
الأسرى في واجهة الصورة!!
محمود الهباش
في خضم انشغالاتنا اليومية عنهم بملفات نختبئ خلف ادعاءاتنا الواهية أنها الأهم والأولى، رغم أننا ربما نبذل جهدًا مضاعفًا لنسكت، ولو شيئًا قليلاً، صوت ضميرنا الرافض، أعاد الأسرى في معتقل النقب الصحراوي قضيتهم وقضية الأسرى جميعًا إلى واجهة الأحداث رغمًا عن الجميع، باعتبارها القضية الأكثر إيلامًا للنسيج الاجتماعي الفلسطيني، الذي يعاني بغالبيته الساحقة من آثار وتأثيرات هذا الجرح المفتوح.
معتقل النقب الصحراوي الذي أطلق عليه الفلسطينيون اسم "أنصار 3"، بينما اختار له قاموس الاحتلال اسم "كيتسعوت"، هو معتقل عسكري أقيم في معسكر للجيش الإسرائيلي في قلب صحراء النقب بالقرب من الحدود المصرية، وقد افتتح مع بدايات الانتفاضة الأولى عام 1988 بما يتناقض مع اتفاقية جنيف لحماية الأسرى، وخضع من يومها لإشراف الجيش الإسرائيلي مباشرة، قبل أن يغلق عام 1996، ليعاد افتتاحه ثانية عام 2002، ومرة أخرى تحت إشراف الجيش، قبل نقله مؤخرًا لإشراف إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، حيث تقلب عليه من يومها آلاف من المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، وبالذات الأسرى الإداريين، وذوي الأحكام الخفيفة نسبيًا، حيث يوجد فيه حاليًا ما يقارب 2200 معتقل، بينهم حوالي 700 معتقل إداري.
ملف الأسرى لا يقتصر فقط على معتقل النقب الصحراوي، بل يمتد، بكل ما فيه من قسوة وبشاعة، ليشمل مساحة بطول الوطن وعرضه، حيث يقبع الآلاف من المناضلين والمناضلات من أبناء الشعب الفلسطيني، خلف قضبان سجون ومعتقلات إسرائيلية عدة، من نفحة إلى السبع إلى عوفر إلى الرملة إلى عتليت، إلى آخر هذه السلسلة الجهنمية من معتقلات الاحتلال الشاهدة على العنصرية والإرهاب الإسرائيلي من جهة، وعلى عنفوان التحدي الفلسطيني من جهة أخرى، بعد أن تقلب عليها آلاف مؤلفة من المناضلين الفلسطينيين منذ بداية وجود الاحتلال الإسرائيلي.
لكن معتقل النقب هذا، جاء اليوم ليتقدم على غيره ظهورًا في بؤرة القضية برمتها، بعدما شهده بالأمس من أحداث القمع والتنكيل الإسرائيلية التي طفت على السطح، لتعيد، بكل ما فيها من العنف والمرارة، فتح الملف عن آخره أمام الجميع، بمن فيهم دوائرنا الرسمية الكثيرة الموقوفة عليه، من منظمة التحرير إلى الحكومة وغيرها، ولتوقف الجميع بلا استثناء أمام المسئولية الحقيقية تجاه هذا الملف الخطير، بحيث لا نكتفي بمجرد اعتصام أسبوعي، أو مسيرة موسمية، تنتهي ببيان مكرور لا يقدم ولا يؤخر، وكأننا قد فقدنا كل خياراتنا في مواجهة استحقاقات هذه القضية المشحونة بالألم، ولم يعد في جعبتنا من خيار سوى تلك الاعتصامات والمسيرات المتثائبة.
التصريحات والتنديدات والاستنكارات التي جاد بها علينا بالأمس وزير شئون الأسرى، ومسئول الملف في منظمة التحرير، تعقيبًا على القمع والإرهاب الإسرائيلي بحق معتقلي النقب، ليست هي غاية المراد أو نهاية الأمل، مع كل الاحترام للأشخاص والهيئات، لأننا ببساطة نريد أن نسمع منهم ما ينجح في إقناعنا بأن لديهم أكثر وأجدى مما لدينا، بحكم ما هم فيه من مواقع المسئولية، التي تمنحهم ما لا تمنحنا من إمكانات التحرك والفعل والتأثير، وإلا ففيم بقاؤهم في مواقع لا يستطيعون فيها تقديم أكثر مما هو بالفعل موجود في جعبة الجماهير؟.
[email protected]
محمود الهباش
في خضم انشغالاتنا اليومية عنهم بملفات نختبئ خلف ادعاءاتنا الواهية أنها الأهم والأولى، رغم أننا ربما نبذل جهدًا مضاعفًا لنسكت، ولو شيئًا قليلاً، صوت ضميرنا الرافض، أعاد الأسرى في معتقل النقب الصحراوي قضيتهم وقضية الأسرى جميعًا إلى واجهة الأحداث رغمًا عن الجميع، باعتبارها القضية الأكثر إيلامًا للنسيج الاجتماعي الفلسطيني، الذي يعاني بغالبيته الساحقة من آثار وتأثيرات هذا الجرح المفتوح.
معتقل النقب الصحراوي الذي أطلق عليه الفلسطينيون اسم "أنصار 3"، بينما اختار له قاموس الاحتلال اسم "كيتسعوت"، هو معتقل عسكري أقيم في معسكر للجيش الإسرائيلي في قلب صحراء النقب بالقرب من الحدود المصرية، وقد افتتح مع بدايات الانتفاضة الأولى عام 1988 بما يتناقض مع اتفاقية جنيف لحماية الأسرى، وخضع من يومها لإشراف الجيش الإسرائيلي مباشرة، قبل أن يغلق عام 1996، ليعاد افتتاحه ثانية عام 2002، ومرة أخرى تحت إشراف الجيش، قبل نقله مؤخرًا لإشراف إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، حيث تقلب عليه من يومها آلاف من المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، وبالذات الأسرى الإداريين، وذوي الأحكام الخفيفة نسبيًا، حيث يوجد فيه حاليًا ما يقارب 2200 معتقل، بينهم حوالي 700 معتقل إداري.
ملف الأسرى لا يقتصر فقط على معتقل النقب الصحراوي، بل يمتد، بكل ما فيه من قسوة وبشاعة، ليشمل مساحة بطول الوطن وعرضه، حيث يقبع الآلاف من المناضلين والمناضلات من أبناء الشعب الفلسطيني، خلف قضبان سجون ومعتقلات إسرائيلية عدة، من نفحة إلى السبع إلى عوفر إلى الرملة إلى عتليت، إلى آخر هذه السلسلة الجهنمية من معتقلات الاحتلال الشاهدة على العنصرية والإرهاب الإسرائيلي من جهة، وعلى عنفوان التحدي الفلسطيني من جهة أخرى، بعد أن تقلب عليها آلاف مؤلفة من المناضلين الفلسطينيين منذ بداية وجود الاحتلال الإسرائيلي.
لكن معتقل النقب هذا، جاء اليوم ليتقدم على غيره ظهورًا في بؤرة القضية برمتها، بعدما شهده بالأمس من أحداث القمع والتنكيل الإسرائيلية التي طفت على السطح، لتعيد، بكل ما فيها من العنف والمرارة، فتح الملف عن آخره أمام الجميع، بمن فيهم دوائرنا الرسمية الكثيرة الموقوفة عليه، من منظمة التحرير إلى الحكومة وغيرها، ولتوقف الجميع بلا استثناء أمام المسئولية الحقيقية تجاه هذا الملف الخطير، بحيث لا نكتفي بمجرد اعتصام أسبوعي، أو مسيرة موسمية، تنتهي ببيان مكرور لا يقدم ولا يؤخر، وكأننا قد فقدنا كل خياراتنا في مواجهة استحقاقات هذه القضية المشحونة بالألم، ولم يعد في جعبتنا من خيار سوى تلك الاعتصامات والمسيرات المتثائبة.
التصريحات والتنديدات والاستنكارات التي جاد بها علينا بالأمس وزير شئون الأسرى، ومسئول الملف في منظمة التحرير، تعقيبًا على القمع والإرهاب الإسرائيلي بحق معتقلي النقب، ليست هي غاية المراد أو نهاية الأمل، مع كل الاحترام للأشخاص والهيئات، لأننا ببساطة نريد أن نسمع منهم ما ينجح في إقناعنا بأن لديهم أكثر وأجدى مما لدينا، بحكم ما هم فيه من مواقع المسئولية، التي تمنحهم ما لا تمنحنا من إمكانات التحرك والفعل والتأثير، وإلا ففيم بقاؤهم في مواقع لا يستطيعون فيها تقديم أكثر مما هو بالفعل موجود في جعبة الجماهير؟.
[email protected]