ثقافة الكراهية بين الشعب ومؤسسات السلطة في سوريا بقلم:خليل الوافي
تاريخ النشر : 2012-03-14
ثقافة الكراهية بين الشعب ومؤسسات السلطة في سوريا بقلم:خليل الوافي


أعتقد أن المجتمع الدولي ،لم يدرك بعد حقيقة المجازر التي ترتكب في حق شعب أعزل،أراد له أن يحلم بالحرية في مستنقع الموت الوحشي .والذي تجاوز جميع القيم الإنسانية في أبشع صور سادية ،تملأ القلب بالغيظ و المذلة ،وتشعرك الصور المتسللة من ثنايا أجساد مثخنة بالعويل والصراخ الذي يشق كبد السماء ،وقتل مجاني في مواسم الصيد،تحرك الأيادي في تجاه براءة حرمت من طفولتها الأولى دون أن تعرف معنى الحياة في ابتسامة رضيع وهو ينظر إلى وجه أمه الثكلى.لا يوجد متسع للمشاهدة المحايدة في زحمة تراكم الجثت فوق بعضها البعض،لتكتمل الصورة الجارحة في عمق كبرياء خانته شهامة الأبطال أمام مذبحة كرم الزتون وأخرى نسيها التاريخ في حماة ودرعا عندما كان الأب الرئيس يداعب شبله الأليف يلقنه فنون الصيد على جواد خاسر ،سرعان ما تبين أن السحر تغلب على الساحر ،وانقلبت موازين القوى لصالح الظلم في كثير من حالات التماثل بين حنكة الشيخ و براعة الإبن في تحمل مسؤولية شعب تغيرت مفاهيمه للحياة و للموت .وقد أخطأ من كان جازما أن خيار الحل الأمني سيأتي بنتائج مبهرة ،حسب دورة التاريخ التي تعيد نفسها لكن في محيط تغيرت ملامحه كثيرا،ولم يعد الأمر هينا بهذه السهولة حيث اختفت مظاهر الخوف في الشارع العربي ،وبات مقتنعا بدوره الأساسي في الإصلاح و التغيير.
تعددت مظاهر الإحتجاج في محاربة الظلم و الفساد ،وإن اختلفت ألوانه فالحق واحد لا يقبل القسمة،لكننا اليوم نعيش فترة عصيبة تلاشت فيها قيم الإنسان ،وتخاذل العالم في نصرة الحق ورفع الظلم على الشعوب المغلوبة على أمرها ،بعيدا عن المصالح الذاتية التي أصبحت تعكس حقيقة النوايا الإديولوجية التي تنهجها سياسة العالم المتقدم في امتلاك آليات التحكم و السيطرة على مقدرات الشعوب المقهورة ،لاتملك إلا إرادتها القوية في التغيير ،وضرب مصالح القوى الإستعمارية في إمتصاص دماء شباب الثورة ،وتوجيه التيار الربيع العربي نحو أهداف معروفة سلفا ،و في الوقت الذي تقاعست الأنظمة العربية في لعب دورها الحقيقي للدفاع عن شعوبها ,واقتصرت على محيطها العائلي والعشائري ,وانحصرت الرؤية داخل انانية مغولية في اقتراف ابشع الجرائم دون رحمة و لاشفقة,وتاكد للجميع ان السلطة الحاكمة في وطننا العربي ماتزال تفكربمنطق العصا لتربية المواطن على الطاعة المتزايدة ,والولاء الاعمى في عبادة السلطان وتاليهه في زمن الديمقراطيات المتقدمة.
ولم يكتف الامر الى هذا الحد,بل تنوعت وسائل الادعان والتجويع الى حدود لم تشف غليل من اراد كسب ثقة شعبه بيد من حديد لاصلاح اعوجاج الفئات الغاضبة ,وتقويم الوعي الشعبي نحو الخضوع والاستسلام لواقع عربي يتراجع الى الوراء,وكانه يحن الى عصور المحارق و القبور الجماعية ,والجثت المشوهة لا تعرف صاحبها ,والقرابين التي تذبح على اعتاب الشام ليزيد في عمر السلطان ,هكذا قالت عرافة دمشق ,واكدت على ذبح الاطفال والنساء لفتح الجولان والدخول الى القدس.
اندهش الى جيش نظامي اراد له ان حمي شعبه ,كما هو متعارف عليه في بقاع العالم,لكن الجيش العربي غير الادوار ,وعوض ان يدافع على وحدة الاوطان والحدود,والحفاظ على سيادة البلاد والارض والعرض والشرف,تحول الى جيش رئاسي يدافع بكل الوسائل الممكنة لبقاء الحاكم اطول فترة في حكم العباد والبلاد,وتغير اساليب القمع ,واخذ منحى خطير في التعاطي مع سلطة الشعب المكبلة بالنهج الجديد الذي تمارسه بعض القيادات العربية في حق شعوبها ,والمتمثل في التصفيات الجسدية والمذابح الجماعية ,واحراق معالم الجريمة بكل مكوناتها الدالة على تورط الشبيحة والامن والجيش العربي السوري ,واخفاء الشهدات مما تبقى من احياء ,وهي تسابق الزمن بقتل عدد اكبر من المدنيين بحجة الارهاب وانخراط القاعدة في مسلسل التضليل الاعلامي الذي تمارسه مؤسسة البعث والطائفة العلوية,بمباركة روسية في القضاءعلى ثورة الكرامة السورية التي ودعت عامها الاول ,والحافل بمتغيرات في المشهد الحراكي الذي وصل الى عمق دمشق وحلب ,ورغم تكافؤ الة النظام الى جانب الجيش الحر فان رياح التغيير بدات تعصف بقوة ,تعلن بشائرها الاولى ان الثورة السورية في تجاه معانقة الحرية واسترجاع كرامة المواطن ,والاطاحة بنظام استبدادي ابان عن وحشية موغلة في القدم .

وزرع حدود البلاد بالألغام و الموت حتى لا تصل أفواج النازحين عبر لبنان و الأردن وتركيا ، وقطع الطريق على الشهادات و الصور الفاضحة لسلوك النظام الهمجي في مسح الذاكرة السورية من هذه التراجيديا المأساوية التي يعيشها الشعب كل اليوم ،ـ إنه يعتقد ذلك ـ ويوهم نفسه أن فعل القتل سيعيد الحياة الطبيعية إلى ماكانت عليه من قبل ،ولا يمكن الحديث عن سقوط مفاجئ لرموز النظام البعثي في هذا الظرف ، لأن السيطرة على الأرض قائمة ، ولا يعلمون بما تجيد به السماء في أية لحظة.

خليل الوافي

[email protected]