مكتبة هلسنكي الجامعية بقلم:د.حسيب شحادة
تاريخ النشر : 2005-10-22
مكتبة  هلسنكي  الجامعية بقلم:د.حسيب شحادة


مكتبة هلسنكي الجامعية

ا.د. حسيب شحادة

جامعة هلسنكي

منَ السِّمات الثقافية المميزة في فنلندا انتشار المكتبات العامّة في جميع أنحاء البلاد، حتى في المناطق الريفية النائية وذات الكثافة السكانية المنخفضة جدّا، يجدُ المرء ما يسمّى بالمكتبات المتجولة، أي في الحافلات. هذه الحافلات تأتي إلى ساحة المدرسة في مواعيد معروفة ومحددة مسبقا. بالنسبة لعدد السكان ، 5,2 مليون نسمة والمساحة قرابة 330 ألف كم مربّع، فإنّ بلاد الشمال هذه تحتلّ إحدى المراتب الأولى في العالَم من حيثُ القراءةُ والمطالعة وإصدار الكتب واستعمال الإنترنت والهواتف الخليوية، لا سيما نوكيا الفنلندية. افتتحت أوّل مكتبة عامّة في هلسنكي عام 1860 واليوم هناك 35 مكتبةً عامّة في العاصمة وفي مستشفياتها 17 مكتبة، وفي مدينة فنتا القريبة من العاصمة، حيث المطار الدولي، عشر مكتبات. بالإضافة إلى الكتب والمجلات يمكن استعارة الكاسيتات الموسيقية والتعليمية اللغوية وأشرطة الفيديو والسي دي، واستعمال المكتبات مجاني وميّسر للجميع وينسحب الأمر ذاته بخصوص الإنترنت، إلا أنه في هذه الحالة لا بدّ من حجز مسبق. وهناك كتب بلغات شتى ومنها العربية وذلك لوجود جالية عربية تعدادها بضعة آلاف.

تُعتبر مكتبة هلسنكي الجامعية المركزية الواقعة بالقرب من مركز المدينة في شارع أونيوننكاتو، مقابل كاثدرائية هلسنكي، أقدم وأكبر وأهم مكتبة في فنلندا، إذ يعود تاريخها إلى عام 1840، صمّم بنايتها الرئيسية المهندس المعماري الألماني الأصل، كارل لودفيغ إنغل، أما مصمّم الروتندا الجميلة فهو غوستاف نيستروم عام . 1906

يقع بالقرب من المكتبة أقدم مبنىً في هلسنكي وهو بيت سيدرهولم الذي شيّد سنة 1757. تأسّست مكتبة جامعة هلسنكي في مدينة توركو، أوبو أكاديمي، العاصمة الأولى لفنلندا سنة 1640 . بعد قرنين تقريباً، وعلى وجه التحديد، عام 1828

انتقلت المكتبة المذكورة بأمر القيصر نيقولا الأوّل إلى جامعة هلسنكي، التي حملت الاسم - جامعة ألكسندر الملكية في فنلندا. كان عدد الطلاب عند افتتاح الجامعة في العام المذكور 339 طالبا وفي العام 1910 ارتفع إلى 2610 أما اليوم ، في مستهلّ القرن الحادي والعشرين، فيصل عددُ الطلبة إلى ثلاثين ألف طالب وطالبة تقريبا من بينهم حوالي ألف طالب أجنبي. ومما يجدر ذكره أن الطالبة الأولى بالجامعة قد التحقت بها عام 1872 واليوم يشكّل عدد الطالبات حوالي 60% من مجموع الطلبة.

يصل عدد العاملين الدائمين في المكتبة حاليا إلى172 شخصا ويقدّر طول رفوف الكتب بمائة كيلومتر ويصل تعدادُها إلى 2,6 مليون كتاب وإلى 2,7 مليون وحدة أخرى. في قاعات المكتبة 300 مقعد للقراءة والمطالعة ، 71 حاسوباً، أستوديو للموسيقى وقاعة لقراءة الفليمات، الميكروفيلمات. يقدّر عدد الكتب على الرفوف التي في متناول يد القرّاء ب 450 ألف كتاب والاستعارة السنوية هي بواقع 350 ألف كتاب. يرى الزائر للمكتبة في الصالة الأولى صالة القبّة رسوماتٍ للبومة والديك والتّمّ، الإوّز العراقي، والنسر وهذه الطيور ترمز إلى الحكمة واليقظة والغناء والقوّة.

دأبت مكتبة هلسنكي على الدوام أن تكون رمزا للثقافة الوطنية. تعود أقدم مخطوطة في المكتبة إلى القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد وهي على ورق البردى. على الصعيد العالمي لا بدّ من الإشارة إلى المجموعة السلافية الكبيرة والهامّة التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهميةُ في العالَم بعد مكتبات روسيا لا سيّما في موسكو وسانت بطرسبورغ. يعود ذلك إلى أن فنلندا كانت تحت الحكم الروسي مدّة قرن من الزمان ونيّف، وكان على روسيا تزويد فنلندا بنسخة من كل ما كان يصدر فيها من منشورات. هذا الكنز الثقافي هامّ جدا لدراسة الثقافات واللغات السلافية. تقدر القيمة المادية لمكتبة جامعة هلسنكي بحوالي خمسة عشر مليون يورو.

[email protected]