موريتانيا: أزمة العطش نواكشوط نضوب في الماء أم غلاء في سعره بقلم: *محمد الأمين ولد يحيى
تاريخ النشر : 2010-02-18
موريتانيا: أزمة العطش نواكشوط نضوب في الماء أم غلاء في سعره  بقلم: *محمد الأمين ولد يحيى


موريتانيا: أزمة العطش نواكشوط
نضوب في الماء أم غلاء في سعره
بقلم: *محمد الأمين ولد يحيى
تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط هذه الأيام نذر أزمة عطش تهدد ساكنتها مع قلة استعمال المياه في فصل الشتاء، وذلك بسبب ارتفاع أسعار برميل الماء بالنسبة للأحياء الفقيرة في نواكشوط والمناطق النائية عن نقاط تواجد المياه كالبرك والحنفيات العمومية.
مما يوحي إليك في الوهلة الأولى أن ارتفاع هذه الأسعار يعود الى مشكلة في نضوب نقاط استخراج المياه، الا أن توفر الماء يغطي حاجة نواكشوط من المياه الصالحة للشرب بخزان يصل حجمه بما يناهز 80 ألف متر مكعب يوميا حسب تقديرات المصادر المختصة في وزارة المياه والطاقة، حيث تم سنة 2008 إنشاء شبكة قطب توزيع في توجنين وحدها يمكن من نقل الماء من حقل اديني دون اللجوء الى تنفيذ توسعة كبيرة. وتشمل أشغال هذا الجزء إقامة خزان سعته 5000 متر مكعب ومحطة ضخ للماء بطاقة 350 لتر في الثانية ووحدة تعقيم، بالإضافة إلى ربط هذا الخزان بشبكة التوزيع الرئيسية.
ومما ينذر بظاهرة العطش هذه الأيام تواجد العشرات من النساء والأطفال والشيوخ بالتزاحم والتدافع حول خزانات المياه، التي ينهلها في الغالب أصحاب العربات المحمولة علي الحمير، (شاريتات) وكذلك أصحاب الشاحنات الكبيرة الذين يتوافدون علي شكل صفوف مرصوصة بشكل دائم عند هذه الخزانات من أجل توفير الماء للمواطنين، وهم النافذة الوحيدة للحصول علي الماء، مما تسبب في تحكمهم في غلاء سعر برميل الماء الذي يصل هذه الأيام الى حدود 1000 أوقية للبرميل الواحد.
وتوجد وسيلة أخرى ساعدت على قلة الماء وارتفاع الأسعار في بعض الأحيان وهو تدافع الشاحنات الكبرى التي تزاحم عربات الحمير الناقلة للمياه إلى الأحياء الفقيرة، وذلك بسبب التقاء الشاحنات الكبيرة وعربات الحمير عند نقطة ماء واحدة.
وتوفر هذه الشاحنات نقل الماء إلي سكان الأحياء الغنية والذين يتواجدون في كل من حي "تفرغ زينه" و "لكصر" وهو ما يزيد من معاناة ساكنة الأحياء الشعبية الذين لا يملكون المال الكافي لشراء الماء وتخزينه.
"الحقائق" حاولت رصد بداية الأزمة المرتقبة بسبب الارتفاع المذهل للماء الصالح للشرب في العاصمة نواكشوط، وتجولت في مناطق متعددة من الأحياء الفقيرة والتي لا تمتلك في الغالب حنفيات منزلية.
"لمات بنت عبد الله" التقينا بها وهي في بحث عن سقاء من العربات التي تبيع الماء، قالت بكل ألم أنها ربة أسرة تظل منذ أيام تبحث عن بائعي براميل المياه على الطرق، وبعد كثير من البحث تستطيع "لمات" إيجاد أحد أصحاب العربات (شاريتات) لكنها تفاجئ بعد ذلك بالسعر المرتفع للماء والذي لم تستطع "حسب حديثها" على الاستمرار في شراء الماء به، حيث تشتري البرميل الواحد بسعر 700 أوقية فما فوق، وهو سعر تقول أنه يذكرها بأزمة الماء الذي تتعرض له العاصمة كل صيف، وتطالب "لمات" ممن تسميهم المعنيين بالأمر إيجاد حلول ناجعة من شأنها أن تجنب المواطن من التعرض للعطش، وتضيف منت محمد قائلة أنا لدي عدد من الأولاد الصغار الذين لا يتحملون العطش وليس لدي ما أقابل به ارتفاع الأسعار وندرة المياه سوي الصبر والاتكال علي الله وإبلاغ الدولة أننا في وضع متدهور من ناحية الحصول على – (برميل) من- الماء الذي طالت أزمته في البلد منذ فترة طويلة لم يجد فيها المواطن من يقف إلي جانبه في توفير الماء الذي يمثل عصب الحياة كما نسمع في المثل.



أصحاب العربات يتحدثون..
حمزة ولد عالي صاحب عربة حمير (شاريت) يحكي لـ"الحقائق" ظروفه المعيشية كمواطن لم يجد من المهن إلا بيع الماء ويقول أن تعامل أصحاب الحنفيات التي تشرف علي بيع الماء في العاصمة، لأصحاب العربات تعامل شديد القسوة حيث تبيع لهم البراميل بثمن يصل إلى (200 و 250) أوقية وهم يبيعونه أحيانا بثمن ( 500 إلي 700 ) أوقية حيث لا يتجاوز معدل عدد البراميل التي يحصل عليها يوميا 2 إلي 3 برامل وهو ما يقارب 2000 أوقية إلي 2500 أوقية وهذا المبلغ يتقاسمه مع صاحب العربة الرئيسي ويبقي له هو ما يقارب 500 أوقية 800 أوقية وفق ولد عالي وهو يعيل أسرة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية هذه الأيام يضيف قائلا وهذا مبلغ زهيد بالنسبة لمن لدية أسرة.
نقاط التوزيع والمشكل الأكبر.
تتوفر في العاصمة نواكشوط نقاط بيع المياه بشكل كثير، حيث تصل الى معدل 6 حنفيات عمومية في المقاطعة الواحدة موزعة على باقي المقاطعات التسعة، وتوجد معظم شبكة هذه المناهل كذلك في الأحياء الأكثر فقرا ذلك أن الأغنياء لديهم حنفيات منزلية وقد لا يتعرضوا لما يعاني منه المواطن الفقير بسبب هذا الارتفاع المذهل لأسعار شراء الماء العمومي.
أما في مناطق عرفات وتيارت وتوجنين فتوجد أكبر نقاط توزيع للمياه في العاصمة نواكشوط حسب المناطق التي زرناها حيث يوجد عدد كبير من العربات التي تنقل الماء للمواطنين، وصرح لنا المشرفون على هذه النقاط لتنظيم العربات وتوزيعها علي مناطق العاصمة، انه توجد أزمة مياه قادمة قد يتضرر منها المواطن بشكل كبير، بسبب ارتفاع سعر الماء والنقص الحاد في كمياته بالإضافة إلى صعوبة نقله إلى مناطق بعيدة مما يزيد في غلاء سعره المباشر على المواطنين.
--------------
كتب: الثلاثاء 16-02-2010 في جريدة "الحقائق" الموريتانية
----------
كاتب وصحفي موريتاني
جوال: 6781212
البريد الإلكتروني: [email protected]