تسللت أصابع الليل بحمقها الأعمى لتلون فجر ربيع بلونها حسدا وقهرا لخنق محبة عانقت محبة سماوية لا تحمل موروثا ماديا انغرس في جين الإنسان منذ أن نفخ الله في طينه ليكون لحما ودما, محبة بلا عيون حائرة ولا يدين ترتعشان لأنهما انغمستا في ماء بئرالحق0 كان سوء الظن يتقدم خطا رغيد التائه بين دمامته وانتهازيته والباحث عن مربع يجلس فيه ليقول ها أنا ذا0 كان الحرمان نصيبه من نظرات الجنس اللطيف فتضاعف حقده عليهن وعلى من يقترب منهن 0 ورغم تكوره وانصهاره مع الخبث حافظ على ابتسامة تكون أحيانا فخا منصوبا على الدوام عله يصطاد ضحية ساذجة أو يخترق عالما محرما ليسرق أسرار الآخرين ليحل واحدة من عشرات عقد النقص الساكنة فيه0 قال احد الجيران إن رغيد كان واعدا في طفولته ,طموحا في دراسته ونجح في الحصول على شهادة عليا في الاقتصاد0حاول النهوض لكن حبال السوداوية كانت تشده للأسفل لاعتبارات يجهلها الجميع باستثنائه هو0 أخذ الجار نفسا عميقا – فيه نوع من الحسرة على الرجل- وقال: من الإنصاف القول أن رغيد نجح في عمله لكنه رياح التغيير الاجتماعي لم تنل منه فظل أسير عذاباته التي رواها طويلا بماء شقائه بحيث نمت في أوصاله وصارت رفيقة ظله أينما حل0 وللإنصاف كما قال الجار إن رغيد حاول الفرار من قسورته بالزواج مرة اتبعها بثانية وثالثة وهو الآن بلا رفيقة وبلا ولد0 الغريب في الموضوع أن الزوجات الثلاث هن من طلبن الطلاق أو الخلع0 الرجل يريد حبا فلا يجده فصار يتسلى بما توهمه بقصص حب الآخرين ويدعي حب فلانة وفلانة وفلانة حتى أصابه الوهن والجزع وبات يمضغ الوجع بلا لسان يقول أو آه تفضح0 وفي يوم فار تنوره وتصاعد دخان عاقلته وفقد توازنه وصار يهذي بلغات لم ينطق بها إنسان من قبل ومع ذلك يستهزئ بالآخرين وبجهلهم له ويقول لهم : بئس الخلق انتم , ومثلي يعيش بينكم عنوة , وليس بينكم أنثى تستحق حبا وذكرا يستحق احتراما0 صار أطفال الحي يتحلقون حوله فيظنهم جمهورا من المعجبين فتتفتق قريحته ويكرر خطاباته التي حفظها الصغار عن ظهر قلب ولسان حال الأطفال وحتى الكبار يقول: مسكين رغيد هذا الساكن في الهذيان ومسكون فيه0 ظل رغيد يثرثر ويمضغ نتاج ظلال ظلاله حتى سقط يوما مغشيا عليه ويقبع الآن في احد المصحات النفسية0 عندما تأتي ذكراه يرثي أهل الحي لحاله ويقولون مسكين ذاك الرجل عاش وحيدا , وسيموت كذلك رغم أن أناقته لم تفضحه يوما بل لسانه0

**********************************************

** لا تحاول أن تجعل ملابسك أغلى شيء فيك, حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص مما ترتديه**