الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفلسفة الجماليّة والأخلاقيّة للجسد الإنساني بقلم:الدكتور سامي الشيخ محمد

تاريخ النشر : 2005-12-18
الفلسفة الجماليّة والأخلاقيّة للجسد الإنساني

الدكتور سامي الشيخ محمد

القول في خلقة الجسد الإنساني :

تجمع الدّيانات السّماويّة ،والكتب المقدّسة ، والفلسفات الجماليّةُ الإنسانيّة ، بأنَّ الإنسان خُلق على أجمل صورة وأحسن تقويم . فجسد الإنسان الحي جسدٌ ناطقٌ وفاعلٌ وجميلٌ بالقياس إلى المخلوقات الحيّة على مختلف أنواعها ، جسدٌ يؤثّر في العالم ، ويتأثّر به ، بفعل الأعضاء والحواس والقدرات العقليّة والنّفسيّة والمواهب الطّبيعيّة الموجودة فيه . من هنا اعتبر الإنسان رأس المخلوقات وسيّدها جميعاً ، بوصفه ذا قدرةٍ وسلطةٍ فاعلةٍ على نفسه وعلى الأشياء من حوله .

لقد قهرَ جزءاً من شرور الطّبيعة الجامدةِ والحيّة ، رغم أنَّ جسدَهُ متناقضٌ في بنيته ، ويحوي من عناصر الفساد ما يكفي لكراهيته ونأي الآخرين عنه ، بمقدار ما فيه من عناصر الحسن والجمال والفتنة ، ما يُحبّبهم به ويجذبهم إليه .

على أنَّ خلقة الجسد ليست واحدةً لدى جميع أفراد النّوع الإنساني ، إذ تنطوي على ضروبٍ من الاختلاف والتّنوّع والتّباين ، ما يجعل من اختلافها وتنوّعها سمةً مميّزةً لها . من هنا لا وجود للخلقة الكاملة الخالصة ، المنزّهة عن النّقص وضروب الفساد في الحياة الدّنيويّة ، لعلّة انطوائِها على مزيجٍ متناقض من عناصر الجمال والقبح والنّقاء والفساد .

 - القول في عيوب الجسد وسترها :

لماذا أُطلِقَ على الجسد العاري عيباً أو عورةً ؟ العيبُ والعورةُ معنيان يشيران إلى النّقص ، وانعدام الكمال عن الأشياء . وبما أنّهُ لا وجود للجسد الكامل على الإطلاق ، فإنَّ النّقص فيه عيبٌ ، لعلّة انعدام التّمام عنه ، من ناحيةٍ أخرى عيوب الجسد العاري أكثر من عيوب الجسد المستتر ، فكلّما كان اللّباس خافياً أعضاء الجسد عن حاسّة العين قلّت عيوبه ، ناهيك عن أنَّ عُريّ الجسد يكشف مواطن القبح فيه ، على اعتبار أن الجسد الكامل جماليّاً غير موجود .

من هنا ستر الجسد سترٌ لقبحه بمعنى ما من المعاني ، حتّى أنَّ الوجه غير الجميل ، يمكن إخفاء عيوبه ، بالاستعانة بالمساحيق التّجميلية ، أو بمنديلٍ جميل من قماش .

من ناحيةٍ أخرى يميل الإنسان بفطرته إلى اكتشاف الجسد المستور ، فيُفتتن به لدى انكشافه عليه ، ويتعلّق به عاطفيّاً ، في حين لا يبعثُ الجسدُ السّافر قدراً مساوياً لهذهِ الفتنة والإثارة ، ليس هذا فحسب بل يبعثُ الجسدُ العاري على التّنافر والتّباغض ، في حين يبعثُ الجسدُ المستور على التّجاذب والمودة والتّراحم .

لذا ستر الجسد ضرورةٌ جماليّة وأخلاقيّةٌ للجسد ، ضرورة القشرة للثّمرة ، فالقشرة غطاء الثّمرة تحفظها من التّلف والفساد ، مدّة أطول من المدّة الّتي تكون الثّمرةُ فيها بدون قشرة ، القشرةُ غطاء الثّمرة وسِترُها وعفّتها ، تطيل في عمرها وتقيها ممّا يُفسدها ، فتحفظُ نضارتها ، وتجعلها صالحةً للتّناول في أوقاتٍ مختلفة ، كذلك الحال بالنّسبة لغطاء الجسد ، فيه وقايةٌ للجسد من العوامل الجويّة كالبرودة والسّخونة ، به يبقى الجسدُ نظيفاً بمنأىً عن التّلوّث الّذي تُحدثهُ الغبارُ والأتربةُ والأشعّةُ ، وكثيرٌ من الأوبئة المبثوثة في الهواء ، وبهِ يتحقّقُ سترُ عيوب الجسدِ ومفاتنه ، إنَّهُ غطاءٌ لعفّة الإنسان ، على ألاّ يُفهَم من ذلك أنَّ غطاء الجسد وزينتهُ الظاهريّة أمارةٌ على عفّة الإنسان ، فرغم أنّهُ شرطٌ ضروريٌّ لازمٌ للعفّة ، إلاَّ أنّهُ غير كافٍ لتحقّقها ، فكم من الأجساد الكسوّة بثياب العفّة تسكنها رذائلُ جامحة .

مع أنّهُ لا يمكن الحديث عن عفّة دون سترٍ أو غطاءٍ يحفظها ويصونها ، ويحجبها عن الأبصار ، وإثارة الشّهوات والغرائز الإنسانية . تماماً كالثّمرة الّتي لا تستطيع الحفاظ على نضارتها ، لأكثر من برهةٍ قصيرةٍ زمنيّاً في حال نزع القشرة الخارجيّة عنها ، فكم من الثّمر الفاسد ما يسرُّ النّاظرين بجمال قشرته الخارجيّة .

نعم ثمّة ما يمكن قولهُ عن علاقة الغطاء بالجسد ، فالغطاء الّذي يزيّن جسداً ما ويكسبه مزيداً من الحسن والجمال ، يمكن أن يضيف قبحاً لجسدٍ آخر ، تبعاً لجماليّة الغطاء من ناحية ، وقدرته على إخفاء النّواقص والعيوب أو إظهارها من ناحية أخرى .

أمّا إظهارُ بعض أجزاء الجسد ـ كالوجه والرّأس واليدين إذا لم يكن عيبٌ ظاهرٌ فيها ـ خيرٌ من إخفائها رغم أنّها مغطّاة إمّا بالأدمة أو بالشّعر ، بوصفهما لازمتين جماليّتين لها ، نعم فالشّعر أجملُ غطاءٍ للرّأس الحليق .

 جماليّة الجسد والأخلاق الفاضلة :

ثمّة علاقة بين الجسد الجميل والأخلاق الفاضلة ، إذ يمكن أن تتّخذ شكل علاقة اتّصالٍ واتّحاد ، أو علاقة تنابذٍ وانفصال . من هنا ليس بالضّرورة أن يكون الجسد الجميلِ فاضلاً أخلاقيّاً ، غير أنّهُ بالمقارنة مع الجسد الجميل الفاضل أخلاقيّاً ، فإنّهُ أقلّ مرتبةً جماليّة منه بالضّرورة .

فإذا كان الجمالُ خاصيّةَ الجسد الجميل جماليّاً ، فإنَّ الرّوعةَ والجلالَ والاستثناءَ خاصيّةُ الجسد الجميل الفاضل أخلاقيّاً ، لعلّة الأثر الجماليّ الّذي يُحدثه العنصر الأخلاقيّ ، في إصدار الأحكام الأخلاقيّة والجماليّة المتعلّقة بجماليّة الجسد .

فالجسد المبتذل أخلاقيّاً لا يحظى بنفس القدر من الاحترام والتّقدير ، والتّبجيل والإعجاب الّذي يحظى به الجسد الفاضل ، مهما بلغ من مراتب الحسن والجمال .

لقد حظي الجسد الجميل الفاضل أخلاقيّاً ، باهتمام الأدباء ، والفلسفات الأخلاقيّة ، والدّيانات على مختلف أنواعها ، فكان موضع ثناءٍ وإعجاب ، بينما قوبل الجسد المبتذل ، بالنّبذ والإدانة والاستنكار . من هنا تشكّلُ العفّةُ الأخلاقيةُ عنصراً ضروريّاً ، ينضاف للعناصر الجماليّة عند الإنسان ، بوصفه أساساً في إصدار الأحكام التّقويميّة والجماليّة لدى كثيرٍ من الأفراد ، وكأنَّ الجمال الموضوعيّ للجسد الإنسانيّ ، يضلُّ ناقصاً ما لم يقترن بالعنصر الأخلاقيّ لدى الإنسان .



[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف