الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دلالات إعلان براءة القائد سلطان أبو العينين بقلم:محمد سرور

تاريخ النشر : 2006-04-07
دلالات إعلان براءة القائد سلطان أبو العينين:

رد اعتبار لــ "فتح" ومنظمة التحرير

الفلسطينية في لبنان

عندما نطق قاضي المحكمة العسكريّة الحكم ببراءة المحكوم عليه بالإعدام، منذ ست سنوات، العميد سلطان أبو العينين، عمّت الفرحة بين اللاجئين الفلسطينيين، وأقيمت الأعراس احتفاءً بالمناسبة.

الشعور الأول الذي طغى، هو الاعتبار بأن الفلسطيني لم يعد مكسر عصا التجاذب الداخلي في لبنان ومحيطه، ولم يعد كإنسان يعاني نقصاً حاداً في تعريف إنسانيته، في الأروقة الرسمية والسياسية لهذا البلد. كذلك شكل الموقف ردّ اعتبار ولو نسبي لحركة " فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي دفعت ثمناً غالياً، لم يكن بمقدور أي فصيل فلسطيني أو غير فلسطيني تحمله. فقاضي المحكمة العسكريّة، لم يصدر حكمه على شخص بعينه فقط – ولو كان ظاهراً كذلك – بل على فصيل مركزي مع كل ما يمثل من جماهير ويتضمن من مؤسسات ومنظمة التحرير الفلسطينية على المستويات كافة، ومسّ مباشرة بالتوازنات السياسية التي نشأت طوال المرحلة السياسية منذ العام 1982 وحتى الآن.

ورغم الإنفتاح والمرونة اللذان يميزان أسلوب حركة "فتح" في علاقاتها مع الآخرين، وحرصها على استمرار هذه العلاقات، إلاّ أن فاعليتها كانت محكومة بالهامش المتاح لها التحرك ضمنه، وبالحدود التي كرّستها منهجية الحكم السابقة. فالجديد الذي بدأت ملامحه بالوضوح هو إخراج الصورة النمطية التي ألصقت بالفلسطيني، تعريفاًَ وأسلوباً، باتجاه التعديل الجذري للمصطلحات التي استخدمت للدلالة عليه وتصنيفه في آن.

وإذا انطلقنا من الأسلوب الحكيم الذي اعتمدته السلطات اللبنانية منذ سنة وحتى الآن – تقريباً – من خلال تبريد الأجواء والمرونة الأمنية والسياسية في التعاطي مع الوضع الفلسطيني، فإن هذا الأسلوب قابله وعي فلسطيني مميّز، خاصة من قبل حركة "فتح" وفصائل المنظمة، لجهة عدم الوقوع في فخ التجاذب اللبناني الداخلي، واعتماد الخطاب الإيجابي باعتبار السلم الأهلي مصلحة فلسطينية، كذلك النجاح بطمأنة اللبناني بكونه على مسافة واحدة "إيجابية" مع الجميع ومنهم أيضاً، ورغم التمسك بالورقة التي تتعلق بالحقوق السياسية والإنسانية وبتسلسل تنفيذ القرارات الدولية، بدءاً من القرار 194، والإعتراض على القرار 1559 من باب رفض سياسة الإنتقائية المعتمدة من المجتمع الدولي.

بعض الذين "نقزوا" من براءة القائد الفلسطيني سلطان أبو العينين، يحاولون الربط بين حريته والمصلحة الفلسطينية، والثمن الذي دفعه للحصول على حريته. الواضح أن بعض الذين استفادوا من حصار "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، يتضررون من انتعاش دورهما. فأدوية التنشيط ووسائل الإسعاف التي مُنحت إليهم مقابل الحصار المزمن الذي فرض على "فتح" وفصائل المنظمة، لم يرفع – هذا البعض – إلى مستوى مصادرة تمثيل الشريحة الفلسطينية في لبنان، مثلما لم يكسبهم صفة الشرعية، وبقيت منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة "فتح" الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

يبدو أن من حقهم أن يفزعوا من "فتح" وقائدها.

إن الزيارة الإستطلاعية للوفد الوزاري اللبناني شكلت سابقة تاريخية لم تنل شرفها أية حكومة لبنانية على الإطلاق. وعلى طريقة الإكتشاف، لم يصدّق أصحاب المعالي حقيقة الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون، والتي وصفها الوزير خالد قباني بأنها " لم تعد موجودة منذ الحرب العالمية الثانية"، دون أن يلغي هذا القول أهميّة ما صدر من ردود أفعال عن معالي الوزراء الآخرين. اللافت أن الزيارة أدت إلى سقوط الإنطباع الأمني الذي كان يشكل تعريفاً وحيداً للفلسطيني، وحلّ مكانه الفلسطيني الإنسان، الذي يعيش الظلم والقهر والمرارة والحرمان. الصدمة سرّعت في إنضاج طبخة الملف الذي كان رهينة التوازنات اللبنانية الداخلية والإقليمية معاً، وبانت بوادرها الإيجابية بوضوح وفي سياقها جاء الإخراج الناجح لقضيّة الحكم السياسي الذي كان صدر بحق العميد سلطان أبو العينين.

ومن حق "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية أن يتنفسوا الصعداء، ويشعروا بقليل من الإعتزاز. وبراحة ضمير سياسية ووجدانية يجب التذكير بأن معاناة "فتح" وفصائل المنظمة كان استثماراً مربحاً للبعض. فالإستقواء عليهم تجلى بمواقف وأفعال لا تحصى. لكن قلب "فتح" والمنظمة كبير، يتجاوز لغة وسياسة المتاريس حفاظاً على المصلحة الفلسطينية العامة. ففي هذه اللحظة تبرز هشاشة الشعارات الإصلاحية والتطويرية التي تغنى بها البعض، ممن يرون منظمة التحرير الفلسطينية عائقاً امام مشاريعهم الخاصة والضيقة، والتي تعتبر ان تفكيك المنظمة آخر المعارك وأهمها.

الواضح أن بعض القوى عبرّت عن "نقزتها" ولو مواربة، ومن خلال إسقاط شاعري للحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين، كأن هذه الحقوق إن جاءت فلمخيم على حساب آخر، أو لفئة فلسطينية على حساب أخرى. دون أن يعني للبعض أن تصويباً تاريخياً لعلاقة سادها الشك والتوتر مع السلطات اللبنانية المتعاقبة، باتجاه الحلحلة والتفهم والفصل بين الملفات، بحيث يتوّج حوار الأخوة برد اعتبار سياسي – تشريعي للحقوق، وضبط للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، من خلال آلية واضحة تحدد العلاقة بذوي الشأن، مع لحظ أهمية إعلان العميد سلطان أبو العينين عن بدء الإجراءات العملية بضبط السلاح وتفهم الفصائل مجتمعة للإجراء.

نفهم ردة الفعل هذه بأنها نتيجة طبيعية للخوف من تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان، وبأنها فاتحة زمن جديد للدور الطليعي، الذي يلغي حاجز الضباب ويوقف الذرائع التي كانت سلاحاًَ يستعمل للتشكيك بدور منظمة التحرير الفلسطينية، ويمنح البعض – ولو غمزاً – شرعيّة صياغة موازين قوى فلسطينية في الداخل، اعتقد أن الحوار مع السلطات اللبنانية وما يتمخض عنه من نتائج، سيبقى محجوزاً في ملفات شروطهم تجاه "فتح" وفصائل المنظمة.

وإذا كان تحالف القوى الفلسطينية وافق – وعلى مضض - على رئاسة فتح للحوار مشروطاً بشخص العميد سلطان أبو العينين فقط، فإن الماء يكذب الغطاس. فمن جهة الملف برمته – حسب تعبير السفير خليل مكاوي "على نار حامية" والكثير من القضايا لا تحتاج إلى وفود وحوارات، ومن جهة ثانية فإن العميد سلطان أبو العينين بات بمقدوره القيام بدوره القيادي في الحوار، بصفته أميناً لسر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، المخولة الحصرية بتمثيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ففي هذا الصدد يؤكد أبو العينين على ترحيبه بتشكيل الوفد الموحّد تحت يافطة منظمة التحرير الفلسطينية الحصريّة. مثلما يشدد على أن الوفد الموحّد يعطي مصداقية للحوار ونتائجه، لكن عصر الضباب ولى، ولا مجال للمساومة على الصفة التمثيلية للمنظمة.

إن إعلان براءة العميد سلطان أبو العينين يعطي دفعاً معنوياً وسياسياً لحركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويدفع إيجاباً باتجاه اطمئنان فلسطيني للعلاقة اللبنانية الفلسطينية، وبذات الوقت يرضي التوازنات اللبنانية الداخلية، التي يرى بعض أقطابها أن تحرير الملف الفلسطيني – بجزئه المتعلق بلبنان – من القبضة الإقليمية، يطمئنهم من هاجس الإستخدام الإقليمي لهم في معادلة الوضع الداخلي المتحرك.

وقبل أيّ اعتبار، لسلطان أبو العينين الإنسان، الحق في حياة طبيعية – عاديّة. فالفارق بين الحريّة وانعدامها كبير، لا يمكن تقديره. وذلك القيد الذي شدّ على حياته ورغباته وضروراته وأحلامه لست سنين، آن له أن يكسر، وقد كسر. لا أحد يستطيع تعويض ما مضى من العمر، لكن طعم النسمة قد تغير، والمدى أمام عينه بات أوسع مما نتصوره ... مبروك.

محمد سرور

3/4/2006
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف