الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا بقلم:توفيق الشيخ حسين

تاريخ النشر : 2007-07-29
كلنا يعرف ناجي العلي .. الموت قد شلّ نضاله وأفناه غير انه ظل منتصرا ً والى الأبد .. مات ولم يعرف من هذا العالم الا الغربة والمنفى .. كانت رسوماته الكاريكاتيرية أكثر أشراقا ً واشعاعا ً وحيوية .. وبدت حية لشبهها الكبير ومطابقتها مع الأصل .. وبتقادم الزمن تطورت رسوماته بشكل دراسات سيكولوجية جادة , حيث بلغ في بعض منها عمقا ً .. رسم للزمن أطفالا بحجم أشجار الزيتون وعيونا للأحبة .. كان الظمأ يرسم ملامح وجهه .. وجهه الصافي كالماء .. وكانت له عذاباته وحبه للوطن .. أنه رائد واقعي بتبصره العميق في النفس الأنسانية ..

كتب ناجي العلي ...

( أسمي ناجي العلي .. ولدت حيث ولد المسيح , بين طبرية والناصرة .. في قرية الشجرة بالجليل الشمالي , أخرجوني من هناك بعد 10 سنوات في 1948 الى مخيم عين الحلوة في لبنان .. أذكر هذه السنوات العشر أكثر مما أذكره من بقية عمري .. أعرف العشب والحجر والظل والنور , لا تزال ثابتة في محجر العين كأنها حفرت حفراً .. لم يخرجها كل ما رأيته بعد ذلك .. أرسم .. لا أكتب أحجبة , لا أحرق البخور , ولكنني أرسم , واذا قيل أن ريشتي مبضع جراح , أكون حققت ما حلمت طويلاً بتحقيقه .. كما أنني لست مهرجا ً , ولست شاعر قبيلة - أي قبيلة – اٍنني أطرد عن قلبي مهمة لا تلبث دائما ً أن تعود .. ثقيلة .. ولكنها تكفي لتمنحني مبررا ً لأن أحيا .. متهم بالأنحياز , وهي تهمة لا أنفيها .. أنا لست محايدا , أنا منحاز لمن هم " تحت " .. الذين يرزحون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليلات وصخور القهر والنهب وأحجار السجون والمعتقلات ,أنا منحاز لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى , ولمن يخرجون من حواري الخرطوم ليمزقوابأيديهم سلاسلهم , ولمن يقضون لياليهم في لبنان شحذا للسلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح القادم من مخبئها .. ولمن يقرأون كتاب الوطن في المخيمات .. وظللت أرسم على جدران المخيم ما بقي عالقا بذاكرتي عن الوطن , وما كنت أراه محبوسا في العيون , ثم انتقلت رسوماتي الى جدران سجون ثكنات الجيش اللبناني , حيث كنت أقضي في ضيافتها فترات دورية اجبارية .. ثم الى الأوراق .. الى أن جاء غسان كنفاني ذات يوم الى المخيم وشاهد رسوما ً لي , فأخذها ونشرها في مجلة " الحرية " وجاء أصدقائي بعد ذلك حاملين نسخا ً من " الحرية " وفيها رسوماتي .. شجعني هذا كثيرا ً ) ...

ناجي العلي كان أكبر من الموت وأستطاع أن يمسح دموع كل اليتامى والمساكين وأستطاع أن يضئ الظلام ويسير بأحزانه خلف الموج والتيار .. ترك ناجي العلي 40 ألف رسم كاريكاتيري المعبر عن المعاناة الصادقة وطفله الصغير " حنظلة " .. ولد طفله الصغير حنظلة في الكويت عام 1969 عندما كان ناجي العلي يعمل في جريدة السياسة الكويتية .. ولم يطلب به ناجي الشهرة أو التميز عن باقي الفنانين بقدر ما طلب من حنظلة نفسه أن يكون ضميره اليقظ وقلبه النابض .. وكتب الشاعر والروائي الفلسطيني محمد الأسعد في مجلة الأداب البيروتية " ناجي العلي سحر الكرامة " ( أنه يظل دائما أمام خيار لا حياد فيه , كما هو الخيار بين الكرامة الشخصية والأمتهان , وكما هو الخيار بين الحياة والموت , لا مساومة ولا وسط في هذه الثنائية المضادة , فمنذ أن تثبّت الطفل الصغير , البطل الحقيقي للدراما في قفص الوحوش لم يعد هناك توسط , هكذا نفهم كيف أن ال " فوق " وال " تحت " ليسا مفهومين مجردين لفائدة معجمية , وأنما هما تجسيد لرفض التعلق في الهواء , وهكذا نفهم أن لغة السياسة التي يفهمها ناجي هي غير اللغة الشائعة , أنه يرتفع دائما بهذا القول الحكيم " أنتم مٍلح ُ الأرض فاٍذا فسد َ الملح ُ فبماذا يُملح ّ " ... مات ناجي العلي برصاصة لندن في 22 يوليو عام 1987 ليدخل بعدها في غيبوبة طويلة الى ان فارق الحياة في 29 يوليو .. مات ناجي العلي لكن حنظلة لا يزال حيا ً ....
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف