رحلة إلى الأعماق 3 - رواية من الخيال العلمي بقلم:نزار ب. الزين
تاريخ النشر : 2010-07-03
رحلة إلى الأعماق 3 - رواية من الخيال العلمي بقلم:نزار ب. الزين


رحلة إلى الأعماق
رواية من الخيال العلمي
نزار ب. الزين*


الفصل الثالث
يجيبهم رياض مستغربا :
- علام تضحكون ؟؟؟ ربما كان عبد الله يحلم بمدينة أفلاطون الفاضلة و بجمهورية أتلنتس الأسطورية ، و لكنه لا يحلم بغوانتانامو فنحن نمر قربها الآن ، و على بعد بضع دقائق من هافانا عاصمة كوبا ، إننا فوق سطح المحيط الأطلسي يا إخوان !
يتحرك عبد الله نحو أجهزته الألكترونية ، ينظر إلى الخارطة المنقولة عبرالأقمار الصناعية ، يصيح :
- نحن بالفعل قريبون من ( هافانا ) ، لقد نجحنا يا إخواني ... نجحنا .. نجحنا ..!
و أخذوا يهنئون بعضهم بعضا و يتبادلون العناق و القبل .
*****
يخاطب حمود والده فرحا :
- ( يوبا ) نحن قريبون جدا من هافانا ، عدة دقائق و نكون في مينائها ، هل أبلغت سفيرنا بقرب وصولنا ؟
يجيبه والده فرحا :
- إنه في عرض البحر في انتظاركم مع مسؤول كوبي كبير ..
يصيح عبد الله فجأة :
- الله و أكبر ... أعداد كبيرة من المراكب و السفن مزدانة بالأعلام الكوبية و العربية ، تتجه نحونا ، سيكون استقبالنا حافلا ، يا إخوان ، جهزوا أنفسكم لهذا الحدث العظيم ، رتبوا ملابسكم ، اعتنوا بمظهركم ، ربما هناك – أيضاً - صحفيون و تلفزة ..
يفتح رياض الفوهة العلوية للمركبة ، ثم يباشر رفاقه بالخروج منها الواحد إثر الآخر .
بدؤوا – من ثم – يلوحون للمراكب الآتية نحوهم ، و إن هي إلا بضع دقائق ٍ، حتى اقترب منهم ( يخت ) ناصع البياض، كاد يلامس مركبتهم ، و مالبث أن ظهر في مقدمته رجلان بالملابس العربية الخليجية و إلى جانبهما ضابط بحرية بدا أنه أدميرال البحرية الكوبية ، لكثرة الأوسمة التي يزين بها صدره ، و خلفهما اصطفت ثلة من الجنود البحارة .
يلكز عبد الله صديقه الدكتور هشام ، و يهمس في أذنه :
- إنظر إلى الأعلى ياأخي ، هناك قليلا إلى الشمال ؛ ينظر هشام إلى حيث أشار صديقه ، ثم يجيبه مندهشا :
- حتما إنه صحن طائر !!!!
*****
في صباح اليوم التالي ، كان موعدهم مع الصحافة في بهو الفندق الكبير ؛ كانت المفاجأة الأولى وجود والد حمود إلى جانب السفير الأماراتي ، و لفيف من أركان السفارات العربية الأخرى .
كان اللقاء حميما و التهاني تزفهم فردا فردا و التصفيق يصم الآذان.
ثم جلسوا على المنصة ...
*****
افتتح وزير العلوم الكوبي المؤتمر الصحافي ، مشيدا بهذا الإنجاز غير المسبوق ، ثم تلاه السفير الأماراتي ، منوها بالإسهامات الكبيرة للعلماء العرب عبر التاريخ في مجالات الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء ، و حتى الطيران ، فقد ثبت أن عباس بن فرناس و هو من الأندلس ، أول من حاول الطيران في التاريخ ؛ مؤكدا أن زمرة العلماء العرب الشبان- الذين ترونهم الآن - بدؤوا باسئناف المسيرة العلمية العربية .
و انهالت من ثم اسئلة الصحافيين :
السؤال الأول :
= كيف تمكنتم من اختراق باطن الأرض مع أننا نعلم أن الحرارة قد تصل إلى درجة 2000 درجة مئوية أو أكثر ، و أن الضغط قد يصل إلى طن فوق البوصة الواحدة أو أكثر .
أجابه الدكتور عبد الله :
- لقد دخلنا فعلا في حرارات تتراوح 500 و 2000 درجة مئوية ، و تحملت مركبتنا ضغوطا أعلى من طن على ميلمتر مربع ؛ و يعود الفضل بهذا الإنجاز الكبير إلى الدكتور هشام ، تفضل يا دكتور .
يتناول الدكتور هشام مجسم الصوت ( المايكروفون ) و يجيب الصحافي السائل :
- لقد تمكنتُ مع فريق من التقنيين ، من توليف سبيكة مقاومة للحرارات العالية ، كما أننا اختبرنا عدة هياكل مقاومة للضغط الهائل الذي من المحتمل أن تتعرض له المركبة ، إلى أن توصلنا إلى الهيكل المناسب ، و قد نجحت مركبتنا باختراق درجات حرارة باطن الكرة الأرضية العالية كما تحملت أثقل الضغوط ؛ بنجاح تام و بدون أية صعوبة تذكر .
عقب صحافي آخر :
= هذا يعني أن هذه السبيكة يمكن أن تدخل في صناعة مركبات الفضاء ، أليس كذلك ؟
- بالتأكيد ! و يعني أيضا ، أننا يمكن بمركبة كهذه زيارة كوكب الزهرة ( فينوس ) توأم الأرض ، على سبيل المثال ، و التجول فوق سطحه بيسر، حيث تصل درجات الحرارة هناك إلى 450 درجة مئوية أو أكثر ، بينما بلغنا بمركبتنا مناطق في الأعماق بلغت قرابة الألفي درجة مئوية .
السؤال الثاني :
= علمنا أن المدة الزمنية بين الإمارات و هافانا استغرقت ست ساعات و ربع تقريبا ، أي اسرع من أية طائرة معروفة حتى الآن ، فهل هذا هو الزمن الذي قدرتموه بالضبط ؟
أجابه الدكتور حمود :
- جميع تقديراتنا وفق الدراسة التي أجراها الدكتور عبد الله ، تؤكد أننا كنا سنصل إلى إحدى جزر الكاريبي خلال أربع ساعات ، و قد كنا بالفعل تحت قاع المحيط الأطلسي نبحث عن فالق يمكننا اختراقه لبلوغ قاع المحيط بسهولة ، بعد ثلاث ساعات و عشرين دقيقة من انطلاقنا ، و اصارحكم القول أننا لا نعلم ما الذي أخرنا ساعتين إضافيتين ، و التفت إلى الدكتور عبد الله طالبا منه أن يشرح هذه النقطة ؛ فاضاف الدكتور عبد الله قائلا :
- بعيد بلوغنا قاع الأطلسي ، فوجئت تماما بأن جميع تسجيلاتي الصوتية و المرئية عن الرحلة كانت ممحية بالكامل خلال آخر ساعتين ، و قد حاولنا ، جميعا ، شحذ ذاكراتنا لنعرف ما الذ ي جرى خلال ذلك الزمن الضائع المعادل لثلث الرحلة ، و لكن دون جدوى ؛ شيء ما عطل أجهزتنا و ذاكراتنا لمدة ساعتين !
و هنا جرى لغط كبير بين جميع الحضور ، فقد أصابتهم الدهشة لهذا الزمن المفقود ، لولا أن نهض أحد صحافيي فضائية عالمية، فطرح السؤال الثالث :
= هل لذلك علاقة بأحجية مثلث برمودا ، فالمعروف لدى الكثير من قادة السفن و الطيارين أن لديهم ملاحظات شبيهة بما ذكرت ، كتوقف البوصلات و أجهزة الإتصال و ما إلى ذلك ؟
أجابه الدكتور عبد الله :
- ربما ؟ و بالمناسبة فقد لفت نظرنا وجود صحن طائر خلال استقبالنا في عرض البحر .
صمت قليلا ريثما هدأت الضجة التي أثارتها ملاحظته ثم أضاف :
- ربما نتمكن من حل هذا اللغز أثناء رحلة العودة !
السؤال الرابع :
= هل يمكن أن تصفوا لنا ما شاهدتموه في أعماق الأرض ، أقصد على أعماق تزيد عن الخمسين كيلومتر تحت قاع البحر ؟
فيتصدى الدكتور مجدي للإجابة على هذا السؤال :
- باطن الكرة الأرضية ليس طبقات ذات كتلات متجانسة لكل منها -كما شبهها البعض - بطبقات ثمرة البصل مثلا ، فهناك مناطق صلبة رغم وجودها على أعماق تزيد على المائة كيلومتر ، و هناك مناطق ملتهبة ، و أخرى نصف مائعة قريبة جدا من سطح الأرض أو قاع البحار ، تتحرك فيها المعادن المنصهرة كأنها في مرجل من مراجل مصانع الحديد و الصلب ؛ و في الأعماق – أيضا - كهوف ضخمة ، أحدها تجاوز المائتي كيلومتر طولا تحت القارة الإفريقية ، و هناك تسرب كبير من مياه المحيط إلى الأعماق ، فما أن أن تلامس المياه المتسربة الخليط المنصهر حتى تتبخر و تبدأ في الصعود ثانية إلى أعلى متخللة المادة الأصلب لتتبرد من جديد متفاعلة مع المعادن و أشباه المعادن لتظهر على شكل مياه معدنية ، أو لتشكل فجوات من الماء العذب ، لم يكن لدينا وقت كافٍ لرصد حجمها ، و لكن بعضها كبير جدا ، و سنقوم بدراستها بتأنِ خلال رحلة العودة .
و مما يلفت النظر أنه في قاع البحر الأحمر قرب خليج السويس أي قرب الفالق الذي تمكنا من اختراقه إلى الأعماق ، توجد مساحات دائمة الإشتعال رغم وجودها في وسط مائي ، و لاحظنا مثلها في قاع الأطلسي ، أي قرب الفالق الذي خرجنا منه باتجاه القاع .
السؤال الخامس :
= ماهي قوة المحركات التي سمحت لكم باختراق باطن الأرض ، بما تحويه من صخور و معادن صلبة ؟ و نحن نعلم أن اختراق الصخور في بعض المناجم يحتاج إلى أشهرا أو سنينا .
تصدى الدكتور رياض للإجابة فقال :
- زودنا مركبتنا ( دبي1 ) ، بثلاث محركات ، أولها محرك الدفع و تعادل قوة دفعه حوالي 3000 حصان ، و باستخدام وقود مضغوط شبيه إلى حد ما بالوقود الجاف المستخدم لدفع الصواريخ الفضائية ، و المحرك الثاني محرك الحفر لتشغيل الحفارة الحلزونية المثبتة في مقدمة المركبة ، و الثالث محرك لتشغيل الذراع الهايدروليكية ، لالتقاط العينات ، و نستفيد منه أيضا في عملية التبريد الداخلي للمركبة .
ثم اختتم الدكتور حمود المؤتمر الصحافي ، مؤكدا على روح التعاون التام التي سادت بين مصممي المشروع و فريق المهنسين المساعدين الذين حولوا العمل من النظرية إلى التطبيق ، مشيدا بدور والده الذي أنفق على المشروع من ماله الخاص و بسخاء منقطع النظير ، و بدور الحكومة الأماراتية عامة و أمير دبي على وجه الخصوص ، لما قدموه من دعم معنوي و تشجيع منقطع النظير .
*****
============
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com