ثورة الجمال في زمن الياسمين بقلم: هالة فهمي
تاريخ النشر : 2011-02-06
لم أكن أدرى منبع تلك الثقة التي أعشوشبت داخلي، بأن نهاية الظلم قريبة جدا .. أن الفجر أصبح إشراقه قاب قوسين أو أدنى .. كانت ثقتي تنبع من داخلي وسط فساد استشرى حتى لامست سخونته أطراف السماء .. لم أكن أدرى منبع ثقتي وإنما لم يخامرني الشك لحظة لا بالثورة ولا بمن قاموا عليها.
هؤلاء هم شبابنا أولادنا الذين حاول الطغاة تغييب عقولهم خلف كل الموبقات .. ولكنهم لم يستطيعوا تغييب ضمائرهم .. انتفضوا انتفاضة رجل واحد أشعلوا قلوبهم وهتفوا – لبيك يا وطن –
طالبوا بحقهم في الحياة .. والحياة لا تنبت في حضن الموت .. ولا تزهر في زمن الممياوات .. كان لابد من وئد الخوف .. وسحق تلك الطواطم .. ثار الياسمين ثورته البيضاء .. أشعل فتيل الحب البرئ وهبت عاصفة التغيير .
تبدل زمن العفن والركود والسباحة في مائهم الآسن .. خرج الشباب بنفس الوجع .. نفس الرغبة في عبق الحياة المختلف .. عبق نظيف .. أشرق الفجر في تونس وامتد لمصر ومنها سيعم العالم العربي بضوئه الناصع .. ستشرق الشمس من بين أصابع شبابنا وإن ارتوت البلاد بدمائهم الذكية العطرة .. هى ثورة عربية أهداها لنا الشباب.. ولكن كانت هدية القدر واستجابته لنا عندما أردنا الحياة ؛ألا يفجر الشباب ثورته الناصعة فقط .. إنما أن يتحول إلى المبضع الذى يفتح الجرج ويطهره .. فكانت ثورة الجِمال ثورة الشعب الذى لحق بعيدان الياسمين .. تخلف قهرها للطغاة تتخلص عن وجعها .. تنسلخ عن جلدها السميك الذى فقد الإحساس .. بعد أن وهن عودنا .. أجيال سمحت للفراعين الطغاة بمص دمائها وجدل شرايينها حبالا لربط ألسنتها وخنق رغباتها .. ما تخيلنا يوما أن تتغير الخريطة الجينية لأفكارنا ومشاعرنا .. هانحن نهب جمالا ثائرة تحطم كل خوفها وتحملها وصبرها على كل شئ بدءا من الجوع والعطش وانتهاءا بالسير في صحراء الوجع والألم لسنوات طويلة .. ثورة الجِمال في زمن الياسمين .. ترى عما تسفر؟! أعتقد أن الإجابة ألا تراجع ولا استسلام لزمن العفن .. لزمن الوطن القبر .. الوطن الكفن .
أشعل الياسمين نفسه في أعين الجمال فثار الشعب الذى تغير فيه كل شئ فجأة وبدون مقدمات .. كحلم أو رؤية عاد إلينا كل ما ضاع منا.
هل أستطيع وصف المصرى الأصيل يكفي أن تعرف ألا مثيل له .. هو شموخ المصري القديم صاحب أكبر حضارة في العالم .. والعربي الصميم الذى أنار العالم بعلومه وأفكاره وديانته التي هذبت الإنسانية. عاد المصري العربي .. فأهلا بهذا النبيل .. الفارس المغوار .. أهلا بخير أجناد الأرض .. أهلا بمن هم في رباط إلى يوم الدين .. أهلا بالثائرات المصريات اللاتي حكى عنهن التاريخ ملكات .. أمهات قدمن أولادهن ، أزواجهن .. وبنات قدمن أرواحهن .. فإن كان الرجل هو المدفع كانت هى البارود .. فليكتب التاريخ صفحة جديدة عن مصرى جديد قديم .. مصرى خرج من فوق جدران المعابد وكتب التاريخ والكتب السماوية .. مصرى ثائر حر .. ولد يوم 25/ يناير / 2011 مصرى كتب ملحمة الصمود في ثورة الجِمال في زمن الياسمين .. لتسلمي مصر بأبنائك.

4 فبراير 2011 ( جمعة الرحيل )