الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تيسير نظمي يعيد نشر قصة من قصصه كتبها قبل ثلاثين سنة

تاريخ النشر : 2010-02-12
أعاد موقع تيسير نظمي نشر واحدة من قصص كتابه الرابع -الدهس- بعد العثور على نسخة يتيمة من الكتاب في مكتبة جامعة اليرموك الأردنية مما أحدث صدمة لدى الأوساط الثقافية التي لا تعرف مستوى هذا القاص الفلسطيني وحجم التعتيم الممارس عليه في الأردن وفي ما يلي القصة التي أذهلت وأبكت الشاعر أحمد مطر ذات يوم:

صالح صلاح يتسلم رسالة من والده

" إذا الدنيا صباح الله لا يصبحك بالخير وإذا الدنيا مساء الله لا يمسيك إلا بالويل .. أما بعد يا ابن الملعون فقد مرت أربعة شهور بأيامها ولياليها ولم ترسل لنا تعريفة ولا منين رايحة ولا منين جاية وكأننا في الضفة نأكل السمن بالعسل وكأنك لا تعرف ما هي أحوالنا . هذه ثاني رسالة ، وتحرم عليَ أمك إذا كان ما قطعت تصريح وجيتك تشوف وين بتروح بكل هالفلوس . بقول هذه الرسالة الثانية وتكون أمك طالق إذا كان كتبت لك بعدها رسائل . أرسل بالعجل كل ما وفرته وإذا كان بالك بالزواج فعليك ببنات عمك عندك ، وإذا سمعت أن عينك شايحة هون ولا هون رايح أوصي أولاد العيلة عندك يقلعوها بمخرز . والسلام ختام .

الداعي أبوك
صلاح أبو علي
كتب الرسالة على لسانه أخوك احمد.
. . .

إلى حضرة الوالد العزيز صلاح الحراث

والى الوالدة الحنونة وإخوتي وأخواتي قرة عيني . لقد وصلتني رسالتكم بعد شهر من وصول ابن أبو فخري ما غيره الذي كان عندكم يتفسح في شوارع تل أبيب متنكراً بزي اليهود والذي بلغني انك ذبحت كل ما تربيه الوالدة من دجاج على موائد كرمك السخي له ولعروسته . فعهدي بك مضياف دائماً إن لم يكن بتنك الزيت والزيتون فبالدجاج والزغاليل ومناسف الرز .
بعد شهر من وصوله هنا التقاه أبو النعيم صدفة في الشارع وعلم أن لي رسالة عنده . وأبو النعيم نسي أن يخبرني في زحمة انشغالاته التي لا تعرفها. فأخبرني صدفة فأخذت منه عنوان بيت ابن العم وقضيت نهار الجمعة بكامله أفتش عليه .
لقد دفعت أجرة وانيتات بمصروفك ومصروف إخوتي وأخواتي أسبوع عندكم كي استلم رسالتك – سامحك الله- فلما اهتديت إلى بيته قالوا لي انه في المسجد . لم يذبحوا لي صيصان طبعاً ولا زغاليل . خرجت انتظره على باب المسجد. ليس المسجد الذي بجانب بيتهم طبعاً . بل مسجد اكبر وعليه الهيبة . كنت أظن أنني حالما يخرج المصلون سأعرفه أو يعرفني. كيف ولا وهو ابن عمك وابن عمي والده واحد . ولكنني ل أميز من بين كل الذين خرجوا ملتحين ومدشدشين ومقصرين واحدا من الممكن أن أظن انه ابن عمك أو ابن عمي . فعدت اطرق بابهم فخرج لي رجل ملتح يلبس دشداشة كدت أظن ساعتها أنني أخطأت البيت لولا انه ابتسم ودعاني للدخول . وسلمني الرسالة وسألني إن كنت أصلي أو لا أصلي فلما شرحت له ظروف عملي التي لا تعرفها أنت ولا يعرفها مخلوق سوى الفئران التي تنام معنا في الحوش راح يشرح لي هات يا آيات يا أحاديث وهات يا مسبات منك عندما فتحت الرسالة . لقد سألني ابن عمك عندما قرأت رسالتك إن كنت قد أرسلت لك نقود أم لا. فلم أرد عليه خشية أن اجرح شهامتك وكرمك – سامحك الله – فماذا أرسل لك أكثر من عشرين دينارا استدنتها دينا من الشباب معي في الحوش . والتي لم تذكر في رسالتك الطيبة الحنونة أنها وصلت حتى الآن. واعرف انك حين تستلمها من محمود الشلته ستسدد بها ثمن القهوة والسجائر وبقية مصروفات بيت العزاء الذي فتحته عندما مات ابن أبو قاسم ابن عمك في أمريكا . واعرف انك حين تستلمها من ابن الشلتة سوف تغضب ولا يهدأ لك بال لان برهوم أخوه إذا عرف بالمبلغ سيظل يسميك " بالحراث " ولن يحسب لك حساب لا في الصغيرة ولا بالكبيرة في البلد . ولكن ما حيلتي معك وأنت لا تسمع لا كلام الوالدة ولا كلامي. هل أخبرك أن ثمن إعلانات التعازي التي نزلت هنا في الجرائد لشاب لم يتجاوز العشرين من عمره تنفق عليك سنة بكاملها وان تكاليف نقل جثته من أمريكا تجعلك مختارا للبلد إذا كنت ما تزال تحلم بالمخترة لماذا تغلب نفسك يا ختيار ونازل فتح بيوت عزاء وفتح بيوت ضيافة وأنت لم تشبع ولا أشبعت .
أما بخصوص قطعك تصريح زيارة وحضورك فإنني أتمنى أن تعملها لتأتي وترى كل شيء. ولكن قبل أن تتسرع وتجني على من ورائك احسب مليون حساب مع أولاد عمك لكرت الزيارة. فلا تظن أن أولاد العيلة سيستقبلونك بأقواس النصر والدبكة والزفة ولا حدود حدود الدول تدخل فيها متى تشاء .. ربنا يهديك لتعرف أن حذاء محمود الشلته وبسطار برهوم المقطع تسوى كل أفراد حمولتك .
أولاد الشلته الفقراء الذين لا تعترف بهم رجال ، وأينما حلوا رجال – صحيح أنهم لا قبل ولا بعد كان لهم دونم ارض في فلسطين ولا غير فلسطين . لكنهم ثوار يناضلون من أجلك ومن اجلي. فهل تفهم . سامحني بهذه فقط ولا تزعل . فقد قضيت كل عمري لم ارفض لك طلب. حتى عندما كنت لا أريد أن اترك سكة الحراثة من بين يدي لم اخرج عن رغبتك بالسفر . وها هي النتيجة . لم تدركها أنت بعد . لكن أصابع يدي المهترية تنبض بها كل لحظة . الأرض يا والدي حين كنت أساعدك في حراثتها كانت كالبنت الصبية ما أن تتزوج حتى تفور . كانت تحت سكة المحراث طرية . وبعد المطر تموج بالخضرة . أما الحيطان التي أظل احف بها هنا من الصباح حتى المساء فإنني سأظل طول عمري أتنقل بينها من حيط إلى حيط ومن بناية إلى بناية بدون أن أرى ما حل بها من بعدي . أي لون أصبحت . أي مخلوقات اندست فيها . كنت عندما احرث معك لا تكاد تمر شهور حتى أذوق طعم البندورة وطعم الخيار والفقوس الذي أصبحت اشتهيه اليوم بعد شهور مرت كأنها سنين من أكل المعلبات والمعلبات . كنت حين يأتي الشتاء اشتهي أكلة العدس مع خبز الطابون المقحمش ورأس بصل . وتوقد لنا النار بنفسك فأشم رائحة الحطب . ولا يكاد يهل الشتاء حتى تشتاق للصيف ولياليه المقمرة فنقضي الليالي أنا والختيارة نتحدث عن الموسم المقبل عن المطر وعن الشجر بأسمائه . كان لكل شجرة اسم. المشمشة المهكفة والزيتونة سعدة التي زرعتها أمك سعدة والرمانة والتوتة . والتينة الخرطمانية كانت مدار حديثنا والصبرة حتى حيايا الأرض كنا نألف خروشتها بين السناسل حتى الحراذين في جحور جذوع الزيتون ، كل شيء كان أجمل . نعم أجمل من كل الصوف الانجليزي والراديوات والساعات والذهب والدنانير التي تتمناها أنت وحدك . سامحك الله . ماذا فعلت بي ؟ ماذا فعلت بابنك في أيامه هنا التي لا يعرف فيها الصيف من الربيع من الشتاء من الزفت ؟ رمل في الأرض وحولي شقق وشوارع وسيارات وإشارات مرور، ماذا افعل هنا ؟ أين اذهب ؟ مع من أتحدث ؟مع القمر المطفي أم السماء التي لا تتبين بها نجمة ؟ وأين يد الوالدة الحنونة تغطيني بالليل ؟ أين أحاديثها وملاعبة أخوتي وخواتي في ليالي الصيف على سطح بيتنا . أين نسمة الهواء الزكية أين ؟؟
أما هنا فرائحة عرق الشباب وقنادرهم تزكم أنفاسي . ورائحة المجاري . والفار تجحر بيه يجحر فيك تنش عليه ينش عليك . يتجول في ساحة الحوش دون أن يحسب لك حساب . وكل ما تخشاه أن تستيقظ فتجده يقاسمك الفراش وياما حدثت مع الشباب . عندما اجلس احدث نفسي أقول " الله يسامحك " لا ترسل لي رسائل . لا أريد بعد اليوم رسائلك أنت. فأخي احمد أصبح كبيرا اليوم وأريده هو أن يخبرني بأحوالكم. وقد تفكر الوالدة عندما تعلم بهذا كله بان أعود لكم. سأعود . فقد قررت منذ أول أسبوع غادرتكم فيه ان اعود . لكنني بعد شهور مزقت التصريح . نعم مزقت التصريح الذي لم تحصل عليه إلا بعد أن حنيت راسك لتقبل يد الحاكم العسكري . ولن تكون أبا لي ولا لأحمد إن لم تفكر بعد اليوم بان ترفعه. راسك إلى الأبد . لا بأولاد عمومتك المنتشرين على وجه الكرة الأرضية يحنون رؤوسهم ويحنون رقابهم السمينة للأسياد . لا .. فأنت يا صلاح الحراث السيد . أنت السيد بعد اليوم يا أبو صالح وسترفعه بعد اليوم راسك قوياً كسكة المحراث ليشق السماء .
www.tayseernazmi.com/Novel.php
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف