الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حبات السكر لمايا ابو الحيات رواية ازمة الشباب بقلم:جميل السلحوت

تاريخ النشر : 2005-03-20
صدرت رواية حبات السكر للكاتبة الصاعدة مايا أبو الحيات الطالبة في جامعة بير زيت عام 2004 م عن المؤسسة الفلسطينية للإرشاد القومي ، وتقع في 99 صفحة من الحجم المتوسط .

وأول ما يلفت الانتباه في هذه الرواية ما جاء على الصفحة الثانية بان اسم الرواية هو: "الشاعرة والشيخ" وهذا هو الاسم الذي اختارته الكاتبة لعملها الأدبي هذا، وهو في نفس الوقت عنوان لباب في الرواية، لكن يبدو ان الناشر قد اطلع على العمل أو على الصفحة الأولى منه بعد صفه و"منتجته" فالتقط "حبات السكر" التي وردت في السطر الأول واجتهد ان تكون اسما للرواية، والله أعلم إن استشار الكاتبة في ذلك أم لا، لكنه لم يجهد نفسه بتغيير الاسم الأول "الشاعرة والشيخ" الذي بقي على الصفحة الثانية.

والقارىء لهذا النص الأدبي يجد نفسه أمام أديبة واعدة تمتلك لغة أدبية فيها من الشاعرية والبلاغة والجمالية الشيء الكثير، فهي مليئة بالصور والتورية والتشبيهات والمجاز والكناية، مع كل ما و رد فيها من أخطاء نحوية كان يمكن تلافيها لو تمت مراجعتها وتدقيقها.

وهذا النص الذي جاء في سبعة أبواب يربطها خيط دقيق جدا وهي بحاجة إلى أكثر من قراءة متأنية حتى يستطيع القارىء ربطها ببعضها البعض، وليجد نفسه أمام عمل روائي يخلو من القصة أو الحكاية الروائية التي اعتدنا عليها، مع أنها محشوة بالأحداث وبتداخل الشخصيات، وبالتساؤلات الفلسفية العميقة المتداخلة والمتفرقة، أحيانا، والمنسجمة والمتنافرة أحيانا أخرى. إنها رواية القلق وعدم الاستقرار في مختلف المجالات والاتجاهات التي يعيشها الجيل الصاعد من أبناء الشعب الفلسطيني نتيجة لتأثيرات ومؤثرات داخلية وخارجية كثيرة. إنها فلسفة هذا الجيل الحائر والقلق، وكما جاء على لسان عبد الله وهو في المعتقل عندما يتحدث عن الآخر بقوله "نسير معا في عصر الحداثة المزورة، والحقوق المنحازة، والعدالة العالمية العمياء" ص49، وهذا الجيل تتنازعه تيارات كثيرة، فهو حائر بين الحياة التقليدية والدينية التي تربى عليها، والتي تضعه في قوالب ثابتة لا يمكنه الخروج منها، وبين ما يشاهده في الفضائيات، وما يقرأه في الجامعات و الكتب الأخرى وعالم شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت". لذا فهو حائر متقلب تتقاذفه العواصف والأمواج، وهو دائم البحث والتفكير انه كما جاء على لسان سحر لعبد الله: "لا أزال سليمان الباحث عن الحقيقة" ص10 وسليمان هذا هو سلمان الفارسي "أول سفير في الإسلام" ص65 الذي جاب بلاد الفرس والعرب باحثا عن الحقيقة حتى وصل إلى النبي محمد صلوات الله عليه. وسحر هذه تائهة بين الإيمان والكفر استشهدت أكثر من مرة بآيات من القرآن الكريم لتردع نفسها عما يدور فيها من عدم إيمان، إنها تفلسف الأمور وتنظر إليها بعين مشككة لذا فهي تقول "في البدء قبل نزول الديانات... احتاج البشر للأمل فخلقوا الهتهم"ص66.

وهي تتعامل مع الموت بطريقة فلسفية أيضا فليلة استشهاد عامر وعندما كان يصارع الموت تقول:- "كنت في سريري بحالة خدر، نظرت إلى سمائي، كانت بلا لون، كلمتها أو ربما ظننت أنني أفعل، رجتها روحي، استعطفتها، لا تأخذيه، له عمل هنا، لي أمل فيه... " ص67 وركبتها الكوابيس تلك الليلة لتستيقظ في الثالثة صباحا وهي تحلم بعامر، فماذا فعلت؟؟ تقول: "رقصت له رقصة" "زوربية" الأصل، الرقص بوح وجاذبية، الرقص نفض للذاكرة". ص67 ثم تتساءل بلوعة :- "هل غادر الحياة ليسكنني في لحظة شبق؟. ربما" ص67 اذن فعامر الشهيد غادر الحياة بجسده لكنه سيبقى في وجدان حبيبته لأن "الذاكرة مصيدة أيضا" ص67 .

والرواية تطرح الحب بطريقة فلسفية ومتناقضة أيضا، فهي في دوامة الصراع بين متطلبات الروح والجسد، وبين ما يمليه الدين وموروث التقاليد، "لكنني استسلمت، انه الحب، أي فكرة محرمة يمكن أن تضبطه؟ وأي وسيلة يمكن أن تجعله مقبولا في مجتمع الرغبات المكبوحة هذا"؟ ص75 .

والحب عندها مرض: "الحب يتجمع كورم، يختلف مسماه، فهو أحيانا حميد وأحيانا أخرى خبيث مجرم، لكنه في الحالتين يستقر قرب القلب" ص61 واذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الأورام في غالبيتها خبيثة وأن لا نجاة منها فكذلك الحب، لا مناص من الوقوع في حبائله.

وفي الرواية نقد فلسفي لاذع للعلاقة الزوجية في هذا المجتمع الذكوري، فالأب دائم الضرب والشتم لزوجته ولبناته الخمس، ولأنه يريد ابنا ذكرا فقد طلق زوجته ليتزوج من أخرى، والزوجة فرحة بذلك الطلاق فترد عليه: "لقد تخلصت منك أخيرا... وهو يصيح: أنت طالق طالق... وهي تزغرد وتضحك بهستيريا". ص14 وتصف البنت أميمة تلك اللحظة بقولها: "أمي التي استمرت بصمتها خمسة وعشرين عاما، قدمت استقالة أخيرة، استقالة لجسدها الذي استعملته الحياة وعاء نضحنا نحن البنات الخمس دون متعة..... وصلت إلى ما فوق الإشباع فاكتفت وهربت" ص15 .

ونلاحظ هنا مدى بشاعة وقبح الوصف عند الكاتبة عندما اعتبرت رحم المرأة حفرة امتصاص، ووصفت عملية الولادة خصوصا ولادة البنات بنضح المجاري. وهذا وصف وحشي فيه إساءة للجنس البشري ذكورا وإناثا، وفيه تنفير من العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة. وفي دفاعها عن والدتها وشقيقاتها فأنها تسيء أيضا لبنات جنسها في شخص عمتها "سمية" التي احتضنتها وشقيقاتها بعد خروج الأم من البيت اثر خلاف عائلي في فترة سابقة عندما تصفها :"كان ينقصها شارب لتصبح صورة طبق الأصل عن والدي" ص17 .

وأميمة هذه تخاف الزواج مع أنها تعرف الحب وتفهمه، لذا وبعد الافراج عن عبدالله من السجن تذهب من رام الله إلى نابلس لتلتقيه وتصف مشاعرها قائلة: "لم أرغب معه بما ترغب به الأنثى مع رجل تحبه" ص85 ... وتواصل قائلة:- "كنت أعرف إن قلبي أمسك يدي وقادها حيث يوجد عبد الله، وكنت سعيدة.... وكانت سعادة خانقة، وأنا كما أسلفت عصفور، ولا أريده أن يختنق في هذا القفص" ص85 وهكذا فإنها تعشق الرجل وتريده، لكنها لا تريد علاقة زوجية معه، فهل شكلت لها علاقة أبيها مع أمها عقدة نفسية؟؟ أم ماذا؟؟

والرواية مليئة بوصف الصراعات السياسية بين الطلبة في الجامعات لذا فهي تصف الجامعة بعد انتخابات مجلس الطلبة، والخلافات بين الكتل الطلابية بأنها تحولت إلى "مكب" للنفايات السياسية والفكرية". ص11

وفي الرواية أيضا وصف للمظالم التي يوقعها الاحتلال بالشعب الفلسطيني، من خلال استشهاد عامر، وسجن عبدا لله وما تعرض له من تعذيب، ووصف لمعاناة الفلسطينيين في التنقل بين مدينة وأخرى، خصوصا خلال الانتفاضة الثانية.

فماذا تريد الكاتبة من عملها الأدبي هذا؟؟ أنها تريد أن تنقل واقع التشظي والمعاناة التي يعيشها الجيل الجديد في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب والوطن، لذا فهي تخاطب مدينة نابلس في آخر الرواية قائلة :"أعدك بحبك، فقد قررت أن أتعلم الحب من جديد:- ص97 بعد أن قالت لها قبل ذلك بقليل "منهكة أنا وينقصني الدفء واستقرار المعنى" ص97 .

يبقى ان نقول ان هذا العمل ينبيء بميلاد اديبة سيكون لها شان في المستقبل .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف