الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العدل والمساواة والتيسير بقلم:مصطفى الغريب

تاريخ النشر : 2006-01-10
هل هناك مجتمع مثالي ؟ فكرت في هذا السؤال بعد الأصداء الواسعة على مقال فكرة واحدة وعشرون مفسدة , وإقتنعت بأن رضا الناس غاية لاتدرك وتعليقاً على بعض الردود التي وصلتني رغم قناعتي بأن حق المرأة في قيادة السيارات مطلب أساسي ينادي به شريحة كبيرة بالمملكة من واقع دراسة إستطلاع للرأي نشر في أحد الصحف وكانت النتائج أن 60% من الرجال السعوديين يؤيدون قيادة المرأة للسيارات مقابل 40% عارضوا ذلك لاعتبارات اجتماعية وشرعية مختلفة , معتمدين على خصوصية المرأة وحركتها ودورها في الحياة مما لا يسمح لها بالتعرض للإهانة أو الابتذال في الطرق العامة .

وكشف الاستطلاع الذي أجرته الصحيفة أن المؤيدين يرون أن المرأة بحاجة إلى قيادة السيارة بديلا عن السائق الأجنبي لأسباب متعددة , وكان مسؤول رفيع قد ألمح إلى إمكانية السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة بشرط موافقة ولي أمرها , ويخشى رجال الدين أن تؤدي قيادة النساء للسيارات إلى اختلاطهن مع رجال خارج نطاق عائلاتهن .



وبعد دراسة متأنية للمفاسد التي ذكرها بيان لعدد من العلماء وهو أشبه مايكون بحملة توقيعات يرفضون فيه قيادة المرأة للسيارة بعد إثارة أحد أعضاء مجلس الشورى للموضوع , وقد إقترحنا فكرة واحدة للرد على المفاسد المذكورة في البيان وغيره وملخص الفكرة "عدم قيادة المرأة للسيارة إلا بمحرم" .

ولازلنا نتذكر ردود الفعل الكبيرة كصدى لما قام به عضو مجلس الشورى من تقديم دراسة تقوم على ثمانية عشر مبرر لبدء مشروع يسمح للمرأة بقيادة السيارة لما في ذلك من تخفيف لأعداد السائقين الأجانب الذين وصل عددهم الى مليون سائق أجنبي وتقليل الاعتماد عليهم لأنهم يسببون مشكلات اجتماعية خطيرة وحماية للمجتمع من مشاكلهم التي وصلت إلى مراحل خطيرة ، ووصف الوضع بأنه بمثابة قنبلة موقوتة .

وجاء الرد حازماً وقوياً من سمو وزير الداخلية حيث قال في تصريحات صحفية بتاريخ 24/04/1426هـ " أن الجدل الدائر في أوساط المجتمع حول قيادة المرأة للسيارة ليس له معنى لأنه شأن اجتماعي يقرره المجتمع ونحن وضعناه قضية وهو ليس بقضية " ولو عدنا الى تصريحات سابقة لسموه نقلاً عن جريدة الإقتصادية في 26/01/1420هـ حيث قال سموه الكريم " لا توجد أي رغبة أو توجه لدى الدولة بشأن السماح للمرأة بالقيادة في السعودية " وكان هذا التصريح إثر قيام مظاهرة نسائية قبل عدة سنوات .

وإقترح أحد الكتاب موضوع الإستفتاء وتعليقنا عليه بالقول إن العبرة ليست بكثرة المؤيدين في الإستفتاء وإنما العبرة بمن هم على الصواب ولو كان عددهم قلة ونستشهد بالآية الكريمة [ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ] , لأن المسائل التي تتعلق بالدين ليس فيها إستفتاء , ثم أن مسائل الإستفتاء بحاجة الى وعي كامل بحجج المؤيدين وحجج المعارضين حتى نقول "نعم" أو نقول "لا" حتى لايكون هناك تطبيق لنظرية القطيع .

فالواجب تقديم الشرع على العقل ، فإذا صح النقل شهد العقل وسلَّم وأذعن ، فإن الشرع قائم بنفسه ، سواء علمناه بعقولنا أم لم نعلمه ، كما أنه - أي الشرع - مستغنٍ في ذاته عن علمنا وعقلنا ، أما نحن فمحتاجون إليه وإلى أن نعلمه بعقولنا , فمن كان له عقل كامل فليتبع الشرع ، ولهذا وصف الله المعرضين عن شرعه لما حكموا عقولهم أنهم لا يعقلون ولا يتفكرون ولا يتعظون .

وهناك وجهات نظر أخرى مفادها إما نثق فى نساءنا أو لا نثق , ولقد بالغ الكثير من العلماء فى المفاسد والفتن التى من الممكن أن تحدث فى حاله قياده المرأه للسياره , ومبدأ الحوار أفضل من إلقاء التهم جزافا ووصف المؤيدين لحق قياده المرأة للسياره بأعداء الإسلام , والمبطلون , وهذا فى حد ذاته نوع من الأرهاب الفكرى , فقد نسوا قول الحق سبحانه : [ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ] (النحل : 125) .

وفي عصر الفتوحات الإسلامية كانت المرأة تخرج مع الجند وتشارك فى الغزوات وكانت تطبب الرجال , وتقوم بسقايتهم , المرأة كانت تخرج الى الأسواق تبيع وتشترى , فلا عيب فى خروجها للضروره شريطه أن تكون غير متبرجه , وكانت تساعد زوجها فى عمله فلا عيب فى ذلك .

كما ينبغي أن لاننظر للمرأة على أنها كائن ضعيف غبي يسعي وراء شهواته غير موثوق بها وأنها خلقت لإسعاد الرجل , وإنما مانحتاجة هو إعادة تأهيل وتربيه من جديد ووعي ديني ودنيوي لامور الحياه العاديه , وينبغي أن ندرك أيضاً ان المرأة هي شريك للرجل في الحياه وفي عماره الارض وفي تربيه الاجيال الصالحه .

أصبحت المراة اليوم طبيبة ومهندسة وفي جميع التخصصات ومربية ومعلمة تدرس مبادىء الاخلاق الحميدة - فهل قيادة المرأة السيارة هي المشكلة ؟ أم المشكلة غير ذلك ؟ وكيف تأمن المرأة على نفسها مع سائق ليس بمحرم لها والله وحده أعلم بنواياه وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .

أعتقد أنه آن الآوان لنشوء ثقافة إسلامية حديثة توقف التلاعب بأحكام الدين الإسلامي من طرف المتشددين والسلفيين وأنصاف المجتهدين والجميع يعلم ماتركته كثرة الفتاوى غير المعتمدة من إرهاب وفساد وظلم بين الناس , لذا ينبغي أن تكون لنا مرجعية موثوق بها في تطبيق الأحكام الواردة في القرآن بخصوص كثير من المسائل في عصرنا الحديث عصر الحرية والديموقراطية ؟ .

أما الذين يشددون على الناس الأحكام ولا ييسرونها عليهم كما نص القرآن العظيم على ذلك فهم يعملون على الإرهاب الفكري ويعتمدوا العمل بنظام استعباد الناس وجعلهم عبيدا وإماء بل وإقصاء للطرف الآخر وعدم الحوار والتسلط ولهذا فهم يتغاضون عن أشياء من أجل تطبيق أحكام ويتشددون في أشياء لمعالجة مواضيع إجتماعية كانت موجودة في عصر الإسلام الأول وأصبحت غير موجودة الآن ؟ .

إن القرآن والحديث الصحيح يتضمنان أحكاما أساسية عامة وعلى من يحق لهم الإجتهاد من العلماء أن يبينوا للناس كيفية الإستناد الى حديث أو آية يبدوا ظاهريا أنها تتناقض مع آيات أو أحاديث تحمل مباديء إسلامية أساسية وصفها القرآن نفسه بأنها أم الكتاب , فمن غير المعقول أن يكون هناك تناقض .

ومن الأمثلة على ذلك : إن المساواة بين البشر باعتبارهم بشرا هو مبدأ أساسي من مباديء الإسلام والآيات والأحاديث النبوية الشريفة تنص على ذلك فإنه لا يجوز للمجتهد أو المشرع أن يستند الى مايخالفها , ولهذا ينبغي الفهم الحديث لإستنباط الأحكام الشرعية لا أن يظلوا أسرى مناهج تفسير في ظروف مختلفة وإن بذل فيها المجتهدون السابقون في زمانهم جهداً وجزاهم الله خيرا ولكن ظروف هذا الزمان بحاجة الى علماء مجددون ومصلحون ويجتهدون لمراعاة متطلبات الحياة العصرية لا أن يبقوا مقلدين ناقلين فقط دون وعي أو إمعان تفكير فالمعطيات تختلف من عصر الى عصر وهو الفكر الذي بني عليه الإجتهاد .

والدولة الحديثة بحاجة الى سن قوانين يستنبطها العلماء والمجتهدون لتيسير أمور الناس بصيغة حديثة تتناسب والعصر الذي نعيش فيه وفي جميع مناحي الحياة العصرية حتى يبقى الإسلام حيا فهو دين يصلح لكل زمان ومكان , وما عدا ذلك سيبعد الناس عن الدين ولن ينفع القمع والإجبار ولن تنفع القبضة الحديدية في جعل الناس يتمسكون بدينهم .

وحق المرأة بالعمل والتجارة وحتى المشاركة بالحرب منصوص عليه في الإسلام وهو جزء من المساواة بين الرجل والمرآ ة كل حسب مقدرته , هذا المبدأ هو مبدأ أساسي في القرآن والحديث وكل آية أو حديث آخر يتناقض معه يجب تفسيره بما يتفق مع مبدأ المساواة هذا لا أن يصبح أداة بيد المحرفين للدين كي يستنتجوا منه ما يخالف المبدأ الأساسي وهو مبدأ المساواة والعدل .

وكثيراً ماتتعرض المرأة بإسم الدين أو بإسم العادات والتقاليد لكثير من القيود والجحود والتسلط والظلم ولهذا ينبغي تقديم التخفيف والتيسير على التشديد والتعسير , ومن أجل هذا جاءت الشريعة بفضل الله ميسورا فهمها سهلا العمل بها تسع الناس أجمعين ويطيقها كل المكلفين , ودين الإسلام رخصة بعد عزيمة ولين من غير شدة ويسر من غير عسر ورفع للحرج عن الأمة والتيسير مقصد من مقاصد هذا الدين وصفة عامة للشريعة في أحكامها وعقائدها وأخلاقها ومعاملاتها وأصولها وفروعها فربنا بمنه وكرمه لم يكلف عباده بالمشاق ولم يرد إعنات الناس , ويتجلى ذلك في قوله سبحانه [يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر] .

ويقول الرسول الكريم: "خير دينكم أيسره"، وتقول عائشة: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين، إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإذا كان إثما كان أبعد الناس عنه , ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته". ويتأكد ترجيح الرخصة واختيار التيسير، إذا ظهرت الحاجة إليها، لضعف أو مرض أو شيخوخة أو لشدة مشقة، أو غير ذلك من المرجحات .

ويقول عليه السلام : "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة" , والتيسير يعني البحث عن الأيسر للناس في غير الأمور المنصوص عليها , وإذا أضفنا الى مبدأ المساواة والعدل مبدأ التيسير نكون قد رفعنا القيود اللإنسانية التي تتعرض لها المرأة ونقر لها حقوقها المشروعة سواء كانت في التجارة والعمل وفي شتى المجالات في إطار من الحشمة المعقولة التي لا تعرقل حياتها أو أدائها لعملها , فبالعدل والمساواة والتيسير يكون هناك مجتمع مثالي .

مصطفى الغريب – شيكاغو
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف