أحلامنا بقلم:عادل الأنصاري
تاريخ النشر : 2009-08-18
أحلامنا



اختلفت مدار تفسير الأحلام كثيرا في حقيقة أحلامنا وكيف تحدث أو أين تحدث ولم تحدث , وبعد بحث وقراءات كثيرة أصبح لدي قناعة شخصية ووجهة نظر خاصة حول هذا الموضوع وسأتحدث عنها باختصار .



لا شك أن العقل الظاهر والعقل الباطن يشكلان شخصية أي إنسان , فمن خلال العقل الظاهر يكتسب الإنسان الكثير من التجارب والمؤثرات اليومية ويمارس من خلاله كل الخبرات الجديدة والتي تتراكم في العقل الباطن الذي يحولها لعادات ومسلمات تؤثر في حياته بشكل كبير , هنا تكمن خطورة هذا العقل الباطن الذي يشكل مستقبل وشخصية كل واحد منا , وغالبا ما ينتظر العقل الباطن وقت هدوء الإنسان وسكينته كوقت النوم مثلا ليتلقى المعلومات والتجارب الجديدة التي طرأت خلال النهار .



ولو افترضنا أن مخ الإنسان مكون من غرف وحجرات متخصصة , فيتم تدفق المعلومات من حجرة خاصة بالعقل الظاهر إلى حجرة خاصة بالعقل الباطن من خلال طريق عصبي معين , وغالبا كما أسلفنا وقت سكينة الإنسان لأن العقل الباطن لا يقبل انشغال الجسم والمخ بشيء أثناء ممارسته لعمله لأنه يعرف أنه يقوم بمهام خطيرة مثل أرشفة المعلومات وتصنيفها وتحويلها إلى عادات وتشكيلات شخصية تؤثر مستقبلا على حياة هذا الإنسان , وربما تمر هذه المعلومات خلال هذا الطريق العصبي أو الأنبوب العصبي كثيرة ومختلطة مثل الكوكتيل فيقوم باستقبالها في حجرات التصنيف ويؤرشفها كل حسب تجانس المعلومة الجديدة وسابقاتها .



ومن وجهة نظري المتواضعة أن أحلامنا تنتج خلال مرورها بهذا الأنبوب العصبي , ويمكن ملاحظة الآتي :



1- أن الكثير من أحلامنا تأتي أحيانا مختلطة ولا رابط بين أحداثها أحيانا .

2- ورود شخصيات غريبة وأماكن وأشياء ووجوه أو حيوانات ومالاحصر له من المفردات المختلطة .

3- وضوح بعض الأحلام مرده أن هذا الشخص كثر تركيزه أثناء يومه على شيء معين وكان مصدر قلق أو مصدر تفكير أكثر من غيره من الأحداث لسبب يخصه فمرت هذه الصورة كنبض عصبي بارز وصعب تحلله كبقية الأحداث .



بعد أن تمر تلك الدفعات من الخبرات والتجارب والمواقف من خلال الأنبوب العصبي لحجرة التصنيف يبدأ دور العقل الباطن الذكي والخارق بالتصنيف والترتيب والأرشفة وله من الذكاء والإعجاز ما يكفي لأن يستخلص بعض الأمور أحيانا كما تكون المعجزات أو النبوءات فيتوصل لخطورة أمر ما أو حدوث أمر ما بسبب تسلسل منطقي متراكم ومقارنات خاصة , فيرسل للعقل الظاهر تحذيرات أو احتمالات بحدوث موقف بناء على سلسلة من الافتراضات المحسوبة , وربما يرسلها بصورة حلم متكرر وواضح وفيه دلالات مباشرة على ذلك الحدث .



أحلامنا منا ولها علاقة مباشرة بكل ما نمر به خلال يومنا سواء بصراحة واضحة أو بإشارات مستترة .



لاشك أن الإنسان الذي ينظر بإيجابية نحو أحداث يومه حتى وإن كانت سيئة في حقيقتها سيقوم العقل الباطن بتحويل نظرته الإيجابية نحو الأحداث لهدوء وسلاسة أثناء نقل الأحداث عبر أنبوبه العصبي فيشعر بالراحة والرضا أثناء نومه وبعد يقظته وتتحول نظرته الإيجابية لعادات يومية يجد معها الراحة والطمأنينة لبقية حياته .



أمثلة :



1- امرأة حلمت بأنها وجدت عقربا وحاولت قتلها عندها هجمت عليها قطة شرسة تدافع عن تلك العقربة .



( هذه المرأة كانت لها مشكلة كبيرة مع زوجة ابنها وبعد أن حاولت أن تحل تلك المشكلة تدخلت زوجة ابنها الثاني مؤيدة للزوجة الأولى بطرق خبيثة وقذرة , هذه الزوجة الثانية معروفة لدى الجميع بطيبتها ومساعدتها للآخرين , ولكن الأم تعرف أنها تتصنع هذه الطيبة وأنها تخفي بداخلها إنسانة خبيثة , لذلك تصورتها في أحلامها قطة , لأن القطط تبدو عليها اللطافة وربما تخفي الشراسة أيضا , أما الزوجة الأولى فكانت كالعقرب لأنها أذتها بشكل مباشر)



2- امرأة حلمت بأنها ترى الكعبة محترقة .

( هذه المرأة حصل بين ابنائها شقاق كبير بعد سنين طويلة من الصفاء , فتصورت تلك الرابطة المقدسة وكأنها تحترق ) .



3- رجل يحلم دائما بأنه يجري بين الناس عاريا .

( هذا الرجل قام بعمل مشين وهو يعرف أنه عمل مشين ولا يستطيع إسكات ضميره نحو هذا العمل أبدا ,, فصار هذا الحلم يتكرر لأنه يحاول نسيانه في الواقع ولا يستطيع ) .

لو استطعنا معرفة أسرار حياة بعض الأشخاص ومتاعبهم اليومية وما حدث لهم خلال أيام من مشاكل وأحداث هامة لسهل علينا جدا أن نفسر أحلامهم بكل يسر وسهولة .



كما أن العقل الباطن فيه من الذكاء ما يقوم بمد الأحلام أثناء مرورها بالأنبوب العصبي الخاص بخلفيات وصور مختزنة من تجارب سابقة ليساعده على الاسترخاء وعدم الضياع في البحث عن متشابهات للحالة الفكرية والنفسية التي يمر بها هذا الإنسان مثل العقرب والقطة والكعبة وغيرها من الصور .



هذا والله أعلم
عادل الأنصاري