يوم الأرض في الادب الشعبي الفلسطيني بقلم : عابد عبيد الزريعي
تاريخ النشر : 2005-03-31
يوم الأرض في الأدب الشعبي الفلسطيني

بقلم : عابد عبيد الزريعي

[email protected]

" قال : الأرض بتفرق ع شبر

قالوا : وآنت الصادق ع ظفر "

مثل شعبي فلسطيني

جاء يوم الأرض في الثلاثين من مارس 1976 , كتتويج لمسار نضالي ، بدأت ملامحه في التشكل بعد هزيمة 1948 . حيث وجدت الجماهير الفلسطينية ، التي لم تغادر وطنها , نفسها وبشكل مباشر في أتون معركتين ضاريتين ، الأولى هي معركة الأرض وحمايتها من المصادرة , والثانية هي معركة الإنسان , وحمايته من الاستلاب ومحو هويته الوطنية , وكانت تدرك أنها في سياق معركتها في الدفاع عن الأرض , تبلور شخصيتها الوطنية وتحميها من الاستلاب .

وخلال هذا المسار كان الأدب الشعبي , في قلب المعركة , وكان المبدعون الشعبيون هم الناطقون الرسميون باسم الجماهير المناضلة ، والمعبرين بصدق وأمانة , عن صمود الإنسان وتصديه لسياسة مصادرة الأرض ، التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية ، في محاولة منها لاستغلال تداعيات الهزيمة على عقل ووجدان الإنسان , الذي لم يكن أمامه آلا آن يقبض على كل حفنة من التراب , يتنسم رائحتها الزكية ، ويرص الكتف آلي الكتف دفاعا عنها وحماية لها :

وفتحنا لابواب الفن غالين // وقلوبنا من مزيد الشوق غالين

كروم الناصرة عالكل غالين // وأغلى من شي اسمو الذهب

بلاد العز لاتقولوا نسي لها // اباترنا بايدينا نسلها

يارب بلادنا يكثر نسلها // ولكل شجرة زيتون اربع صحاب

وتسجل الاهزوجة الشعبية صمود الجماهير في وجه رصاص العدو في ايار 1958 ، وهي تتصدى لسياسة مصادرة الارض ، مستمدة العزم من ايمانها وتمسكها بحقوقها الوطنية ، ومن وعيها بانتمائها القومي ، الذي جسدته جماهير بورسعيد بصمودها في عدوان 1956 :

والناصرة ركن الجليل // فيك البوليس مدحولي

ارض العروبة تحررت // دايان شيل وارحل

اخواننا في بورسعيد // الهم تاريخ مسجلي

لو وقعت سابع سما // عن ارضنا مابنرحل

كما يسجل الأدب الشعبي بطولة الجماهير التي انتصرت على قرار موسي ديان بمصادرة الاف الدونمات من الأرض العربية في نحف والنبعة ودير الاسد بمنطقة شاغور بشمال فلسطين :

نادى المنادي في الجليل // ارض العروبة للعرب

شاغور مالك مثيل // وترابك اغلى من الذهب

وبوحدة رجال الشاغور // امر المصادرة انشطب

ديان امرك مستحيل // بالوحدة راح ينشطب

,,,,,,,,

كما كان الأدب الشعبي هو المعبر عن حالة التواصل والتفاعل النضالي , بين الجماهير الفلسطينية في الضفة والقطاع واراضي 1948 , بعد هزيمة حزيران 1967 , فقد عكس هذه المسألة بعمق شديد ، في كثير من الأغاني والأهازيج ، التي ترسم صورة حية وقادة للنضال الجماهيري داخل الوطن المحتل , وتعبر عن توق الإنسان الفلسطيني للحرية ، ونضاله من اجل كنس الاحتلال :

مهما طول عتم الليل // بتجليه شمس الحرية

مهما طال الليل وطال // وغطى سواده ع الاطلال

عنا في الوطن ابطال :: بتعيد شمس الحرية

وهي صورة مشهدية , تمتاز باتساعها وغنى عناصر الفعل المكونة لها والتي تمنحها الحيوية والحركة , وينبني هذا الاتساع على الإيمان الواعي , بوحدة النضال الجماهيري داخل الأرض المحتلة، عام 1967 ، أوتلك التي احتلت بعد هزيمة 1948 ، خاصة وان سياسة مصادرة الأرض ، قد امتدت وتواصلت ، في كل الأرض المحتلة , تقول الأغنية :

هبت ارباب الاعلام

تحيي الجرأة والاقدام

شعب الضفة ثار وقام

من غزة حتى اليامون

هبت كل الملايين

تحيا نابلس وجنين

غزة ومعاها برقين //

وحيفا وعكا وعفوله

ويافا النا واللطرون

ويرسم الأدب الشعبي صورة لنضال الجماهير الفلسطينية ، التي تواصل تصديها , لمحاولات العدو قمع حركتهم النضالية بالاعتقال ومنع التجول ، فيقول الشاعر على لسان الجماهير :

