الشاعر عزالدين المناصرة يتسلم جائزة القدس في القاهرة مع نص الكلمة
تاريخ النشر : 2011-07-22
الشاعر عزالدين المناصرة يتسلم جائزة القدس في القاهرة مع نص الكلمة


الشاعر عزالدين المناصرة
يتسلم جائزة القدس في القاهرة

الشاعر (المناصرة) يتسلّم جائزة القدس من وزير الثقافة المصري والأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، ويظهر في الصورة الدكتور ناصر الدين الأسد (الحائز على جائزة نجيب محفوظ).
القاهرة- بحضور اتحادات وروابط الكتاب الأدباء العرب، تمَّ تسليم (جائزة القدس) للشاعر الناقد والمفكر الكبير (عزالدين المناصرة) في مقرّ اتحاد كتاب مصر بقلعة صلاح الدين في القاهرة، حيث سلّمها له في احتفال كبير الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة المصري، ممثلاً لرئيس وزراء مصر الدكتور عصام شرف، والأستاذ محمد سلماوي، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب. وحسب قانون هذه الجائزة التي يمنحها اتحاد الأدباء والكتاب العرب، فهي تمنح (لأعمال فنية أو نقدية أو فكرية عالية المستوى في خدمة الثقافة العربية وقضية فلسطين، لمبدع له مكانة متميزة في الإنتاج الإبداعي العربي في مجالي الفكر والأدب، بحيث يعتبر إنتاج هذا المبدع إضافة جديدة إلى ثقافتنا العربية وانتمائنا الإنساني).
وقد أنجز (الشاعر المناصرة)، أحد عشر ديواناً شعرياً جعلته في طليعة الشعراء العرب، وأنجز عشرين كتاباً في النقد الأدبي، والتاريخ والفكر. كما خدم الثقافة والتعليم العالي في عدد من البلدان العربية، إضافة لمشاركته الفعَّالة في الثورة الفلسطينية المعاصرة. وصدر عن تجربته الشعرية، (21) كتاباً نقدياً علمياً أغلبها رسائل ماجستير ودكتوراه في عدد من البلدان العربية. ومن المعروف أن (جائزة القدس)، هي جائزة الإجماع الثقافي العربي، منحت سابقاً لعبد الوهاب المسيري، والروائية السورية كوليت خوري، وينص قانونها على أنها بلا رصيد مالي، لكنها جائزة معنوية كبيرة. وفيما يلي نص الكلمة الني ألقاها (عزالدين المناصرة) في حفل القاهرة:
كلمة الشاعر الكبير عزالدين المناصرة
في حفل تسليم (جائزة القدس):
فلسطين هي المبتدأ والخبر

الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة بمصر، ممثلاً لرئيس وزراء مصر.
الأستاذ محمد سلماوي – الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
أيها الحضور الكريم
يناضل الشعب الفلسطيني منذ قرنٍ وربع بالتمام والكمال من أجل تحرير أرضه من الاستعمار الاستيطاني، وما يزال. كانت مساحة فلسطين التاريخية قبل عام 1916م، (خمسين ألف) كيلو متر مربع. ثمَّ تقلّصت هذه المساحة إلى (سبعة وعشرين ألف) كيلو متر مربع. وقبل نكبة 1948، كانت نسبة أبناء (الطائفة اليهودية الفلسطينية)، هي (7%) من أبناء الشعب الفلسطيني. ومنذ عام 1948، أصدرت الأمم المتحدة مئات القرارات بشأن فلسطين والقدس، لم تنفذ منها (إسرائيل) قراراً واحداً، وفي مقدمتها قرار حق العودة والتعويض (194). منذ مؤتمر (مدريد)، واتفاق أوسلو، جرت المفاوضات العبثية على (22%) من أرض فلسطين التاريخية دون جدوى. وأنتم تعرفون أنه ليست وظيفة (الضحية) أن تبحث عن حلول للجلاّد، والمحتل العنصري.
أيها الحضور الكريم
وُلدت في (محافظة الخليل) على بعد خمسة كيلومترات من قبر النبي إبراهيم، وعلى بعد عشرين كيلومتراً من بيت لحم، مكان ولادة المسيح، وعلى بعد أربعين كيلومتراً من (مسرى محمد) في القدس أي في (فلسطين الوسطى)، التي يسمونها (الضفة الغربية). ولدت قبل عامين من زرع (الدولة الخازوق) في فلسطين: ركبتُ مئات الطائرات في حياتي، لكن طائرة واحدة هي التي أحفظ تفاصيلها هي الطائرة التي أقلّتني من القدس إلى القاهرة ليلة الخامس عشر من أكتوبر عام 1964 للدراسة في (كلية دار العلوم – جامعة القاهرة). كانت حلاوة عنب الخليل ما تزال بين أسناني، لكن نكسة 1967 دخلت إلى قلبي وأدمته، فولدت شخصية (امرئ القيس) في شعري. هكذا بدأت رحلة حياتي الصعبة في عدد من البلدان العربية، وفي أوروبا الشرقية: عشت في فلسطين ثمانية عشر عاماً، وها أنا أعيش في المنافي منذ عام 1964، حيث لم يسمح لي بالدخول إلى فلسطين حتى اليوم. أنجزتُ خلال سنوات المنفى (أحد عشر) ديواناً شعرياً، كُتب عنها (واحد وعشرون) كتاباً نقدياً علمياً، أغلبها رسائل ماجستير ودكتوراه. وأنجزتُ (عشرين) كتاباً في النقد الأدبي، والتاريخ، والفكر. وتعلّمتُ من المنفى دروساً صعبة ثمينة في ثقافة المقاومة والحداثة.
تأسست حضارة (أريحا)، أقدم مدينة في العالم في الألف التاسعة ق.م. وتأسست (بيت مقدشا)، أي القدس، أو (أورسالم) حوالي (3200 ق.م.)، وكانت عاصمة الشعب الفلسطي الكنعاني. وتأسست (دولتان فلسطينيتان): إحداهما قديمة هي (مملكة فلسطين الأدومية) التي عاشت في الفترة من (37 ق.م.) وحتى (100 ب.م.)، قادها (حَرَدْ الأدومي العربي) الفسلطيني الذي ولد في مدينة عسقلان، وكانت أمُّه (نبطية). أما الدولة الأخرى، فقد كانت في القرن الثامن عشر، وكان يقودها (ظاهر العمر الزيداني)، وعاصمتها عكا، لكن الدولة العثمانية حاربته وهزمته في طبريا.
أيها الحضور الكريم
لقد استطاعت (منظمة التحرير الفلسطينية)، بمساندة من مصر وسوريا منذ عام 1964، وبموافقة الأردن، وبدم شهداء الشعب الفلسطيني، استطاعت أن تستعيد (الهوية الفلسطينية)، وأن تضع فلسطين على خارطة العالم، لكنها منذ اتفاق أوسلو لم تستطع إبداع معادلة ممكنة هي: (المقاومة – التفاوض). والمطلوب هو العودة إلى فلسفة التحرر الوطني، والعودة إلى الثوابت الفلسطينية، لمواجهة تدمير البيوت، وسرقة الأرض، وبناء المستوطنات، واغتيال البشر، وتهويد الأمكنة. لقد خاطب الروائي اليوناني (كازانتزاكيس)، الحركة الصهيونية عام 1927، قائلاً: (لن تجدوا الأمن والسعادة هنا في فلسطين... ولأنني أحب اليهود، آمل أن يتمكن العرب من طردكم من فلسطين عاجلاً أو آجلاً). نعم: فلسطين هي المبتدأ والخبر، ولا سلام في العالم كله، إلاّ بعودة أصحاب الأرض الأصليين إلى وطنهم فلسطين الذي لا وطن لهم سواه.
السماءُ التي لا تنحني
الأرض التي لا تنكسرْ
البحر الذي يُغويني
هذا هو الفلسطينيّ
هذا هو الفلسطيني.