حديث الغرباء 3 بقلم: م.رضا الكيلاني
تاريخ النشر : 2009-03-17
تلكات سوسن كثيرا قبل ان تجري الاتصال الثالث ....الا ان شعورها بانها تمتلك المزيد من الثرثرة
جعلها ترفع السماعة بلا وجل ولا خوف...

- الو...مساء الخير...علي لا اثقل عليك الان ؟؟
- لا...ابدا...اصبحت مشكلتك شغلي الشاغل!!
(لم تجد حينها ما تستطيع ان تكمل به اي حديث..فكانها قد تركت للدكتور سليم حرية انتقاء الاسئلة)
- هلا اسالك عن شعور قد لازمك ...وما انفك ان يبرح
- كنت وما زلت عظيمة الشعور بامرين.....الجمال...والفقر..
- للجمال ضريبة..لا بد من دفعها
- ما كان من الجمال الا ان يرسل تلكم الانفس المريضة...
- والفقر
- يورثني دائما الشعور في النقص....
- لعلك ان سمعت رايي في الغنى قد تتغير وجهة نظرك
- ما هو؟؟
-هو نتيجة من نتائج اللصوصية دائما....فان لم يكن قد جناها المالك الحالي..فقد جناها اسلافه من قبل
- اعجبني دلك!!
- فلا يجتمعان معا..ابدا....الجمال والفقر
- وان اجتمعا
- كارثة...مصيبة
- حينها فقط ...استطعت ان اتنبه لحقيقة حياتي المرة
- ما دور والدتك في الموضوع ؟؟؟
- في الواقع.....لم تكن تحترم الاخلاق ..مطلقا
- ذلك ان الاخلاق نسبية!!!
- وهل تعطينا الحق في ان نستغلها؟؟
- نعم...انما العيش في بؤرة فاسدة...والشعور في قرارة النفس ان التخلص من الرقابة والقيود....يستحيلك
الى حرة..تفعل ما تشاء...بغير حساب....قتنقلب الحرية المطلقة الى ثورة....ثورة على وجود عامل الفساد
في حياتك....... ثورة على الرجال
لا هدف......ولا وازع....انما يقظة جنونية
- اتعلم
- نعم!!!
- في ظواهر الامور...ننتهي الى نهايات محتومة..ما منها مفر ولا مناص
- يعجبني دلك....وابدو مرتاحا له
- لا اعلم.......... لم ازال احب والدتي
- لعلك ما زلت لا تفرقين بين الحب ...والعاطفة..ولعل ما تردد في قولها( انك يا سوسن مسؤولة عنا جميعا...خصوصا اخوتك الثلاث) ما زال يتردد في عقلك الباطن
- رباه...يا الهي
- لم تستطيعي ان تعتصمي حيال تلك الدوافع الفاجرة
- من يستطيع ان يهيء لي مهنة محترمة....دون ان يتخلى عن احلام قلبي
- اشباه الرجال.....لكن بحق...ماذا كنت تديرين
- اليس المسؤولية عن عدد من الفاجرات ..والبغايا....ادارة
- منطقية جدا
- استطعت خلال دلك ان اثار لنفسي....دلك ما كان يؤرق مضجعي خلال تلك الفترات
الا انني جميع من تعرفت اليهم...حلمت بهم كازواج.....لكن لا احد يستحق ذلك
- جميع من تعاملتي معهم ...اعطيتهم الصدق والاخلاص..الا اتهم لم يقابلو ذلك بنزاهة
- وحياتي لم تخل من ازمات عنيفة....تزعزعت حينها عقيدتي منذ ان يفترض بها ان تبدا
- استقبلتي حينها الحياة الجديدة بشغف شديد
- ما زلت على وجه العموم اؤمن بالله ..والمراة...واكفر بجميع الرجال
فلو كان مزاجي حيوانيا ...بحتا...لبلغت من السعادة الشيء الكثير..الا ان قلبي ما زال متشوقا الى حنان ومودة
لم اجدها في الحياة الفاجرة
- لذلك ما انفككت تشعرين بالملل والفراغ

- نعم..وكلما الح علي ذلك الشعور..تماديت في المرح والترف..علما بانني لم اطلب تلك الحياة مطلقا
- انما قدمت اليك على طبق من ذهب
- اجتاحتني حينها موجة تمرد ثائرة.....وحدثتني نفسي بالجري وراء اللذة..لكني لم افعل شيء....بمحض
ارادتي....كنت وما ازال عبدة لنفسي..مسكينة....كثيرة الخطايا..لكن بؤسي افظع من خطاياي
- كم مرة تزوجتي؟؟
- مرتان !!!
- لا محاولات..لانجاب اي طفل
- دلك هو السر الالهي..فالجزاء من جنس العمل واشعر بان الله قد تخلى عني
- حتى وفي احلك الظروف ....لا بد من وجود حبل
- لعل دلك ما دعاني الى الاتصال بك
- بحق السماء...لا تجعليني الصلة بينك وبين الله...انما انا كنت مجرد وسيلة للاعتراف بذنوبك
- لا اجعلك الرابط والصلة....انما انت من تعريت امامه تماما...
- اما ان تكوني ذكية جدا.....او من حولك هم الاغبياء
- لا تلك ..ولا ذاك...انما نحن ضمن مجموعة من التنازلات ..يقدمها بعضنا للاخر
- لنضع النقاط عى الحروف ...المشكلة الوحيدة لما تعانيه الان ..بعد ان تخلصتي من ماضيكي ..الوحده...ووهم الغيرة...لا زوج..ولا ابن...ولا صديق...ولا حبيب...حبيسة شقة صغيرة....وقد حرمت نفسك من كافة انواع التسلية.....اصبحتي في حالة كئيبة..متململة....مقطبة.....تخافين من الجنون...واحيانا...تحدثك نفسك بالانتحار
- لي رغبة عارمة في البكاء الان...
- سيدتي....اصغي الي الان....انت سيدة عظيمة.....ومن فضل الشقاء احانا ان يجعل من الفرد ..عظيما....
انت الان عظيمة في وحدتك....صدقيني انه لا قيمة لحياة الانسان ..دون ان نؤمن بانفسنا..

اغلقت سوسن سماعة الهاتف..واندفعت في نوبة البكاء.......ففعل البكاء فعله.....وهدات اعصابها......ثم تمتمت بصوت تكاد هي ان تسمعه....لن يخذلني الله ...لن يتخلى عني

لاول مرة ايقن الدكتور سليم بانه ليس من الضروري ان يفتح ملفا لمريض ...انما قد كتب على اسفل الصفحة
التي دون فيها ملاحظاته...ليغفر لنا الله..جميعا

****رضا الكيلاني.....