يا سادة لا تستخفوا بعقولنا وكفاكم ارتباكا وارتجالا بقلم: بهاء الشطلي
تاريخ النشر : 2006-09-21
يا سادة لا تستخفوا بعقولنا وكفاكم ارتباكا وارتجالا

بقلم: بهاء الشطلي

عضو قيادة المبادرة الوطنية الفلسطينية

قطاع غزة

منذ الإعلان عن الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على لسان السيد الرئيس/ محمود عباس ونحن نسمع كل يوم مائة تصريح وتصريح من مختلف المسئولين وغير المسئولين وخاصة من حركة حماس وبعض المقربين من الرئيس ومن رئيس الوزراء، حول شكل الحكومة الجديدة ومضمون برنامجها ومحدداتها وآلية عملها، وانبرى الجميع يفتي من عنده وكأنه يود أن يسبق الآخرين في توضيح ملامحها أو تبنيه لفكرتها، فكثر آباء هذه الحكومة وفي المقابل كثر المتبرئين من برنامجها، حتى شعرنا بالإرباك وبحجم الارتجال السياسي الذي يمارس على الساحة الفلسطينية وبدأ يتعمق الإحساس فينا بهول الأزمة التي نعيش، مما اضطر الرئيس إلى الإعلان عن تجميد المشاورات بشأنها وهذه أيضا لم تسلم من التصريحات هنا وهناك والتأويلات لها، إن الأزمة التي نعيش يبدو أنها متجذرة ومتأصلة فينا وفي أحزابنا وفصائلنا وتنظيماتنا وتعكس مدى حالة الفوضى التي تحيط بنا، وتؤشر إلى غياب النظام الذي ما انفك مناضلنا الكبير د. حيدر عبد الشافي -شفاه الله من مرضه-أن ينبهنا إلى غيابه.

أعتقد أن الحصار المفروض علينا وما يعانيه شعبنا من دنك العيش ومرارته جراء الاحتلال يفرض علينا أخلاقيا ووطنيا أن يكون أدائنا أفضل مما هو عليه، وبالضرورة يتطلب أن نتعامل مع الأمور بأكثر عقلانية وحكمة وبشئ من الروية، لأن بالاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية إن كانت تكنوقراط أم غيرها هي مخرج للفصائل الفلسطينية أكثر منه للشعب الفلسطيني، وخاصة لحركتي حماس وفتح، فالأولى أُفشلت وأفشلت نفسها وكادت أن تُغرق نفسها وتفقد ما حصدته من شعبية نتيجة أدائها في الحكومة التي شكلتها وردات فعلها على الأحداث وتعاملها مع القضايا العامة وخاصة موضوعة إضراب الموظفين وتتصرف وكأنها مازالت حركة خارج الحكم، وهذا نابع يبدو من تأثير هالة النجاح الذي حققته في الانتخابات التشريعية، والذي كان لابد أن يكون دافعا لأداء مغاير أكثر مما هو عليه الآن كونها رفعت شعار (الإصلاح والتغيير) فلم نرى لا إصلاحا ولا تغييرا لحد الآن، والثانية فُجعت بالهزيمة ولم تتصورها أو تصدقها على الإطلاق رغم أنها نتيجة طبيعية لأداء اتسم بعضه بالفساد ولم تستطع أن تحقق السلام عبر الحلول والاتفاقات الجزئية التي أبرمتها، فلم تستطع أن تقبل فكرة أن تكون خارج السلطة، كما لم تستطع أن تلعب دور معارضة حقيقية، وأكثرية بقية الفصائل الأخرى مازالت تبحث لها عن مكان في هذا المعمعان لتبقى على الخارطة السياسية وتحافظ على مكاسبها التي حققتها، ونتيجة لهذه الحالة غاب النظام وغابت المرجعية وتعثر تشكيل القيادة الوطنية الموحدة، وما كثرة التصريحات الصحافية التي صدرت حول حكومة الوحدة إلا جزء من هذه الحالة فبتنا نصحو ونفيق كل يوم على تصريح جديد وآخر ينفيه، وثالث يشتتنا ويغرقنا في التيه، لا أتاهكم الله في صحراء كصحرائنا، وهنا نقول لهؤلاء وهؤلاء لا تستخفوا بعقولنا وكفاكم ارتباكا وارتجالا، ونطلب منك سيدي الرئيس وسيدي رئيس الوزراء أن احسموا أمركم وأعطونا زبدة الكلام وخيره، وانطلقوا نحو الوحدة الوطنية فالشعب معكم في هذا.

غزة في 19/9/2006