ما تكشّف من فساد ورشوة لبعض الأطباء العاملين في وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة هو ذيل فأر أو جرذ, ولكن الفئران والجرذان بدأت تخشى على نفسها وعلى ما تحويه جحورها, بحجم جرائمهم وفسادهم لمهنة الطب المقدسة, ولهذا جاءت محاولاتهم وممارساتهم فاقدة للمنطق والعقل, كما جاءت مغرقة في القذارة التي تفجرت من داخلهم عندما فقدوا السيطرة على أنفسهم فبدوا على حقيقتهم..
فعلى الرغم من مرور عشر سنوات على قيام السلطة الفلسطينية، وما رافقها من تشكيل لمؤسساتها الأمنية والمدنية وعلى رأسها المجلس التشريعي الذي يعتبر مصدر التشريعات التي تنظم حياة المجتمع على اختلاف المستويات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أن المنظومة الإدارية في القطاع العام ما زالت تعاني من مشاكل كبيرة، جعلت من السهولة اختراقها وبالتالي انتشار أشكال الفساد فيها.
ولعل المتتبع لمظاهر الفساد في السلطة الفلسطينية، يجد أن الواسطة والمحسوبية والرشوة هي الشكل الأبرز منذ قيامها، حيث تغلغلت هذه الظاهرة بشكل لم يعتد عليه الشعب الفلسطيني من قبل،حتي أصبحت عملية الفساد والرشوة تطال العاملين والأطباء في وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة ، وقد أدى انتشار هذه المظاهر في المجتمع الفلسطيني وتزايدها إلى بروز تململ واضح في هذا المجتمع ورفض لها تجلى في الاستطلاعات المتعددة للرأي العام الفلسطيني.
وبذلك يصبح من الضرورة معالجة مشكلة الرشوة والفساد والمحسوبية في إشغال الوظائف العامة وتحديداً في وزارة الصحة كجزء مهم للإصلاح الإداري العام في السلطة الفلسطينية.
ففي احدي مدن قطاع غزة جري عراك بين عائلتين متجاورتين علي كيس نفايات وضعته العائلة الأولي بالقرب من جدار منزل العائلة الثانية المجاورة لها ،مما أثار حفيظة هذه العائلة حتي دار مشادة كلامية بين العائلتين علي كيس النفايات إلي أن وصلت تلك المشادة الي عراك بالأيدي بينهما ،انتهت بإصابة احد أفراد العائلة الأولي المعتدي عليها بجراح في الظهر والأرجل ،وبعد انتهاء الشجار بين العائلتين بتدخل أهل الحارة التي تيعشان فيها العائلتين ،الي ان حضرت الشرطة بعد ساعة من الحادث لتعتقل الشخص المصاب بالجروح ، و حبسه لمدة 3ايام وبعد تفحص أسباب اعتقال الشخص المصاب والذي من المفترض أنه صاحب الحق كونه ضرب وأصيب بجروح ، تبين ان الشخص المعتدي تقدم بشكوي للشرطة مزودة بتقرير طبي ،أتي به المعتدي من احدي أطباء تخصص العظام علي المعتدي عليه ،بأن المعتدي مصاب بكسور في ريشة القفص الصدري وفي الرجل ،مقابل دفع (100)شيكل لهذا الطبيب ، وبعد معرفتي لاسم الطبيب قمت بالاتصال بأحدي الأصدقاء وهو طبيب مدير لأحدي المستشفيات وسألته عن هذا الطبيب ،فلم يكن مفاجئا وضحك وقال لي أن هذا الطبيب معروف بأنه مرتشي وليس لديه أدني حدود الاحترام لقواعد وأسس المهنة التي يعمل بها ، وانه يعرف أكثر من ذلك عنه ، فهو إصدار تقارير جمة و غير صحية لمواطنين و بشكل غير قانوني وغير مهني ، وهنا أدركت أن ملفات الفساد والرشوة الكبيرة التي سمعنا عنها من المدعي العام لبعض المسئولين ليست هي المعضلة الخطيرة في مجتمعنا بل المعضلة الأخطر هي في تلك المهنة المقدسة والعاملون فيها الذين يوصفون "بملائكة الرحمة " اللذين يتاجرون ويتلاعبون بأصول ونظم المهنة الإنسانية الطاهرة في العالم ، مقابل مبالغ تافهة ، لا تسمن ولا تغني من جوع .
إن الجميع في هذا العالم يعرف ويعي أن مهنة الطب في كل الثقافات والديانات مهنة مقدسة... والعاملون فيها يوصفون بأنهم "ملائكة الرحمة" ورسل الإنسانية. والتقاليد الراسخة القديمة، واللوائح والنظم والقوانين التي تنظم مهنة الطب في مختلف المجتمعات تشدد على مسؤولية الطبيب الأخلاقية والقانونية تجاه المريض، وتعتبر مسؤوليته تجاه المريض وتجاه المجتمع مسؤولية شخصية، وتحرص الهيئات الطبية المهنية والرسمية حرصاً شديداً على مراعاتها ومراقبتها بدقة، وتعقد مجالس التحقيق والتأديب المهنية عندما يتعرض طبيب ما للاتهام بأنه قد خرج على تقاليد المهنة وهو يمارس مسؤوليته في معالجة مريض ما. ويحفظ التاريخ القريب والبعيد قصصاً ووثائق عن محاكمات مشهورة جرت لأطباء أفراد خرقوا تقاليد المهنة، وارتكبوا جرائم في حق مجتمعاتهم .
وهنا فمن الأجدر للسيد المدعي العام الذي يتحدث عن الفساد الإداري والمالي لبعض المسئولين ان يحاول ان يطلعنا ويكشف هذه الحالات على شاشة التلفاز وللرأي العام ، والتي من الممكن أن توقع المجتمع بأسره في إشكاليات ومعارك داخلية إزاء هذه التقارير الطبية الكاذبة والخارج عن أخلاقيات وأدبيات المهنة وقواعد القانون ، انها دعوة مفتوحة للسيد المدعي العام .
بقلم/إلينا نصار
فعلى الرغم من مرور عشر سنوات على قيام السلطة الفلسطينية، وما رافقها من تشكيل لمؤسساتها الأمنية والمدنية وعلى رأسها المجلس التشريعي الذي يعتبر مصدر التشريعات التي تنظم حياة المجتمع على اختلاف المستويات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أن المنظومة الإدارية في القطاع العام ما زالت تعاني من مشاكل كبيرة، جعلت من السهولة اختراقها وبالتالي انتشار أشكال الفساد فيها.
ولعل المتتبع لمظاهر الفساد في السلطة الفلسطينية، يجد أن الواسطة والمحسوبية والرشوة هي الشكل الأبرز منذ قيامها، حيث تغلغلت هذه الظاهرة بشكل لم يعتد عليه الشعب الفلسطيني من قبل،حتي أصبحت عملية الفساد والرشوة تطال العاملين والأطباء في وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة ، وقد أدى انتشار هذه المظاهر في المجتمع الفلسطيني وتزايدها إلى بروز تململ واضح في هذا المجتمع ورفض لها تجلى في الاستطلاعات المتعددة للرأي العام الفلسطيني.
وبذلك يصبح من الضرورة معالجة مشكلة الرشوة والفساد والمحسوبية في إشغال الوظائف العامة وتحديداً في وزارة الصحة كجزء مهم للإصلاح الإداري العام في السلطة الفلسطينية.
