
إنه حقا زمن الرويبضة..
د. نادر القنّة
استاذ أكاديمي / فلسطين
في زمان اختلطت فيه الأوراق، وتشابكت فيه القضايا، وانقلبت فيه القيم والمعايير، وتغيرت فيه المفاهيم··· أصبح سهلا على المارقين، والفاجرين، والمسطحين، والعابثين، والوصوليين، والانتهازيين، وتجّار القيم والمبادىء، وهواة تغيير الأقنعة والجلود والألسن، التدليس على عباد الله بادعاء البطولات الوطنية المٌُزيفة: ظنا واعتقادا منهم أن ما يطلقه خيالهم المريض من صور بطولية وادعاءات وهمية، وحكايات لا أصل لها في أرض الواقع قابلة للتصديق، وقابلة للتوثيق في الذاكرة الشعبية الجمعية·
في زمان مثل هذا الزمان صرنا نسمع عن حكايات بطولية فردية غرائبية الفعل، عجائبية الأحداث في مقارعة الخصوم، وغزاة الوطن، وعسكر الاحتلال·· فمن غير مقدمات ظهر بيننا (قاهر الغزاة)، ولمع من بين صفوف الجماهير (مدمر الاحتلال)، واستيقظنا صباحا على وجود (مرهب الإعداء)، وبدأنا نقرأ عن بطولات (فاني جيش الطغاة)·· حكايات منسوجة من خيال أدمغة مريضة مهووسة بالنجومية ومصابة بعقم الإنجاز، وشهوة الظهور المجاني على سطح التاريخ، ومولعة بتزييف الحقائق·· وكأن جند الاحتلال قطع من الخشب والبلاستيك، وآلياته مصنوعة من القش، وخططه مستمدة من خطط (الدامة) و(الدومينو) وأوراق اللعب·· يسهل القضاء عليه بضربة طائشة من هذا القاهر، وذاك المدمر، وبسيف ذلك المرهب والمرعب والفاني·
أي جنون هذا؟ وأي عبث يدعيه أولئك الفاشلون في الحياة؟ من المؤسف حقا أن تصل القيم الوطنية والنضالية، وقيم المقاومة الشريفة إلى هذا الحد من المتاجرة والضحك على الذقون· ومن المؤسف حقا أن تتحول المنابر الإعلامية التنويرية الى (أبواق) للدعاية الكاذبة الرخيصة· وكأننا أمة بلا ذاكرة تاريخية، أو كأننا أمة لا نجيد رصد إحداثيات الزمن الماضي· أو كأننا لا نجيد التفرقة بين (البطل) و(الطبل)، وبين (المقاوم) و(المساوم)، وبين (القاهر)، و(الفاجر)، وبين (الفارس) و(الحارس)، وبين (المفكر) و(المزمر)·
حينما تسلك هذه المنابر طريق الضلال والتخريف والتحريف، وتساهم في صناعة البطولات المزيفة الواهية·· فكأنها تعلن عن حجم ما يستشري في جسدها من فساد وبهتان وخواء·
لقد نسي أو تناسى هؤلاء جميعاً أنّ عصر البطولات الفردية قد ولى منذ زمن بعيد إلى غير رجعة· كما نسي هؤلاء أنّ المتاجرة بالقيم الوطنية تجارة خاسرة·· فالوطنية روح، وفعل، وانتماء، وإرث، واعتقاد، وهوية من غير زعيق أو صراخ أو ادعاء· والتاريخ وحده كفيل بإعلان الحقيقة للناس كل الناس، حتى إنْ اعتقد الانتهازيون أن أفكارهم تتسلل الى العباد في غفلة من الزمان·
نرفع أصواتنا وأقلامنا بوجه هؤلاء التجّار ونقول لهم: إنه حقاً عصر الرويبضة، العصر الذي بشرنا فيه الرسول بقوله: "سيأتي على الناس سنوات خدّاعات: يصدق فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" أو هو السفيه الذي يتكلم في أمر الناس·
د. نادر القنّة
استاذ أكاديمي / فلسطين
في زمان اختلطت فيه الأوراق، وتشابكت فيه القضايا، وانقلبت فيه القيم والمعايير، وتغيرت فيه المفاهيم··· أصبح سهلا على المارقين، والفاجرين، والمسطحين، والعابثين، والوصوليين، والانتهازيين، وتجّار القيم والمبادىء، وهواة تغيير الأقنعة والجلود والألسن، التدليس على عباد الله بادعاء البطولات الوطنية المٌُزيفة: ظنا واعتقادا منهم أن ما يطلقه خيالهم المريض من صور بطولية وادعاءات وهمية، وحكايات لا أصل لها في أرض الواقع قابلة للتصديق، وقابلة للتوثيق في الذاكرة الشعبية الجمعية·
في زمان مثل هذا الزمان صرنا نسمع عن حكايات بطولية فردية غرائبية الفعل، عجائبية الأحداث في مقارعة الخصوم، وغزاة الوطن، وعسكر الاحتلال·· فمن غير مقدمات ظهر بيننا (قاهر الغزاة)، ولمع من بين صفوف الجماهير (مدمر الاحتلال)، واستيقظنا صباحا على وجود (مرهب الإعداء)، وبدأنا نقرأ عن بطولات (فاني جيش الطغاة)·· حكايات منسوجة من خيال أدمغة مريضة مهووسة بالنجومية ومصابة بعقم الإنجاز، وشهوة الظهور المجاني على سطح التاريخ، ومولعة بتزييف الحقائق·· وكأن جند الاحتلال قطع من الخشب والبلاستيك، وآلياته مصنوعة من القش، وخططه مستمدة من خطط (الدامة) و(الدومينو) وأوراق اللعب·· يسهل القضاء عليه بضربة طائشة من هذا القاهر، وذاك المدمر، وبسيف ذلك المرهب والمرعب والفاني·
أي جنون هذا؟ وأي عبث يدعيه أولئك الفاشلون في الحياة؟ من المؤسف حقا أن تصل القيم الوطنية والنضالية، وقيم المقاومة الشريفة إلى هذا الحد من المتاجرة والضحك على الذقون· ومن المؤسف حقا أن تتحول المنابر الإعلامية التنويرية الى (أبواق) للدعاية الكاذبة الرخيصة· وكأننا أمة بلا ذاكرة تاريخية، أو كأننا أمة لا نجيد رصد إحداثيات الزمن الماضي· أو كأننا لا نجيد التفرقة بين (البطل) و(الطبل)، وبين (المقاوم) و(المساوم)، وبين (القاهر)، و(الفاجر)، وبين (الفارس) و(الحارس)، وبين (المفكر) و(المزمر)·
حينما تسلك هذه المنابر طريق الضلال والتخريف والتحريف، وتساهم في صناعة البطولات المزيفة الواهية·· فكأنها تعلن عن حجم ما يستشري في جسدها من فساد وبهتان وخواء·
لقد نسي أو تناسى هؤلاء جميعاً أنّ عصر البطولات الفردية قد ولى منذ زمن بعيد إلى غير رجعة· كما نسي هؤلاء أنّ المتاجرة بالقيم الوطنية تجارة خاسرة·· فالوطنية روح، وفعل، وانتماء، وإرث، واعتقاد، وهوية من غير زعيق أو صراخ أو ادعاء· والتاريخ وحده كفيل بإعلان الحقيقة للناس كل الناس، حتى إنْ اعتقد الانتهازيون أن أفكارهم تتسلل الى العباد في غفلة من الزمان·
نرفع أصواتنا وأقلامنا بوجه هؤلاء التجّار ونقول لهم: إنه حقاً عصر الرويبضة، العصر الذي بشرنا فيه الرسول بقوله: "سيأتي على الناس سنوات خدّاعات: يصدق فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" أو هو السفيه الذي يتكلم في أمر الناس·