحقق قبله الهدف الأكثر إلحاحاً، وهو استعادة المجتمع العراقي لحمته التاريخية، في عصوره القديمة والحديثة، وهي لحمة عربية بامتياز، ليس بالمعنى العرقي أو حتى الديني، بل بالمعنى الحضاري الأشمل والأعمق.
لقد زالت الآن كل الأوهام، وسقطت كل الادعاءات، وبرزت كل المخاطر وكل الاحتمالات، السلبي منها والايجابي، وأصبح واضحا بالتالي أنه حتى لو لم يؤد التفككك الطائفي والعرقي الحالي للمجتمع العراقي الى حرب أهلية، فإنه مرشح لإغراء الاحتلال (حتى لو حكم الديمقراطيون في البيت الابيض) بإطالة عمره الى ما لا نهاية. أما لو تمكن العراقيون، بوعي تاريخي وطني، إدراك سر الدوامة التي أدخلهم فيها النظام السابق أولا، ثم الاحتلال الأمريكي ثانياً، فإن استعادة العراق لعروبته الحضارية سيدفع الاحتلال الى أن يحمل عصاه ويرحل، حتى من غير مقاومة مسلحة.
إن استعادة وحدة العراق وعروبته، هي ذروة المقاومة المطلوب الوصول اليها.