الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كلام في التاريخ .. التاريخ كما يجب أن يكون .. الطريق من بال إلى أوسلو .. الحلقة الأولى بقلم: يوسف حجازي

تاريخ النشر : 2005-07-28
كلام في التاريخ .. التاريخ كما يجب أن يكون .. الطريق من بال إلى أوسلو .. الحلقة الأولى بقلم: يوسف حجازي
كلام في التاريخ

التاريخ كما يجب أن يكون

فلسطين والعرب

الطريق من بال إلى أوسلو

الحلقة الأولى

بقلم يوسف حجازي

القومية ليست كمية من الأفراد أو الجماعات أو الأحزاب أو الدول القطرية, وإنما هي إشتراك هؤلاء جميعاً في شبكة علاقات تاريخية وجغرافية وحضارية وعقائدية وثقافية وإجتماعية, لا تقوم على مجرد إتفاق عفوي بين الأشخاص والأفكار والأشياء, بل تقوم على تركيب هذه العوالم, بحيث يحقق ناتج هذا التركيب في إتجاهه ومداه تغييراً جذرياً في وجوه الحياة السياسية و الإقتصادية والإجتماعية, من أجل القيام بوظيفة تاريخية معينة, تنقل الحركة من النطاق النظري إلى الواقع العملي ويمتثل هذا الإنتقال في السعي إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية في الوحدة والتحرر, وهما هدفان مرتبطان شرطياً بمعنى أن تحقيق أحدهما يترتب عليه تحقيق الآخر,

ولكن القومية العربية التي ما زالت شبكة العلاقات فيها قائمة على الإتفاق العفوي لم تستطع أن تبلور موقفاً موحداً إزاء القضايا الإستراتيجية، الوحدة والتحرير, أو التحرير والوحدة, وخاصة في قضية فلسطين الذي تراوح الموقف العربي منها ومنذ البدايات, بين حدين,حد الرفض المطلق لكل الفكرة الصهيونية وكل ما يتفرع عنها من هجرة يهودية وإستيطان وإقامة وطن قومي يهودي على ارض فلسطين, وحد الإضطرار بقبول شئ من الفكرة الصهيونية, ولكن مع الإختلاف في حدود هذا الشيء, وذلك تحت وطأة الضغوط الإغراءات الإمبريالية وضغوط القوة العسكرية الإسرائيلية.

ويمثل أحد هذين الحدين: السلطان عبد الحميد الذي قال: (إنه أهون علي أن يعمل المبضع في جسدي على أن يعمل في تقسيم بلاد المسلمين), ودفع عرشه ثمناً لموقفه هذا, عندما دخل عليه اليهود ي الصهيوني (قره صو) حاخام اليهود في الدولة العثمانية وقال له بعد نجاح ثورة تركيا الفتاة ( جون تورك) قم يا عبد الحميد ودع عرشك وإخرج من قصرك. وقد أصبح (قره صو) هذا أول سفير لحكومة الإتحاد والترقي في واشنطن حيث صار منذ ذلك الوقت يعرف بإسم ناعوم. (وللعلم فإن جمعية الإتحاد والترقي التي أسسها يهود الدونمة, أسست في جنيف في نفس العام الذي إنعقد فيه المؤتمر الصهيوني الأول في بال في سويسرا عام 1897م).

ونجيب عازوري الذي كان يرى أن التناقص بين المشروع العربي والمشروع الصهيوني أمر حتمي لا مفر منه وعليه يتوقف مصير العرب والشرق الأوسط والعالم, وهكذا كان الحد الأول يمثله الإسلام في شخص السلطان عبد الحميد التركي العرق, وتمثله المسيحية وفي شخص نجيب عازوري العربي العرق, وهذا يعني رفض الإسلام والمسيحية والعروبة رفضاً مطلقاً لكل الفكرة الصهيوينة وكل تفرعاتها.

أما الحد الثاني: حد الإضطرار بقبول شيء من الفكرة الصهيونية على إختلاف في حدود هذا الشيء الذي يمكن قبوله تحت وطأة وضغوط ومغريات خارجة عن إطار المنطقة ووطأة ضغوط القوة العسكرية الإسرائيلية, فإن أقدم تمثيل له تمثل في أعضاء حزب اللامركزية وجمعية بيروت الإصلاحية الذين إتصلوا بالصهاينة وتباحثوا معهم من أجل بدء تفاهم عربي – صهيوني, وأعضاء المؤتمر العربي الأول في باريس 1913م الذين تأثروا بالضغوط والإغراءات الصهيوينة مما أدى إلى صمت المؤتمر إزاء المخطاطات الصهيونية صمتاً كلياً وعدم إتخاذ حتى مجرد قرار يطالب بوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ومع كل هؤلاء, وربما في مقدمتهم, الأمير فيصل ملك سوريا ثم العراق الذي عقد مع الزعيم الصهيوني حاييم وايزمن إتفاقية فيصل – وايزمن, والبطريرك اللبناني الماروني (مبارك) الذي طالب لجنة (كنغ – كرين) يفصل لبنان عن سورية وإنشاء دولة مسيحية فيه على غرار الدولة اليهودية التي ستقام في فلسطين. والحقيقة أن هذا الموقف الذي كان يمثل بعض الطبقات المالية والثقافية العليا لم يكن موقفاً مقطوع الجذور, بل إن جذوره كانت تتمثل في الأثر الصهيوني الناتج عن إنتساب أفراد من الأقلية اليهودية إلى تلك الطبقات وبسبب تأثير (الحداثة) في الإتجاهات الفكرية الإنعزالية في بعض الأقطار العربية, وخاصة مصر ولبنان التي تدعو إلى الإبتعاد عن المحيط القومي العربي حفظاً لتميزها ورمزاً لعلوها وتفوقها, مما يعني قبول فكرة التصالح مع الصهيونية التي هي بالتأكيد إحدى مضامين (الحداثة) والحضارة الغربية وإستقدام أساتذة من اليهود يحاضرون في مختلف العلوم حتى في شؤون الأدب العربي. بالإضافة إلى العديد من الصحف الصهيونية التي كانت تصدر في بعض العواصم وخاصة في القاهرة وبيروت. ولا أريد أن أذهب إلى أبعد من ذلك في التاريخ, ويكفي أن أشير إلى أن تغلغل النفوذ اليهودي في مصر يعود إلى العهد الفاطمي حتى أن أحد شعراء ذلك العصر قال:

يا أهل مصر إني نصحت لكم تهودوا فقد تهود الفلكُ.

هذه المواقف بررت بذور الإستسلام العربي للمخطاطات الإمبريالية الصهيونية, هذا الإستسلام الذي تبلور في مواقف عدد من المفكريين والمثقفيين والسياسين العرب: بعضهم بسبب نقص المعلومات عن أسباب ودوافع وأهداف الحركة الصهيونية مثل مصطفى كامل الذي سعى إلى لقاء تيودر هرتسل للإستعانة به وبنفوذ المنظمة الصهيونية في دعم مطالب الحركة الوطنية المصرية لدى بريطانيا. والبعض الآخر بسبب تأثير (الحداثة) و (الليبرالية) وعدم القدرة على تحقيق الإنسجام بين الأصالة والمعاصرة, والمصالح القطرية والقومية, مثل أحمد لطفي السيد الكاتب المفكر رئيس جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة). الذي حضر إحتفال تدشين الجامعة العبرية في القدس عام 1925م , جنباً إلى جنب مع وزير خارجية بريطانيا جيمس آرثر بلفور صاحب التصريح المشؤوم (تصريح بلفور) وحاييم وايزمن رئيس المنظمة الصهيونية وأول رئيس لدولة إسرائيل بعد إقامتها على أرض مسروقة من الفلسطينيين, وأحمد لطفي السيد هذا هو الذي قال: " إن مصر لا يمكنها أن تتقدم إذا كانت تجبن عن الأخذ بمنفعتها وتتواكل في ذلك على أوهام وخيالات يسميها بعضهم الإتحاد العربي, ويسميها الآخرون الجامعة الإسلامية, وطه حسين الذي دفعته ليبراليته إلى التعاطف مع المهاجرين اليهود إلى فلسطين وإلى أبعد من ذلك لدرجة التشكيك في القرآن الكريم وعروبة مصر التي نسبها إلى ما يعرف عنده بإسم الحضارة المتوسطية,وعباس العقاد الذي رأى في دفاع الجماعات المتدينة عن فلسطين أمراً لا يتفق ومصلحة مصر وعلاقاتها بحلفائها, وتوفيق الحكيم الذي رأى أن حل مشاكل مصر الإقتصادية يتوقف على مدى إنعتاقها من فلسطين والعرب وتحقيق الصلح مع إسرائيل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف