الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مسؤولية حماس عن فساد السلطة بقلم : حسن ربعي

تاريخ النشر : 2006-04-05
مسؤولية حماس عن فساد السلطة!

بقلم : حسن ربعي



بما أن الوصول للحكم كان مجرد مسألة وقت بالنسبة لحركة حماس.. ماذا كان سيحدث لو شاركت في السلطة منذ بداياتها؟..هل كان للفساد الذي تتحدث عنه أن يصل إلى هذه المرحلة؟..والى أي مدى يمكن تحميلها جزأ من المسؤولية عنه؟.. وهل كان شعبنا سيواجه هذا المستقبل القاتم في ظل التهديدات الدولية بعد تشكيلها حكومة حمساوية صرفة؟.. أم أن مجرد تغيير بسيط على برنامجها السياسي خلال المرحلة السابقة كان يمكن أن يغيّر المواقف الدولية, ويجنبنا الوقوف على هذا المفترق الصعب؟

لا نملك بداية, إلا أن نقول كان الله في عون الحكومة الجديدة, فالتركة التي تسلمتها ثقيلة, وأمامها مسؤوليات جسام, وعقبات غاية في الصعوبة, ومخاطر لا يعلمها إلا الله والراسخون في فهم العقلية العدوانية التي تفكر بها إسرائيل.

في أوضاع سياسية صعبة وبالغة التعقيد في المنطقة بأسرها, تسلمت حماس السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية, وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة من الحركة والتكنوقراط المقربين منها, بعد أن حالت الخلافات حول البرنامج السياسي لهذه الحكومة دون دخول أي فصيل آخر فيها. وبذلك تدخل حماس مرحلة جديدة من تاريخها, تؤكد كافة المعطيات على الساحة أنها لم تعد لها جيدا, ولم تكن مهيأة للدخول فيها بهذه السرعة, مع أنها تعمل على تحقيق هذا الهدف منذ سنوات, ولكن ليس في هذه الفترة الحرجة, وفي مثل هذه الظروف, وذلك يعني أنها قد تقع في نفس الأخطاء ـ مع إمكانية استخلاص العبر وتلافي بعضها ـ التي وقعت فيها السلطة في المرحلة السابقة, وتشرب من نفس الكأس الذي ارتوى منه غيرها .

لا نبالغ حين نقول أن وصول حماس للسلطة في هذه المرحلة بالتحديد, كان في نظر قيادة الحركة نفسها, وكذلك في نظر المراقبين, والمحللين السياسيين في المنطقة والعالم أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة, خاصة في ظل مواقفها السابقة من السلطة, والمواقف الدولية من الحركة, بعد أن نجحت إسرائيل بدعم أمريكي في فرض حصار دولي عليها من خلال وضعها على قائمة "المنظمات الإرهابية" التي تمارس ما تسميه "العنف" و"الإرهاب", ولا تعترف بشرعية عملية السلام, وتتمسك ببرنامجها السياسي الذي يدعو لتدمير دولة إسرائيل, رغم التغييرات الكثيرة التي طرأت على برنامج حماس وخطابها الإعلامي منذ أكثر من عام, والتزامها الكامل بالتهدئة التي أجمعت عليها كافة الفصائل الفلسطينية في اتفاق القاهرة باستثناء بعض الخروقات المحدودة, والتي اعتبرتها الحركة ردا طبيعيا, وحقا لها في الدفاع عن النفس في وجه الخروقات الإسرائيلية المتكررة, وعدم التزام إسرائيل بالتهدئة.

حتى الأمس القريب ركز برنامج الحركة على المقاومة المسلحة كخيار وحيد لإنهاء الاحتلال, فهي لا تؤمن بالمفاوضات التي أثبتت السنوات الماضية عجزها عن إيجاد حلول يمكن أن تكون مقبولة على الجانب الفلسطيني, وأن تضع حدا لدوامة العنف وسفك الدماء في المنطقة, لكن المتغيرات على الساحة فرضت إدخال بعض التعديلات على هذا البرنامج, لينتقل إلى مرحلة المزاوجة بين المقاومة والسياسة, وأخيرا غلب عليه طابع السلطة, والتفرد بالحكم, الذي رفضت المشاركة فيه في السابق, كونها لا تعترف بشرعيته, كما لا تعترف بشرعية الاتفاقيات التي جاءت السلطة على أساسها.

حماس أخيرا تدخل السلطة من أوسع أبوابها.. لا بل تهيمن عليها بالكامل.

نفس السلطة التي امتنعت عن المشاركة فيها خلال السنوات الماضية, ولم تدّخر جهدا, أو وسيلة لإسقاطها, لأنها كانت ـ حتى الأمس القريب ـ خيانة ما بعدها خيانة.

لا يختلف اثنان في أن حركة حماس ـ رغم حداثة عمرها النضالي والزمني مقارنة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى ـ نجحت خلال فترة زمنية محدودة في أن تكون الفصيل الثاني على الساحة الفلسطينية ـ بعد حركة فتح ـ من حيث التأثير والقاعدة الجماهيرية الواسعة, وأن تحتل مكانتها, وتفرض نفسها بجدارة كشريك أساسي له ثقله وتأثيره في المقاومة والنضال, وكان يمكن لهذه الحركة أن تكون أيضا شريكا فاعلا في صنع القرار, وأن تساهم في بناء المشروع الوطني الفلسطيني, وتصحيح الأخطاء, ومحاربة كافة الشوائب التي علقت بالسلطة على مدى السنوات الماضية من عمرها, وأولها الفساد, لو تحملت مسؤولياتها منذ البداية, وشاركت في إدارة السلطة الوطنية, أو انتهجت أسلوب المعارضة البناءة, القوية, المؤثرة والفاعلة على الساحة. لكنها بنت إستراتيجيتها على قاعدة رفض المشاركة فيها, وعدم الاعتراف بها, والعمل بكل السبل والوسائل لإفشالها, واثبات عدم قدرتها على إدارة الحياة والصراع, فالسلطة منذ تأسيسها كانت في ثقافة حركة حماس وأدبياتها من المحرمات, وشكلا من أشكال الكبائر والموبقات والخيانة الوطنية العظمى, والتنازل عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ليس لأسباب أيدلوجية, أو عقائدية ـ كما اعتقد البعض ـ ولو كان الأمر كذلك لما شاركت حماس في الانتخابات, لأن العقيدة تحمل صفة الديمومة والثبات, وما دونها متحرك و متغيّر, وإنما لأسباب سياسية وتنظيمية خاصة دفعت قيادة حماس إلى عدم الاعتراف بشرعية اتفاقيات أوسلو, وما تمخض عنها لتناقضها والبرنامج السياسي للحركة, الذي أثبتت الأيام ـ كما أسلفنا ـ قابليته للتغيير والتأقلم مع الواقع.

يعتقد البعض أن تمترس الحركة في خندق المعارضة, قد أعفاها من تحمل مسؤولية أخطاء المرحلة السابقة, وما آلت إليه الأوضاع على الساحة الفلسطينية من تردي للحالة الاقتصادية, وتدهور في الأوضاع الأمنية, سواء بسبب السياسة الممنهجة التي مارستها إسرائيل ـ ولا زالت ـ لإضعاف السلطة الوطنية وإفشالها, لتثبت للعالم صدق زعمها حول انعدام الشريك الفلسطيني, أو بسبب جملة من الأخطاء التي ارتكبت من قبل بعض المتنفذين في السلطة من حركة فتح وغيرها, والتي على أساسها بنت حماس برنامجها الانتخابي وحققت هذا الفوز الساحق لتنتقل فجأة من المعارضة إلى السلطة, لتسقط في نفس الحفرة التي سقطت فيها فتح عندما انتقلت فجأة من مرحلة الثورة لمرحلة الدولة, لما بين هاتين المرحلتين من تناقض واضح في المفاهيم والأفكار, ووسائل النضال.

شاءت حماس أم أبت, فإنها تتحمل جزأ هاما من المسؤولية عن أخطاء المرحلة السابقة, والتدهور الخطير في الأوضاع الاقتصادية والأمنية, وكذلك الفساد, الذي ظهرت بعض ملفاته في الآونة الأخيرة, ويقول قادتها أنه استشرى في السلطة وينخر عظمها, وأن العطار قد لا يستطيع إصلاح ما أفسد الدهر.

قد يتساءل البعض.. أليس من الظلم أن نحمل حماس جزأ من مسؤولية المرحلة, وهي لم تشارك في السلطة منذ تأسيسها؟

نقول لا. لأن عدم مشاركتها فتح الباب على مصراعيه أمام هذا الفساد الذي أصبح الحديث عنه الشغل الشاغل لنا جميعا في هذه الأيام. ولأنها لم تكتف بعدم المشاركة والبقاء في صف المعارضة, بل انتهجت سياسة إحراج السلطة لإثبات عجزها وضعفها في إدارة الصراع والسيطرة على الوضع.

علينا أن نعترف بحقيقة أن من يعمل يخطئ, هكذا يقول المنطق, خاصة حينما يكون العمل والمسؤولية والأعباء بهذا الحجم الهائل الذي تحملته السلطة الوطنية بقيادة فتح في ظل ضغوطات كبيرة داخلية وخارجية. وعلينا أن نعترف أيضا أن البشر لا يرتقون جميعا لمرتبة القداسة, وكما هو معلوم فان النفس البشرية أمارة بالسوء, خاصة في ظل انعدام الرقابة والمحاسبة, وغياب سلطة القانون, أو تغييبها قسرا, واعتقاد البعض من المتنفذين والمسئولين, أن تاريخه النضالي يؤهله لأن يكون فوق الجميع, وأن يجتاز خط المحرمات, أو أن المنصب يمنحه الحصانة الكاملة ليعيث فسادا في الأرض تحت شعار" نهاية مرحلة النضال وبداية مرحلة جني الثمار", لنهب المال العام وتكديس الثروات, وتوزيع الغنائم بإعطاء ما لا يملك لمن لا يستحق.

قال فقهاء السياسة, والمتمرسون فيها, أنّ السلطة المطلقة.. مفسدة مطلقة, والتاريخ البشري حافل بالأمثلة, وبالذات في عالمنا العربي, خاصة في حال تفرد حزب واحد بالسلطة أو الحكم, وانعدام المعارضة, أو وجود معارضة ضعيفة, وغير بناءة تتهرب من تحمل مسؤولياتها الوطنية, وتبني إستراتيجيتها على قاعدة رفض المشاركة في الحكم والعمل على إفشاله من الخارج لمصالح تنظيمية خاصة, أو لخضوعها لاملاءات أطراف خارجية تختلف سياسيا وفكريا مع النظام القائم, ولها مصالحها الخاصة التي تتناقض مع المصالح الوطنية للشعب والوطن, وبالتالي تترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام هذا الحزب لينفذ ما يشاء من السياسات التي قد تشوبها الأخطاء أحيانا, أو قد تكون خاطئة برمتها, في حين تكتفي المعارضة بتوجيه الانتقادات واللوم, و الاتهامات بالفساد وسوء الإدارة, دون أن تأخذ دورها الطبيعي في محاربة هذا الفساد الذي قد يعرض الوطن بأسره للخطر, ويلحق بالغ الضرر بمصالحه ومستقبله.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف