الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في اسباب اعفاء الأمير حمزة من ولاية العهد بقلم:شاكر الجوهري

تاريخ النشر : 2004-11-30
قراءة في اسباب اعفاء الأمير حمزة من ولاية العهد بقلم:شاكر الجوهري
قراءة في اسباب اعفاء الأمير حمزة من ولاية العهد

بقلم:شاكر الجوهري

لم يفاجأ المراقبون في عمان بقرار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اعفاء أخيه غير الشقيق، الأمير حمزة من ولاية العهد، في وقت تؤكد فيه الحكومة أن القرار اتخذ دون تشاور معها.

المراقبون لم يفاجأوا لأن مثل هذا الأمر حدث من قبل، حين قرر العاهل الراحل الملك حسين نقل ولاية عهده من شقيقه الأمير حسن إلى أكبر انجاله الأمير (في حينه) عبد الله، في خضم أزمة مرضه، وقبل فقط أيام من وفاته. والسبب في الحالتين، برغم كل ما تم تداوله على هامش الحالة الأولى، واحد، ولا يتجاوز حقيقة أن أي ملك يرغب في أن يظل الملك في سلالته، وأن ينتقل إلى نجله الذي هو من صلبه.

والدستور الأردني الصادر بتاريخ 8/1/1952 في عهد المرحوم الملك طلال، يأخذ هذه المسألة بعين الإعتبار حين يقرر في مادته 28/أ "تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش إلى أكبر ابنائه سنا، ثم إلى أكبر أبناء ذلك الإبن الأكبر، وهكذا طبقة بعد طبقة، وإذا توفي أكبر الأبناء قبل أن ينتقل إليه الملك، كانت الولاية إلى أكبر ابنائه، ولو كان للمتوفي اخوة".

تبؤ ولاية العهد لا يحتاج إذا لأي قرار من الملك، إذ أن الدستور ينظمها على النحو المذكور. وقد أشار الملك عبد الله، في رسالته إلى أخيه الأمير حمزة، إلى هذه المسألة بشكل غير مباشر، بقوله "أما منصب ولي العهد فسيبقى موضع اهتمامي وعنايتي على هدي من الدستور، ولما فيه الخير للأردن العزيز ورسالته الهاشمية النبيلة"، الأمر الذي يعني أن الأمير حسين إبن الملك عبد الله أصبح وليا للعهد بشكل تلقائي.

بالطبع، فإن الملك عبد الله لم يخالف الدستور حين أعلن أخاه الأمير حمزة وليا لعهده لدى وفاة والدهما الملك حسين، ذلك أن المادة الدستورية المشار إليها، كانت قد عدلت بتاريخ 1/4/1965، حيث أضيف إليها "على أن يجوز للملك أن يختار أحد اخوته الذكور وليا للعهد، وفي هذه الحالة تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش إليه".

لقد استحدث هذا التعديل من أجل اجازة اسناد ولاية العهد للأمير حسن شقيق الملك حسين الأصغر في حينه، وذلك في خضم الخلاف بين الملك الراحل والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكذلك مع نظام حزب البعث المتشدد في سوريا بزعامة اللواء صلاح جديد والرئيس نور الدين الأتاسي في ذلك الوقت، إذ كانت حياة الملك معرضة للخطر، فوجد أنه ليس من المناسب أن يخلفه في العرش ابنه الأمير عبد الله، الذي كان لا يزال طفلا في حينه، في حال تعرض الملك لخطر داهم. وهكذا قرر نقل ولاية العهد من أبنه إلى أخيه.

أما الأمير محمد، أكبر اشقاء الملك، فكان شغل ولاية العهد قبل مولد الأمير عبد الله أكبر انجال الملك بموجب المادة 28/ب من الدستور التي تقول "إذا لم يكن لمن له ولاية الملك عقب تنتقل إلى أكبر اخوته".

أجواء ايجابية

المراقبون لم يفاجأوا بالقرار، أما الحكومة فلم يشاورها الملك بشأن قراره قبل صدوره، وقد علمت به فقط بعد صدوره، كما تؤكد ذلك أسمى خضر الناطق الرسمي باسم الحكومة في لقائها الأسبوعي مع وسائل الإعلام الذي انعقد ظهر أمس. تقول الوزيرة "نحن (الحكومة) ابلغنا بالقرار فور صدور الرسالة الملكية، لأن هذا شأن يتعلق بجلالة الملك، لا يحتاج لمشاورة مسبقة مع الحكومة. نحن ابلغنا بعد أن اتخذ جلالة الملك هذا القرار، ووجه رسالته".

والوزيرة التي تؤكد ايجابية الأجواء التي اتخذ بها القرار، ارتأت أن تنأى بنفسها، وكذلك الحكومة، عن الإجابة على اسئلة الصحفيين المتعلقة بمزيد من التفاصيل، مثل ما إذا كان الأمير حمزة قد وافق على قرار الملك. وهي تكتفي هنا بالإشارة إلى الإجتماع الذي جمع الملك مع جميع اخوته وابلغهم فيه قراره بحضور الأمير حمزة نفسه، الذي كان وصل الأردن في زيارة، قادما من الولايات المتحدة الأميركية، حيث يواصل تعليمه الجامعي، قبل فقط يومين من اتخاذ قرار اعفائه.

لكن خبراء دستوريين في وزن وليد صلاح، المحامي الأشهر، ونقيب المحامين الأسبق الذي شغل وزير الخارجية في الخمسينيات، وعضوية مجلس الأعيان في الثمانينيات، يؤكد أن منصب ولاية العهد يشغر فقط بالوفاة أو الإستقالة، وكان قد أدلى بوجهة نظره هذه لدى اتخاذ الملك الراحل حسين قراره بنقل ولاية العهد من أخيه الأمير حسن إلى الملك الحالي عبد الله. وبناء على ذلك، طلب من الأمير حسن أن يوجه رسالة بهذا المعنى للملك، تم الإستناد إليها في قرار نقل ولاية العهد منه لإبن أخيه.

في ضوء ذلك، يتوقع المراقبون رسالة جوابية من الأمير حمزة للملك عبد الله على الرسالة التي ابلغه فيها رسميا اعفاءه من ولاية العهد، بعد أن ابلغه بذلك شفاهة.

تجاوب شعبي

وإذا كانت أسمى خضر تؤكد على ايجابية الأجواء التي اتخذ بها قرار اعفاء ولي العهد، فإن الرأي العام الأردني يبدي تجاوبا مع القرار، انطلاقا من الثقة التي توطدت بشخص الملك عبد الله على مدى خمس سنوات مضت منذ اعتلائه العرش، وتحمسا لأن يكون ولي عهدهم من ابوين عربيين. اضافة لكونهما مسلمين، مع أن الدستور يشترط في مادته 28/هـ "فيمن يتولى الملك أن يكون مسلما عاقلا مولودا من زوجة شرعية، ومن ابوين مسلمين"، ذلك أن أم الملك طلال الذي صدر الدستور في عهده، كانت تركية.

والواقع أن الرأي العام الأردني لم يستسغ في حينه تفعيل النص الإستثنائي في الدستور من أجل اسناد ولاية العهد لأخ الملك غير الشقيق، بدلاً من انتقاله بشكل تلقائي إلى أكبر انجاله، وفقا لأصل الدستور، لكنها في حينه كانت ارادة الملك حسين قبيل وفاته. وها هو الملك عبد الله يشير في رسالته إلى أنه كان "قد أكد لنا والدنا المغفور له الحسين قبل وفاته على ضرورة الإلتزام والتقيد بالمفهوم الشرفي لمنصب ولي العهد، والتزمنا بذلك طوال السنوات الخمس الماضية"، ما يؤكد أن اسناد ولاية عهد الملك عبد الله لأخيه الأمير حمزة، كانت رغبة والدهما، الذي اراد كذلك أن يكون المنصب شرفيا، وقد كان، حتى لا يؤدي تولي ولي العهد لأي مسؤوليات سياسية إلى اختلافه مع أخيه الملك.

وتؤكد المصادر أن خلافا من هذا القبيل أو غيره لم ينشأ بين الأخوين، بل إن الملك عبد الله حرص طوال السنوات الماضية على معاملة جميع اخوته، ليس باعتباره فقط اخاهم الأكبر، وإنما كذلك باعتباره اباهم. وهذا ما تجلى تحديداً في حفل زفاف الأمير حمزة العام الماضي، حيث ظهر للعيان أن الملك كان يحيطه برعاية أبوية.

العودة لأصل الدستور

لا خلافات البتة وراء قرار الملك، وإنما هي العودة لأصل الدستور الذي يراعي مركبات النفس البشرية، وهي ذات المركبات التي جعلت الملكة نور، آخر زوجات الملك حسين، وأم الأمير حمزة، تضغط عليه اواخر ايامه بضرورة أن ينقل ولاية العهد من أخيه الأمير حسن لابنهما الأمير حمزة. وقد كانت توصية الملك حسين للأمير حمزة بولاية عهد أخيه الملك عبد الله بمثابة الحل الوسط الذي افترض أنه يرضي زوجته الملكة، ويحافظ على استمرارية العرش.. ذلك أن اختيار الملك الراحل لنجله الأكبر وليا لعهده، لم يرض فقط نوازعه البشرية في توريث العرش لابن من صلبه، لكنه استهدف كذلك الحفاظ على وحدة ابنائه في مواجهة اخطار الأيام الأولى بعد غيابه، وهو ما يؤمنه الأخ الأكبر صاحب الحق الدستوري، لا الأخ الذي يحتل الترتيب قبل الأخير بين اخوته في ظل الدستور، وتقاليد هاشمية تقدم الكبير على الصغير.

كما كان لا بد من عودة الأمر إلى أصله قبل خمس سنوات، قرر الملك عبد الله الآن اعادة الأمر إلى أصله من جديد، متحرراً من الضغوط العاطفية التي حفلت بها لحظات ما قبل الوفاة. وهو القرار الذي كان لا بد من اتخاذه، فقرر الملك أن التعجيل به الآن أفضل من تأخيره إلى وقت لاحق، وذلك لجملة اسباب في مقدمتها أن التعجيل يجعل القرار متقبلا، حتى من أخيه الأمير حمزة، في حين أن التأخير من شأنه أن يكرس لديه شعوراً بامتلاكه حقا مكتسبا، مماثلا للشعور الذي انتاب عمه الأمير حسن من قبل.

إلى ذلك، فإن الملك عبد الله حقق خلال السنوات الخمس الماضية سيطرة كاملة على كل اركان ومكونات الدولة، وأثبت موجودية لافتة في قيادة المملكة على جميع الصعد الداخلية والخارجية، وعلى نحو لم يبق محاذير تحول دون اتخاذه قراره، الذي فضل أن يتخذه بوجود الأمير حمزة وأمه الملكة نور في زيارة مشتركة للأردن، كي يؤكد قدرته على اتخاذ قرار بهذا الحجم والأهمية، وعدم معارضة صاحبي الشأن لهذا القرار.

ثم إن الأمير حمزة رأي بنفسه كيف أن اخوته مجمعون على صوابية قرار أخاهم الأكبر الملك عبد الله، وهو لا يمكن أن يخرج عن هذا الإجماع، الذي يضم كذلك الأمير علي، الذي سبق لأبيه الملك حسين أن أعلن يوما أن الملك من بعده أخاه الحسن، ومن بعد الحسن ابنه علي، دون أن يتوقف الأمير علي عند هذا الكلام لأنه مخالف لأصل الدستور.. تماما كما قبل كذلك عمه الأمير حسن العودة لهذا الأصل.

ويشغل الأمير علي الآن قائد الحرس الخاص لأخيه الملك عبد الله، فيما يشغل أكبر اخوته الأمير فيصل قائد سلاح الجو. ولا جدال في أن الملك سيسند للأمير حمزة منصبا مناسبا، قد يكون خارج الجيش، بالرغم من أنه يحمل رتبة نقيب، بعد الإنتهاء من دراسته الجامعية.

تقليل الأخطار

وفي كل الأحوال، فإن اعادة الأمر إلى أصله من شأنه، كما يرى مراقبون في عمان، تقليل حجم الأخطار التي تتهدد شخص رأس الدولة، وهي أخطار تتهدد رأس كل دولة في العالم من قبل اصحاب غايات متعددة ليس بالضرورة أن تكون معروفة أو مكشوفة. ولا جدال في أن الملك حين اتخذ قراره كان يضع في اعتباره الطموحات غير العادية، المقرونة بالإندفاع نحو التنافس المزروع في نفوس النساء، خاصة حين تتجاوز مكونات المرأة النزوع الأنثوي باتجاه البروز وحب الظهور، إلى القدرة والرغبة على التخطيط، الذي سبق أن نجح في اطاحة الأمير حسن من ولاية العهد كمرحلة أولى.

وبقرار الملك الحكيم، يكون كذلك قد كرس الملكة نور ملكة شرفية، وهي التي سبق للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون أن وصفها لدى زيارته للأردن عند المصادقة على معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية بأنها ملكة الأردن وابنة اميركا. وبالتأكيد أن الملك عبد الله وطد علاقاته خلال السنوات الماضية مع الإدارة الأميركية على نحو لا يحوج أي ادارة في واشنطن للبحث عن ابناء لها في الأردن، وهو ما دفعهم إليه في حينه تخوفهم مما وصف بتوجهات اسلامية للأمير حسن، الذي كان معلنا كمرشح وحيد لارتقاء العرش.

أخيرا، فإن ولاية العهد باتت محسومة الآن للأمير حسين بن عبد الله، ليس فقط بحكم أصل الدستور، إنما كذلك لأن ما ينطبق على الأمير حمزة مما ورد في رسالة الملك إليه، ينطبق بشكل أو بآخر على بقية اخوته، ثم إن الملك لا يعقل أن يصوب اجراء ليقدم على مثله، وأيضا خارج الأصول.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف