الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

زمن الشياطين بقلم: غادة الكاتب

تاريخ النشر : 2006-04-07
زمن الشياطين بقلم: غادة الكاتب
كي ينهض الإنسان عليه أن يتقبل أولا أنه ملقى أرضا

-الروائي أمين معلوف-

غادة الكاتب

لا أعرف من هو المصمم الرئيس للمسارح الرومانية، مثلما لا أعرف على وجه التحديد من هو أول قيصر أمر ببنائها، لكن المتداول والمتعارف عليه، والمثبت تاريخيا، أن هذه المسارح كانت تستخدم لمباريات غاية في الرعب، والوحشية، كان الدم فيها ستارة النهاية التي تسدل على مسرحية أبطالها إما سجينان متصارعان تم تدريبهما على فنون المصارعة والقتال، مثلما تم تأهيلهما لموت جذاب، يستفز تصفيق الحاضرين، أو لعناتهم، وإما سجين أعزل في مواجهة حيوان مفترس، يعادله بكم الغضب، والرغبة في التحرر والحياة، لكنه بالتأكيد لا يماثله بالقوة ولا أدوات البقاء.

لا أعرف كيف تدحرجت هذه الفكر الجهنمية إلى عقول المصممين، والمنفذين، ولا أكاد أتخيل أن ثمة قصص حب كانت تعاش في ذلك الزمن الذي كان الترفيه فيه مشبعا بالدم.

هل أحب القيصر يوما؟ هل تبادل مع عشيقته قبلة طائرة، أو قذفها بوردة ذات لون موح أو عطر فواح؟ هل وقف تحت نافذتها يعزف لحنا يدغدغ الروح، ويستفز الجميلة النائمة على الصحو والإطلالة على العاشق المشتاق؟ هل كان يعرف كيف تصاغ جمل الحب؟ و كيف تكتب قصائد الغزل؟ ولمن تهدى الأغنيات؟

ربما وردت هذه الأسئلة وغيرها على خاطر الكثيرين، ولم يكف ما وصلنا من أدب الرومان، ومسرحياتهم، وفلاسفتهم للإجابة عليها، فجمع الضدين دائما صعب، ورؤية النقيض ملازما للنقيض استحالة قد يحدث تجاوزها، مما يثير في المتابع كل هذه التساؤلات. لكن الذي تجدر الإشارة إليه هو أنه لا يكاد يخلو أي بلد عربي من هذه المسارح، التي يمجدها، ويعتبرها إرثا تاريخيا مهما يجب الحفاظ عليه، من أجل عيون السائحين الغربيين.

قد تكون الصدفة وحدها هي سبب ذلك، وقد يكون ثمة أسباب أخرى منطقية له، مثل تشابه الزمن الذي مضى مع أزمنتنا الحالية، واقتران لعبة الصراع من أجل الحرية والحياة بالفرد العربي دون غيره من مواطني الدول، بحيث لم يعد بالإمكان النظر إلى هذه المدرجات بمعزل عما كانت تستعمل من أجله في معظمها، حيث أناس يراقبون أناسا آخرين يتصارعون فيما بينهم حتى الموت، أو يصارعون وحيدين وحشا ضاريا اعتادت أنيابه الفتك والتمزيق، دون أن يحرك أي من المتفرجين ساكنا، أو يرف له جفن.

قد لا يكون مصمم المدرجات أو القيصر الذي أمر بها فيلسوفا، ولا عبقريا، لكن أحدهما أو كلاهما بالتأكيد أراد لها أن تكون مستدرجات، تستدرج الإنسان لكي يتخلى عن إنسانيته، فيصبح حين يجلس فيها مؤهلا لعمل واحد ووحيد هو المشاهدة.

لقد وعت الأنظمة العربية هذه الحقيقة، وعملت على أن تكون المشاهدة جزءا لا يتجزأ من ثقافة مواطنيها وحياتهم، وعيشهم اليومي، فأتخمتهم بالترفيه، ترفيه من نوع آخر، نوع مليء بالهذر، وقصائد الحب الماجنة، وكلام العاشقين المؤقتين، والورود المدجنة والرياحين المهجنة التي تنثر على أقدام الراقصات، بنفس القدر الذي تنثر فيه على قبور القتلى، والمنكوبين.

ومع أن كم القتلى ازداد، وأساليب القتل أصبحت أكثر إبادة، والوحوش أكثر دموية، وأهداف الصراع، ليس بين مفرداتها البقاء، أو الحرية، إلا أن الأنظمة الفاسدة عرفت كيف تجعل كل ذلك مجرد خلفية لهذا المجون، وهذا السخف والانحطاط.

الأنظمة الفاسدة استدرجتنا، حولتنا جميعا إلى شياطين، لأن الاكتفاء بالكلام والهذر والمشاهدة في زمن يتوجب فيه الفعل، عمل شيطاني بحت.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف