الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المزرعة في الأعالي - من رواية وقائع ليلة السحر الممنوعة من النشر في الأردن لتيسير نظمي

تاريخ النشر : 2007-05-26
المزرعة في الأعالي - من رواية وقائع ليلة السحر الممنوعة من النشر في الأردن لتيسير نظمي

الفصل الأخير - المزرعة في الأعالي

العجل و القر و الحمار

كان وحيداً عندما دخلنا إليه. عمره لم يتجاوز الأسبوعين وواقف رغم هزالة جسده. قدم له عمي الذي تجاوز الستين من عمره إناء الحليب الاصطناعي المعد حسب المكاييل و الأوزان ووصفة الشركة الفرنسية المنتجة، فمد رأسه ليرشف ثم ابتعد غير راغب في مذاقه رغم الجوع . عللت من جانبي هذا التصرف بأنه أمر طبيعي أن لا يستساغ الحليب الاصطناعي من عجل صغير حديث الولادة عندما يقارن بحليب الأم.لكن هذا الأمر من وجهة نظر عمي يغدو مكلفاً إن هو أصر على رفض تناول الحليب الاصطناعي و أعتمد كلية على حليب أمه. و بحسبة بسيطة كان قد شرح لي عمي و هو يعد حليب البودرة ، أن تكلفة ما يشربه العجل الوليد من حليب مرضعته يبلغ نحو الخمسة دنانير يومياً و أنه لو شرب نصف هذه الكمية من حليب البودرة الاصطناعي بنصف دينار سوف يوفر في الوجبة الواحدة نحو دينارين وضعف هذا الرقم إن تخلى كلية عن حليب الأم. العجل الصغير بدا للوهلة الأولى متمرداً و ليس في وارد حسابات عمي على الإطلاق. و هكذا ظل في الجولة الأولى رافضاً تناول الحليب الفاتر المعد له خصيصاً، بل أنه عندما تم إكراهه بالضغط على رأسه ليغرق فمه بإناء الحليب إندفع بقدمه المتسخة ليضعها في الإناء مما جعل وجبته تمتلئ بالتراب و روث الأرض. و هكذا توقف العم عن الود و الإكراه معاً تاركاً له الإناء بحالته تلك حتى يجوع تماماً و يضطر في عزلته للتعود على الحليب الموجود أمامه. تأملت جسده و قد شف عن عظم ناتئ عند ظهره القريب من ذيله و مؤخرته و عن خواء معدته التي بدت فارغة لا يغطيها سوى الجلد المرقط باللونين الأسود و الأبيض. ثم غادرناه لتفحص بقية أركان المزرعة و موجوداتها بعد أن وصلنا متأخرين نحو ساعتين عن الموعد اليومي المقرر الذي يصل به عمي لتفقد و رعاية مقتنيات مزرعته من حيوانات وطيور. نهيق الحمار الذي انطلق عند مشاهدته لنا بدا حزيناً أكثر مما يجب، فقد سمعت الكثير من نهيق الحمير في حياتي المبكرة عندما كان عمري لا يتجاوز الخامسة عشرة، أي عام 1967، لكن مثل هذا النهيق لم أسمع، فقد كان عذاباً و قهراً و يأساً ذلك النهيق. و تبين لي بعد ذلك أن الحمار كان مربوطاً ليس أكثر من بضعة أمتار تفصله عن بانيو الحمام الممتلئ بماء متسخ إلى حيث اقترب الحمار و ابنه القر الصغير ليشربا سوياً بعد قضاء ظهيرة يوم حار ضمن موجة الحر التي اجتاحت الأردن أواخر أيلول عام 2004. وحينما وصل الحمار لبانيو الماء مد رأسه فورا و راح يغب غباً متصلاً للماء دون أن يرفع رأسه أو يحدث أي صوت يدل على أنه يشرب ، فقد كان عطشاً بشكل لا يصدق و على مدى دقائق متصلة ظل يشرب و يشرب و يشرب كأنه في غيبوبة و كأنه آخر الماء في الكون ذلك الذي يشربه منذ بدء الخليقة حتى اضمحلال كوكب المريخ و جفاف الماء الذي كان عليه قبل ملايين السنين. رحت أتأمل الوضع بينما القر الطليق غير عابئ بالمشهد لأنه لم يكن مربوطاً و قد كان حراً قبل أن يفك إسار والده المسكين أو والدته و مع ذلك لم يفعل شيئا لأبيه أو أمه في محنته تلك فلا نهق و لا شاركها في العويل، على عكس العجل الحصيف الذي تصرف و كأنه يحس بمؤامرة عزله عن أمه و بعده عنها و هي تملأ له درتها بالحليب و لكنها أيضاً كانت مربوطة و مغلق عليها حتى بوجود جدة العجل الهولندية الضخمة التي أنجبت أماً للعجل قبل أن يولد بزمن طويل.

بسالة كلب

للمرة الثالثة ، رغم تجوالي في المزرعة بصحبة العم صاحبها اليومي، ينبح الكلب أو الكلبة ببسالة منقطعة النظير كاد مع قوة اندفاعه / اندفاعها أن يبتر الجنزير المربوط به مع ان الجنزير يليق لقوته ومتانته بربط ذئب و ليس ربط كلبة هزيلة قليلة الحجم ناحلة الجسد و أشاهدها لأول مرة مثل بقية الحيوانات التي أشاهدها للمرة الأولى في المزرعة بعد انقطاعي عن التردد عليها و على العم و أبناء العم زهاء سبع سنوات متصلة كنت عاكفاً فيها على تربية العزلة، عزلتي، و ريش المأساة ، مأساتي ، وتنمية الديون ، ديوني، في قلب حي فاخر في عمان الغربية قريبا من مكان عملي الذي أزهقت فيه و حوصرت حتى حققت للوزارة أمنياتها الطيبة بتقديم استقالتي التي قبلت فوراً حتى قبل أن ينهي طلابي أسبوعهم المدرسي الأخير من العام الدراسي و قبل أن أتمكن من وضع الامتحان النهائي لهم. و هكذا مضت ستة شهور على عدم سماعي لأي نوع من أنواع النباح أو النهيق أو رعاية العجول الصغيرة و الكبيرة.

و رغم نسياني للطريقة التي عالج بها مدير المدرسة الموقف بل و نسياني لمدير المدرسة نفسه خلال الشهور الماضية من العطالة عن العمل ، إلا أنني لا أدري كيف تذكرته أمام بسالة نباح ذلك الكلب الصغير، تذكرت تماماً كيف حمل ورقة الاستقالة ، أو قصاصة الورق التي كتبتها على عجل و بالقلم الأحمر المتوفر لدي آنذاك ببضع كلمات عجولةا: أنا فلان الفلاني أتقدم باستقالتي و سأوافيكم بالأسباب الداعية لذلك فيما بعد، و بعد توقيعي عليها ركض المدير يحملها مغادرا المدرسة إلى مديرية عمان الأولى زافاً البشرى لمدير التعليم و كأنه أنجز المهمة الموكلة اليه بتحرير القدس عندما أدار مفتاح سيارته و انطلق لا يلوي على شيء سوى أنه وصل إلى تحقيق الهدف المرجو من عمله التربوي ذلك المدير الذي شارف على تقاضيه لراتبه التقاعدي. لكن نباح الكلب هذه المرة لم يصل إلى نتيجة مع عمي الذي تجاهله على أمل أن يدرك أن النباح لمرة واحدة يكفي لإشعار القاصي والداني أن ثمة غريب في المزرعة و تكرار النباح على ذلك النحو يغدو أمراً مبتذلاً من الكلب الذي ليس بحاجة لإثبات كلبنته و وفاءه أكثر مما يجب ليحصل على قطعة لحم لدجاجة ميتة من الدجاج الذي يربى بقصد الحصول منه على البيض في بركسات الدجاج البياض المجاورة .

