الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بالات ومعاناة في بلد (الخيرات) بقلم: عبدالوهاب محمد الجبوري

تاريخ النشر : 2006-04-05
بالات ومعاناة في بلد (الخيرات) بقلم: عبدالوهاب محمد الجبوري
بالات ومعاناة في بلد (الخيرات)...!

عبدالوهاب محمد الجبوري

باحث عراقي/ نينوى


اعتدت ،كل يوم جمعه، القيام بزيارة الى الاسواق الشعبية في مدينة الموصل(محافظة نينوى) والتجول فيها لغرض التبضع والاطلاع عن كثب على الحالة التي يعيشها المواطنون في المدينة في مثل هذا اليوم من الاسبوع والذي يتسم بالحركة والنشاط ، ومن ثم توثيقها على شكل مذكرات او نقلها الى القارئ بمقالات او استطلاعات او تحقيقات صحفية .

التقيت خلال تجوالي في هذه الاسواق بعدد من الاصدقاء ، الذين اعتادوا هم الاخرين على زيارة سوق الاربعاء وسوق باب الطوب والهرج واسواق البالات المنتشرة في وسط المدينة لشراء حاجاتهم باسعار اقل مما هو معروض في المحلات والاسواق التجارية الاخرى ، وكان اول هؤلاء محاميا وبعد السلام والتحية اخذنا نتناقش على عجل حول الاوضاع السائدة في العراق والمعاناة الشديدة التي يعاني منها اهله الخيرون الذين لا يستحقون هذا الاذى الكبير وهم اصحاب التاريخ والحضارة والثروة والقيم والمبادئ النبيلة والانسانية والنفس الكريمة والعزيزة . ولم يطل اللقاء كثيرا فقد غادر صديقي وهو يحمل معه سترة ( جاكيت ) اشتراها من احد محلات البالة بمبلغ (5) الاف دينار وهو فرح لانه سيرتديها في جلسة المحاكمة التي سيحضرها في الاسبوع القادم .. وبعد مغادرته توقفت قرب مجموعة من الناس ينتظرون صاحب بالة جديدة وهو يقوم بفتحها صائحا : قماصل ، قماصل ، بالة جديدة … وبينما انا اتطلع اليهم وهم يقلبون القماصل الجديدة (القديمة ) رأيت ثلاثة اشخاص يقفون جانبا وهم يتناقشون فيما بينهم فاقتربت منهم وتبين انهم كانوا يتحدثون (بالسياسة) والانتخابات البرلمانية واحتمالات تشكيل الحكومة الجديدة .

كان النقاش يدور ، لحظة اقترابي منهم ،عن اخفاق الحكومة في تأمين الخدمات للمواطنين وخاصة الكهرباء والوقود وارتفاع الاسعار وأضطراهم لشراء ملابسهم واحتياجاتهم من البالات وتأسفهم على هذه الحالة … فقال احدهم : سبحان الله ، القمصلة بثمانية الاف دينار ، حتى البالات اسعارها ترتفع لتنافس اسعار الدولار في البورصات العالمية ، ثم عاد الى ذكر البطاقة التموينية التي تأسف زميله الثاني حسرة على ايامها وهو يتساءل عن عائلته الكبيرة وكم سيكفيه لشراء الطحين والسكر وانزل لعنته على هذا (الوقت التعبان) وعلى كل الذين يتاجرون بالشعارات والديمقراطيات على حساب حقوق االمواطنين وثرواتهم … وبعد توقف قليل راح يتذمر من عدم قدرة اهله على صنع الكليجة بسبب ارتفاع اسعار الدهن … وقطع حديثه صوت بائع متجول يقترب منهم وهو لا يتعدى التاسعة او العاشرة من عمره ، متسخ الثياب ،أغبر، اشعث الملامح ، يحمل ( نستله ) و(علك) عارضا عليهم بضاعته وهو يتوسلهم باغلظ الايمان كي يشتروا منه … فقال الشخص الثالث متسائلا : ترى، ايعقل ان يحرم هذا المسكين من ان يعيش عمره كما يعيشه الجيران بالبلدان الخليجية والدول العربية الاخرى وهو في بلد الثروات والحضارات والنفط الذي لا ينضب ؟ وهل قدر لنا نحن العراقيين ان نرى كل يوم موت حلم جديد ؟ اين الحكومة ؟ اين الدولة ؟ وعند وصول الحوار الى هذه النقطة دفعني فضولي الصحفي الى التدخل فسلمت عليهم واستاذنتهم المشاركة في حديثهم (السياسي) فرحبوا بي بعد ان عرفتهم بنفسي … وتعرفت على ثلاثتهم فكان الاول موظفا والثاني معلما والثالث ضابطاً ( متقاعد اجباري ) في الجيش العراقي الباسل ذي ال(85) ربيعا … وبعد ان تعارفنا قال الضابط :انا من قراء جريدة الانقاذ واخذ يشيد بالجريدة والمهمة التي تؤديها لخدمة الجماهير ومنتسبي قواتنا المسلحة واستطرد في حديثه عن الوضع السياسي قائلا: مع ان الحزبيين والسياسيين الذين يسعون لتسلم الحكم في العراق منشغلون حاليا بمناقشة نتائج الانتخابات ،التي ارضت اطرافا وازعجت اطرافا اخرى بسبب التزوير والتلاعب ، الا ان الاموال التي صرفت على حملاتهم الانتخابية كانت تكفي لاكساء واطعام وايواء الالاف من الفقراء والمعوزين وان هذا (المال السياسي) الذي تدفق على معظمهم من الخارج سوف يوصلهم الى كراسي الحكم. ومن المفارقات ، اننا سنجدهم يّدعون بانهم سيحكمون البلد باسم الشعب والوطن وانهم سيعملون على اسعاد المواطنين واعمار بلدهم والحفاظ على ثرواتهم ومصالحهم …

قلت لمحدثي : ان الشعب العراقي يعرف هذه الحقائق وغيرها ولكنه ازاء هذا الامر الواقع ليس امامه من خيار سوى القبول بما حصل عسى ان يجد فيه مخرجا لمعاناته التي طال امدها وما عاد يتحمل المزيد .. فلعلنا نجد من بين هؤلاء المسؤولين من هوعادل وصادق ومخلص وامين على هذا البلد ويخاف الله فيما سيؤتمن عليه او فيما سيكلف به من مهمات ومسؤوليات تجاه شعبه ووطنه .. واضفت : مهما يكن فان الافضل في هذه المرحلة وهذه الظروف الاستثنائية ان تتشكل حكومة وطنية بشرط ان تتمثل فيها جميع اطياف الشعب العراقي وتبتعد عن النهج الفئوي والطائفي في التعامل مع الاحداث . وعلق زميلي المعلم : وعلى هؤلاء السياسيين ان يتذكروا بان ثمة التزام اخلاقي قطعوه على انفسهم وهو تعديل عدد من بنود الدستور بما ينسجم ومصلحة جميع العراقيين.. وبينما نحن منهمكون في حديثنا هذا راينا رجلا كبيرالسن يركض خلف صبي وهو يصيح : حرامي .. حرامي ، وما ان مر الصبي من قربي حتى امسكت به وقلت له لا تخف واستفسرت من الرجل المسن عما سرقه الصبي منه فقال : ساعة … قلت له : كم ثمنها فذكر الثمن ودفعته له ثم وجهت حديثي للصبي : لماذا سرقت ؟ قال : ما ذا افعل وانا مسؤول عن والدتي واختي الصغيرة ووالدي متوفي … وانا اشتغل حمال كل يوم جمعه وعلي تأمين مبلغ (10) الاف دينار لشراء ملابس لي ولاختي قبل قدوم العيد ولم احصل هذا اليوم الا على ثلاثة الاف دينار ..لذلك اضطررت الى السرقة .. قلت له : يا ولدي ان السرقة حرام تحت اي ظرف ولو توكلت على الله واجتهدت وصبرت في عملك لرزقك الله ما تريد .. اوصيك ياولدي ان تفعل ما اقوله لك وستجد ان الله سيجزي الصابرين الذين يسعون الى كسب رزقهم بالحلال .. وجمعنا للصبي مبلغا من المال واعطيناه له ووعدنا بان لا يعيد الكرة ودعوت الله ان يوفي بوعده …

وهنا قال لي زميلي الضابط : نريد منك يااستاذ ان تنشر هذه الحادثة بالجريدة كي يطلع عليها الموسرون والذين سيتسلمون الحكم في البلاد، فلعل هذه الرسالة وغيرها من الاف الرسائل ان تذكرهم بمعاناة العراقيين وتحرك ضمائرهم ليرحموا من في الارض كي يرحمهم من في السماء ..

قلت : سافعل ذلك ان شاء الله وعسى الله ان يولي خيارنا امورنا ويوفقهم لما فيه خير البلاد والعباد ، وافترقنا ليذهب كل منا الى حال سبيله ، اما انا فذهبت الى المسجد القريب من السوق لاداء صلاة الجمعه داعينا الله من كل قلبي ان يتلطف بنا ويرحمنا وان لا يؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا ويحّول حالنا الى احسن حال، انه سميع مجيب الدعاء ..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف