الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ظاهرة الأدب الفلسطيني الفصائلي المسلح وسلبياتها ..تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2005-04-09
ظاهرة الأدب الفلسطيني الفصائلي المسلح وسلبياتها

تيسير نظمي

أدت سرعة وتيرة بروز ظاهرة المقاومة المسلحة الفلسطينية في أعقاب هزيمة حرب حزيران 1967 كرد فعل شعبي، فلسطيني بالدرجة الأولى و الأساس، على الهزيمة، لسيطرة السياسي- العسكري على الثقافي- الإبداعي و قيادة الأول للأخير و إفرازات هذه العملية السلبية في مجالي الأدب المكتوب خاصة و العمل النقابي المؤسسي. ففي المجال الأخير نعلم أن مؤسسة مثل الإتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين جرى تعطيلها و من ثم مؤخراً شرذمتها تحت عدة يافطات سياسية رفضوية- ديمقراطية- سلطوية حتى الآن، و المجال الأول غير المعزول عن المجال الثاني هو مدار تأملاتي هنا، حتى لا يكون هذا المقال جازماً جزماً قطعياً مطلقاً بالحقيقة و يظل أرضية مناسبة للنقاش على اعتبار ما سيرد فيه مجرد اجتهاد شخصي و فردي النزعة.

بادئ ذي بدئ، مازلت أظن أن غسان كنفاني تنبه مبكراً لما ستؤدي إليه وتيرة التسارع في العمل المسلح و خاصة في حقل خطف الطائرات من سلبيات و أظن أنه دفع حياته ثمناً لهذا الإنتباه الذي كان مستهجناً في تلك الحقبة. قادتني إلى هذا الظن تجربتي و أحاديثي مع من عاصروه من المطلعين على خفايا العمل الفلسطيني الفصائلي و كذلك قراءتي لتطوره الفكري و نضجه السياسي و الفلسفي من خلال إنتاجه الأدبي. و ربما كان التلميح إلى ذلك في مراحل سابقة يكفي لعدم كتابة هذا المقال في هذا التاريخ في هذه المرحلة أيضاً.

ما هي هذه السلبيات الماثلة في التاريخ القريب للأدب القصصي و الروائي الفلسطيني بالتحديد؟

1- ظهور الشخصية الفلسطينية خارج شروطها الاجتماعية و الطبقية و العربية.

2- المبالغة في رسم الفدائي خارج شرطه الإنساني.

3- إعتبار كل شخصية لا تحمل مواصفات النقطتين السابقتين شخصيات إنهزامية أو مهزومة إن لم يصل الأمر حدود الطعن بوطنيتها و تخوينها.

4- عدم التجديد في الأساليب الفنية لدى الكثيرين و فتح المجال واسعاً للرجعيات الأدبية بالظهور و النشر و تكريس أسمائها من خلال وسائل الأعلام و من خلال بنية الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين نفسه.

5- التنافس التنظيمي بدوره على المقاعد أدى لتضحية من جانب بعض المخلصين الذين لم يزجوا بأنفسهم في معمعان المزايدات و لا كان لديهم الوقت لكتابة الرواية تلو الرواية و القصة تلو القصة في عجلة من أمرهم و التصريح أو المقالة أو اللقاءات الصحفية في غمرة الإنتشار الأفقي بغض النظر عن جودة الإنتاج، ففقدنا أقلاماً انقطعت و توارت في الظل أو الصمت أو العزلة و حظينا مقابلها بأقلام أساءت لعراقة و تاريخ و نضالات و حضارة هذا الشعب.

6- جرى استغلال منظمة التحرير و مؤسساتها و استغلال التنظيمات بإبراز أسماء و تكريس أخرى لا يمكن أن يكون لها وجود بمعزل عن ظاهرة الكفاح المسلح لو قدر لها أن تعتمد على قدراتها الذاتية و الفردية المحدودة

7- وقوع كثير من الأعمال الأدبية الفلسطينية في الفخ الذي وقع به الأدب الصهيوني و كثير من الإسرائيلي من حيث تجاهل الآخر العربي- الفلسطيني وتشويه صورته و ضعف ممكناته الإنسانية أو البشرية.

8- انسحاب و امتداد السلبيات السابقة على أجيال لاحقة وصولاً للانتفاضتين.

كي نأتي على تفصيل ما سبق دعونا نتأمل قصة من قصص الأخ رشاد أبو شاور المنشورة ضمن كتاب قصصي أصدره اتحاد الكتاب في تونس ويضم مختارات لعدد من كتاب القصة القصيرة الفلسطينيين و نماذج من أعمالهم. حيث تقدم القصة فدائياً فلسطينياً يقوم بعملية فدائية لأول مرة- خلال مرحلة تواجد حركة المقاومة في الأردن قبل أيلول 1970- الشاب الفدائي بعد نجاح العملية- لاحظوا أن الفدائي لا بد أن تنجح عمليته في معظم النتاج الفلسطيني- يعود للكهف أو المغارة ليشعر بدفء النار المشتعلة وكأن شيئاً لم يكن. و كأن إنسانية قد قتلت فلم يشعر بأي شعور غير عادي رغم أنه كان من المحتمل ألا يعود مثلاً أو يؤسر مثلاً. وكأن الذي تم قتله من الجانب الآخر غير آدمي مثله. مع العلم أن كثير من الفلسطينيين يتردد قبل أن يذبح دجاجة أو فرخ زغاليل أو حتى أن يرمي كلباً بالنار. و لم يجهد الكاتب نفسه أو خياله بافتراض أن يده ، أي الفدائي، الممتدة على كانون النار لسعتها حرارة لاندفاعها من فرحة العودة سالماً إلى قاعدته! أفترض ذلك لأن نقيض هذا النوع من الكتابة موجود لدى الكاتب و الشاعر مصطفى أبو لبدة- غير مشهور ككاتب قدر شهرته كصحفي و هجر الأدب و النشر بعد مجموعته " الشاي السخن" و ديوان شعره اليتيم. فأبو لبدة يقدم لك نساء الطابون و قد امتلأت أيديهن بطزازيع الإكتواء بالرظف قبل أن تتمتع بالخبز الساخن المقحمش مثلاً أو اللازم للمسخّن على سبيل المثال لا الحصر. و مع ذلك من منا لا يعرف رشاد أبو شاور ( رئيس التجمع) و من منا قرأ لمصطفى أبو لبدة في السبعينات و الثمانينات؟

لكن من صوروا الإنسان خارج بشريته و هم كثر على أية حال لم يكتفوا بتقديمه كسوبرمان و حسب بل أنكروا على كتاب آخرين تقديمه بواقعية مثل خليل السواحري في مجموعته " مقهى الباشورة" و ايميل حبيبي في الوقائع الغريبة..." و توفيق زياد في " حال الدنيا" و كاتب هذه السطور في " البحث عن مساحة" و " الدهس" و غيرها من القصص غير المجموعة في ما بات يعرف ب" الأعمال الكاملة!" . أجل... نحن أعمالنا- غير كاملة و لن تكون كاملة إلا بتحرير شعبنا و أرضنا من كل صنوف الاحتلال.

لقد أوردت نموذجاً و لعلها مصادفة أن يكون لإسم معين في مجال القصة فما بالك في مجال الرواية؟ و مجال الشعر مثلاً! المهزلة في الشعر أكبر و أنكى. و لو لم يطرح الأخ شهاب محمد، مثلاً، و هو أسم مستعار، نفسه كأحد المعالم الواضحة من ورثة الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين في الداخل، الضفة و غزة، و بموالاة دائمة و أبدية لأية سلطة فلسطينية لما ورد اسمه كمثال و ما يكتبه من أشعار لا ترقى لكونها بيانات سياسية فتحاوية موالية. و هو يكتب شعراً عمودياً تقليدياً لا فرق يذكر بينه و بين " شاعر الأرض المحتلة" حلمي الزواتي و غيرهم لا يعد و لا يحصى من الأسماء التي لا يمكن أن تتأثر بشعر أو تجربة شاعر بمستوى عطاءات محمود درويش. و مع ذلك، سياسياً، الأخ رشاد من الرافضين و الأخ شهاب- لا أعرف اسمه الحقيقي- من القابلين و الموالين تاريخياً و هو من شعراء المناسبات الوطنية و غيره كثر كذلك في ما يكتبه إما نواح و إما شتائم و إما مديح و إما هجاء.

بالمقابل من سمع بالشاعر محمد إسماعيل أسعد أو محمد الأسعد الذي اضطر للعيش بجواز سفر بلغاري ليهودي بلغاري ميت منذ " الغناء في أقبية عميقة"؟

هذا الرجل لم يعد عضواً لدى أي اتحاد و قد يتعرض لهجوم من " تجمع الرافضين" و " تجمع الديمقراطيين"و " تجمع الموالين" و الحبل على الجرار بتهمة أنه يعيش في الكويت و يكتب و يترجم و ينشر في الإعلام الكويتي.

مع العلم أنه باحث ممتاز و شاعر و مناضل قضى جل حياته في صفوف القوميين العرب، لكنه لم يصنع لنفسه بعد تجمعاً ثقافياً بلغارياً رغم أنه من أم الزينات- حيفا تماماً يشبه إلى حد كبير في التعتيم عليه علي اسحق الكاتب الذي هجر الأدب و قضى جل حياته مناضلاً في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية. لكن الذين يعرفون صديق الأسعد خيري منصور- باعتباره الفائز بالجائزة الأولى ككاتب مقالة- و هو من دير الغصون- و يكتب في "الدستور" الأردنية و " القدس العربي" اللندنية كثر و لله الحمد و الذين لا يعرفون محمد الأسعد أكثر ولله الحمد.

أكتفي بتقديم الفكرة- المدخل لإعادة النظر في مسيرة الأدب الفلسطيني ماضياً و حاضراً، لعلنا نصل إلى مستقبل أفضل، و لعل الدارسين لهذا الأدب يعيدون النظر بمساطرهم النقدية الجاهزة حسب الشهرة و الانتشار أفقياً لأختم بالقول، أن الأعمق من أدبنا لم تجر بعد دراسته و استنطاق لغته الإنسانية و مصدر بقائه مجهولاً و معتماً عليه. ذلك أنني مللت من التذكير بالروائي الاسترالي- من أصل فلسطيني فواز تركي. و كأني منذ ثلاثين عاماً أنفخ في قربة مخزوقة. و عندما تتوفر روايته اليتيمة "the Disinherited"

لا شك أن كثير من الذين كتبوا الرواية- ربما- سيعيدون النظر بإنتاجهم أو يكفوا عن الكتابة إلى حين، أو يصمتوا و يدفعون مستحقات شعبهم و قضيتهم عليهم بعد طول استحقاق.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف