ستي وحلم الحياه بقلم:صالح صلاح شبانة
تاريخ النشر : 2009-03-19
ستي وحلم الحياه
صورة تراثية محكية من تراث القرية
بقلم : الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
[email protected]
خمسين سنه عشتهن مع سيدك ، وصارله مفارقني عشرين ، ولما أخذته ....
بقى عمره عشرين وشويه
تسعين سنه بقن عَ اكتاف ستي ، لما هدها الزمن ، بس ظلت بنعمة العقل ..
قمر تشرين وطلتها بهيه
منها أخذت كل علوم القريه ، وحفظت تراثها ، وكيف عاشوا الأباء والأسياد ..
المحترمين في ها لدنيا
فيها بقيت أراقب كيف الدنيا بتقلب وبتشقلب ، وكيف بتتطور وبتتأخر ...
وكيف بتقسى وبتلين ، حنونه وعصيه
منها تعلمت حب الأرض والحياه ،وكيف الأجيال تعاقبوا عليها جيل بعد جيل وشو معنى .. السنين اللي تأججت بالحريه
بقت ستي تعرف الأرض قديش صراره وقديش شفحه ،ووينته بتغل ووينته بتمحل ،
وينه تبقى طريه
قالت لي :يا ولد ،صنف غنماتك ،السخله من الجفرا ،من الهرشه للعوايه ،من الواقفه..،
للي مقيله بالفيه
السخله أحشمها ،وبالعلف أطعمها ،وسرّحها اتشوف الخلا والنور ،وتشم هوا البراري..
العليل والمراعي الشهيه
واذا السخله طلعت مليح ،بتظلها مليحه ،وذريتها مليحه ،وان انجعمت لا منها ولا فيها ،
لا ينتفع للحم ولا للتربيه
والجفر إن نصحت وربعت ،بصيرن ولادها بسم الله ما شاء الله ..زريعه طيبه بتبقى...،
من حالاتها غيه
والهرشه بدك تداريها ،وما تنسى قديش أخذت من جناها وذراريها ..من سخولها ..،
وسخلاتها أكلات هنيه
والعوايه ولا منها ولا فيها ،هدها الزمن ونشف عظمها قبل لحمها ،وما عادت تنفع
وخساره فيها لِقنيه
الغنم غنيمه للي بربي الغنم ،توكل من عشب الأرض ،وشوفتها في الخلا سارحه ....،
صوره عَ الأرض حيه
ها لأرض يا ستي بعد ما يسقط عليها المطر ،وينبت منها العشب ،وتلبس حلتها ....،
الخضرا لِملونه البهيه
بتلاقي العشب يتعانق عَ أرضها ،القحوان عَ الحَنّون ،عَ الرنجس ، عَ الطيون... اعشاب .. ،
فيها الدوا علاجيه
وينبت الزعتر عَ العلك ،عَ العكوب ،عَ الخرفييش ،عَ اللوف عَ القريص ..عَ المُرّارعَ اللسَيِّن ،
عَ الركف والحلبه البريه
عَ القلقسون ، عَ البزيز ، عَ الصبيعه عَ البُرّيده ، عَ ذان الفاره بنوارتها الصفرا ..،
للأكل منه ، ومنه للتسليه
وتلاقي ها لنتش عَ حلبة السخول ،غِذا للغنم والدواب ،لما تفيع ها لقطعان عَ الأرض
العذرا المشتهيه
وتلاقي الربيع موسم لكل الناس ، من الحميضه والزعتر نساوي اقراص ، وندق دقه ،
ومن الحلبه للحلو صينيه
وتلاقي معاصر المرار ،وسلطة العلك مع البصل ولاّ مع الثوم ،وزيت الزيتون والليمون ...، أكله ما الها خويه
ومن العكوب مع اللبن ،وان صح لحمة سخل ،بتظلك تحلف بهذيك الأكله طول العمر...،
وما بتصير منسيه
ستي عاشت تسعين وما هدها غير الحُزُن والّهَم ،لمّا عاشت في زمن غيرها ..وشافت أحلامها هرمانه ومهتريه
حزن عَ الأرض اللي بقت عَمَار وصارت خراب ،حزن على عرق سيدي اللي راح هدر....،
بعد ما وافته المنيه
حزن عَ الأمل اللي انطفى ،عَ الأيد اللي صارت بَطاله ،حزن عَ السما اللي شحت بالمطر وما عادت عَ الأرض سخيه
حزن عَ القِيَم اللي تراخت ،عَ الناس اللي تبدلت وتغيّرت ،عَ البور اللي امتد ع وجه الأرض بهَيته المزريه
بس عمرها ما قالت آخ يا ألم من الجسم ، حتى بعد ما انكمش وصار هزيل يجتر ذكريات انهفت والفاس والطوريه
وصار الصمت عنوانها ،بس بقيت أقرا جُوّه عيونها كل اللي بقلقها ،بس الأوان فات ،
وهذا حال الدنيا
وشو مثلي بساوي بالزمن ؟ قديش داس أحلام الناس ..وقديش قمع نفوس الها زمان...، وتاريخ وبقت أبيه
ما عاد الطابون المخبز والمقعد في الشتا ،وما عاد حدا يسمع نص نصيص وجبينه ويطرب على أحداث الخرافيه
ولا عيشه جراده والشاطر محمد ظللهن مساحه جوه الذاكره اللي انخزقت وذبل شبابها وصارت غيبيه
بقت ستي تستهجن المرض واللي بمرضوا ، بس لمّا حل الخراب وعرفت الحقيقه حزنت ،
وفاضت دمعتها السخيه
بقت الأرض الطبيب والدوا ، ومن عشبها العلاج قبل الغِذا .... صار العشب ينشف والغيمه عاقره ما فيها ميه
وماتت البندوره ، وحل الوجع والمرض ، وصاب ستي حزن ، وصمت لسانها اللي بقى يعلمنا انها الأرض الهويه
تقرأ بلهجة أهل سنجل