الحالب و المحلوب و الجالب و المجلوب

انتقلنا إلى غرفة واسعة بباب حديدي واسع لأشاهد لأول مرة ثلاثة أبقار عملاقة بأحجام ضخمة متقاربة جداً اثنتان تتشابهان باللون المرقط بالأسود و الأبيض وواحدة لم يتخلل لونها الأسود أية بقعة بيضاء تميزها عن الليل في الخارج ، الليل المرتفع على جبل مرتفع ببضع نجوم قليلة في السماء و بقمر مائل ناحية الهدوء المخيم على المزرعة في منطقة مقفرة لا تسمع بها سوى نباح الكلب عند أسفل المزرعة من ناحية الباب الحديدي الذي لا بد من فتحه لدخول الوانيت – البيك أب- القادم من جنوب عمان باتجاه مدينة مأدبا و الذي قبل بلوغه منتصف المسافة من عمان إلى مأدبا يتسلق طريقاً متعرجاً صاعداً بك نحو قرية عجرمية يتجاوزها نحو سفح الجبل حيث تقع مزرعة العم القادم سنة 1991 من الكويت بعد انتهاء حرب عاصفة الصحراء بأشهر قليلة أو أسابيع. ضغط العم على الزر الكهربائي لآلة صغيرة بماتور يتفرع عنها بربيش شفاف ينتهي طرفه بنحو خمسة شفاطات تثبت بدرة- أثداء- كل بقرة يراد حلبها بطريقة ميكانيكية تعتمد شفط ما تجمع من حليب طيلة النهار في ضرع البقرة التي تكون مربوطة الرقبة بحيث لا يكون بإمكانها الاحتجاج أو التمرد أو حتى أن تحك رأسها بالمقبض الحديدي الذي يحرك تلك الآلة على عجلات تتقدم على مسافة متر من الضرع المتدلي بما يثقله من حليب بقر هولندي عملاق يشبه كثيراً بعض العائدين من الكويت عام 1991 بما تجمع في ضروعهم من أموال طيلة ثلاثين أو أربعين عاما قضوها في مراعي النفط المدرارة للبعض و الشحيحة الجافة للغالبية ليصار إلى حلب الجميع دون هوادة أو تفرقة خلال السنين الأولى من عودتهم إلى الأردن بأنابيب لها صفتها القانونية و المؤسساتية من ضرائب و جمارك و تقاضي و نزاعات و محاكم و ضرائب دخل و مبيعات ومسقفات و بلدية و تلفزيون و كل ما تبتكره الدولة من أساليب لجمع و شفط الأحاليب مثل ضريبة المعارف و ضريبة الريف و ضريبة النفايات متعددة الغايات و كل ذلك دون أن يوجد العلف لآلاف الأبقار التي كانت سارحة في الصحراء و دول الخليج و دون أن توجد الوظائف و الكل يعيش من الكل و الكل خائف . فالعم مثلاً الذي يقوم الآن إبنه بالحلب الصناعي للبقرة الوالدة حديثاً البعيدة عن مولودها المحجوز في الغرفة الثانية بعيداً عن أمه و جدته و خالته السوداء خسر في أول سني عودته للأردن أكثر من خمسة و أربعين ألف دينار في مشروع لصنع الحلويات في مرج الحمام أظنه عند التأسيس أسماه الأصابع الذهبية ليبيعه مضطراً لمن لم يستطع تسديد ثمنه كاملاً بعد الدفعة الأولى من المواطنين الذين رعتهم الدولة دون أن يضطروا لمغادرة الأردن لا سمح الله لجلب الغنم و المغانم من الخارج و الحلب في خزينة الدولة التي لا تمتلئ بفعل بركات البنك الدولي و البنك الغير دولي.

تابعت عملية الحلب البائسة للبقرة الأم التي أنجبت العجلة، العجلة التي سرعان ما تحولت إلى بقرة بحجم أمها و من ثم تحولت البقرة الأساسية إلى جدة بفعل النمو المتسارع و العلف المستورد و بعض حشائش الجبل الصخري التي يتغذى عليها الآباء و الأبناء سواء من الحيوانات غير الناطقة أو الحيوانات الناطقة و حاولت تناسي ما هو مخزون في ذاكرتي الثقافية القادمة من الكويت من تداعيات العقل الواعي و العقل غير الواعي لما يستدعيه وجود البقر الهولندي، الحليب، في الذهن من قراءات أو ذكريات، كالبقرة في أدب جيمس جويس أو في أمريكا اللاتينية و تحديدا في المكسيك و الثورة الخضراء و ما انتهت إليه بعد أيام كارديناس و مزارع البقر التي أنشأها رعاة البقر في مستعمرات البقر و ما انتهى إليه المواطن الأصلي في تلك البلدان من فقر و هزال حيث أصبحت البقرة الواحدة تعيش على ما كان يقتات عليه 12 فردا من السكان الأصليين من الفاصولياء قوت و بروتين الفقراء و خبزهم في دول أمريكا اللاتينية و لا ألحت الذاكرة أيضا على بعض قصائد بابلو نيرودا التي يرى فيها الورد الأحمر الذي سينبت من راحتي تلك النحيلة التي تلم لطع البقر بيديها لتعيش و لكنني كنت قد استدعيت تذكر مقالة لي كتبتها قبل خمس سنوات بعنوان " لسنا أبقارا لكم" و حققت التفافاً جماهيريا حولها لكل من قرأها و أحس بأنها تعبر عن وجعه، خاصة من سكان أربد. يومذاك قلت أن البقر الهولندي وصل بحضارة أوروبا كي تحصل منه على أفضل الحليب و أفضل كميات بأسرع الأوقات أن يعزفوا له موسيقى لزيادة إنتاجيتة ، أما الأبقار العائدة من الخليج فلا تجد من يحس معها أن ضرعها جف منذ السنوات الأولى لعودتها و مع ذلك ما يزال يجري الضغط و الحلب الآلي و الطبيعي لضروعها الجافة الأمر الذي يؤلمها دون طائل و دون أن تحصل مؤسسات الحكومة و الدولة على الحليب الذي حصلت عليه في السنوات الأولى من عودة الأثداء مثقلة بالدولار و الدينار. يومذاك تساءلت: هل نسي الرعيان في بلادنا العربية حتى كيف كانوا على الأقل ، يجيدون الحلب ، في الماضي القريب ، بدلا من أن يطوروه كما طور الهولنديون طريقة الحلب بالموسيقى؟ و هل لنزلاء السجون و معسكرات البطالة من العائدين من الكويت غير نقود التعويضات لمعالجة ضروعهم المشققة من كثرة الضغط بقصد الحلب بلا طائل؟ و أسئلة أخرى و غيرها تتوارد للذهن سرعان ما أطردها عن خاطري متذكرا العجل الوليد في الحجرة المجاورة الذي أعلن تمرده منذ الأسبوع الأول لميلاده بأن يضرب عن الطعام طالما هو بعيد عن أمه و جدته و خالته و طالما هو غير منتفع من حليب الأم بالقدر الذي يجعل منه مواطنا صاحاً لخدمة شعار الأردن أولاً.

فجأة تساءلت بعد أن شعرت أن الغلبة للإناث في المزرعة، من يكون إذن الأب الفعلي للعجل المتمرد اليوم و الذي سوف يخنع في الغد؟

قلت لعمي : أين الثور إذن في عملية التوالد تلك التي تمت خلال السنوات السابقة من شح زياراتي لكم؟

فابتسم قائلا: أن لا ثور في هذه المزرعة غير الطبيب الذي يأتي بإبرة التلقيح الاصطناعي للبقرة المراد أن تحمل لتلد لنا عجلاً أو عجلة . و بالتالي فإن الآباء مجهولي الهوية هنا رغم معرفتنا للأمهات و الثكالى. فنحن قال العم: نجلب الدكتور فيغزها إبرة و غير مضطرين لجلب الثور. فالثور لا يحلب الثور، و هنا تساءلت: " لماذا لا تفهم الحكومات الأردنية المتعاقبة هذه الحقيقة العلمية البسيطة، في حالتي و حالة كثير من الناس من ذات الفصيلة؟"

و بالتالي تصر محافظتي الزرقاء و العاصمة على إصدار مذكرات الجلب دون طائل سوى إضاعة وقت الجالب والمجلوب في عملية عبثية بين الحالب و المحلوب!

الصعود إلى أعلى

بعد الانتهاء من سقاية الحمارة التي كنت أظنها حماراً و قرها أو قرتها الصغيرة و بعد الانتهاء من حلب ثلاث بقرات ضخام حصلت كل واحدة منها على مكافأة الخروج إلى الحظيرة المكشوفة في الهواء الطلق وشرب الماء وجها لوجه مع الحمارة التي كانت لا تزال مستغرقة بالشرب و إطفاء الظمأ وبعد أن أدت الكلبة مهمتها و زيادة بالنباح الباسل على شخصي، و هذه أيضاً كنت أظنها كلباً ذكراً فإذا بها كما كان يخاطبها عمي كلبة صغيرة و حقيرة جداً، بعد كل ذلك صعدت أنا و عمي ، المرتفع ، تاركين الأبقار في بيتها و الحمارة و ابنها أو ابنتها في بيتهما و العجل المتمرد أصغر الكائنات في المزرعة أيضاً في بيته و عزلته الانفرادية صاعدين نحن أيضاً إلى بيتنا، إلى الفيلا ذات الشرفة الواسعة المطلة على إضاءات و أنوار القدس البعيدة التي كانت تتلألأ في مرمى البصر مثلما كانت تتلألأ أنوار حيفا و يافا و ربما عكا أيضاً أمام ناظرينا من باحة منزلنا الواسعة في سيلة الظهر خلال ليالي الصيف ما قبل حزيران 1967 الذي غادرنا من بعده إلى الكويت. أحسست مع الصعود بلهاث العم رغم أنه منقطع عن التدخين منذ سنوات و بالطبع بلهاث مدخن مثلي يحرق ثلاث علب سجائر رديئة في اليوم. كان كلانا يصعد مستغرقاً بالصمت و كلانا له عالمه و طريقة تفكيره، بحكم فارق السن، حيث أن أعمامي الاثنين يكبرانني بعشر سنوات بيني وبين العم الأكبر في حين أن العم الأصغر يكبرني بسنوات ست فقط و قد بقي في البلاد بعد هزيمة عام 1967م و لا يغادر السيلة إلا لماماً أو للزيارة و هو يقطن منذاك في المنزل الذي شيدته بأموال أرسل لي بها الوالد – طيب الله ثراه في ثرى الكويت- من عمله و شقائه في ذلك البلد منذ أن وصله بتاريخ 31/3/1953 حتى وفاته بمرض السرطان في أيار 1989 قبل عيد ميلاده المفترض بنحو أسبوع فقط. و قد أنجب العم الأصغر صبياناً و بناتاً يصعب تعدادهم فملأوا بيتنا هناك حيوية و حياة و ضجيجاً جعل الناس ينسون أن ثمة غياب أو غائبين عما صنعته أيديهم أولئك الغائبين! و لا زلت أذكر أن الوالد – رحمه الله- لم ير بأم عينيه ذلك المنزل على الإطلاق إلا من الصور التي أرسلت بها إليه وكان عمري آنذاك لا يتجاوز الخامسة عشرة. و قبل أن نصل لفيلا العم مررنا بكلب أسود تريث و لم يقم بالنباح عليّ فلما حاولت أن أشكره على حسن ظنه بي نبح هو الآخر عليّ كأنما أراد أن ينفي أية علاقة بيني و بينه باعتباري محسوب قلباً و قالباً على اليسار فكرياً و سياسياً و باعتبار عمي محسوب على أصحاب رأس المال المتوسط و شكرته أيضاً الكلب على ذلك النباح الذي يحفظ له موقعه و منزله بعكسي أنا الذي لم يحتفظ لنفسه يوماً لا بموقع في العائلة و لا بموقع في الحزب و لا بموقع وظيفي و لا بموقع أسري بعد أن تطلقت أم الأولاد و انكفأت بأولادها و نفقتهم في زاروبة من زواريب الزرقاء الحارة في الصيف كأنها امتداد للحرارة اللاهبة في الكويت و أقطار الخليج و البصرة و بغداد . و مع أنني من الناحية العملية عملت في الكويت ربما أكثر من ثلاثة أعمال في اليوم، في التدريس صباحاً و الصحافة مساء و السياسة و الحياة الزوجية في الليل مثل ثور لا يكف عن الحرث في أي مكان تطأه أقدامه، إلا أنني لاحظت أن ثمة وجه للشبه في أمور كثيرة و أن ثمة وجه للاختلاف أيضاً في ما يجمع إناث الحيوانات في المزرعة و ما يفرقها عن الذكور. كنت أحس بالتعاطف التام مع كل من يمنحنا الحليب و اللحم في وقت يحرم نفسه منها و يحرم أبناءه. أما أن تحرم البقرات الثلاث الضخام من الثور الذكر مدى الحياة فهذا ما لم أستوعبه بعد مثلما لم أستوعب حرمان العجل الوليد من ثدي أمه. فالمسألة ليست غذاء و حسب و ليست إبرة تخصيب و حسب، إذ لابد من وجود الثور بشكل من الأشكال. كي توجد العلاقة الطبيعية بين الكائنات. تماماً مثل تلك العلاقة الطبيعية بين القر و أمه الحمارة رغم عدم وجود والده الحمار. لكن ما دام حماراً فهل كنت تتوقع أن يقوم بمسؤولياته أمام ظمأ زوجته وفلذة كبده؟ و قبل أن نصل لشرفة الفيلا الجبلية في أعلى المزرعة مررنا ببيت الذكورة حيث حشرت ديوك الحبش و ديوك الدجاج في قفص واحد محاط بالشباك منعاً لمهاجمة الواويات و بنات |آوى لهن إن استطاع أحدهم النفاذ من الشبك المحيط بعدة دونمات تشكل المزرعة بشجرها و كائناتها تلك التي اشتراها العم صخورا وفلحها بقوة رأس المال و استصلحها بساتين و أشجار عنب و تين و أغراس زيتون ليوجد بقوة و بأس الشقاء على أرض الواقع شبيهاً للأرض التي فلحها و اعتنى بها جدي تساعده أموال أبي ثم افتقدناها جميعاً اليوم باستثناء عمي الأصغر و عمي الأزعر أيضاً الذي لا يولي بحكم النشأة و السن الفلاحة و الزراعة اهتماماً كافياً ناهيك عن عراقيل الإحتلال الإسرائيلي للبلاد.

فالحقيقة اليوم أن الحيوانات رغم اختلاف أنواعها قد يوحدها وطن في حين أننا نحن البشر يفرقنا الوطن في بقاع وأصقاع الأرض فها نحن القسم المتواجد في عمان لا نزور بعضنا البعض إلا في المناسبات فما بالك بالقسم الموجود في الولايات المتحدة أو غير المتحدة ! لي أقارب مثلاً في المفرق وإربد والزرقاء لم أرهم منذ 12 سنة ، أي منذ هبطت بي الطائرة القادمة من الكويت في 14 تموز 1992 أما الأقارب في السيلة فلم أرهم منذ حزيران 1967 وأقارب في أستراليا وفرنسا وبريطانيا وأميركا وكل هؤلاء تكاثروا وتوالدوا وحلبو وانحلبوا بالطبع لكن ضرعهم لم يجف ويتشقق بفعل الضغوطات مثلي أو يحاصروا مثل تروتسكي في منفاه .

صمت الكلب الأسود عن النباح سريعاً حالما تجاوزناه مما ترك لدي انطباعاً بأن علاقته فاترة مع العم هذه الأيام فقد اكتفى بأداء واجبه ليس أكثر على عكس الكلبة تحت التى ما تزال تنبح بلا طائل ولا تجد حتى من يلقمها بحجر .

العشاء والأخبار

بعد أن أثنيت على ترك العم للتدخين مؤنباً نفسي على عدم الإمتثال لطبيب القلب الذي نصحني باعتباري أصغر المصابين بأمراض القلب في عمان ، بعدم التدخين نهائياً، عندما كان بإمكاني مراجعته ودفع رسوم وأجور الكشفية وكان ذلك في أعقاب توقيع اتفاقات أوسلو مباشرة حين تعرضت في الأربعين من عمري لأول جلطة وانسداد في الشرايين ، دخل العم إلى المطبخ لتسخين بقايا طعام ثم جاء محمود ، ابن العم ، ليعاونه في إعداد العشاء لنا الثلاثة وكانت نشرة أخبار الفضائية تبث الأخبار عن القتلى والشهداء في كل من غزة والعراق وتصريحات المسئولين الفلسطينيين المعروفة مسبقاً بالنسبة لي وليس من جديد فيها يماثل القطط الشيرازية البيضاء التي تصول وتجول من حولي جائعة ومطالبة بحصتها من الطعام قبل أن تفرش المائدة لطعامنا نحن. لاحظ العم تجوالها المحموم فأخرج لها طعامها من المرتديلا التي تشبه ما أتناوله عادة في شقة عزوبيتي المتأخرة التي بدأت قبل نحو 13 سنة . تجمعت القطط حول مائدتها وقد ذكرتني بقطة جدي المدللة التي كانت تجلس على الجاعد قرب كانون النار في بيتنا الأول في الحارة الغربية من سيلة الظهر شتاء عام 1958 قبل تسعة شهور من مغادرتي الأولى للنار الأولى إلى صيف عام 1959 في الكويت في المرقاب .أيامذاك كانت رائحة شواء البطاطا والبصل الطري وما ينبعث من القدر على نار الشتاء في الموقد تدعو ابن السادسة من عمره للزهو حين يدرك أن دفء العناية الرحيمة إنما ينبعث من كفاح الإبن البكر للحاج عبدالسلام الذي بدأ حياته العملية في حيفا عندما كان في الثالثة عشرة من عمره جالباً لخواته الصغار قبل أن يولد له أخوة ذكوراً الكثير من برتقال بيارات حيفا الثلاثينيات وقد عمل مترجماً في سن مبكرة ورساماً رسم صورة للملك طلال قبل أن يغادر للكويت ربما لا تزال باقية على واجهة علية دار القفاف من آل موسى على الشارع العام الذي يصل مدينة جنين بمدينة نابلس حيث دأب الجد على صرف الشيكات التي تصله من الابن البكر في الكويت لدى محل كرسوع للصرافة بالدينار الأردني قبل أن يصبح للكويت دينارها واستقلالها بسنوات عندما كانت لا تزال تتداول الروبية الهندية ايامذاك. لذلك صار للجد أملاك فوق سفح الجبل الممتد من أعالي جبل القبيبات حتى الجبال الفاصلة بين برقة والسيلة حيث شيد الاسرائيليون مستعمرة لهم هناك . كانت تلك القطعة من الأرض الحمراء الخصبة مؤلفة من نحو عشرين دونماً ومشجرة بالسرو والزيتون والكرز والجرنق واللوز والعنب والتفاح ، حيث كان العم الذي يعد العشاء الآن يربي العصافير بعد اصطيادها مؤثراً هوايته تلك على الذهاب للمدرسة ومؤثراً الرسم بالألوان المائية على القراءة التي بات ابن أخيه الأكبر ، البكر ، منكباً عليها كملاذ ومهرب ومصير منذ عام 1965 حتى يومنا هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله !

أثنيت أيضاً على الطعام وأنا أتبادل مع العم أخبار شجرة عائلة الجد _ طيب الله ثراه في ثرى وورود وحنون سيلة الظهر _ وكانت مبادرات الأسئلة نابعة مني وكأنني أنا المقصر فقط بالمحافظة على صلات القربى والقرابة في عائلتنا متجنباً بالطبع التطرق إلى المسائل الخلافية والعويصة بين الأخوة والأعمام وأولاد العمومة حرصاً على ماتبقى لنا من بعض مشاعر الوحدة الوطنية والعائلية ، مثل مسألة اقتسام الإرث الموجود حالياً في حوزة الاحتلال أياً كانت تسميته ذلك الاحتلال ومسماه والتي أثيرت من قبل العم وأخوتي وأخواتي بعد اتفاقات أوسلو ووادي عربة وخروجي من السجن لئلا أصاب بالجلطة الثالثة ويفقدوا بالتالي توقيع أحد الرموز الوطنية من القسمة بعد أن فقدوا الوالد الذي توفاه الله قبل والدته ، جدتي ، رحمها الله في ثرى سحاب خاصة بعد أن لحقت بها قبل سنوات قليلة والدتي أنا أيضاً رحمها الله بواسع رحمته في مقبرة الهاشمية ليس بعيداً عن رحمة حماتها. وبعد الأحاديث الودية غير الخلافية أخلدنا للنوم كما أخلدت الكلاب والقطط والأبقار والأوز والبط والدجاج والحمارة والقر وربما العجل الصغير المتمرد ، رغم أن أصوات الصيصان في بركسات الدجاج كانت ما تزال تسمع باعتبارها ديوك أو دجاج المستقبل أو على الأقل بيض الغد الآتي لاريب .

وما الإصباح منك بأمثل

خوسيفا ... خوسيفا ... أنا الثور يا خوسيفا ، أين ردائك الأحمر في هذا الليل الليل ؟ وأنا الثور المجهول يا خوسيفا فلماذا تتمتعون بطعني في الحلبة في غرناطة في الأندلس في ساحات العبث والتسلية والوغى في هذا الليل والأبقار نيام ، إحذري العجل القادم إذن يا جوزيفا فلم أنس ليلة رم بعد ولا نجوم سمائها الواطئة عندما كان الله قريباً منا الله هناك أما هنا فنحن القريبون منه ولا أحد في هذا المكان المرتفع عن البحر وعن اليابسة وعن الشارع وعن الكلاب وعن القدس وعن القمر المائل عن كل شيء ولا أحد أو نجوم ، في هذا الليل الموجوم كدت أصرخ وأنا أرى الستائر خضراء السجادة خضراء الثلاجة خضراء ولا شيء أحمر سوى بلوزتك في إسبانيا الآن والدم المراق من غزة حتى العراق. وتوغل الليل توغل وتغول الزمان تغول فلا حارس مصري اليوم على باب المزرعة ليتفول ولا تعليمات تصدر له بأن يغلق الباب الحديدي ولا يفتحه إن جاءت اللادا الحمراء أو صاحبها تقول . الصمت والديجور كأننا على مقربة أمتار من الله قبور بعد أن أطلق الأنباط على الأنباط النار ومن رؤوسها بالرصاص قزعت النسور من أعالي واجهة البتراء في الصحراء الدهور. فالزعرورة ماتت والحب الأول هنا دفنته بكلتا يدي وإلى هنا يحج المحتاجون وكل من عليه دين . كان العم قد أدى مثل رحمة جدي صلاة العشاء وكنت بالخبز الناشف قد جردت بقايا الحساء وتذوقت طعم بقايا التين في القطين من الثلاجة والعنب الذي أوشك أن يصبح زبيباً دون أثلاجه وكلي هموم على العجل الصغير خلف مزلاجه. لم يسألني أحد عن السنوات العجاف ولا عن من كان شجاعاً أبد الدهر ولا عن من خاف ، حتى اللحاف الأول الذي بالحرام أستبدل تذكرته في عقد بيتنا الأول اللحاف يغطي أماً وقرها يغطي نحاف ولم يكن من الصوف ليدفئنا أيامذاك اللحاف. لا لم تسمعني جوزفينا حتى الآن ولا سمعت بندائي روديكا أو شنيد الللواتي غادرن الأردن والمهرجان والصولجان مبكرات فلم يشاهدن بعد بنات العمومة مكبرات.

عواء في ليل طويل

قلت لعمي الذي نهض باكراً ، كما دأب جدي ، لأداء صلاة الفجر وتفقد المزرعة ، كما لو كانت الخلوة ، حيث شكلت لي صلاته إحراجاً كوني بلغت من السن عتياً وأنا لا أصلي :

- كم من الوقت نحتاج للإنتهاء من الأعمال الصباحية في المزرعة ؟

فأجابني دون تردد : " ساعة أو بضع ساعة ريثما نحلب الأبقار وكي لا يجف الحليب أو يتلف "

كانت سجائري قد نفدت مما جعل الحياة أو البقاء للعزلة الإنفرادية في تلك المزرعة ولو لليلة إضافية مستحيلاً ، خاصة وأن نقودي أيضاً قد نفدت ولم يعد لدي مشحوناً سوى بطاقة الموبايل و الهاتف النقال نفسه الذي حتى وإن اتصلت بأحد من معارفك طالباً النجدة أو المعونة أو الرأفة أو الصدقة أو الزكاة أو طرح السلام أو تحية الصباح لما رد أحد عليك وفي أحسن الأحوال تسجل استغاثتك تلك " مسنك كول "

وهكذا بدأت في هدأة الصباح رغم حاجتي الماسة للنوم ، النوم الطويل الذي يليق بالمرتفعات العالية القريبة جداً من السماء أو التي هي فعلاً على العتبات الأولى من السماء كما لو كانت أعلى من التيبت فوق جبال هيملايا بل وأقرب ، بدأت أتصفح كتابي بيميني ذلك الكتاب الذي قد يطبع أو قد لا يطبع ، فلم أجد منه غير بقايا سطور لا معنى لها فحمدت الله أنه لم يكن الكتاب أو أي كتاب مقدس ، ولا هو أيضاً والشهادة لله بذلك الكتاب المدنس. قلبت صفحاتي فوجدتها لم تزل صافية كأيامي وبيضاء ناصعة كروحي ولكنني يا للأسف لم أكن كما كنت قبل سنوات عندما كنت عقب خروجي من السجن قد لجأت لذات المكان وكنت أيام ذاك صيف 1995 أعوي وأعوي مع الذئاب في البرية وأتمرد وأحتج وأقول ما حان اقتسام الإرث بعد و ما حان اقتسام الأوطان بعد و ما حان نهش البعض للبعض على رقعة وطن و ما حان ما حان البعد عن عمان لأي مكان وأعوي للأيام القادمة من الزمان إلى الزمان علها تفر اليمامات و تفر الغزلان لبر أمان . كنت أصارع الموج تلو الموج و أغوص أحياناً لأظهر من جديد كأنني كان كان العوام. كنت أختفي من الأردن لأظهر في دمشق وأختفي من دمشق التي تأسر دمشق لأظهر في اللاذقية التي إذا ضقت منها أذهب للساحل يوحدني البحر أمامي بالكرمل جيراني وإذا أزف الليل أرقص وبحضني الجنون والجنون راقصاً لا يراقص أقل من مدينة أو بحر.

والبحر ذاته البحر إن كان في جزر أو غير راغب في الرقص أهجره منسحباً لغير بحر. وهكذا وجدتني أيام اللادا الحمراء لا أنهب غير المسافات بين المدن صيف عام 1996 داخلاً أم راجعاً الأردن وقد تناهى إلي الخبر أن في الكرك جوع وأن خبز الفقراء في رجوع وأن الاعتقالات لرفاق ورفاق قد دبت على حين غرة والروح تأبى الخنوع. لم أكن عجلاً يتيماً حين كان ثمة حزب وما كنت تائها حين كان ثمة درب. إلى الدوحة إذن وللراية أو وطن ، للشرق للشرق وقد بلغت المحن. وعلى شاطئ دوحة قطر ، بنفس رطوبة أجواء الكويت والبحر كان الملاذ وكان السفر ، كأنه القدر . ولم أكمل اليوم السابع حتى وجدتني يا عم عائداً لعمان فلا مفر. وها أنا كأنني ما علّمت أو درّست ولا كتبت أو إنكتبت بالوحل والطين على عجين خبز الوطن.

فاقداً كل شيء كقدرتي على العواء أو الثغاء أو النهيق أو النباح على كل ما هو مستباح . فكرت فعلاً بالنباح لأجد حنجرتي تخونني. فكرت بالعواء الطويل الطويل لكنك أيقظتني. فكرت فعلاً بالهديل لكن روحي لم تطعني وحتى لو فعلت فهل تكون قد صدّقتني. ما للمزرعة صمت وسكوت ؟ هل نامت الكائنات عند الفجر وتركنني ؟ ووحدي لا تطاوعني نفسي وحدي . وعندما جهز العم للمغادرة حيث تعالى صوت محرك السيارة ، كانت السماء زرقاء وليل. كانت المزرعة صمت وخيل. وخيلت نفسي مع كل كائناتها نكاكي ونعوي وننهق قبل أن نزهق ، نشنق أو نشهق، ونخور أو نثور وتنبعث أصواتنا جميعًا في عزف سيمفوني قادم، لليل مطبق قادم .

www.nazmi.org/literature/Page_4.html
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف