الأخبار
نتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدة
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في تجديد الفكر الديني بقلم:محمد الحمّار

تاريخ النشر : 2010-03-12
في تجديد الفكر الديني بقلم:محمد الحمّار
ألا يجب إصلاح ما أفسدتة قراءة السهولة؟

هنالك تقليد و تقليد. فبالإضافة إلى تقليد الجار خشية "تحويل باب الدار" كما يقول المثل الشعبي وتقليد الأب و الأم (وهي تكيّفية فطرية لا نؤاخذ عليها) والنقل عن المجتمع غثه و سمينه وبدون التّأثير الإيجابي فيه في المقابل،هنالك أنواع مستعصية من النقل (بمعنى التقليد) ورثناها على أنها طيبة و إيجابية – بل على أنه ليس مثلها شيء من ناحية اللزوم والإفادة - أودّ أن أعطي فيها رأيي وهو أنها لا تنطوي على الخير الذي توسّمه فيها السابقون الذين ربّونا،بل قل إنها من الأخطاء المنهجية التي تستوجب التناول ألاستعجالي.

سأذكر نمطا من السلوك النقلي غير المحبّذ أعتبره "رأس الحربة" في تجربة الوجود للمسلم. ولئن نفعتني أنا شخصيا الطريقة التي يرتكز عليها هذا النمط، فذلك لا يعود لقوّة إيجابية فيها و لكن لتعمّدي الشخصي (والمنهجي) الانصياع لها مع حرصي على حمل الدّرع الواقي من مغبّة أن أقع في فخّها. وهذا التّقليد هو حفظ القرآن بدون فهمه .

تصوّروا أن ليس هنالك قوة في الدنيا تضاهي قراءة القرآن لمّا يكون مقروءا بتدبّر كما أمرنا الله. وتصوّروا كذلك مدى الحرمان من قوة المعنى،وهو حرمان فعلا لا يقاس، وهو الذي يملأ صدر طفل في الثالثة و الرابعة و الخامسة من عمره لمّا يقرأ كلام الله فيحفظه (في "الكتّاب") عن ظهر قلب بدون أن يتحكّم بنسبة محترمة من الدلالات و الإيحاءات.

مع أننا لا ننكر أنّ لهذه الطريقة فضل عظيم في تثبيت مهارتَي القراءة (عموما) و الكتابة وأنّ لولاها لما كان أبناء الجيل الذي أنتمي إليه قادرين على اكتساب هاتين المهارتين. فهذه مفارقة لا تخلو من العجب. وباختصار،يمكن القول إنّ أي ّ إصلاح للطريقة لا بدّ أن يتمّ باتّجاه تنمية منهجية الحفظ في ما يجب حفظه لتعلّم القراءة و الكتابة من ناحية، و باتّجاه تنمية منهجيات الفهم و المساءلة والمحاورة على حساب الحفظ بخصوص الدين.

فالتّخلّص من مخلّفات تلك الطريقة البدائية في مجال تلقّي الرسالة الدينية دون سواها، في وضعية المتعلّم الذي فاته أوان الإصلاح، وأعني بذلك كل من بلغ سنّ الرشد تقريبا ولم يضع حدّا لحالة التنويم التي توجد عليها ملكات المناولة النشيطة للعامل الديني لديه، فإن مهمة إصلاح ما بنفسه ستتطلّب منه بقية العمر. زد على ذلك فالتخلّص لا بدّ أن يرافقه شرط أساسي ألا وهو نيّة التخلّص،وهي لعمري بمفردها أرضية للعلم والتعلّم قائمة بذاتها، و فلسفة لا بدّ من حدوث شرارتها في الصدر وفي العقل.

من العصا إلى الحصى

"اقرأ". هذه كلمة القرآن الأولى. لكن شتان ما بين الثرى والثريّا."اقرأ و إلاّ انهلت عليك ضربا بهذه العصا"؛ كان هذا كلام "سيدي المدّب" (المؤدّب) رحمه الله، ولست بذاكر لهذا الكلام من باب السخرية أو النقمة أو الرغبة في الانتقام من أناس فعلوا ما كان في وسعهم أن يفعلوه لتأديبنا وتعليمنا القراءة والكتابة و القرآن العظيم.

إلاّ أني كم أود أن نستخلص العبرة، ليس من ما فعلته فينا العصا من خير، ولكن من ما خلفته لنا من شر. فلمّا نقول إنّ للعصا شرّ لن نقف عند المؤدّب بل قد نحتاج للحفر في كامل الثقافة التي ترعرع فيها جيلي والأجيال التي سبقت جيلي. وسوف نتذكّر أن الأب كان يؤمن بمبدأ "العصا لمن عصى" ولا يكتفي بذلك بل يمرّر السلاح طبعا إلى المؤدّب و إلى الجار و إلى المعلّم و إلى "كبير الحومة" و إلى غيرهم.

فلا أدري إن كنّا في نهاية المطاف أصبحنا "رجالا" بفضل العصا من بين أشياء أخرى أم أنّنا كناّ نحن وأخواتنا البنات نكون أكثر"رجولة" (من باب الاستعارة وليس من باب التفسير القضيبي) لو استعمل معنا هؤلاء المربّون وسائل أكثر تطوّرا، إمّا لإصلاح ما تفسده العصا أو لتعويضها أصلا. ولكنّي أقدر الجزم بأنّ فهمي للإسلام ، وهو موضوعنا الأساسي،أساءت إليه العصا أكثر ممّا أحسنت إليه.

قد تكون العصا وضعتنا على سكّة الإيمان بالتقليد و ما يتطلّبه من تقديس للقرآن الكريم ومن حفظ لآياته عن ظهر قلب. ولكن من المستحيل أن تكون قد ساهمت لا من بعيد و لا من قريب و لا من بعيد في إيصال رسالة الإسلام نقية و سليمة وكاملة إلينا. لا فقط في تونس بل في كافة الأصقاع أين ألإسلام يعدّ أوّل الضروريات، قبل الماء و الخبز أحيانا.

لننظر بكل مسؤولية إلى بعض الصّور من الوجود العربي : أليست الطائفية تنهش ضمائر المؤمنين في العراق؟ أليس الجهل سيّد الموقف في أفغانستان؟ ألم تبلغ العقلية الغيبية و السحريّة و التواكلية في بعض البلاد العربية أعلى مراتب الاستفحال؟ أتحرّرت فلسطين؟ ألم نصبح نضرب بعضنا بعضا بالدين؟

شهادتان اثنتان تغنياني عن كل تعليق آخر بخصوص مفعول العصا العكسي : حصى "أطفال الحجارة" في فلسطين الحبيبة وهي خير ما استهلّ به شباب عربي القرن الجديد مناداة باستقالة عقول الكبار، وقوارير( ومفاتيح و قطع النقود) التي يقذفها" أطفال الملاعب" عندنا في كل مرة يلتقي جمعان في الكرة. فأطفال الملاعب،مثل أطفال الحجارة ولا أدري من قد تديّن بعد بنفس عقيدة جدار الصّد، إنما ينادون : " كفانا عصا،فلم نعد نفهم كيف نفهم."

الشباب و الإمام

في الحقيقة لمّا تحدّثنا عن فشل المؤدّب في إفهام الإسلام للناشئة فذلك لن يلقي على كاهل هذه الشخصية (المحبوبة في الواقع) وزرا أكبر ممّا تتحمّله. فالمؤدّب، وكذلك الولي والمعلّم، قاموا بواجب التمرير و الترسيخ الآلي لأدوات التعليم القرآني من قراءة و حفظ ونسخ، و لولاهم لما بقي الإسلام صامدا أمام مختلف ألوان التحدّيات على امتداد العصور، إلاّ أنّ وقوف العملية عند هذا الحدّ (عند " تبّت يدا" مثلما نقول في السجال الشعبي) يستوجب التساؤل : لماذا توقّفوا هؤلاء هنا ؟ ومن الذي يتحمّل أكبر الأوزار؟ وفيم تتمثّل هذه الأخيرة؟

إنّ شباب اليوم لا يفهم الإسلام. وهذا هو الوزر الأكبر. والأدهى و الأمرّ أنّ هذا الشباب يفهم الإسلام. فهو يفهمه قسرا (بالنقل وبالتقليد و بالتلقين وبالإتّباع) ولا يفهمه طوعا (بالعقل وبالتفكير وبالتفاعل و بالإبداع). ونتيجة هذا الانفصام إماّ أن يتشبّث الشاب بالقليل المفهوم من الدين ليطبّقه في أوسع رحاب النشاط الإنساني (وهذا هو التعصّب والتحجّر و الدوغمائية و الطوباوية وغيرها ) وإمّا أن يحاول التخلّص من القليل المفهوم فيه ليبدع، بالاتكال عنوة على كل ما ليس دينيا، في كافة مجالات الحياة (و هذا والتحجر اللائيكي أو العلماني والتغريب والتفسّخ وغيرها).

فليس المؤدب و لا الولي ولا المعلّم وحدهم الذين تركوا الشباب في مثل تلك الوضعية. هنا تأتي مسؤولية الجميع طبعا، لكنها أوّلا وبالذّات مسؤولية النخب المثقّفة. فهي التي لم تقم بإنزال ما لزم من الأفكار والمفاهيم و الإيحاءات والأحاسيس في رحم الذهنية الدينية لكي تولد لنا هذه ما يشبع الروح ويسدّ رمق الجسم والعقل من ثمار المشاعر و من بنات الأفكار فيلين العيش ويسهل التعايش.فهي التي لم تسق تربة الواقع برحيق العقلانية فتطعّم بها العقيدة وتكرّرها تكريرا لتنجب لنا الإمام تلو الإمام، كلّ في إبداعه شاطر.

فهل للشباب مشكل مع القرآن و الإيمان؟ أم هم في حلّ من العلاقة بالإمام؟ وأليس الجديد في خطاب الإسلام هو أمنيتهم؟



* "الاجتهاد الثالث" و" مشروع اللغة والإسلام"، تونس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف