الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس بقلم:مهند صلاحات

تاريخ النشر : 2006-04-05
محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس بقلم:مهند صلاحات
من الماغوط للماغوط تأتي الكلمات...

لا أدري حقيقة هل يجب أن أبكي أم افرح، ولأني متضامن مع الاتجاه الشعري الخامس الذي لم يكن الفرح مهنته يوماً فإني سأبكي، نعم سأبكي دون خجل أو تردد، فمن شرق عدن حتى غرب الله، ومن شمال الوطن حتى جنوب لبنان،هنالك اتجاه خامس لم يكتب عنه في كتب الجغرافيا كاتجاه حقيقي للوسط العربي وغير العربي، إنه محمد الماغوط الذي حمل سيفاً بعد النكسة ليقاتل سياف الزهور.

الزهور، كل الزهور الآن خائفة مرتجفة، فمن سيسقيها، ومن سيحميها، ومن سيعلقها على نوافذ العشاق، ومن سيرتبها على شكل وطن كبير ؟

من سيخون الوطن الآن ؟؟

كثيرون خانوه ويخونوه، لكن من يستطيع قراءة الوطن على طريقة الماغوط ؟

وهل حقاً كان الماغوط يفكر بخيانة الوطن، أم أن الوطن كان يخون الماغوط ؟

وكيف يمكن لهذا الحموي أن يفكر بخيانة الوطن، ويفكر لحظة بأن يكون سياف الزهور في دمشق العظيمة ؟

الماغوط الذي يكتب زهر شقائق النعمان كيف سيستطيع بعد ذلك أن يكون سيافُها، ومن الذي سيكون طبيباً بيطرياً للزهور من الحشرات البشرية والزراعية، والأنظمة الحشرية، والقيادات الحشرية، والهزائم العربية ؟

هذا الجائع أمام حقول دمشق وبيروت وعدن وعمان.. المرتبك أمام أطفال فلسطين والجولان و مزارع شبعا...

هذا العملاق الوافد أمام كل السفارات العربية، يبحث عن رائحة العربي، اللاجئ في الخيمة الفلسطينية والعراقية.

كلما فكرت في كتابة ما يمكن أن يكتب للماغوط، وجدت نفسي أدور في دائرة مغلقة حيطانها كلماته المجنونة المشردة الثائرة، وأجدني أحاول لملمة حطام الماغوط من الشوارع قبل أن تطمره الريح أو يبعثره الكنّاسون، أتكئ على قلمه الذي قاده إلى حتفه، هذا القلم المجنون الملعون الذي لم يترك سجناً إلا وقاده إليه ولا رصيفاً إلا ومرغه عليه.

(الآن في الساعة الثالثة من هذا القرن‏ لم يعد ثمة ما يفصل جثث الموتى‏ عن أحذية المارة) إلا جسد الماغوط الذي لم يرحل بل سكن وجهه موجةٌ لا تعترف بذنوبها. هذا المتشرد على أرصفة الحرف بثوبَ التشرد يستمعَ للوردّ ناطقاً رسمياً باسم الحرائقِ. و يحتسيّ حياته كما وطنه كأساً مع العواصم والمقاماتِ والقرابين.

من قتل الماغوط :

هل هم النواب الجدد في المجالس النيابية العربية، أم التنظيمات التي أسقطت خيار الكفاح المسلح من برنامجها، وسعت خلف الدعارة السياسية، ورفعت صور الشهداء كنوع من الدعاية الانتخابية؟

وهل قتلوه لأنه كان يدعوهم لأن يرحموا الشهداء قليلاً، وأن لا يجعلوهم دعايات انتخابية !!

دعوه يستريح في التراب ...

ولا تصنعوا من قبره لوحة فنية، أو مرثية، فالشعراء يتحولون لشواخص قبور حين يفيق الموت ليأخذهم، ويهوي عليهم هواة الرثاء كأحجار متردية من فوق جبل لا تنفع بل تضر.

أم قتلته الأنظمة والعولمة التي أعطته العطر والخواتم وأخذت منه الحب، والتي أعطته الأراجيح وأخذت الأعياد، وأعطته الحليب المجفف وأخذت منه الطفولة، أم اللذين أعطوه الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان، وأعطوه الحراس والأقفال وأخذوا الأمان، أم المنظمات التي أعطت الثوار وأخذت الثورة ؟؟؟


قَتلَ الماغوط هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج الذين أعطوا الساعات وأخذوا الزمن، أعطوا الأحذية واخذوا الطرقات، أعطوا البرلمانات وأخذوا الحرية.

لقد رحل أخيراً الماغوط أيها العرب فاستريحوا من الخليج إلى المحيط، لن تجدوا هذا العاشق للتسكع والبطالة ومقاهي الرصيف، وعاشق الغابات والمروج اللانهائية والخريف، والمحترف للشهيق والزفير ورياضة الصباح والسعال والدخان مناماتكم، ولن يطرق بعد اليوم أبوابكم ليلقي عليكم خطبته التي تذكركم بتاريخ نكسات وهزائم ونكبات، ولن يحدثكم بعد اليوم عن تشرين، ولن يشرب على الأرصفة الموازية لقصوركم كأسه مع الوطن، ولن يلقي قنانيه الفارغة على أبوابكم وشبابيكم، ولن يكسر نوافذكم كي تسمعوا صوت الجياع.

بإمكانكم الآن أن تناموا بهدوء... فقد رحل الماغوط. رحل هذا الشاعرٌ الشرقي الذي كان يحرض السياح الأجانب عليكم، ويخبر عنكم كل من يعبر صدفة أو بالخطأ إحدى الدول العربية عن أبواب سجون مقفلة، وسعال سجناء سياسيين.

ولن يبوح لأي سائح أخر بسر خطير، ويقول له "إن أيّ فلاح عجوز يروي لك .. بيتين من العتابا كل تاريخ الشرق وهو يدرج لفافته أمام خيمته"

لن يعود الماغوط يا أصدقائي، لذلك يجب أن نتعود على غياب من نحب.

ربما تعود الكلمات، تعود لنا به كلماته كلما فتحنا "سأخون وطني" أو " حزن في ضوء القمر" أو فكرنا في تحديد اتجاهاتنا فقررنا أن نقرأ " شرق عدن غرب الله" أو وجدنا أنفسنا بين جدران تحاصرنا فقرأنا "غرفة بملايين الجدران" سنجد الماغوط. سنحضر روحه من جديد لتعود إلينا.

يقول جمال الدين الأفغاني: "الأديب في الشرق يحيا ميتاً ويموت حياً"

وأنا أرى أن الماغوط لم يولد ميتاً، فقد ولد مجنوناً، وعاش مقهوراً مغامراً بقهره، ومات ثائراً.

اختار ميعاداً جميلاً للموت، للرحيل. اختار بداية نيسان حيث الانقلابات، حيث انقلاب الربيع على الشتاء، حيث السماء في كل الشام تبكي، حيث الأمطار تغسل الأرض، حيث القباب تبدو أكثر سطوعاً بعد رحيل المطر المجنون، حيث كل شيء يتجدد على سطح الأرض، والأرض أكثر اخضراراً.

ولم يزل يحلم بالمرأة التي لا تأكل ولا تشرب ولا تنام، التي ترتعش فقط...ترتمي بين ذراعيّه وتستقيم كسيف في آخر اهتزازه".

رحل الماغوط وهو لم يزل يبحث عن "فكرة مسرحية،مقالة، قصة، حواراً، مقابلة لم تطرق بعد."

يبحث عن " صورة شعرية جديدة ولو محجبة على طريقة طالبان".

دمشق غنِ، غنِ، غنِ، فربما يستفز غناؤك هذا المجنون ليعود إلينا من جديد، يزيح التراب عن لحده وينهض من جديد،هذا العنقاء المتجدد بعد كل هزيمة ينثر بقايا الجمر المطفأ في جسده وينهض.

هذا الماغوط الممدد كجسر عبور للثوار من شرق عدن إلى المغرب العربي، وعلى ظهره ثوار بأيديهم مناديل يمسحون بها الدماء من على جبين الأمة المدمية في الليل.

لا أهل يشيعون، ولا بيوت تطفئ أضواءها، ولا صحف تعلن الحداد، ولا غاضبون يكسرون أقلامهم احتجاجاً على الموت اللعين.

فقط يقيننا بأنه سيعود قريباً. سيعود حتماً يوماً ما حين تستعيد هذه الأمة عافيتها.

سيعود الماغوط حتماً.

انتظروه في المسارح، والأرصفة، والمقاهي القديمة في دمشق القديمة.

حاذروا الاقتراب من القصور والأماكن الفارهة جداً، فهو إن عاد، سيعود ليلبي نداء الفقراء.

فانتظروه لأنه حقاً سيعود.

بقلم : مهند صلاحات

[email protected]

كاتب فلسطيني مقيم في الأردن
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف