الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دماء الحرّيّة بقلم صلاح حميدة

تاريخ النشر : 2010-05-31
دماء الحرّيّة  بقلم صلاح حميدة
تجمّعوا من أكثر من أربعين دولة في العالم لنصرة المحاصرين في غزة، أعراق وأديان مختلفة، كلهم لا هدف لهم سوى الوصول لقطاع غزة وكسر الحصار عنه، تعرّضوا لمضايقات وتخريب متعمّد في بعض سفنهم من بعض المندسّين، شوّش على اتصالاتهم، شنت عليهم حرب نفسية، ولكنّهم أصرّوا على الهدف الذي جاؤوا من أجله، صمّموا على زراعة نبتة الحرية في صحراء النّفاق العالمي القاحلة.

"إحدى الحسنيين...... كتبت وصيّتي...مصمّمون على الوصول مهما كان الثّمن......الخ" كان مآل الأمور واضحاً، كنت أتوقع أن يكون التعامل مع المتضامين دموياً، فالدّولة العبرية تعيش حالة من الضّمور الطّبيعي الذي يصيب الكيانات المشابهة على مر التاريخ، وهي تسير بتسارع كبير نحو الهاوية، وفي مثل هذه الحالات تلجأ هذه الكيانات الدّموية للتصرف بحماقة وترتكب مجازر غير معهودة.

لا أعتقد أنّ دولة العصابات الدّموية العبرية ارتكبت هذه المجزرة بدون تحريض ودفع دولي وإقليمي، ومن راقب الحراك المفاجىء والدّعوات الخبيثة لتسليم المواد الانسانية عبر وسطاء لإيصالها للمحاصرين حتى يدخل ما يريدون ويبقى الحصار، يستنتج أنّ إرادة صريحة من هذه الأطراف تريد منع أي تحرك يفضي لكسر الحصار، و تعلن بوضوح أنّ الحصار لن يرفع إلا بثمن سياسي.

خطط المجرمون لكل شيء، وظنّوا أنّ الأمور ستسير على ما يرام، بل لا أبالغ إن قلت أنّ هؤلاء خططوا لاغتيال شخصيات واعتقال أخرى داخل أسطول الحرية، لكن الدّموية الشديدة لهؤلاء العنصريين المدفوعين من أطراف أخرى، ستأتي بما لم تشتهيه سفنهم، فهذه الجريمة لن تذهب أدراج الرياح وستكون لها تداعيات كبرى على المجرمين وعلى تماسك الحصار على الغزّيين.

لن توقف هذه المجزرة سيل التّضامن الدّولي والعربي والاسلامي مع المحاصرين، بل ستشكل دماء الحريّة التي سالت غزيرة على متن أسطول الحرية دافعاً كبيراً لأعداد غفيرة جديدة من المتضامنين، وستحرك هذه الدّماء الكثير من الأطراف التي بقيت صامتة عن الحصار الاجرامي على القطاع، بل لن تزيد هذه الجريمة الدولة العبرية العنصرية الا عزلة وإدانةً واتهاماً وملاحقةً شعبية وقضائية في كل المحافل الدّولية.

بيّنت هذه الدّماء الزّكية لهؤلاء الأبطال أنّ الشّعب الفلسطيني ليس وحده، بل عززت التّضامن الدّولي مع القضية الفلسطينية، وأعادت حضورها في الوجدان الشعبي والفردي في العالم أجمع، وفي الوقت الذي اعتقد فيه الكثير من السّاعين لطمس وتمييع وتصفية القضية الفلسطينية أنّ الأمور قد شارفت على الانتهاء بالطّريقة التي يشتهون، قلبت هذه الجريمة الدّموية كل حساباتهم بطريقة عكسية، بل سلّطت هذه المجزرة الضّوء على جوهر الصّراع على هذه الأرض، صراع على الأرض بين شعب يدافع عن نفسه، وبين أطراف إجرامية تسعى لاستئصاله وكسر إرادته ليقبل بالتّنازل عن حقوقه بأرضه و بحقّه بالعيش عليها وبكرامة.

أعادت هذه المجزرة للواجهة الصورة الموحّدة للقضية والشعب الفلسطيني وترابط الفلسطيني في القطاع الغزّي وفي الضّفة الغربية وفي فلسطين المحتلة عام 1948م بفلسطينييها وقادتهم الذين مهروا مفتاح حرية غزة بدمائهم، بل شكل استهداف شيخ الأقصى خلال هذه المجزرة إشارة واضحة على أنّ حصار غزة وقضية القدس والمقدّسات وفلسطين من بحرها لنهرها ولاجئيها في العالم أجمع هي قضية واحدة موحّدة لا انفصال بينها، وأنّه بالرّغم من أنّ هؤلاء جميعاً كانوا ذاهبين لكسر حصار غزة، إلا أنّهم كانوا يدركون تماماً أنّ كسر الحصار له هدف سياسي وليس إنساني فقط، فمثلما وضع المحاصرون شروطهم لرفع الحصار، كان الذّاهبون لكسر الحصار يدركون خطورة الرّضوخ لهذه الشّروط على مستقبلهم ومستقبل القضية الفلسطينية الجامعة.

سالت دماء هؤلاء المتضامنين، وفاضت أرواح الكثير منهم، وعانى وسيعاني الكثير منهم من الضّرب والإهانة والاعتقال والتّعذيب، ولكن هؤلاء الأبطال فتحوا باباً للحرية بدمائهم، وأوصلوا رسالتهم للعالم أجمع، فلا أصدق من رسالة للحرية تمهر بالدّماء والأرواح، بل لا نبالغ عندما نقول أنّ ما بعد مجزرة الحرّية ليس كما قبلها وأنّ فجراً قادماً سيبزغ ببركة هذه الدّماء الطّاهرة.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف