الأخبار
قناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاق
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سيدة الكون بقلم:تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2005-04-30
سيدة الكون بقلم:تيسير نظمي
سيدة الكون

( القصة الأخيرة من المجموعة الخامسة)

إلى إلزا أغلى ما لا أملك

تيسير نظمي

كنت لا أزال أتأمل الكرة الأرضية بين النجوم والكواكب الأخرى من موقعي العصي الذي أخذتني إليه، أسلمتني كاميرا صغيرة لها قدرة السحر وسرعة الضوء في تكبير المشاهد التي أريدها لدرجة شاهدت فيها رجلاً وامرأة يقتاتان من القمامة في أحد أزقة نيويورك وشاهدت في البناية المقابلة في الدور رقم 82 في الشقة رقم 4140 أفعالاً فاضحة لا تتسم بأي صفة إنسانية أو حب بشري ولم يخطر ببالي بعد تلك المشاهد المقززة أن أسلط عيار الكاميرا السحرية على النجف والسجون الإسرائيلية والعربية على حد سواء ولا على قصور الزعماء العرب أو البيت الأبيض وإن كنت اختلست النظر نحو شارع النزهة – دخلة مطعم الزيتونة- وشاهدت ابنتي الصغرى تصطحب ابن الجيران الصغير نحو البقالة المجاورة ولم أشاهد بالطبع إلزا فقد كانت تغلق باب الغرفة على نفسها وتقرأ القرآن،كالعادة، وفجأة أعتمت الكاميرا تماماً بعد أن أضاءت بحدة ضوءاً كاد يفقدني البصر لشدته فظننت أن الكاميرا أصابها عطب، ولكن هذا الاحتمال كان بعيداً أيضاً ولا يتناسب مع خبرة سيدة الكون الفضائية التي كل شيء يعمل لديها يعمل بالطاقة النووية المذهلة ومعجزات لم تخطر ببال كل القادمين من كواكب أخرى فإذا بها قد أصابها الهلع قادمة تسبح في الفضاء بتهور من لدى جيران كوكبنا في الكوكب المجاور وكادت أن تصطدم لقوة اندفاعها وخفة وزنها، قالت:

*غضب الرب، غضب الرب

ولم أعد أر شيئاً لكنني كنت أسمعها تبكي لأول مرة وسألتني متحكمة بمقدرتي على الرؤية:

* هل رأيت؟

قلت مستغرباً:

- ماذا؟

فسألتني:

* ماذا كنت تفعل قبل لحظات؟

قلت:

- كنت أنظر لكوكب الأرض من خلال الكاميرا؟

قالت:

* وماذا رأيت؟

قلت:

- فجأة أعتمت الكاميرا بعد إضاءة شديدة مفاجئة.

* حسناً..حسناً

- هل سأبقى مغمض العينين؟

* أجل يا عزيزي

- لماذا بكيت؟

* سأقول لك فيما بعد

- هل سمعتك تقولين أن الرب غاضب؟

* أجل وانتهى كل شيء

- هل فعلنا شيئاً يبعث على غضب الرب؟

* لست أنت، لست أنا، لسنا نحن

- إذن !

* لن تحتمل الصدمة إذا قلت لك، استرح ونم قليلاً

- أشعلي بصري أو بصيرتي من فضلك وخذي كاميرتك هذه عني فقد شاهدت بها ما يبعث على الضجر والقرف والحزن في آن واحد.

* أجل... أجل... ما عادت تلزمك بعد اليوم.

- ماذا تقصدين؟

* لا شيء

- لم أتلفها..وإنما استرقت النظر نحو منزل الأبناء.

وفجأة انهالت بالبكاء، فلم يعد بمقدوري أن أتكلم أنا أيضاً، فقد كنت أحرص على مشاعرها المرهفة وأدرك أن البكاء يجعلها تتخلص من همومها وهموم الكائنات البعيدة التي تزورهم بين لحظة وأخرى وأولئك الذين يوصونها خيراً بي ولا يستطيعون المجيء لكوكبنا ولا الوصول لكوكب الأرض أيضاً وبعد أن استراحت قليلاً واستردت أنفاسها حيث تناولت بعض الأقراص المسكنة التي توقف الحزن، قالت بشجاعة :

* خذ هذه الحبة أنت أيضاً قبل أن أعيد لك عينيك.

فتناولتها وإذا بي أسترد البصر فوراً، فسألتها:

- هل لا يزال الرب غاضباً ؟ وممن؟

* لا .. فقد انتهى كل شيء

- ما الذي انتهى؟

* فقط خسرنا كوكباً واحداً من هذا الكون الشاسع إنه الكوكب الذي لم يرض الرب وقد منحه الفرصة الكافية أن يصلح فلماً لم يعد ممكناً صلاحه ومن عليه، اصطدم لا أدري أم ضاع وطار في الكون فاقداً غلافه الجوي وجاذبيته وربما أصبح أشلاء في المجرة أو بلعته الشمس.

ولم أعد أراها أو أرى مكان اختفائها بعد تلك الكلمات . عدت أتأمل الكواكب والنجوم في مجرتنا وإذا بي لا أرى كوكب الأرض في مكانه، كانت المساحة التي يشغلها معتمة تماماً في الفضاء الذي أراه مع أن القمر كان واضحاً ومضاءً ومع أن الشمس تضيء كواكب أخرى. لكن لا العتمة ولا الضوء كانا واضحين على كوكب الأرض مثلما عهدته، لم أستوعب علمياً هذه الظاهرة وعليّ فعلاً أن أنتظر عودتها لعلها إما أن تشرح لي ماذا يجري في هذا الكون، سيدة الكون، أو أن تعطيني كاميرتها العجيبة لأدقق في مجريات الأمور لعلي أفهم، تأخرت كثيراً سيدة الكون، لكن الكون في وجودها كان جميلاً وندياً كان الكون والريح تملأ رئتي لأول مرة كأنني عدت صبياً يافعاً وكأنني للتو أبتدئ الحياة، وفجأة اشتقتها جداً سيدة الكون ورغبتها جداً وعزوت انبثاق الحياة في جسدي وتدفقها بالنور والحب والسلام لتلك الحبة التي ما أن انتشر مذاقها في عقلي وشراييني حتى أحسست بالهدوء والعزلة والرغبة، أينها ؟ بدأت أتلفت حولي في الظلال الخافتة للوادي ولا أجد في المكان أحداً سوى ضوء القمر والسماء المنخفضة النجوم.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف