النهضة البرازيلية بقلم جمال المتولى جمعة
تاريخ النشر : 2013-05-19
النهضة البرازيلية
البرازيل كانت تعد من الدول الفقيرة التى تعانى مثل ماتعانيه مصر من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية طاحنة ووصلت ديونها فى عام 2002 الى 260 مليار دولار فجاء الى الحكم الرئيس لولا دا سيلفا الذى لم يكن استاذا جامعيا بل دفعه الفقر الى عدم استكمال تعليمة الابتدائى وعمل ماسحا للاحذية ثم عامل فى محطة بنزين الى ان وصل الى رئيس اتحاد النقابات العمالية فى دولة عدد سكانها 200 مليون نسمة يعانى اغلبهم من مشاكل اجتماعية متمثلة فى الفقر والجوع والبطالة فى وقت كانت البلاد على وشك الانهيار فالديون الخارجية تجاوزت 250 مليار دولار والداخلية تضاعفت بنسبة 900% وزاد الفقر والتضخم والبطالة بطريقة غير مسبوقة وزادت معدلات الجريمة المنظمة .
فاستطاع بفضل الاخلاص والعمل الجماعى والارادة الشعبية ان يتبنى سياسيات اشتراكية لحل مشاكل الفقر وسياسيات ليبرالية لحمايه مصالح الاغنياء ومزج بين الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية .
فاستطاع ان ينقل البرازيل من هوة الافلاس الى قمة التقدم الاقتصادي فى خلال ثمان سنوات فقط وذلك برسم خطة طموحة للنهوض بالاقتصاد البرازيلى وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال فرض الضرائب التصاعدية . فحققت البرازيل انجازات اقتصادية اذهلت العالم تمكنت من تسديد كافة ديونها ووفت بالتزاماتها تجاة صندوق النقد الدولي قبل عامين من الموعد المحدد.
تعد البرازيل أحد النماذج التنموية البارزة في العالم التي استطاعت خلال 8 سنوات فى تحقيق نهضة تنموية فريدة من نوعها فى العالم فى الفترة بين
( 2003- 2010)حيث تقدمت البلاد تقدما كبيرا على مستوى الصعيدين السياسيى والاقتصادى والاجتماعى .
لتتحول من دولة فقيرة وصل تدهور اقتصادها الى حد رفض الصندوق النقد الدولى منحها اى قروض لارتفاع نسبة الدين الى مستوى غير مسبوق الى دولة تدين الصندوق ب 14 مليار دولار.
الان اصبحت البرازيل من افضل 20 اقتصاد على مستوى العالم حيث انتقلت من احدى الدول المتخلفة الى دولة تحتل المرتبة السابعة على مستوى العالم فى قوتها الاقتصادية متقدمة بذلك على بريطانيا .
بفضل هذه الرؤية الاقتصادية الناجحة للرئيس لولادا سيلفا " الخبير الاقتصادى برغم من افتقاره للخلفية الأكاديمية، إذ اقترح تمويل برنامج لمكافحة الفقر من خلال فرض ضريبة على صفقات الأسلحة في العالم.
حينما تولى لولا دا سيلفا الحكم وضع خطة اقتصادية من عدة محاور منها:
- تنفيذ برنامج صارم للتقشف ودعا الشعب للتحمل حتى يتعافى الاقتصاد باعتبارها الحل الامثل لحل المشكلات الاقتصادية وفقا لخطة صندوق النقد الدولى فأدى الى خفض عجز الموازنه وارتفاع التصنيف الائتمانى.
- تغيير سياسيات الاقراض حيث خفضت سعر الفائدة من 13 % الى 8% مما سهل الاقراض للمستثمرين الصغار تسهيلا باقامة المشروعات الصغيرة ,وتوفير فرص عمل ورفع مستوى الطاقة الانتاجية .
- الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة كالمسطحات المائية المالحة والعذبة ووفرة المياة والتى يشكل نهر الامازون احد اغنى واكبر الانهار فى العالم كما توجد مساحات شاسعة من الاراضى القابلة للزراعة فضلا عن نظام فعال للرى.. فتملك البرازيل عوامل مساعدة كالمناخ والارض والانهار والهطول المطرى مكنتها من انتاج محاصيل زراعية غير متوفرة فى بلاد اخرى بجانب امتلاكها ثروات معدنية ونفطية هائلة ، كما لديها طاقة هوائية وشمسية لم تستثمر بعد، فضلاً عن احتياطي اليورانيوم لانتاج الطاقة النووية.
- التوسع فى الصناعة القائمة على التعدين والمعادن والصناعات الغذائية والجلدية والغزل والنسيج والصناعات التقنية المتقدمة لصناعة السيارات والطائرات.
- تنشيط المجال السياحى حيث تمتلك البرازيل غابات وشواطىء وجبال مذهلة وابتكرت نوعا خاصا يعرف بسياحة المهرجانات حيث تمتلك تراثا شعبيا شديد الخصوصية ونجحت فى استقبال 5 مليون سائح سنويا.
- نجحت البرازيل فى تخفيص نسبة الفقر من 38 % الى 21% من خلال برامج طموحة مرتبطة بتطوير المنظومة التعليمية ومحو الامية وتطوير العشوائيات.
- وضعت مخططا استراتيجيا لمحاربة الفقر والحد من التفاوت فى الدخل .
- وضعت فلسفة اقتصادية مزجت بين الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
- تدعيم المزارع الصغير وشراء انتاجة مع التوسع فى القروض الصغيرة للمزارعين.
- منح معونات مالية مشروطة للاسر الفقيرة مع التزامها بتعليم ابنائها و تطعيم اطفالها بشكل منتظم .فقد وصل عدد المستفيدين نحو 11 مليون اسرة بما يعادل 33% من الشعب البرازيلى حيث ان البرنامج لم يقض على الفقر تماما بل حرك ملايين الاسر الى منطقة الطبقة الوسطى.
- انضمت البرازيل الى تكتلات اقتصادية اهمها (الميركوسور) فى امريكا الجنوبية و(البريكس) الذىيضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ..
- شجعت الدولة القطاع الخاص والعام على الاستثمار فى المناطق الفقيرة حققت نجاحا كبيرا فى نوعية استقرار اقتصادها الكلى خاصة بتقدميها دعما قويا للاعانات الاجتماعية.
وبعد هذه الاجراءات الاصلاحية الاقتصادية اصبحت البرازيل فى مصاف الدول المتقدمة وهى الان :
- تمتلك اقتصادا قويا يعتبر سابع اقتصاد على مستوى العالم بناتج قومى ضخم واحتياطى نقدى يبلغ 375 مليار دولار .
- اكبر منتج فى العالم للوقود الحيوى من خلال استغلال المخلفات الزراعية ومخلفات المواد الصلبه
- تعتبراول دول العالم فى انتاج البن والسكروالقمح والذرة والكاكاو وعصير البرتقال واللحوم وفول الصويا والاثيانول وخامات الحديد.
- تعد البرازيل ثانى اكبر الدول المالكة للماشية بعد الهند فلديها 200 مليون رأس من الماشية وهى من اكبر منتجى اللحوم فى العالم حيث تبلغ طاقتها الانتاجية 15 مليون طن والسادسة فى انتاج الالبان بطاقة انتاجية مقدارها 22 مليون طن.
- ثانى اكبر منتج للنفط فى امريكا الجنوبية بعد فنزويلا
البرازيل من اكثر دول العالم تشابها مع مصر فى نفس الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فالكثافة السكانية فيهما عالية وموقعهما الجغرافى متميز ..و الانتقال من الحكم العسكرى الى الحكم المدنى الديمقراطى مماثل لكل منهما.
امامنا فرصة كيرة للاستفادة من التجربة الاقتصادية البرازيلية العملاقة .. فيمكننا الاستفادة من مجموعة التجارب البرازيلية فى مجال برامج التنمية الاجتماعية وبرامج مكافحة الفقر والقضاء على الجوع .
تجربة البرازيل تستحق منا التأمل فلقد وصلت الى وشك الافلاس ولكنها تمكنت من النهوض خلال ثمان سنوات فقط لتصبح الان سابع قوة اقتصادية فى العالم بعد امريكا والصين واليابان والمانيا وفرنسا وهى اقوى اقتصاديا من بريطانيا وايطاليا وروسيا وكندا وناتجها القومى الاجمالى 2و3 تريليون دولار .
وهى معجزة لم تتحقق فى يوم وليلة بل كانت ثمرة لاصلاح اقتصادى استمر 11 عاما بدأها دا سيلفا وتسملت الراية من بعده السيدة ديلما روسييف الرئيسة الحالية للبرازيل .
ان زيارة الرئيس مرسى الى دولة البرازيل تعطى لمصر الامل فى الاستفادة من التجربة البرازيلية العملاقة وكيف يمكن الاستفادة منها فى سعينا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ان الواجب علينا ان نتوجه الى العمل والانتاج والبعد عن الاعتصامات والمظاهرات المدمرة والتركيز على النمو الاقتصادى حتى نتقدم كما تقدمت البرازيل وغيرها من الدول المتقدمة .واهم من ذلك كله نبذ الفرقة والانقسام والمواقف المناوئه والمعوقة للرئيس والحكومة .
والحمد لله لدينا الموارد الطبيعة والكفاءات البشرية التى يتحقق بها هذا الامل غضون سنوات قليلة .
جمال المتولى جمعة
المحلة الكبرى