بانتظار إيكاروس أو جنون الخنازير بقلم:تيسير نظمي
تاريخ النشر : 2006-02-23
بانتظار إيكاروس أو جنون الخنازير بقلم:تيسير نظمي


بانتظار إيكاروس أو جنون الخنازير

تيسير نظمي

جنون البقر، انفلونزا الطيور وما بينهما من الجرثومة الخبيثة وما فوقهما من ثقب الأوزون والتهويلات المناخية وما تحتها من تسونامي وكاترينا وما هو سابق وما هو لاحق إختراعات رأسمالية بامتياز وبعد تفرد القطب الواحد لم يعد هنالك ثمة رادع او حسيب او رقيب، ومع ذلك بالنسبة للفقراء «الميتة واحدة» سواء جرى توظيف «جنون البقر» أو «أنفلونزا الطيور» أم لا فهم أساسا نباتيون ولن يصيب جنون البقر او انفلونزا الطيور لا الزيت ولا الزعتر ولا العدس ولا الحمص ولا الفول. فليمت من يمت باللحمة من التخمة او من الشائعة طالما الخنازير بخير ولم تصب بالجنون أو الانفلونزا. إنما ما هو ملفت للنظر هو أن تصاب ثقافات الشعوب بالمرض العضال مثل العولمة ولا أحد ينتبه للأمر. والنتيجة هزال ثقافي لا يرقى ان يتذكر احد من حملة الدال نقطة أن ايكاروس ومن قبله عباس بن فرناس حلما بالحرية والطيران وأخفقا دون مرض يذكر وإنما من قصور في التجربة البشرية تماما مثلما سقطت مركبة الفضاء الأمريكية قبل سنوات أشلاء ونتفا وكان على متنها قاصف المفاعل النووي في بغداد.

المشكلة ان هذه المواسم، جنون البقر وأنفلونزا الطيور تأتي وتذهب مصحوبة بكم من التهويل والتضخيم وكأن الفيروس ليس له أسبابه الكامنة في الجشع الرأسمالي. فينشغل الفقراء بها وكأن كل أيامهم ستيك وروست بيف وتشيكن تكا وما إلى ذلك من مبتكرات وكأن الحملة على الدواجن ستشغل الناس عن الدواجن السياسية والثقافية ونهب آلاف الهكتارات من الأراضي في القارة الامريكية الجنوبية من أجل تخصيصها كمزارع للأبقار والقضاء على فول الصويا فيها وفي المكسيك لتغذية أبقار الهمبورغر للطبقات الثرية. ومع ذلك ستظل وجبة المسخن الفلسطينية حية وسيدة المائدة حتى وإن سرقت المائدة في حقبة من الانتكاسات. ونشكر الله أن الأسود والنمور والفهود المعتقلة او الكامنة لم يصلها غير مرض الاعتقال والتجويع وخاصة في شباط، حيث تنعم القطط الفاخرة بالرفاهية والدفء وموسمها وإناثها وتعتقل فيه طيور الحرية وتحاول فيه أيضا دواجن الثقافة والصحافة جرح مشاعر إيكاروس وحفظ الله الديك الفلسطيني المتمرد من كل مكروه وإن كان يتأهب للطيران.

www.nazmi.org