كانت تحج إلى هناك كلما سنحت لها الفرصة .. كلما أرادت الانفراد بنفسها .. كلما أرادت الغوص في عالمها الوردي الملئ بالأحلام من السطح حتى القاع ..
كانت تهوى العبور إلى الشاطئ الآخر ..إلى الجانب الآخر من الميناء .. فالبحر هناك اكثر هدوءاً ..من هناك تراه اكثر روعه وعمقاً واحتواء ..
اتخذت لها هناك مقراً منذ زمن .. تلك المركبة الشراعية المتهالكة المنسية على الرمال الصفراء .. اعتادت ان تجلس هناك ..عليها ..متربعة كي تحلم وتحتضن أحلامها في الأفق .. كأنها ملكه .. وكأن الرمال الصفراء حولها بحار من الذهب الخالص .. ملكاً لها ..
كان ماء البحر هناك اكثر شفافية .. والشاطئ الخالي يدعوها للترهبن وسط رؤاها .. كي تمنحها كل حواسها لتعيش ولو لحظات قليلة فيها .. كانت كل مره تحفر على سطح مركبتها .. تنقش على جدار مملكتها ..تاريخها كالفراعنة .. كانت تدون مواعيدها ..تاريخ وصولها .. باليوم والساعة كمن يخشى أن يضيع ..أو أن يضل طريقه ..أو ينسى عنوان نفسه ..
في هذه المرة وجدت وسط عناوين نفسها ..عنوان دخيل ..تاريخ جديد غريب .. ليس هذا خطها ..أيمكن أن يكون هناك دخيلاً في مملكة أحلامها .. أخذت تتلفت حولها باحثة عمن تجرأ وأضاف تاريخاً لا تريده إلى تواريخها ..من ملكه غروره كي يعطي نفسه الحق في أن يعبث بأيامها .. من تجاسر كي بمنحها من تواريخه ما لا تبغي .. يكفيها تواريخها .. من ذلك الدخيل الرقيق ذو اليد الباكية التي نقشت ظلاً لعين دامعة بجوار ميعاده .. لم يكتف بإشراكها تواريخه بل اطلعها على أحزانه ودموع عيونه ..
رحلت ذلك اليوم من مقرها ..ولا يملأ تفكيرها إلا شئ واحد .. ذلك التاريخ الجديد المندس بين تواريخ حجيجها.. ربما كان عابر سبيل مر من هناك بالصدفة ..ولن يمر ثانية ..
عندما عادت في اليوم التالي .. لم يكن القارب المتهالك المنسي فوق الرمال وحيداً.. بل كان هناك .. يجلس في نفس المكان ..مكانها .. ينقش تواريخه بجوار تواريخها .. في نفس المكان .. أملامح وجهها تلك التي تراها في قسماته ..أم أثرت فيها شمس الظهيرة .. ربما هذيان سرابات أحلامها ..
اقتربت منه ..ثم اتخذت قراراً بالانحراف عنه..كان ينظر إلى الأفق البعيد كمن يؤدي صلوات في خشوع ..لم تشأ أن تقطع عليه أفكاره ..أو أن تثير هدوء وجهه .. ..واتخذت طريقها على الشاطئ جيئة وذهاباً علّه يتنازل عن عرشها كي يتركه لها لحظات قبل أن تغرب الشمس ..
ذهبت في اليوم التالي ، لم تجده .. كانت تود أن تلقاه كي توقفه عن حده ..وتعلمه بأنه تجاوزها وعبث بذكرياتها.. كانت تود أن تثور على رقة أسلوبه في إقحام نفسه وسك خواطرها ..
جلست .. دونت تاريخها .. ونظرت للأفق ..تتعبد أو تحيا وسط خيالاتها .. وجدته أمامها ..فابتسمت .. ربما كان طيفه .. لكنه يقترب ..انه حقيقة .. نظر إلى مكانها فقد كان بالأمس مكانه ..رأى نفسه فيها ..ولاقت نفسها فيه .. اتخذ له مكاناً على الطرف الآخر يختلس النظر إليها ..وظلت هي في انتظار أن تحمل إليها النسائم نغمات صوته الرقيق .. واتاها ممزوجاً بصوت أمواج البحر .. قائلاً " أنتِ ……" أشار بعينيه إلى النفش على السطح .. فأجابت " نعم …… أنا …" .. وطالت نظرات عيناهما حتى أحست بارتعاش أهدابها ..فأسدلت الستار عليهما كي تحفظ صورته بين جفونها ..
نظرت للسماء بقلب فرح متسائل .. ترى أهذا بداية تحقيق الحلم .. أم ميلاد وهم جديد ؟؟.. قطع تفكيرها مبادراً بالحديث .. تحدث عن أحلامه ..وكلمته عن أحلامها .. كلمها عن تواريخه ..اعترف لها انه كان يجلس هنا منذ زمن .. وكم كان يود أن يلقى صاحبة تلك المواعيد .. من ملكت هذا القارب .. كم كان يود أن تشعر بوجوده أو ترى ظل وجوده بعد رحيله .. لذا قرر أن يثير غضبها كي تشعر به ..كي تسمع صوت مواعيده .. قرر أن يشاركها قاربها ويعلمها أن هناك روح أخرى تتخذ من تلك الألواح المتآكلة قصراً رائعا من الأحلام ..
الآن عرفت .. لم دون تواريخه بجوار تواريخها .. كي تثير وجودها بوجوده داخلها .. اصبح لهما تواريخهما سوياً .. يدوناها معاً ..
اصبح هناك موعد دائم باللقاء .. كل يوم ميعاد باللقاء ..دون اتفاق ..
لكنه اليوم لم يأت .. ترى لم تخلى عن موعد اليوم ..همست لنفسها " اطمئني حتماً سيأتي .."… ظلت في الانتظار حتى حل المغيب .. دخل الليل عليها بسواده ..
رحلت ثم عادت في اليوم التالي .. لم تجده .. لم تستطع أن تمنع خطاها في أن تتخذ نفس الطريق المعتاد صوب مكان اللقاء ..
هناك وجدت مسحة جديده من الوحدة ..كانت قد نسيتها .. هناك وجدت تاريخاً ..بجانبه عبارتان "انتظريني ..سأعود".. انتظرته حتى اختفت الشمس ..وعادت في اليوم التالي مع شروق الشمس .. وانتظرته حتى المغيب ..
كانت تمشط شعرها وترفعه كما يحبه هو .. وتذهب للانتظار ..حتى بعد أن تداخلت وسط شعرها تلك الأمواج البيضاء معلنة ثورة السنوات على انتظارها .. لم تيأس ..ظلت في الانتظار ..
واليوم ..ذهبت إلى هناك .. لم تجده ..لم تجد قصرها ..لم تجد قاربهم .. ماذا فعلوا بمكان عبادتها .. ؟؟.. أين ذهب محرابها؟؟..
لقد اخذوا القارب ..واستولوا على التواريخ .. لا يهم ..فكل تواريخهما محفورة داخلها ..خاصة آخرها .. وتلفتت كي تبحث عنه ..
جلست مكان قاربهما ..على الرمال .. تماماً كأول مرة ..لم يأتي .. لم تجده .. لم تجد في قلبها إلا نقشأ لكلمتين "انتظريني …سأعود "..
كانت تهوى العبور إلى الشاطئ الآخر ..إلى الجانب الآخر من الميناء .. فالبحر هناك اكثر هدوءاً ..من هناك تراه اكثر روعه وعمقاً واحتواء ..
اتخذت لها هناك مقراً منذ زمن .. تلك المركبة الشراعية المتهالكة المنسية على الرمال الصفراء .. اعتادت ان تجلس هناك ..عليها ..متربعة كي تحلم وتحتضن أحلامها في الأفق .. كأنها ملكه .. وكأن الرمال الصفراء حولها بحار من الذهب الخالص .. ملكاً لها ..
كان ماء البحر هناك اكثر شفافية .. والشاطئ الخالي يدعوها للترهبن وسط رؤاها .. كي تمنحها كل حواسها لتعيش ولو لحظات قليلة فيها .. كانت كل مره تحفر على سطح مركبتها .. تنقش على جدار مملكتها ..تاريخها كالفراعنة .. كانت تدون مواعيدها ..تاريخ وصولها .. باليوم والساعة كمن يخشى أن يضيع ..أو أن يضل طريقه ..أو ينسى عنوان نفسه ..
في هذه المرة وجدت وسط عناوين نفسها ..عنوان دخيل ..تاريخ جديد غريب .. ليس هذا خطها ..أيمكن أن يكون هناك دخيلاً في مملكة أحلامها .. أخذت تتلفت حولها باحثة عمن تجرأ وأضاف تاريخاً لا تريده إلى تواريخها ..من ملكه غروره كي يعطي نفسه الحق في أن يعبث بأيامها .. من تجاسر كي بمنحها من تواريخه ما لا تبغي .. يكفيها تواريخها .. من ذلك الدخيل الرقيق ذو اليد الباكية التي نقشت ظلاً لعين دامعة بجوار ميعاده .. لم يكتف بإشراكها تواريخه بل اطلعها على أحزانه ودموع عيونه ..
رحلت ذلك اليوم من مقرها ..ولا يملأ تفكيرها إلا شئ واحد .. ذلك التاريخ الجديد المندس بين تواريخ حجيجها.. ربما كان عابر سبيل مر من هناك بالصدفة ..ولن يمر ثانية ..
عندما عادت في اليوم التالي .. لم يكن القارب المتهالك المنسي فوق الرمال وحيداً.. بل كان هناك .. يجلس في نفس المكان ..مكانها .. ينقش تواريخه بجوار تواريخها .. في نفس المكان .. أملامح وجهها تلك التي تراها في قسماته ..أم أثرت فيها شمس الظهيرة .. ربما هذيان سرابات أحلامها ..
اقتربت منه ..ثم اتخذت قراراً بالانحراف عنه..كان ينظر إلى الأفق البعيد كمن يؤدي صلوات في خشوع ..لم تشأ أن تقطع عليه أفكاره ..أو أن تثير هدوء وجهه .. ..واتخذت طريقها على الشاطئ جيئة وذهاباً علّه يتنازل عن عرشها كي يتركه لها لحظات قبل أن تغرب الشمس ..
ذهبت في اليوم التالي ، لم تجده .. كانت تود أن تلقاه كي توقفه عن حده ..وتعلمه بأنه تجاوزها وعبث بذكرياتها.. كانت تود أن تثور على رقة أسلوبه في إقحام نفسه وسك خواطرها ..
جلست .. دونت تاريخها .. ونظرت للأفق ..تتعبد أو تحيا وسط خيالاتها .. وجدته أمامها ..فابتسمت .. ربما كان طيفه .. لكنه يقترب ..انه حقيقة .. نظر إلى مكانها فقد كان بالأمس مكانه ..رأى نفسه فيها ..ولاقت نفسها فيه .. اتخذ له مكاناً على الطرف الآخر يختلس النظر إليها ..وظلت هي في انتظار أن تحمل إليها النسائم نغمات صوته الرقيق .. واتاها ممزوجاً بصوت أمواج البحر .. قائلاً " أنتِ ……" أشار بعينيه إلى النفش على السطح .. فأجابت " نعم …… أنا …" .. وطالت نظرات عيناهما حتى أحست بارتعاش أهدابها ..فأسدلت الستار عليهما كي تحفظ صورته بين جفونها ..
نظرت للسماء بقلب فرح متسائل .. ترى أهذا بداية تحقيق الحلم .. أم ميلاد وهم جديد ؟؟.. قطع تفكيرها مبادراً بالحديث .. تحدث عن أحلامه ..وكلمته عن أحلامها .. كلمها عن تواريخه ..اعترف لها انه كان يجلس هنا منذ زمن .. وكم كان يود أن يلقى صاحبة تلك المواعيد .. من ملكت هذا القارب .. كم كان يود أن تشعر بوجوده أو ترى ظل وجوده بعد رحيله .. لذا قرر أن يثير غضبها كي تشعر به ..كي تسمع صوت مواعيده .. قرر أن يشاركها قاربها ويعلمها أن هناك روح أخرى تتخذ من تلك الألواح المتآكلة قصراً رائعا من الأحلام ..
الآن عرفت .. لم دون تواريخه بجوار تواريخها .. كي تثير وجودها بوجوده داخلها .. اصبح لهما تواريخهما سوياً .. يدوناها معاً ..
اصبح هناك موعد دائم باللقاء .. كل يوم ميعاد باللقاء ..دون اتفاق ..
لكنه اليوم لم يأت .. ترى لم تخلى عن موعد اليوم ..همست لنفسها " اطمئني حتماً سيأتي .."… ظلت في الانتظار حتى حل المغيب .. دخل الليل عليها بسواده ..
رحلت ثم عادت في اليوم التالي .. لم تجده .. لم تستطع أن تمنع خطاها في أن تتخذ نفس الطريق المعتاد صوب مكان اللقاء ..
هناك وجدت مسحة جديده من الوحدة ..كانت قد نسيتها .. هناك وجدت تاريخاً ..بجانبه عبارتان "انتظريني ..سأعود".. انتظرته حتى اختفت الشمس ..وعادت في اليوم التالي مع شروق الشمس .. وانتظرته حتى المغيب ..
كانت تمشط شعرها وترفعه كما يحبه هو .. وتذهب للانتظار ..حتى بعد أن تداخلت وسط شعرها تلك الأمواج البيضاء معلنة ثورة السنوات على انتظارها .. لم تيأس ..ظلت في الانتظار ..
واليوم ..ذهبت إلى هناك .. لم تجده ..لم تجد قصرها ..لم تجد قاربهم .. ماذا فعلوا بمكان عبادتها .. ؟؟.. أين ذهب محرابها؟؟..
لقد اخذوا القارب ..واستولوا على التواريخ .. لا يهم ..فكل تواريخهما محفورة داخلها ..خاصة آخرها .. وتلفتت كي تبحث عنه ..
جلست مكان قاربهما ..على الرمال .. تماماً كأول مرة ..لم يأتي .. لم تجده .. لم تجد في قلبها إلا نقشأ لكلمتين "انتظريني …سأعود "..