الأخبار
انتحار جندي إسرائيلي حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلال
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مأساة التعليم في القدس بقلم:جميل السلحوت

تاريخ النشر : 2006-04-06
مأساة التعليم في القدس بقلم:جميل السلحوت
مأساة التعليم في القدس

جميل السلحوت

كنا نحن الفلسطينيين نـفاخر بأننا من أكثر شعوب العالم تعليماً ، وحتى أن بعضنا لا يزال يفاخر بأن تعليم الفلسطينيين كان له دور في تعليم وتطوير بعض دول المنطقة ، وقد يكون في هذه الأقوال شيء من الصحة ، لكن هل استمر هذا الوضع وهذا التميز التعليمي ؟؟

قبل وقوع الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967 العدوانية لم يكن في الأراضي المحتلة أي جامعة ، بل كان هناك عدد من دور المعلمين ، وهي معاهد متوسطة كانت تختص باعداد الطلبة الذين يـنهون الثانوية العامة كي يكونوا معلمي مدارس ، والان يوجد سبع جامعات ، ست منها في الضفة الغربية وواحدة في قطاع غزة ، اضافة الى عدد من كليات المجتمع والمعاهد المتوسطة ، وانشاء الجامعات في الأراضي الفلسطينية كان بادرة ايجابية بالنسبة لتعليم الاناث ، حيث أن قرب هذه الجامعات من مكان سكن الطالبات ، مما يمكن الطالبة من الدوام الجامعي والعودة الى بيت ذويها ساعد في ذلك ، في حين كانت نسبة تزيد عن الخمسين بالمئة من الفلسطينيين لا ترسل بناتها قبل ذلك الى الجامعات ، أما الآن فإن عدد الطالبات الفلسطينيات في الجامعات يصل الى أكثر من الثلثين ، وأن عزوف الذكور أو عدم قدرتهم على الالتحاق بالجامعات لأسباب تعليمية أصبح ظاهرة مألوفة ، فهل يصدق انسان أن مدارس القدس تعاني من نقص في المعلمين الذكور ، علماً أن عدد المقدسيين الفلسطينيين من حملة الهوية الزرقاء التي تمكنهم من العيش والتعلم والعمل في المدينة يصل الى حوالي 270 ألف مواطن ، وعزوف الشباب الذكور عن الالتحاق بالجامعات ليس حكراً على القدس بل يتعداها الى المناطق الأخرى ، حيث أن سوق العمل الاسرائيلي كان سبباً كافياً لترك آلاف الطلبة مقاعد الدراسة قبل أن ينهوا الثانوية العامة ، في حين أن العادات والتقاليد لا تسمح للاناث بأن يلتحقن في سوق العمل الاسرائيلي .

ومع ذلك فآن للقدس خاصية تميزها عن بقية الأراضي المحتلة ، فهذه المدينة التي كانت عبر التاريخ منبراً تعليمياً وثقافياً وحضارياً تتعرض للتهويد بشكل مستمر ، وهي مستهدفة أكثر من بقية المناطق الفلسطينية ، وبما أن المقدسيين يحملون بطاقات هوية زرقاء – حسب التقسيمات الادارية للاحتلال – فرغم حصار المدينة وعزلها بجدار الفصل التوسعي العنصري ، الا أنه يسمح لسكانها بالدخول الى اسرائيل والعمل فيها ، مع كل القيود والاشتراطات الأمنية على كل طالب عمل حتى ولو في الأعمال السوداء ، كما أن سياسة التجهيل تستهدف القدس أيضاً أكثر من غيرها ، وترمي الى أن يبقى مواطنوها الفلسطينيون " حطابين وسقائين " ومع الأسف وبدون مبالغة فإنهم يشكل وآخر استجابوا لهذه السياسة بقصد أو بدون قصد .

ولكي تكون الصورة أكثر وضوحاً ، فإن سياسة التجهيل تأخذ جوانب عدة منها :

القدرة الاستيعابية للمدارس :

فالمدارس الرسمية التي تتبع بلدية القدس ووزارة المعارف الاسرائيلية تستوعب حوالي نصف عدد طلبة وطالبات القدس الذين يصل عددهم الى حوالي ستين ألف طالب ، وتعاني هذه المدارس من نقص في الغرف الدراسية يصل الى حوالي 280 صفاً دراسياً في العام الدراسي الحالي ، وبعض المدارس تعمل بنظام المناوبة ، حيث أن هناك طلاباً يدرسون في الصباح وآخرين بعد الظهر ، اضافة الى وجود مئات الصفوف الدراسية في غرف مستأجرة معدة أصلاً لتكون للسكن ، وهناك صفوف في الملاجىء ، وحتى في الممرات ، كما أن هذه المدارس تفتقر الى الملاعب ، وتعيين المدرسين والمدرسات فيها يخضع لفحوصات أمنية ، مما يعني تغييب كفاءات واستبدالها بعكسها ، وتعاني هذه المدارس من نقص في الملاعب والمختبرات والمكتبات ووسائل الايضاح والحاسوب .

في حين يتوزع نصف الطلاب والطالبات على مدارس خاصة بعضها يتبع دائرة الأوقاف الاسلامية ، أو وكالة الغوث ، أو كنائس وأديرة ، وهناك مدارس ملكية خاصة ، وغالبية هذه المدارس تعاني هي الأخرى من نقص في غرف التدريس ، وبعضها في أبنية مستأجرة لا تصلح أن تكون صفوفاً دراسية ، كما أنها تعاني من نقص في الملاعب والمختبرات والمكتبات ووسائل الايضاح والحاسوب ، وتتميز عن المدارس الرسمية بكفاءة معلميها ومعلماتها لأن تعيينهم يتم على أسس تربوية وتعليمية ، وحسب الكفاءات ، ولا يخضع لمحاسبة أمنية ، واذا ما استثنينا مدارس الأوقاف الاسلامية ووكالة الغوث فإن المدارس الأخرى تأخذ رسوماً تعليمية تفوق القدرات الاقتصادية لغالبية المواطنيين ، علماً أن قدرة هذه المدارس على استيعاب الطلاب محدودة .

واذا كان من حق الطلاب والطالبات أن يحصلوا على التعليم الالزامي المجاني حتى انتهاء المرحلة الثانوية ، فإن ذلك لا ينطبق على فلسطينيي المدينة المقدسة لعدم قدرة المدارس الرسمية على استيعابهم ، ولعدم بناء مدارس جديدة تتناسب والزيادة الطبيعية للسكان ، علماً بأن المقدسيين الفلسطينيين يُلزمون بدفع نفس الضرائب المختلفة التي يدفعها الاسرائيليون في الجانب الغربي من المدينة ، وفي الأحياء الاستيطانية المقامة على الأراضي العربية في القدس الشرقية ، دون الأخذ بفوارق المداخيل بين الطرفين ، ومع ذلك فإن القوانين الاسرائيلية غير المكتوبة ، ولكنها مرسومة على أرض الواقع تمنع طلبة القدس من الالتحاق بالمدارس الفلسطينية الواقعة خارج حدود البلدية ، والتي أصبحت الآن خلف جدار الفصل العنصري التوسعي ، وحتى قبل بناء الجدار سيء الصيت ، فإن التحاق الطلبة المقدسيين بالمدارس الفلسطينية خارج حدود البلدية كان مغامرة غير محمودة العواقب ، لأن من يريد الحصول على بطاقة الهوية في سن السادسة عشرة حسب القانون ، هذه الهوية التي تسمح له بالتنقل ، فإنه يطلب منه شهادات تعجيزية لاثبات مكان اقامته داخل حدود البلدية ، منها شهادات المدرسة .

وتشتت المدارس ، وتعدد مرجعياتها ، اضافة لقرب سوق العمل الاسرائيلي وانفتاحه على القدس ، اضافة الى دور اللهو الكثيرة التي يمكن للمراهقين الوصول اليها ، تعتبر كلها أسباباً لتسيب الطلبة من المدارس ، حتى بات عدم احترام الطلبة لقوانين التعليم ، وعدم هيبتهم من معلميهم ، وتسكعهم في الشوارع في ساعات الصباح - أي في وقت الدوام المدرسي - وفي ساعات ما بعد الظهر باتت أموراً ظاهرة للعيان ، فهل يتم الانتباه لهذه الظواهر ؟؟ وهل سيتم وضع الحلول لها ، أم سيأتي علينا حين في القدس ، نستورد فيه معلمين لمدارسنا ، أو يتعلم أبناؤنا وبناتنا بالعبرية الفصحى ؟؟
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف