لا أسف عليكم بقلم: خالد صقر

-لا أسف عليكم –

لستُ أسف على ما مضى من سنوات العمر ، لست نادم على ليالي الأنس أو ليالي الخنادق.

لست أسف على قلوب حطمتها في منتصف الطريق أو " سحقتني" هي في أول الطريق وأخره.

لست أسف على عدم حضوري جنازة أبي بسبب انهماكي في تنظيف عنابر ومراحيض حمامات المعتقل .. عفوا " إعادة التأهيل"....

لست أسف على تلك الشظية النائمة في ساقي اليمنى... و أصبحت جزء من جسدي.

هكذا أنا منذ الخليقة..متمرد .. رافض .. واضح وضوح الشمس... ( يا اعور أنت اعور)

( يا ملك أنت عريان) مع احترامي لكافة "العور" والعراة !!

عندما كنت صغير "واذكر أنني كنت يوما صغير" .. كنت اهرب إلى بحري .. وها أنا بعد أكثر من قرن امتطي كبوته بكل خشوع.

هي هلوسة؟

نعم هلوسة.. هلوسة بيضاء .. الجأ إليها في لحظة لا شيء. لكنها هلوسة نقية بيضاء كبياض شعر جدتي.

"المخابرات تكره هلوستي "و أبي كان أيضا يكرهها.. أخبرني قبل أن يموت

" يا ولدي إياك والسياسة .. فهي درب من التياسة "

رحم الله أبي علمني مبادئ السياسة.

نفذت الأوراق البيضاء وها أنا اكتب على غلاف كتاب " الأمير" لماكيافللي .

ماكيفلي هذا أستاذ (السمو والفخامة وكافة البصق).. تفنن في وضع هندسة الماسونية......و و,,,... ويحك يا أنا !!

لماذا لا تكتب عن الحب؟ الحب عملة رائجة عند العذارى و أصحاب الآهات (الساهرية(

أُكتب عن أول حب في حياتك أو أخره أو وسطه.. ليس مهم المهم أن تكتب غير خزعبلات تلك .

أُكتب عن نهد هيفاء أو خصر عجرم.. عن الدوري ومن سينتصر " الأحمر أم الأبيض"

" الأخضر أم الأزرق" ..... الخ.

يطل بسحنته من خلال شاشة التلفزيون يعلن عن سقوط مدينة جنين.... وعن حصار الدير...

يأتي صوت من بعيد من خلف جدار آل للسقوط....

شهيدًا شهيدًا شهيداً..........

تهتز الحجرة.. و يهتز عرش الله ...

تبكي مريم البتول

ويصلب عيسى من جديد أمام قبر محمد .

أما القبائل فهي كعادتها الحميدة تجتمع لتتفرق من جديد " تلفظ في وجهي بيان صارم" حفظته عن ظهر قلب..

نرفض .. نشجب .. ندين و أخيراً نستنكر

والجيوش تتحرك

تتحرك إلى الخلف لتحمي القصور .. مني !!

السعال سيقتلني يوماً

وستقتلني تلك الوجوه.

والشظية تؤنسني في ظلام هذا الليل

وأبكي.....

وأبكي...

وأبكي.

والسلام عليكم ولعنته على كل من يكتفي بالبكاء أمام الشاشة و أنا أولكم.

انتصف الليل

سأذهب لأحلم بكابوسي .

خالد صقر