فيلم " غزة بوستر " في الأمم المتحدة بقلم: عزالدين شلح
تاريخ النشر : 2011-10-13
  فيلم " غزة بوستر " في الأمم المتحدة

                                                 عزالدين شلح

 

يعشقون السينما.. يحلمون.. يصممون بوسترات لأفلام لم تنتج بعد، أخوة لا تفرق بينهم في الشكل واللون وعشقهم الجميل للسينما، يرتادون منذ زمن فضاء دار عرض سينمائية هجرها روادها، واحتلت الحشرات بعض أركانها، يستمتعون بطبيعة المكان، ببقايا بوسترات قديمة لأفلام عربية وهندية وصينية ما زالت تغطي حوائط دار العرض المهجورة، يشعرون بأنهم خلقوا ليكونوا هنا، يتلمسون بشغف البكرات السينمائية المتناثرة داخل فضائها المغلق، يرمون بأنفسهم فوق تل من أشرطة البكرات السينمائية الممزقة والمنتهية الصلاحية منذ أكثر من عشرين عاماً، وربما أكثر من ستين عاماً، يوم أن هُجر الشعب الفلسطيني وتشتت حلمه في إقامة دولته الفلسطينية.

عرب وطرزان أخوين عاشقين للسينما، يودان أن يحولا الحلم إلى حقيقة، ليكونا أبطالاً لأفلام سينمائية،  يرصدهم المخرج خليل المزين وهم يجسدون حلمهم في فضاء دار عرض سينمائية مغلقة، يتحسسون هموم الناس من حولهم، معاناتهم، آلامهم، حصارهم، أستشهادهم، والحرب الشرسة على غزة والتي عجزوا من هولها تجسيدها في بوستر يعبر عن عمق الماساة، لا يملكون أموال لإنتاج الأفلام، إلا أن حبهم وعشقهم للسينما وفلسطين وما يعيشونه بشكل يومي، يخلق لديهم أحساساً بضرورة التعبير عن معاناة شعبهم، أذهلهم أسماء العمليات العسكرية التي ارتكبها جيش الإحتلال الإسرائيلي وما تحمله من معان تعبر عن عمق بشاعة الإحتلال– أمطار الصيف، الرصاص المصبوب، أيام الندم، رحلة بالألوان- نشاهدهم باداء تمثيلي يعبر عن تلك الأسماء، يصممون لها بوسترات لأفلام بدون أفلام، ويأملون أن يُنتج فيلم لكل بوستر في الغد القريب.

يختار المخرج زوايا الكاميرا بعناية، يتنقل بين مشاهد فيلمه بشكل جميل، ويرسم لنا إضاءة وموسيقى تنسجم مع هذه المشاهد، ومع عشقهما للسينما، ليوثق لنا الحكاية في خمس وعشرين دقيقة، يعبر عن غزة من خلال تعليق دافئ تلمس فيه معاناة أهلها "عيشوا مثلنا لتدركوا أن عزة أصبحت بكاملها وكانها دار عرض، الناس ومعاناتهم تحنطوا على أبوابها في بوستر نحن فيه الفكرة والقصة، الممثلون ولحظة الألتقاء، ونحن في داخلها المتفرجون ولكن من غير مقاعد".

ربما أصبحت غزة دار عرض كبيرة، بل أننا كفلسطينيين أصبحنا نشعر وكأننا فيلم  سينمائي يشاهد في شتى أنحاء العالم، ويعرض حتى في الأمم المتحدة، فيلم له العديد من المخرجين، يحاول كل منهم أن يرسم  خطه الدرامي ونهايته وفق رؤيته القاصرة، غير مكترث لشعب يعشق الحرية، شعب أبا إلا التمسك بثوابته رافضاً كل العروض الدعائية، ونجح في أن يقدم رؤيته بثبات في ظل تهديد المُنتج بوقف التمويل، ليؤكد مخرجنا بأن الحرية عنواننا فصفقوا له بكل حرارة.