ففي احدي مدن قطاع غزة جري عراك بين عائلتين متجاورتين علي كيس نفايات وضعته العائلة الأولي بالقرب من جدار منزل العائلة الثانية المجاورة لها ،مما أثار حفيظة هذه العائلة حتي دار مشادة كلامية بين العائلتين علي كيس النفايات إلي أن وصلت تلك المشادة الي عراك بالأيدي بينهما ،انتهت بإصابة احد أفراد العائلة الأولي المعتدي عليها بجراح في الظهر والأرجل ،وبعد انتهاء الشجار بين العائلتين بتدخل أهل الحارة التي تيعشان فيها العائلتين ،الي ان حضرت الشرطة بعد ساعة من الحادث لتعتقل الشخص المصاب بالجروح ، و حبسه لمدة 3ايام وبعد تفحص أسباب اعتقال الشخص المصاب والذي من المفترض أنه صاحب الحق كونه ضرب وأصيب بجروح ، تبين ان الشخص المعتدي تقدم بشكوي للشرطة مزودة بتقرير طبي ،أتي به المعتدي من احدي أطباء تخصص العظام علي المعتدي عليه ،بأن المعتدي مصاب بكسور في ريشة القفص الصدري وفي الرجل ،مقابل دفع (100)شيكل لهذا الطبيب ، وبعد معرفتي لاسم الطبيب قمت بالاتصال بأحدي الأصدقاء وهو طبيب مدير لأحدي المستشفيات وسألته عن هذا الطبيب ،فلم يكن مفاجئا وضحك وقال لي أن هذا الطبيب معروف بأنه مرتشي وليس لديه أدني حدود الاحترام لقواعد وأسس المهنة التي يعمل بها ، وانه يعرف أكثر من ذلك عنه ، فهو إصدار تقارير جمة و غير صحية لمواطنين و بشكل غير قانوني وغير مهني ، وهنا أدركت أن ملفات الفساد والرشوة الكبيرة التي سمعنا عنها من المدعي العام لبعض المسئولين ليست هي المعضلة الخطيرة في مجتمعنا بل المعضلة الأخطر هي في تلك المهنة المقدسة والعاملون فيها الذين يوصفون "بملائكة الرحمة " اللذين يتاجرون ويتلاعبون بأصول ونظم المهنة الإنسانية الطاهرة في العالم ، مقابل مبالغ تافهة ، لا تسمن ولا تغني من جوع .
إن الجميع في هذا العالم يعرف ويعي أن مهنة الطب في كل الثقافات والديانات مهنة مقدسة... والعاملون فيها يوصفون بأنهم "ملائكة الرحمة" ورسل الإنسانية. والتقاليد الراسخة القديمة، واللوائح والنظم والقوانين التي تنظم مهنة الطب في مختلف المجتمعات تشدد على مسؤولية الطبيب الأخلاقية والقانونية تجاه المريض، وتعتبر مسؤوليته تجاه المريض وتجاه المجتمع مسؤولية شخصية، وتحرص الهيئات الطبية المهنية والرسمية حرصاً شديداً على مراعاتها ومراقبتها بدقة، وتعقد مجالس التحقيق والتأديب المهنية عندما يتعرض طبيب ما للاتهام بأنه قد خرج على تقاليد المهنة وهو يمارس مسؤوليته في معالجة مريض ما. ويحفظ التاريخ القريب والبعيد قصصاً ووثائق عن محاكمات مشهورة جرت لأطباء أفراد خرقوا تقاليد المهنة، وارتكبوا جرائم في حق مجتمعاتهم .
وهنا فمن الأجدر للسيد المدعي العام الذي يتحدث عن الفساد الإداري والمالي لبعض المسئولين ان يحاول ان يطلعنا ويكشف هذه الحالات على شاشة التلفاز وللرأي العام ، والتي من الممكن أن توقع المجتمع بأسره في إشكاليات ومعارك داخلية إزاء هذه التقارير الطبية الكاذبة والخارج عن أخلاقيات وأدبيات المهنة وقواعد القانون ، انها دعوة مفتوحة للسيد المدعي العام .
بقلم/إلينا نصار