الفصول الثلاثة الأولى من رواية الأديبة فايزة شرف الدين"الرجل العقرب"-قراءة و عرض-نزار ب. الزين
تاريخ النشر : 2010-03-12
الفصول الثلاثة الأولى من رواية الأديبة فايزة شرف الدين


الفصول الأولى الثلاثة من رواية الأديبة فايزة شرف الدين الرجل العقرب
قراءة و عرض للفصول الثلاثة الأولى
بقلم : نزار ب الزين
لطالما استهوتني روايات الخيال العلمي و لي فيها عدة أعمال مثل "رحلة إلى الأعماق" و "مملكة العجائب" و "وجه سيدونا" و التي نشرتها في دنيا الرأي و مواقع أخرى
و لكنني لم أتوقع أن المبدعة فايزة شرف الدين تماثلني عشقا لهذا الجنس الروائي و أن لها الكثير من الأعمال تحت عنوانه .
و قد أثبتت المبدعة فايزة أنها روائية من الدرجة الأولى ، كما تبين لي من خلال "الرجل العقرب " ؛ و لم أكن أتصور أنها تختزن في أعماق دماغها هذا الكم من الحقائق العلمية عن عملية الإستنساخ ، و التحكم بالجينات الحيوانية ، كما لم أكن أتصور أنها ستدخل عالم القصة البوليسية من أوسع الأبواب ، و أن تزاوج بين البوليسي و الخيال العلمي في حبكة روائية سلسة بزت فيها الكثير من الروائيين المعروفين .
ثم أجريت بحثا على "الغوغل" ففاجأني الأديب ابراهيم خليل ابراهيم* ، بكم مميز من المعلومات* عن مبدعتنا ( فايزة السيد السيد شرف الدين ) مؤكدا أن "الرجل العقرب" ليست أولى رواياتها فلها إبداعات روائية متعددة قبل هذه ، و يضيف الأستاذ ابراهيم ، أن الأديبة من مواليد مدينة شربين .. فى بيت تحيطه الخضرة ، مما زرع في داخلها الرؤى الجمالية .. ومن هنا عشقت الطبيعية البكر ، كما تأثرت الأديبة بوالدها الذى عشق القراءة فخصص في بيت العائلة مكتبة كبيرة تضم امهات الكتب .
مع نهاية الدراسة الاعدادية قرأت الأديبة فايزة الكثير و الكثير من الأدب العالمي لتوماس هاردي ، وما تتسم أعماله من ضخامة ، وبيرل بيك .. وأدب الرحلات .. ثم شغفت بالأدب الروسي ، فقرأت لديستوفسكي ، و تولوستوي ، وغيرهم ، و أيضا الأدب الفرنسي ..والإنكليزي لتشالز ديكنز .. ثم تعددت مناهل القراءة عندها .. فقرأت للعقاد ، والتاريخ الإسلامي والفرعوني ، واهتمت بدارسة تاريخ اليهود ، ومازالت .. تقرأ في شتي النواحي العلمية . هذا و قد تخرجت ( فايزة شرف الدين ) من كلية التجارة جامعة المنصورة .. ثم تزوجت ، و زوجها يعمل بمجال المحاماة ، و رزقهما الله بثلاثة أبناء .
و من أعمالها الروائية -بخلاف الرجل العقرب - و التي ذكرها الأستاذ ابراهيم مشكورا :
- سلسلة أجندة الأصدقاء
- آدم الآخر
- قصر الصمت
- الخروج على الزمن
- الشبح الراقص
إضافة إلى الكثير من القصص الطويلة و القصيرة .
*****
الفصل الأول من الجزء الأول لرواية "الرجل العقرب" ، خصصته الأديبة لتسليط الضوء على شخوص الرواية الرئيسيين : الدكتور عزام ، سكينة ، و الدكتور أسعد
الدكتور عزام الذي يحمل شخصيتين متباينتين ، الأولى منهما لعالم متواضع ، غزير العلم يحمل شهادتي دكتوراة ، واحدة بعلم الهندسة الوراثية التي أضاف إليه الكثير بجهده الشخصي ، و الثانية شخصية الإنسان المعتد بنفسه إلى درجة الغرور ، و الراغب بتحقيق نظرياته بكل الوسائل شرعية كانت أم غير شرعية : " فقد تمكن منه شعور قوي بأنه يملك مفاتيح هذا الكون وأسراره ، بعد أن بدأ يسبر أغوار تركيب الخلايا الأولية ، وأنه سوف يغير العالم بمخلوقاته الحيوانية والنباتية ، وأن الإنسان سيسود هذا الكون ، عندما يمتلك عقلا شديد الذكاء ممزوجا بتمكن الآلة ودقتها وسرعتها الهائلة ، وقوة حيوانية جبارة كالأسد"
أما شخصية سكينة معاونته ،
فهي شخصية تابعة رغم غزارة علمها و كونها مساعدة الدكتور عزام و التي يعتمد عليها كثيرا في أعماله غير المشروعة ، رغم كراهيته لها ، بسبب قبحها و خنوعها : " ارتجفت سكينة وبح صوتها من الخوف الشديد وهي تقول : لم يعد لدينا مخزون من البويضات لنجري عليها أبحاثنا ، يجب أن نتحايل مرة أخرى على السيدات اللاتي يترددن على عيادتك ، ونحصل منهن على بويضاتهن ."
