الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحلة إلى الأعماق -رواية من الخيال العلمي في حلقات بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2010-06-25
رحلة إلى الأعماق -رواية من الخيال العلمي في حلقات بقلم:نزار ب. الزين
تنويه :
تم نشر الرواية في دنيا الرأي في صيف عام 2007 و أعيد نشرها بناء على طلب صديق عزيز
******
رحلة إلى الأعماق
رواية من الخيال العلمي في حلقات
نزار ب. الزين*
******
الفصل الأول
خمسة أصدقاء من بلاد عربية مختلفة ، جمعتهم الدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية و السكن المشترك قريبا منها
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
لم تلههم المغريات الكثيرة من حولهم ، اللهم سوى حضور أفلام الخيال العلمي التي يشتركون جميعا بعشقها ، إضافة إلى زيارة المتاحف و مطالعة المجلات العلمية ؛ و قد أبدوا جميعا لفرط ذكائهم تفوقا في مجالات دراساتهم ، حتى أن الكثير من مؤسسات البحوث العلمية أو الشركات الأمريكية التخصصية عرضت عليهم وظائف مغرية ؛ إلا أنهم رفضوها جميعا لأنهم تعاهدوا أن يعودوا إلى وطنهم العربي للمساهمة في تطويره و تقدمه .
في سنة التحضير للدكتوراه ، و قبل أشهر من مناقشة أطروحاتهم ، عرض هشام على أصدقائه مشروعا مدهشا ، بدا لهم أول الأمر خياليا و مستحيل التنفيذ ، إلا أنه رويدا رويدا تمكن من إقناعهم به ، مقدما لهم البراهين على إمكانية تنفيذه إذا تضافرت جهودهم معا ، فتعهد حمود بتمويل المشروع ، ليس هذا و حسب ، بل تعهد لهم أيضا بتدبير وظائف لهم في دبي في شركة البناء التي يملكها والده كغطاء يمكنهم من الحصول على التأشيرات اللازمة لدخول الإمارات .
و طوال تلك الأشهر التي سبقت مناقشة أطروحاتهم ، لم يكن من حديث لخمستهم سوى المشروع الذي سيحدث ضجة عالمية من شأنها أن ترفع من مكانة العرب تجاه الشعوب الأخرى التي سبقتهم علميا و تقنيا بمراحل ، بعد أن كانوا رواد العلوم ذات يوم .

في مكان ناء من مدينة دبي بنوا مختبرهم الذي بدا ظاهريا كأنه مستودع بضائع .
كان هدف الدكتور هشام السعي لتكوين سبيكة معدنية تحتمل الضغوط الهائلة و درجات الحرارة العالية .
أما الدكتور رياض فكانت أمامه أصعب المهمات ، الأولى منها ابتكار محرك قوي قادر على دفع مركبة خلال طبقات الأرض ، أما الثانية فكانت العمل على تطوير حفارة حلزونية تثبت في مقدمة المركبة ، أما الثالثة فكانت ابتكار ذراع آلية لالتقاط العينات و فحصها ، و قد وظف حمود تحت إمرته عددا من الميكانيكيين المهرة لتحقيق مهمته الصعبة .
أما الدكتور عبد الله فقد انشغل بابتكار برامج حاسوبية تساعده في عدة أغراض ، أولها تصميم المركبة المنشودة ، و ثانيها ربط المجسات و الرادارات و الكاميرات بجهاز حاسوبي واحد يمكن التحكم بها من خلاله ، و ثالثها مساعدة الدكتور حمود في ابحاثة ، فالدكتور حمود يأمل بإثبات فرضية حديثة عن تكوين البترول ، الفرضية تؤكد أن النفط غير قابل للنضوب لأن المواد الهيدروكربونية - و هي أساس تكوينه - في حالة تشكل مستمر نتيجة اتحاد الكربون مع الهيدروجين ( و هما مادتان موجودتان في الأعماق مثل وجودهما في الجو ) هذا الإتحاد يتم تحت درجة حرارة و ضغط هائلين في الطبقات العميقة لجوف الأرض ، لينساب – من ثم - نحو الأعلى ، مجدداً تعبئة الخزانات الطبيعية الموجودة أو تكوين خزانات غير معروفة و لم يتم اكتشافها بعد .
و يقول الدكتور حمود إذا تمكن من إثبات هذه الفرضية يصبح بإمكان البشر تكوين حاجاتهم النفطية بمصانعهم ، و ستكون تلك خطوته التالية ، مما سيحدث ثورة في مجال الطاقة تفوق الثورتين الصناعية و الألكترونية معا .
أما الدكتور مجدي فكان يبحث في صفائح القشرة الأرضية التي تقوم فوقها القارات و التي تعوم فوق طبقة من الصخور شبه المائعة فتسبب حركتها الدائبة التي تؤدي إلى حدوث الزلازل ؛ و ذلك سعيا وراء إيجاد الفالق الباطني المناسب الذي يمكِّن من النفاذ إلى الأعماق .
و يؤكد الدكتور مجدي أن هناك فوالقا زلزالية و أنفاقا و كهوفا طبيعية في الأعماق كما في السطح و من الممكن عبورها بيسر إذا نجح زملاؤه بتصميم المركبة المنشودة ، و التي سوف يكون عليها اختراق عدة طبقات مختلفة التكوين قبل الوصول إلى طبقة المعادن المصهورة و هي بسامكة 2800 كيلومتر و بحرارة تقارب المائة درجة مئوية قرب السطح و 3500 درجة مئوية في أعمق نقطة .
و بما أن جاذبية قلب الكرة الأرضية الصلب المكون من معدن الحديد – و هي جاذبية أقوى من جاذبيتها على السطح - فإن قوة الدفع المكتسبة من تلك الجاذبية سوف تمكن المركبة من الإتجاه بنفس السرعة نحو السطح ثانية و لكن نحو قارة أخرى من خلال فالق زلزالي آخر ، و قد لا تستغرق الرحلة – نظريا - إذا كانت مباشرة ، أكثر من ساعات معدودة ، و الحاسوب يشير إلى أن الإنتقال من غرب آسيا – مثلا -إلى شرق أمريكا قد لا يستغرق أكثر من أربع إلى خمس ساعات.

بعد ثمانية عشر شهرا من العمل الشاق و إنفاق مبالغ كبيرة قدمها الدكتور حمود و والده بسخاء و بلا أدنى تردد ، اكتمل بناء المركبة التي صنعت من سبيكة معدنية ولَّفها الدكتور هشام ، يمكنها احتمال حرارة تقترب من 4000 آلاف درجة و ضغط عدة أطنان فوق السنتيمتر المربع الواحد ، و بطنت من الداخل بطبقتين من نوعين مختلفين من السيراميك و زودت بمحرك ديزل دافع بقوة تعادل قوة قاطرتي ديزل ، و بمحرك قوي آخر لحفارة حلزونية ثبتت في مقدمة المركبة مستخدمة شفرات شُحذت من نفس سبيكة الدكتور هشام المعدنية ، قادرة على اختراق أصلب الصخور و قذفها إلى ما وراء المركبة ، و بمحرك آخر لتشغيل الذراع الآلية ، و بمحرك رابع لتوليد الطاقة و تشغيل أجهزة التبريد و الأجهزة الكهربائية و الألكترونية الأخرى ، كما زودت بكاميرات ألكترونية خاصة تحتمل درجات الحرارة العالية ، تُمكِّن الباحثين في الداخل من رؤية ما يجري حولهم في الخارج بدل النوافذ ، و برادار قوي و مجسات حساسة لقياس المسافات و الأعماق و درجات الحرارة فوق هيكل المركبة من الخارج ، و أخرى للتعرف على الإتجاهات ؛ و بجهاز إتصال يصلح للإتصال في جميع الظروف .
و اقتضت الخطة أن تكون أول رحلة تجريبية و مباشرة ، على أن تكون رحلة العودة رحلة إستكشافية تخصصية ، تليها رحلات .
و ستغوص المركبة في الخليج العربي ثم تتجه جنوبا إلى بحر العرب ثم غربا نحو شرق أفريقيا و من هناك سيتم إختراق فالق البحر الأحمر . أما لماذا اختاروا أن تبدأ رحلتهم من أعماق البحر فالدكتور عبد الله يجيب على هذا السؤال قائلا : " أن القشرة الأرضية تقل سماكتها في أعماق البحر فهي بين – 60إلى70 كيلومتر- مما يوفر الجهد و الوقت ."
و من ثم سوف تغوص المركبة في الأعماق مندفعة نحو قلب الكرة الأرضية الصلب ، ثم تنزلق قبيل بلوغه في اتجاه الصعود لتبلغ فالق المحيط الأطلسي - تماما كما تفعل سفن الفضاء التي تستفيد من جاذبية أحد الكواكب لتنزلق قريبا منه باتجاه كوكب آخر مستفيدة من قوة الدفع التي اكتسبتها من جاذبيته - و لعلها تتجه من هناك إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية ، و الأرجح أنها ستكون الجزيرة الكوبية أو أيا من جزر الكاريبي ، و لذا فقد حصلوا على التأشيرات اللازمة من سفارات تلك الدول معلنين لها أن زيارتهم ستكون عبر سفينة أبحاث أسموها : << دبي 1 >>.
و في اليوم الموعود ، اتجهت المركبة فوق شاحنة مغطاة إلى منطقة معزولة بين أمارتي عجمان و رأس الخيمة ، و ما أن أُنزلت المركبة على شاطئ الخليج حتى دنت منها سيارة فارهة يعقبها سيارة حماية ، ثم ترجل منها مسؤول رفيع المستوى و برفقته والد الدكتور حمود ، جاءا خصيصا لوداع و تشجيع زمرة العلماء العرب الذين سيخوضون أكبر مغامرة إستكشافية في التاريخ ؛ و قد حرص الجميع أن تكون المغامرة بعيدا عن أية ضجة إعلامية ، خشية الصدمة الكبرى و الإحباط الشديد إذا باءت الرحلة بالفشل .

عندما غاصت المركبة في الخليج كانت قلوب خمستهم واجفة خشية أن يكونوا قد ارتكبوا غلطة فنية ما ، و لكن لسعادتهم البالغة سار كل شيء على ما يرام ، المحرك الدافع قادهم نحو شرق أفريقية خلال 15 دقيقة فقط ( أي اسرع من اية غواصة ) ، و هناك بدأ الدكتور عبد الله و الدكتور مجدي يبحثان من خلال شاشتي الحاسوب عن فالق البحر الأحمر ، و ما لبث الدكتور مجدي أن صاح صيحة ( أرخميدس ) : وجدته !... وجدته !... ؛ ثم ما لبث الإثنان أن بدءا بالبحث عن الثغرة المناسبة للعبور منها إلى أعماق الأرض ، فوجداها بعد دقائق قرب خليج السويس ، و بدأ من ثم الإختراق ..
كانت الحفارة الحلزونية تعمل بشكل رائع لشق الصخور و الكتل الطينية بينما يدفعها إلى الأمام المحرك الخلفي بسرعة أكبر من سرعة طائرة نفاثة أو صاروخية ، فكانت سعادة خمستهم لا توصف لمدى النجاح الذي حققوه حتى الآن .
كان اتجاههم نحو الشمال الغربي بشكل مائل تحت القارة الأفريقية وعند بلوغهم عمق خمسين كيلومتر ، أحسوا أن الحفارة الحلزونية تدور في فراغ ، رصدوا ما حولهم بقلق بالغ ، فتبين لهم أنهم داخل كهف عملاق يتجه بهم نزولا بخط مائل ، فسارت بهم المركبة خلاله بيسر دونما حاجة إليها..و قد امتد الكهف – من ثم - أكثر من مائتي كيلومتر فكان تارة يضيق إلى بضعة أمتار و تارة يتسع إلى مئات الأمتار ، أما الإرتفاع فيتراوح بين أمتار قليلة و عشرات الأمتار .
ثم بلغوا نهاية الكهف فبدأ الإختراق من جديد ..
بدأت الحفارة الآن تعمل بشكل أيسر فقد بلغوا طبقة أقل كثافة مكونة من الصخور الحارة شبه المائعة و التي – كما سبق أن أفادهم الدكتور مجدي – تطفو فوقها صفائح القشرة الأرضية و التي تسبب حركتها الدائمة .
أما الدكتور عبد الله فقد أخبرهم أن الحرارة خارج المركبة بلغت الآن مئتي درجة مائوية .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
قال الدكتور مجدي : "نحن الآن في عمق ألف خمسمائة كيلومتر .."
قال الدكتور عبد الله : " الحرارة خارج المركبة تبلغ الآن خمسمائة درجة مئوية ..."
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
" نحن الآن على عمق ثلاثة آلاف كيلومتر" ، قال الدكتور عبد الله ؛
" و بدأنا نخترق المائع الناري " ، قال الدكتور مجدي ؛
" و بدأت الجاذبية تتزايد وتيرتها بشكل متسارع ، اربطوا الأحزمة جيدا و اتخذوا وضع الإستلقاءعلى ظهوركم " ، قال الدكتور رياض الذي يتولى قيادة المركبة .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق بوتيرة متسارعة...
" بدأنا الآن بالإتجاه المعاكس " ، قال الدكتور رياض ، و قد خرجت الكلمات من فمه بطيئة و بصوت خافت بسبب الضغط الكبير الواقع على صدره و بطنه ؛
إنه ضغط السرعة الخيالية التي اكتسبوها من جاذبية قلب الكرة الأرضية المعدني .
و المركبة بدأت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
" نحن الآن تحت المحيط الأطلسي ، في وسطه تقريبا ، و الرحلة تسير من نجاح إلى نجاح " ، قال الدكتور عبد الله ، عندما بدأ الضغط الكبير يزول تدريجيا عن جسده ، و بدأ يتابع جهاز الحاسوب بدون صعوبة..
و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ..
" سنخترق فالق الأطلسي وشيكا " ، قال الدكتورمجدي ، رد عليه الدكتور حمود قائلا : " لقد عثرت بين العينات التي التقتطها من الكهف العملاق الذي مررنا به ، على كميات كافية من عنصر يندمج فيه الكربون بالهايدروجين فيما يمكن أن نسميه خميرة البترول و ليس فيه أي اثر لكائنات عضوية ميتة أو بقايا كائنات عضوية ، و هو ما يؤكد فرضية أن البترول في حالة تكوين مستمر ، و ليس فقط نتيجة المواد العضوية المترسبة كما كان يُظن ، و عندما سنمر في طريق العودة من ذلك الكهف سألتقط عينات أخرى لمزيد من البحث.. إنه لفتح علمي كبير أيها الأعزاء ! "
و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
و ما أن اجتازت فالق الأطلسي ، و بدأت الحفارة في تكسير الصخور الصلبة تمهيدا لبلوغ قاع المحيط ، حتى بدت من جديد و كأنها تدور في فراغ .
-----------------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف