قرد داروين .. وإنسان د/ زغلول النجار بقلم:صفوت صالح الكاشف
تاريخ النشر : 2010-12-05
القاهرة_مصر
هناك معركة علمية نشبت وقتا مضى على خلفية نظرية التطور لداروين ، وإكتشاف حفرية لأقدم إنسان ظهر على البسيطة وهى حفرية أردى (تشبه القرد مستقيم البنيان) ولمعرفة أبعاد المعركة وإتجاهات سيرها المختلفة يلزم لنا أن نناقش آراء داروين أولا ثم نتطرق الى آراء د.زغلول النجار(عالم مصرى).وذلك على أساس من الإيجاز.
آراء داروين : وضع داروين آراءه وصاغها من خلال نظريتة التى تفسر أصل الخلائق ،وظهور الإنسان.. والتى تفترض أن الحياة نشأت نشأة مادية (دون خالق) عبر ملايين السنين . من خلية أميبا واحدة أو مايشبهها ثم تطورت وتمايزت الى كائنات ثنائية الخلايا ثم الى عديدة الخلايا ، ومن ثم مهد هذا لظهور الكائنات الأعقد تركيبا كالقرد فالأنسان.الذى يأتى على قمة سلم التطور.
تقول النظرية أيضا بأن هناك جدا مشتركا _سلفا واحدا_لكل من القرد والإنسان ، وربما أوحى التشابه الشديد بين الشمبانزى والإنسان إلى هذا التصور، وذلك لأن داروين لم يقدم لنا دليلا علميا واحدا على وجود هذا السلف المشترك، وإنما هو مجرد فرض مع مراعاة أن حفريات أشباه الإنسان كان أكتشافها تاليا وليس سابقا .
لم تتعرض النظرية لتطور النباتات فهى غير معنية بها.ولا بأسس تخلقها.
هذه هى الفكرة المحورية وراء النظرية التى بناها داروين على أساس من مشاهداته للكائنات الحية المتنوعة فى جزر جالاباجوس بالمحيط الهادى أساسا ومن خلال رحلة قام بها على ظهر سفينة الأبحاث بيجى ، والرحلة تمت خلال القرن19الميلادى.
أما الإنسان كما يراه د.زغلول: فهو الإنسان كما ورد فى القرآن الكريم ،حيث قال تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون...) سورة الحجر.
والإفادة الماثلة هى أن الإنسان قد خلق هكذا مباشرة بالأمر الإلهى.
قال تعالى أيضا [(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14) س. المؤمنون] البيان السابق يمثل تصويرا بديعا لمراحل خلق الإنسان ، كتكرار لإنسان خُلق من قبل بكلمة كن .وهذا الإنسان هو آدم أبو البشرية الحالية ، التى ننتمى نحن جميعا إليها.
تقر الآيات بحقيقة خالدة وهى تطور الخلق ، وتعدد مراحله ، أذن فلقد سبق القرآن بهذه الحقيقة (حقيقة التطور) وكما ترون فأن التطور يأتى هنا متسلسلا على مستوى المخلوق وهو الإنسان(هنا)..وليس على مستوى سلالات متشابهة كسلالة القرد ، والإنسان مثلا ....
قال تعالى أيضا(لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم) ...وليس هناك أحسن من هذا القول للإقرار بحقيقة خالدة هى حقيقة التقويم الحسن الذى لايستلزم تطورا البتة. ولكن من الممكن أن يتطلب تكيفا لشتى البيئات الى يعيش فيها الكائن الحى .
فالإنسان هو هو كما خلقه الله جيلا بعد جيل فلا تبديل ولاتعديل فى الأجيال.
ليس هذا فقط ، حيث يقر القرآن بحقيقة أخرى ، فيخبرنا الله تعالى عن أجيال سبقتنا على ظهرالبسيطة من نسل آدم (كانوا أشد منكم قوة وإيثارا، وعمروا الأرض أكثر مما عمروها ) .....وهذا عكس ما أتى به داروين ، فمن سبقنا من نسل آدم .كان أكثر تطورا من حيث القوة وإعمار الأرض .كما أوحى القرآن الكريم ...
لايستطيع د.زغلول مجافاة ما أتى به القرآن الكريم من حقائق عن خلق الإنسان تحديدا ،حسبما يرغب البعض
ثم أن الدكتور زغلول كثيرا مايُهاجم من قبل غير المسلمين ، لسبب من تطرقه الى ماحدث من تحريف فيمن سبقنا من كتب سماوية ، حيث لم يفطن البعض إلى أن الدكتور زغلول لم يأتى بشىء من عنده ، وإنما من لدن القرآن الكريم ، وهو طبقا لما يؤمن به لايستطيع أن يخالف هذه الحقيقة ، إعتمادا على أن الكتب السابقة للقرآن ، هى كتب مترجمة ، قد شابها عدم دقة فى النسخ ، أو النقل أو حتى الترجمة ، ومن لنا غير الله كى يرشدنا الى
ذلك لسبب من أنه الأول بلا إبتداء والآخر بلا إنتهاء، وهو خير الشاهدين.
المهم الآن أن نظرية داروين وهى مجال مناقشتنا قد أقرت بما يلى :
1/نشأت الحياة من خلية واحدة (الأميبا) وأفترضت عدم رقى هذه الخلية برغم أن هذه الخلية لاتموت أبدا عكس الكائنات الأرقى.أذن فهى الأرقى بسبب من خلودها.
2/لم تتعرض النظرية لتطور النباتات ، مع مافى هذا من قصور.
3/ لم تراع النظرية أن الخلية الحية الواحدة بها تقنية_تكنولوجيا_ راقية جدا ، تفوق ما توصل إليه الإنسان من تقنيات ولحد الآن ،على مستوى الكائنات الحية فى معظمها ، حتى ولو كانت خلايا حشرة ، أو ضفدع ، أو سمكة ، أوحتى قرد.
4/عدد الصبغيات الوراثية فى القرد48وفى الإنسان46والمفروض أن يزداد العدد فى الإنسان ، بسبب من تطوره كما تشى النظرية ..
5/تفيد النظرية بأن الخلق تم _طبيعيا_ وبالصدفة ، ودون خالق ، أذن النظرية تتعارض مع جميع الأديان السماوية ..
6/لم تقدم لنا النظرية ،الحفرية الخاصة بالسلف المشترك ، وتركت ظهور هذه الحفريات للزمن ، ومن هنا فأنه تحدث ضجة فارهة كلما توصل العلماء لحفرية ، يستدل من تحديد عمرها إشعاعيا بأنها الأقدم كحفرية لوسى ، وحفرية أردى ..
7/ربما (نظرا لحالة الظن ) يعود وجود حفريات لأناس سابقين لنا الى ظاهرة أشباه الأنسان حيث أن حفرياتهم تشى بهذا (شكل وحجم الجمجمة ، والقامة وأنحنائها) كأنسان جاوة ، بكين ، نياندرتال، وغيرهم ( المتحف الجيولوجى بالقاهرة _الزهراء مصر القديمة)
قال تعالى ماأتى بيانه عن الملائكة ( أتجعل فيها من يفسد فيها ، ويسفك الدماء .....)
أى أتجعل يا الله _فى الأرض_ من يفسد فيها ، لاحظوا أن الفساد لم يتحقق بعد ، فلم يكن خلق آدم قد تم بعد ، ثم يستطردون قائلين ، ويسفك الدماء ، أين هى الدماء ، أذن هناك أحتمالان: الأول منهما أن يكون الله _سبحانه_ قد أخبرهم بمجريات حياة الإنسان مستقبلا ، أو أن يكون الملائكة قد عايشوا حياة سابقة لنا ، بحكم أبديتهم ، فهم لايموتون _حسبما نعلم _ وبالتالى أتى أعتراضهم المتقدم ...فلقد عايشوا أشباه الأنسان فى توحشه الشديد بسبب من قسوة مناخ الأرض فى باكورة نشأتها ووحشتها الشديدة ، من برودة عاتية وزمهرير ، الى حر لافح وهجير ، الخ ....
فالهياكل العظمية لأشباه الأنسان ربما تشى بسبق خلق سلالات شبه بشرية ، فى مرحلة من مراحل الخلق. .
وفى الختام ستكون قضية التطور وحقيقته ماثلة كما ورد فى القرآن أولا( ماء مهين، نطفة ، علقة ، مضغة ،عظام ، لحم ، خلق باهر وإنسان متميز عاقل ، لاحظ أن هذا الوصف سابق للمجهر أو الميكروسكوب بأكثر من 1400سنة على الأقل ولم يرد به نص نقلا عن أى كتاب سماوى سابق للقرآن الكريم ).
ثم ورد التطور فى نظرية داروين ثانيا ، ولكن هذا التطور، ليس حقيقة مطلقة ، بمعنى أنه يسير من الأقل رقيا الى الأكثر رقيا (بأستمرار) ، بدليل عدم إختفاء الأصناف الأقل رقيا ، بل أنها قد تكون أكثر أنتشارا من الأصناف الأرقى ، وربما أكثر ملائمة بيئية ، (أنظر إنتشار ضفدع القصب فى أستراليا).
أن التطور حقيقة ماثلة بمعنى أنها تمكن الفرد من التكيف والتلائم مع البيئة فعلا ، ولكنها أبدا لاتقود الى أن الأصناف والأنواع نشأت بشكل متسلسل عن سلف أو أسلاف مشتركة ليس هذا ماثل دائما.
ثم أن البقاء لايمكن أن يكون للأصلح أو للأقوى دائما ( لقد كان هذا منحى فلسفى شرير أشعل الحروب) لأن معناه أن الأصناف الحالية ، هى الأقوى على الإطلاق ،وهذا غير صحيح علميا لسبب من وجود أفراد ضعيفة بأستمرار، أو بها صفات وراثية أقل ملائمة.(أفراد تولد شوهاء ، أو مريضة ، أو بها أمراض أو أستعداد لأمراض وراثية ، بل أن هذه الظاهرة حال إزدياد ، كأنيميا الفول والعمى اللونى فى الإنسان).
ماأتى به داروين يصلح لتفسير التطور على المستوى البيئى ، وليس على مستوى نشأة الخلائق أو الخلق. فأين الروح أذن فى الخلق ، ونحن نعلم يقينا بوجودها . فلم تتطرق النظرية الى مسألة الروح إطلاقا ، وكأنما هى غير موجودة)
قال تعالى (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ، وما أشهدتهم خلق أنفسهم ، وما كنت متخذ المضلين عضدا )
أنظر الى لفظ (المضلين) هنا ، وهم المبتدعون الذين سيأتون فى قابل الأيام_تلك التى نعيشها الآن _ ثم يقولون بأن قضية الخلق ، قد سارت على النحو التالى ، ثم يسردون تصوراتهم (الظنية ) ومالهم بها من شهادة قطعية ثم يضعون الفروض ، تلو الفروض بناء على مشاهدات ، لاترقى الى مستوى الدليل الثابت ، لسبب من أنهم لم يشهدوا بدء الخلق ، كما أخبرنا الله عز وجل بالتعبير المعجز التالى(ما أشهدتهم ...) أذن المسألة ظنية من أولها لآخرها. الخلاصة : لايكفى مبدأ التطور لتفسير نشأة الكائنات الحية ، ولكنه خير دليل على التكيف مع البيئات الطبيعية.
أن الإنسان هو الإنسان كما خلقه الله (سبحانه) فى أحسن تقويم ، فلا يوجد ثم سلف مشترك مع القرود .