- مش ممكن ندخل ملجا // لابالسيله ولا بعجه

ومن الطيرة ومن برقا // بساحات الميادينا

- على ارض الضفة في شعب يناضل // من اجل الحرية اوقد مشاعل

في الجليل الغالي , وغزه ع الساحل //

وانت يافلاح وانت ياعامل // اطرد من ارضك جيش الصهيونا

,,,,,,

آن الأدب الشعبي لا يكتفي برسم صورة الحركة الجماهيرية الناهضة ضد الاحتلال ، ولكنه يتجاوز آلي تبريرها ، وصياغة مصداقيتها ، المستندة آلي الوعي ، بجوهر العدو الصهيوني ، المتمثل في الاقتلاع والاستيطان , تقول الاغنية :

ميجنا ياميجنا ياميجنا

يابا الدهر دولابو دار بي

وبصيح وفش عادل داربي

يابا الحرامي صار ساكن دار بي

وعم يسميني مخرب ابواب

آن احتلال الارض / الحرامي / وغياب العدل / فش عادل / بقدر مايبرر حق صاحب البيت في النضال من اجل استعادته ، فانه يفند في ذات الوقت كل محاولة لوسم هذا النضال بالتخريب ، ويضعه في موقعه الصحيح ، الذي يجب آن يكون في مواجهة الاحتلال / الذين طردوا وسكنوا / حتى استعادة ارض الجدود كما يقول النص :

مكرس حياتي جاي حرر الاوطان // من اللي طردني من دياري وسكن فيها

ارض الجدود من قديم الزمان // بدمي وبدم اولادي بفديها

,,,,,,,,,,,

وفي هذا المسار النضالي ، المقاوم لسياسة الاحتلال ، القائمة على الاقتلاع ، ومصادرة الأراضي ، من اجل بناء المستوطنات ، وتحويل المزارعين الفلسطينيين آلي عمال من الدرجة الثانية في الاقتصاد الإسرائيلي, انفجرت انتفاضة يوم الأرض ، في الأراضي المحتلة عام 1948 , ليمتد لهيبها آلي الضفة والقطاع , ويتجاوب معها الشعب الفلسطيني في مختلف بلدان الشتات .

وقد تميزت صورة انتفاضة يوم الأرض ، في الأدب الشعبي ، بعناصرها / الأرض والدم والشجر والخيل والفرسان / التي تكشف عن إرادة الشعب الفلسطيني الوهاجة ، وتصميمه على حماية كل شبر من ارضه , تقول الاغنية :

لاجل الزيتونة والتوت // واشجار الماندلينا

بدنا نحارب حتى نموت // او ترجع فلسطينا

وترسم الأغنية الشعبية المشهد الكامل ليوم الأرض ، حيث يتوحد الإنسان بالوطن ، وتتلون الأرض بالأحمر القاني ، وتردد أغاني الشعب :

يا طلت خيلنا من قاع وادي // يا طلت خيلنا من قاع وادي

عوايد رجالنا تكيد الاعادي // عوايد رجالنا تكيد الاعادي

ياطلت خيلنا من دير حنا // يومك يارض والشعب غنى

ياطبت خيلنا من كفر كنا // يومك يارض والدم غنى

ياطلت خيلنا من مجد الكروم // دمك شبابنا ع الارض بيعوم

ياطلت خيلنا من صوب عرابه // لاجلك يابلادنا ضحوا الشباب

ياطلت خيلنا من تل سخنين // يومك يارضنا نحنا شاهدين

ياطبت خيلنا من فوق الرامه // تسلم ياشعبنا يابو الكرامه

ياطلت خيلنا من ارض البعنه // بغني ع بلادنا والجمع سامعني

ياطلت خيلنا من ابو سنان // حبك يابلادي مكتوب ع لساني

ويستمر المبدع الشعبي في رسم صورة الفرسان ، القادمين آلي معركة الأرض من كل القرى والمدن الفلسطينية , ليجسد بعملية تسجيل أسمائها في اللغة ، شكلا آخر من أشكال النضال , ضد عملية المصادرة والاستلاب .

وتكثف الأغنية الخيار الوطني ، الذي خرجت الجماهير به من المعركة ، وهي اكثر ثقة بقدراتها , بعد آن جعلت من يوم الأرض مناسبة تاريخية تشهد على عزمها وتصميمها علىمواصة النضال حتى نيل جميع حقوقها الوطنية :

- نحنا بشعب بلادي بنتغنى // ليوم الارض لصيتو رنه

تحيا عنابه ودير حنا // كانوا فوارس كانوا يموتونا

- لو ماعنا غير القوت // ابنصمد في اراضينا

وبدنا نجاهد حتى نموت// لاخر واحد فينا