هو وهي بقلم:المستشار محمد بك غلوش
تاريخ النشر : 2009-03-18
هو : كانَ معقداً تائهاً مشتتاً ينظرُ إلي النساء و كأنهم واحدة - مائلاتٌ مميلات خادعاتٌ مخادعات ، يعشقنهُ إما لمنصبهِ و إما لمالهِ ، لا يقدسنَ الحبَّ و لا يعرفنهُ حقَّ المعرفة ، يتعاملنّ بكل سطحية حتى في أدق الأمور و أقيمها ، مشاعرهم زائفة و أحاسيسهم باطلة و أجسادهم مباحة .

هي : كانت هادئةً ناعمةً معطاءةً إلي أبعد الحدودِ ، لا تنتظرُ مقابلاً ممن تعشقه ، لكنَّ أحاسيسها مقيدة - فمشاعرها ليست مباحة للجميع ، لم تستسلم أمامَ ثورةَ العشقِ و لم تنهزم بينَ حلباتِ الغرام ، تعطي ما تشاءُ أن تعطي لمن تحب أن تعطي و تمنع ما تشاءُ و أن تمنع لمن لا يستحق .

شاءت الأقدارُ أن تجمعَ بينَ الاثنين في شِـباكٍ واحد و في حلبةِ سباقٍ واحدة لكنهما متقابلين ، يسعي كل منهما إلي ملاقاة الآخر الذي لا يعرفهُ ، كلٌ ينحو و يهرولُ نحوَ قـدَرهِ ، لا يفكرُ في المصيرِ المنتظَر لكنهُ يأمل أن يكونَ موافقاً لأهوائهِ و ما يتمناه ، إلي أن التقيا في منتصفِ الشِباك ، بدت نظراتهم حادة متأملة صامتة إلي أبعد الحدود ، لكن سرعانَ ما تبسمت هي و نظرت إلي المستقبل و كأنهُ أشرقَ في عينيها ، و ما لبثَ هو أن أدارَ وجههُ ثائراً يعلو وجههُ ظلمةَ المستقبل الذي يتوقعه ، فلقد اعتادَ هذا الأملَ الخائبَ و الحظَّ الكئود ، لكنها بكل سهولةٍ و لين أرادت أن تخرجهُ من معتقلِ نفسه و من دائرةِ فكرهِ السيئ ، حاولت قدرَ المستطاع فعلَ ذلك لكنَّ نتائجَها دائماً ما تبوءُ بالفشل في كلِّ مرة ، كانَ كلما أذاقـتهُ من شهدِ شفتيها كلاماً معسولاً قالَ في نفسهِ تباً لتلكَ المشاعرِ الزائفة كانت كلما عانقتهُ بكلِّ أمومةٍ و دفءٍ قالَ من أجلِ ماذا كلّ هذا ، حتى مرت عليهم السنونَ و هم ما زالوا علي ذلك إلي أن انتهي بهم السباق و أخذتهم الأقدارُ إلي وادٍ آخر و إلي عالمٍ آخر حيثُ لا خداع لا شكٌ و لا ريب ، ارتمي تحتَ أقدامها و عينيهِ ملأها البكاءُ و الخجل يشكو إليها سوءَ فكرهِ و تصرفهِ معها حالَ حياتهِ ، هرعت إليه بكل رفقٍ و أدلت إليه يدها ، استوقفتهُ و انحنت هي قابضةً علي يديهِ بكلِّ قوةٍ تقبلها و تبللها بدموعِ العشقِ و الوَله تقولُ لهُ أيا رجل امتلك ما شئتَ من جسدي تسمَّع إلي ما أحببتَ أن تسمعَ مني فأنا لكَ للأبد ، الآنَ وقد علمتَ أنى ما أحببتكَ من أجلِ شيء الآنَ و قد متـنا و لم يمت بيننا أيُّ شيء إلا أنى أحببتكَ أكثر و لكن بعدَ الممات ! فعفواً حبيبي شاءت الحياةُ ألا تُـشعركَ بي فهيا لنأخذ قسطنا من الآخرة .......... !