خيبة أمل بقلم:نزار ب. الزين
تاريخ النشر : 2010-02-19
خيبة أمل بقلم:نزار ب. الزين


خيبة أمل
قصة قصيرة
نزار ب. الزين*

كانوا ثلاثة ، سامي و زكي و صفوان ، تزاملوا في المرحلة الثانوية منذ بدايتها و استمروا معًا ، نفس المستوى الدراسي ، نفس الميول و المواهب ، نفس الإتجاهات مع فارق بسيط في المستويين الاقتصادي و الاجتماعي اللذان لم يؤثرا قط على علاقتهم الحميمة .
اذا زار زكي أو صفوان أو كليهما معا سامي في داره ، يستقبلهما والده بكل ود و احترام .
و اذا زار سامي صديقه زكي لوحده أو بصحبة صفوان فإن السيدة أم زكي تستقبله أو تستقبلهما بالترحاب و كأنهما ولداها ، و تحتار كيف تكرمهما .
أما شقيقة صفوان الكبرى و التي أصبحت في مقام والدته بعد أن رحلت والدته إلى العالم الآخر ثم تبعها والده بعد أشهر ؛ فكانت تشاركهما الحديث و النقاش و لكن خلف باب نصف مغلق .
كانوا يتنزهون معا و يتجولون في شوارع المدينة أو أسواقها معا ، و يشاركون في الرحلات المدرسية أو الترويحية معا .
كانوا ملتصقين سواء في المدرسة أو خارجها ، و قد يخالهم الآخرون إخوة ، و حتى أن بعض زملائهم أطلقوا عليهم لقب الفرسان الثلاثة .
و كبر ثلاثتهم معا و حصلوا على الثانوية العامة معا ، ثم توجه كل منهم في اتجاه مغاير .
سامي حصل على وظيفة في وزارة المعارف ( التربية ) ، و زكي حصل على وظيفة في وزارة المالية ، أما صفوان فقد التحق بكلية الطب بدعم من أخيه المغترب .

*****
و ذات يوم ...
لمح سامي شقيقة صفوان الصغرى ، فأعجبته ، كان يراها كثيرا عندما كانت أصغر سنا فلم تكن تلفت إنتباهه ، و لكنها نضجت الآن و تحولت إلى فتاة جميلة تضج بالأنوثة و الجاذبية .
استولت على كل تفكيره ...
تصورها على عرش الزفاف* إلى جانبه...
تخيلها زوجة مخلصة و أما حانية تملأ بيته بالبنين و البنات ...
لم يكن حبا صاعقا أو رومنسيا كما تُصوره الروايات أو أفلام السينما ، بقدر ما كان قناعة تامة بأن هذه الفتاة تصلح لأن تكون شريكة حياته ، و أن صداقته لصفوان سوف تدعم هذا الزواج ، فهو أدرى من أي إنسان آخر بخلفيته الإجتماعية و استقامة خلقه .
استشار زكي حول نيته، فرحب بالفكرة و شجعه بحرارة ....
استشار أم زكي ، فشجعته بزغرودة ...
إستشار والديه ، ففرحا و شجعته أمه بزغرودة مجلجة ...
عرضت أمه أن تذهب في الحال لخطبتها فرجاها التريث قليلا ، ريثما يستشير صديقه ، إذ لا يجوز أن يكون صفوان آخر من يعلم !
- و هل سيجد أفضل منك ؟
سألته أمه ، فأجابها ضاحكا :
- ( القرد بعين أمه غزال )
و لكنه أصر على التريث ....
لملم شجاعته و فاتح صفوان في الأمر ...
انتظر ترحيبه الحار ....
انتظر ابتسامته المشرقة ....
انتظر أن يشد على يده مشجعا ...
و لكنه أبداً لم يتوقع أن يجيبه صفوان بشيء من الجفاء :
- في حالة حدوث خطوبة رسمية وفق الأصول فسوف لن أعارض (؟!)
كان كمن يتكلم مع غريب !!!....
و كانت تلك هي الصدمة الأولى التي تمكن سامي من تجاهلها بصعوبة .
*****
تحرك وفد نسائي من طرف سامي لطلب يد سعاد شقيقة صديقه ، وفقا للتقاليد - تماماً كما طلب صفوان - و كانت الاجابة لدهشة الجميع و في مقدمتهم سامي :
- (( سوف نسأل عنه و نتشاور مع الفتاة و الأهل و نرد لكم الجواب بعد شهر ))
يا للعجب العجاب !!!
يسألون عني ، أنا ؟!
و كأنهم يتكلمون عن غريب ؟!
يسألون عني أنا ، و هم أدرى الناس بمن أنا ؟؟
و كانت تلك الصدمة الثانية
*****
و مضى الشهر الموعود ، اختفى فيه صفوان عن ناظر صديقيه سامي و زكي معاً ..
و عندما ذهبت خالته للحصول على الجواب ...
كان الجواب
- (( مافي نصيب ! عم البنت لم يوافق !!!! ))
و كانت تلك هي الصدمة الثالثة
انقطعت الصلة بين سامي و صفوان إثر هذا الموقف الذي أقل ما يقال فيه أنه غير ودي و إنكار لصداقة السنين ، و الذي لا يمكن إدراجه تحت أي عبارة تبريرية !
*****
و رغم عمل سامي الناجح و زواجه الأكثر نجاحا ...
و على الرغم من إنجابه خمسة أطفال أصبحوا محور حياته و آماله
فإنه ظل يتساءل بينه و بين نفسه :-
" ترى ما العيب الذي اكتشفوه بي ، و أنا لا أعرفه؟! "
" و ما سر الموقف السلبي الذي عاملني به صديقي صفوان؟! "
" و كيف تبخرت صداقة عشر سنين و ضاعت و كأنها لم تكن ؟ "
-------------------------
*( الأسكي أو الكوشة )
-------------------------
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com
-------------------------