و أما الدكتور أسعد فقد عرفتنا الأديبة فايزة عليه من خلال حادث رهيب كاد يفقده حياته لولا تدخل الدكتور عزام السريع ، فبينما كان يتفقد المسوخ التي ولَّفها ثلاثتهم ، تمكن أحدهم من فتح قفصه :
" لقد نسيت المفتاح في قفص المسخ جيجي ، وبينما كنت عاكفا على إحدى العينات ، استطاع أن يحرك المفتاح و يفتح قفصه ، ثم فتح قفص الآخرين ، وهجموا عليَّ وكادوا أن يقتلوني ."
و قد اتفق كلا المساعدين الدكتور أسعد و سكينة أن الدكتور عزام لا قلب له ؛ "إنه يستعبدنا ، كما يستعبد المسوخ التي قام بتخليقها على هذا النحو المؤسف."
فيجيبها محذرا " " لا تنسي أننا ندين بالفضل للدكتور "عزام" ، فبدونه ما استطعنا أن نواصل أبحاثنا العلمية"
أما خلفية هذه الأحداث فهي مختبر الدكتور عزام المعزول عن العالم في بقعة نائية من الصحراء خلف إهرامات الجيزة ، ثم المختبر من الداخل : " تجول الدكتور "عزام" خلالها في أنحاء المختبر ، الذي يحوي أجهزة كبيرة متنوعة الأغراض شديدة التطور ، ومجاهر متعددة متصلة بكاميرات تصوير إلكترونية ، وأخري بدونها ، وشاشات تلفزيونية ترتسم عليها الخلايا الحية مكبرة إلى آلاف المرات ."
=================
*الأديب الأستاذ ابراهيم خليل ابراهيم
* http://pulpit.alwatanvoice.com/content-124861.html
*****
بعد أن أصيب الدكتور عزام في الفصل السابق بصدمة كبرى عندما شاهد تجربته الأخيرة تفشل كما سابقاتها ، بدت عليه الحيرة حول كيفية تدبير البويضات البشرية اللازمة لتجاربة ، ففاجأه مساعده في الفصل الثاني بالحل المثالي ، فقد قرأ لتوه أن أحد معامل الأبحاث في لندن يعتزم التخلص من البويضات و الأجنة المجمدة الزائدة التي يمتلكها ، فاقترح أن يسافرا إلى لندن حيث : "يمكننا أن نعقد صفقة سرية مع المسؤولين هناك ؛ للحصول على كمية لا بأس بها من هذه البويضات." و لكن الدكتور عزام يفاجئ مساعده بقوله : " سنسافر معا إلى "لندن" ، وسنحصل على البويضات دون مقابل"
و هنا تبرز شخصية الدكتور عزام الثانية ، شخصية الشيطان الذي يتقمصه ، الشخصية الماكيافيلية التي تسعى لتحقيق أغراضها مهما كانت الوسائل أخلاقية كانت أم لا أخلاقية :
"في هذه الليلة لم يذهب الدكتور "عزام" إلى معمل الأبحاث كعادته ، جلس في فيلته خلف مكتبه وانكب يرسم خطوطا معمارية لمبنى بنك البويضات المجمدة بلندن على جهاز الكمبيوتر ، وكان على دراية بكل بوصة في هذا المكان ، الذي قام بزيارته مرات عديدة.
قبيل الفجر تفتقت الفكرة الجهنمية لاقتحام المبنى ، عندما اطمأن أنه أحبك خيوط خطته ، اتجه إلى حجرة نومه لينال قسطا من الراحة"
ثم كان السفر إلى لندن حيث ابتدأ في تنفيذ خطته و بمساعدة الدكتور أسعد تمكن من التسلل إلى حيث البويضات المنشودة .
و هنا تكشف لنا الأديبة فايزة جانبا آخرا من شخصية الدكتور عزام و هو الجانب الإجرامي : ".. بعد فترة من الزمن ، أقبل شخصان تدل هيئتهما على أنهما من الأطباء العاملين بالمركز ، كانا يتجاذبان الحديث باهتمام ، وولجا إلي داخل الحجرة بعد أن وضع أحدهما قطعة معدنية مررها في جهاز صغير ، في ثوان معدودة وضع الدكتور "عزام" قناعا أخفى وجهه تماما ، ولبس في يديه قفازين .. بعد أن تأكد من خلو الدهليز من المارة قفز بسرعة صاروخية إلى الحجرة المقابلة ، وصوب المسدس تجاه الطبيبين ، فأصابهما الفزع وهما يتصايحان :
ـ أرجوك لا تقتلنا .
قال بإنكليزية سليمة :
ـ افرغا محتويات الحاويات من البويضات و الأجنة في هذا الوعاء الآن ، أشار إلى أحد الأوعية التي تستخدم بصفة مؤقتة لحفظ البويضات والأجنة .
نظر الطبيبان إلى بعضهما وقد أصابهما رعب قاتل ، ورضخا للأمر ، أخذا يفرغان محتويات الحاويات التي تشبه الأسطوانات .. أخذت الأبخرة الباردة تتصاعد أثناء عملية النقل ، وبعد أن انتهيا ، أمرهما بإقفال الوعاء بإحكام ، ثم صرخ فيهما :
ـ أديرا وجهيكما إلى الحائط .
ضربهما على رأسيهما في حركة خاطفة ، فسقطا مغشيا عليهما." و لم يتوانَ عن استخدام المتفجرات لتغطية انسحابه .
و في الفصل الثالث يعود الدكتور عزام مع مساعده الدكتور أسعد إلى مصر و قد اتجها لفورهما إلى مختبر الأول ، حيث أعلن الدكتور عزام خطته بالعمل على إمناج نسخة عنه شخصيا ، فأبدى الأخير مخاوفه من نتائج هذه التجارب ، مما أثار غضب الدكتور عزام فأجاب مساعديه : "سوف أثبت لكما أنني سأنجز أهم مشروع في هذا القرن ، بل في القرون التي تليه ."
و بدأ العمل في إنتاج ذلك السوبرمان الذي يحلم به الدكتور عزام ، حتى استفذت معظم البويضات المنهوبة و لم يبقَ منها غير ثلاث فشل منها اثنتان ، و لكن الثالثة بدأت بالإنقسام ، قال الدكتور عزام وهو ينظر إلى المجهر فرحا : " ستكون فرصتنا كبيرة ، إذا وصل الجنين إلى المرحلة التوتية ، وعند ذلك يمكننا نقلها إلى الرحم ."
فأي رحم كان متوفرا غير رحم سكينة ؟!!
" اختنق صوت "سكينة" وهي تصيح في رعب هائل :
ـ رحم ؟! أي رحم ؟!
لاحت على وجه الدكتور عزام ابتسامة رهيبة لا أثر للشفقة فيها ، وهو يقول بصوت خافت شيطاني يشبه الفحيح :
ـ ومن لديه رحم غيرك هنا يا "سكينة" ؟
جثت على ركبتيها ، تشبثت برجلي الدكتور "عزام" ، وهي تصرخ متوسلة ، وتبكي بكاء مرا حارا :
ـ أتوسل إليك لا تفعل ، لا ، لا أستطيع"
و لكن الدكتور عزام بكل جبروته و تحجر ضميره ، و بمساعدة الدكتور أسعد مرغما ، يخدرانها ثم يدخلا الجنين في رحمها .
كان أحد أسباب رفضها الشديد ، أنها أخطأت فوضعت مع البويضة الإنسانية خلية عقرب بدلا من خلية الأسد !
عندما صحت أدركت لفورها ما حدث فأجهشت بالبكاء و لكن الدكتور تمكن بمكره من تهدئتها : " ضمها إليه ، فارتجف جسدها تحت وطأة مشاعرها الملتهبة ، غمغم و أنفاسه الحارة تلهب جيدها :
ـ إنك الآن يا عزيزتي تحملين نسختي ، فأنا جزء منك الآن .
عندما تأكد من أنه سيطر علي مشاعرها أضاف برقة :
ـ أرجوك يا حبيبتي حافظي على الجنين من أجلي .
ثم قبل جبينها ، وربت على وجهها ، وهو يقول بصوت خافت عميق :
ـ استريحي الآن لقد كان اليوم شاقا عليك ."
==================
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com