الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحاكمية بين سيد قطب ونصر ابو زيد صراع في الصياغات بقلم:اثير الخاقاني

تاريخ النشر : 2010-01-30
الحاكمية بين سيد قطب ونصر ابو زيد صراع في الصياغات


اثير الخاقاني

30/01/2010
قراءات: 9


الفصل الأول : وتعرض فيه السيرة الذاتية لسيد قطب نقلا عن المقربين منه او ممن كتبوا عن معايشة لواقعه ، ثم يلي هذا الفصل خمس فصول متتالية في أحداثها نبتدئها بسيد قطب .

سيد قطب الميلاد والإعدام



يعد سيد قطب كتابا حافلا بالأحداث وملهما قويا لمعظم حركات الإسلام السياسي ومفسرا رائدا بين رعيل المفسرين في العالم الإسلامي وهو بهذا يحتل صدارة متقدمة في الإسلام السياسي - ان صح هذا الوصف - وريادة في المؤسسة العلمية والفكرية الإسلامية المعتدلة او الكلاسيكية - جريا على الاطلاقات الشائعة في الوسط العام مع تحفظنا عليها - وعلى ضوء هذا التشخيص لهذه الذات وخصائصها نرى من اللازم للحكم عليها ايجابا او سلبا الاطلاع أولا على محيطها الخاص وبيئتها المؤثرة في نشوء تلك الخصائص وانفرادها بما جادت به عن غيرها ، وسيد قطب ربما لا يختلف في بعض السمات عن العديد من المفكرين في كونه من الأرياف ومن الفقراء ومن الطبقة ذات التحولات القسرية في حياتها من حيث الهجرة والسعي وراء الطموح وما يرافق هذا وذاك من آثار فهو من مواليد محافظة "أسيوط" بصعيد مصر في في قرية "موشا" ولد عام 9/10/1906م ، الموافق 1324هـ واسمه الكامل غير الواضح للكثيرين هو سيد قطب إبراهيم حسن الشاذلي. (1)

أصل أسرته من الهند ، وحينما كان كثير من الناس يُؤْثرون مجاورة البيت الحرام مهاجرين من أوطانهم هجرة لا عودة بعدها، ومن هؤلاء المهاجرين كان تاجرٌ هندي هو "عبد الله" جاء من الهند ليتخذ سكنًا مستديمًا في جوار بيت الله. وكان هذا التحول الاول في حياة اسرة سيد قطب هذا الرجل هو الجد السادس لسيد قطب، ولم يَطُل المدى حتى بدأ هجرته الثانية باتجاه مصر ليلاقح قارتين في اسرته اسيا وافريقا . نزل قريةً - موشا - ثم تفرعت اسرته لينحدر من سلالة عبد الله والد سيد قطب ، وهو الحاج قطب إبراهيم حسن الشاذلي (2) ، الذي تزوج بامرأتين، وكانت أم سيد - فاطمة حسين عثمان - هي الزوجة الثانية، وأنجبت ستة أولاد : ثلاثة بنين ، وثلاث بنات ، وهم : نفيسة ، وسيد ، وأمينة ، ومحمد ، وحميدة، وطفل لم يعش إلا بضعة أيام.



ولد سيد بعد ثلاثة أعوام من شقيقته نفيسة، وظل الابن الوحيد لوالديه طوال ثلاثة عشر عامًا حتى رُزقا بمحمد في أبريل عام 1919م(3).



مراحل النشأة :

نتابع مع الكاتب وصفي عاشور أبو زيد الباحث في سيرة سيد قطب مراحل نشأة سيد في القرية التي يصفها بالسذاجة والبساطة سواء في العقائد والمعاملات ، أو في الأفراح والأحزان، ولكنها أي قرية الموشا تمتعت بمناظر خلابة، وتمثلت أروع مشاهد الطبيعة وأجملها ، فهي قرية تقع في منطقة خصبة من وادي النيل يحتضنها بين أطلالها جبلان.



12

وسط هذه الطبيعة الساحرة فتح سيد قطب عينيه ، فتفتَّحت مشاعره وحواسه ، وتفجرت في نفسه أسرار الجمال الطبيعي ، وارتسمت في ذهنه الصور الساحرة التي لا تنمحي أبد الدهر(1) ومن المحتمل ان هذه الطبيعة وهذه البساطة في المعيشة لعبت دورها في بعث موهبة القلم والأسلوب الأدبي عند سيد ، فغالبا ما تنجب الطبيعة الشعراء او كتاب القصة والرواية او الأدباء عموما



نشأ سيد بين والديه في بيت له نصيب معلوم من السعة والعلم والثقافة، كما يمتاز بصبغته الدينية.(2)



وجد والدة مشغوفة بالقرآن وترتيله حتى إنه أهدى لها كتاب "التصوير الفني" يقول: "لطالما تسمَّعتِ من وراء "الشيش" في القرية للقراء يرتلون في دارنا طوال شهر رمضان . وأنا معك أحاول أن ألغو كالأطفال فتردني منك إشارة حازمة وهمسة حاسمة، فأنصت معك إلى الترتيل وتشرب نفسي موسيقاه. وإن لم أفهم بعدُ معناه.

وحينما نشأتُ بين يديكِ، بعثتِ بي إلى المدرسة الأولية في القرية ، وأولى أمانيك أن يفتح الله عليَّ ، فأحفظ القرآن ، وأن يرزقني الصوت الرخيم فأرتله لك كل آنٍ ، ثم عدلت بي عن هذا الطريق الجديد الذي أسلكه الآن ، بعدما تحقق لك شطر من أمانيك فحفظت القرآن!.

ولقد رحلت عنا - يا أماه - وآخر صورك الشاخصة في خيالي، جلستك في الدار أمام المذياع ، تستمعين للترتيل الجميل ، ويبدو في قسمات وجهك النبيل أنك تدركين - بقلبك الكبير وحسك البصير - مراميه وخفاياه.

فإليك يا أماه . ثمرة توجيهك الطويل . لطفلك الصغير . ولفتاك الكبير . ولئن كان قد فاته جمال الترتيل . فعسى ألا يكون قد فاته جمال التأويل. والله يرعاك عنده ويرعاه".

هذا العامل يوضح جانبا مهما من توجهات سيد قطب باتجاه الكتابة والولع بالقران كما يتجلى في كتابه الظلال والتصوير الفني وغيرها من المؤلفات الحاكية عن الاندفاع الغريزي ربما وغير المبرر في عصره المنغمس في الافكار الجاهزة والمعلب الغربي لاسيما في مصر ..الام وهي مدفع عظيم لدفع الابناء نحو مايتاثرون به منها واذكر خطيبا كبيرا عند الشيعة كانت بداياته شبيه بسيد كان ينصت لامه وهي ذائبة في الامام الحسين شهيد كربلاء وترتل ابيات ومراثي تحولت عند طفلها كلمات تهز الالاف عبر المذياع فيما بعد !



كما وجد والدًا متصفًا بمحاسن الكرامة والتقوى يستلذ بذكر الله، ويتمتع بتلاوة كتابه، وهو عند أهل الريف شخصية محترمة تهوى إليها القلوب عزًّا واحترامًا.



ولقد أهدى له كتاب "مشاهد القيامة في القرآن" يقول: "لقد طبعتَ في حسي وأنا طفل صغير مخافة اليوم الآخر ، ولم تَعِظْني أو تزجرني ، ولكنك كنت تعيش أمامي واليوم الآخر في حسابك ، وذكراه في ضميرك وعلى لسانك ، كنت تعلِّل تشددك في الحق الذي عليك، وتسامحك في الحق الذي لك بأنك تخشى اليوم الآخر ، وكنت تعفو عن الإساءة وأنت قادر على ردها لتكون لك كفارة في اليوم الآخر ، وإن صورتك المطبوعة في مخيلتي ونحن نفرغ كل مساء من طعام العشاء فتقرأ الفاتحة ، وتتوجه بها إلى روح أبيك في الدار الآخرة، ونحن أطفالك الصغار نتمتم مثلك بآيات منها متفرقات قبل أن نجيد حفظها كاملات".

وهذا عامل اخر شكل وطبع في سيد قطب جانبا قاده الى الموت بهدوء دون خوف يذكر انه خوف الاب من يوم القيامة الخوف الذي يتجسد شجاعة عندما تتغلب عليه موقنا ان الاخرة هي الدار الاخيرة وكل خوف ينتهي عند الخوف من الموت فاذا لم يخف المرء من الموت فهو لايخاف مما سواه وهل هناك سوى الموت مخيفا !!





مراحل التعليم :



لما ناهز سيد قطب السادسة من عمره في عام 1912م التحق بالمدرسة الحكومية ، وبعد انتظامه فيها أقبل على دروسه بجد واجتهاد ، وكان عنده شغف بالقراءة والسماع - منذ نعومة أظفاره - لا ينتهي ، وظمأ لا يرتوي ، وإذا ما حضر مجالس الوعظ فكر فيما يسمع ، وأحيانًا يقف ليناقش الواعظ وهو الطفل الصغير.



ومن الطريف الذي يرويه هو حضوره درس عالم أزهري قَدِم إلى القرية ليُعلم القَرَويين الأميين من تفسير "الكشاف" للزمخشري، وهذا الدرس لا يتجاوز أن يجلس الشيخ ويلتف حوله القرويون الأميون، فيسحب من صدره "ملزمة" من تفسير الزمخشري ويروح يتلوه عليهم ، وهو يصفق بيديه بين آنٍ وآخر، ويقول: مفهوم ؟ فيجيب بعضهم : مفهوم.

ويمضى يصب عليهم ما في الزمخشري من بلاغة ونحو وصرف وتأويلات ، لا يدرون منها شيئًا ، وفى ليلة كان الشيخ يقرأ تفسير سورة الكهف ، ومر بقوله تعالى : "ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصًا".

ولما كان الطفل - يقصد نفسه - حريصًا على محصوله من النحو ، فقد لفت نظره أن كلمة "نبغ" محذوفة حرف العلة بلا مُسوِّغ ظاهر، فرفع إصبعه كما يصنع في المدرسة ، وقال : يا سيدنا الشيخ ، لماذا حذفت "الياء" في "نبغ" بدون جازم؟

ورفع الشيخ رأسه بلا اهتمام ، ثم مضى يقول - وكأنه يستمر في التلاوة "يا سيدي حذفت الياء اعتباطًا للتسهيل"، ومضى لا يلوي على شيء، ولا يلتفت إلى الطفل الصغير. (1)

التشكيك في المسموع او محاولة كسر جمود الإصغاء هي بذرة التمرد على المظاهر او قل هي نبوءة مبكرة للثورة على الواقع المعاش ،فإبراهيم النبي عليه السلام تساءل عن أفول الشمس والقمر والكواكب و نيوتن تساءل عن علة سقوط التفاحة ، وفولتير عن حكم الكنيسة والحق الالهي ، وهكذا يكون المنهج التشكيك ادعاءا او حقيقة سبيلا للتجديد والإبداع .

16

وانتهى من الدراسة في هذه المدرسة عام 1918م، فأراد والداه - بما تمتعا به من ثقافة ومعرفة لقدر العلم - أن يُلحقاه بدار العلوم بالقاهرة لكن ظروف الثورة - ثورة 19 - منعته من الالتحاق بها إلى حين ، ونزل سيد بالقاهرة عام 1921م ، فالتحق بمدرسة عبد العزيز الأولية ، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عام 1925م ، واستمر بها حتى عام 1928م ، وكانت الأخيرة تعطى صلاحية للعمل مدرسًا لكنها لم تُشبع نهمه ، فدفعته إلى أن يواصل الدراسة ، ويرتمي في حضن دار العلوم ، وبالفعل التحق سيد بـ: "تجهيزية دار العـلوم" التي تؤهل الطلاب لدخول دار العلوم ، ومكث فيها سنتين حتى عام 1929م ، وفى عام 1930م التحق بدار العلوم ليتخرج فيها عام 1933م حاملاً شهادة "الليسانس" في الأدب واللغة ، وقَوِيَ واشتد ساعده في الكتابة حتى إنه - وهو طالب بالكلية - خرج بأبحاث تَعِد بناقد كبير ، وأديب واعد. منها بحثه القيم "مهمة الشاعر في الحياة وشعر الجيل الحاضر" الذي ألقاه محاضرة بالكلية في فبراير عام 1932 ، كما قرض الشعر ، وكتب مقالات أدبية واجتماعية وتربوية في الصحف والمجلات مثل : "الحياة الجديدة" ، و"البلاغ" ، و"الرسالة" ، و"المقتطف" ، و"صحيفة دار العلوم" ، كما كان يقيم الندوات ، ويَعقد الحفلات ، ويناقش الأمور الأدبية مؤيدًا العقاد ، ومهاجمًا مصطفى صادق الرافعي وتلاميذه"(1)





مع وزير المعارف و طه حسين و العقاد :

18



تخرج سيد قطب من دار العلوم وتم تعيينه مدرسًا لمدارس وزارة المعارف الابتدائية حيث اشتغل لمدة ست سنوات (1933 - 1939م) ، ثم نقل إلى الوزارة ليعمل في التفتيش ، ومراقبة الثقافة العامة ، ثم عمل بعد ذلك مديرًا لمكتب الدكتور طه حسين الذي كان رئيسًا لقسم الثقافة بالوزارة ، ولم يكن دور سيد مقتصرًا على التدريس أو التفتيش فحسب ، بل كان دوره متحركًا ثوريًا حيث كتب كثيرًا من المقالات ، وألقى العديد من الخطب والمحاضرات ينتقد فيها المناهج التعليمية بتمام الجرأة والصراحة ، بالإضافة إلى كتاباته في مجالات متعددة مثل السياسة والاجتماع والدين والفكر ، فلم يكن بدٌّ من التعرض للمضايقات ، وقد كان. .. لكنه كان يتقبلها بصدر رحب ، وثغر باسم دون ملل أو ضجر ، ومن ذلك تهديد وزير المعارف له بالفصل ، وتصميمه على نفيه وتشريده ، لكن الدكتور طه حسين لم تكن تخفى عليه مواهب سيد وصلاحياته ، فحال دون ذلك ، ورأى أن يبتعد سيد قطب عن القاهرة لفترة حتى تهدأ حفيظة الوزير ، ففوض إليه مهمة التفتيش بمحافظات الصعيد (1)

وأرسلت الوزارة سيد قطب في 3/11/1948م (2) بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليدرس المناهج التعليمية، والنظم التربوية المتبعة هناك (3) وعاد سيد من بعثته إلى القاهرة 23/8/1950(4)، فكان أشد وأعنف من ذي قبل، فانتقد البرامج والمناهج المصرية بشدة؛ لأنه كان يراها من وضع الإنجليز(5).

20

وقد قُدر لسيد - بعد نزوله القاهرة - أن يتعرف على المفكر الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد (1889 - 1664م) ، عملاق الأدب الحديث ، ورائد التجديد في الأدب والنقد، الذي يعد صاحب يد طولى في انتشال سيد قطب من محنته مع الحركات الفكرية السائدة انذاك وبالخصوص مع موجة التشكيك في العقائد والدعوة الى الالحاد ، حيث بدأت آثار العقاد - بل التعصب له - تظهر على سيد قطب في نشاطاته الأدبية، ومقالاته الصحفية مذ كان طالبًا في دار العلوم ، وقد خاض المعارك الأدبية التي تزامنت ومطالع هذا القرن مهاجمًا شوقي، والرافعي ، وأبا شادي - متعصبًا للعقاد، ومتأثرًا به(6) .



مع الاخوان المسلمين :



الحديث عن انتماء سيد قطب لحركة الاخوان تنظيما يحتاج الى وقفة مع التاريخ للحركة ولسيد قطب معا فالحركة بعد رحيل المؤسس حسن البنا مرت بظروف عصيبة جعلت منها حركات متشظية فالجهاز العسكري له شبه استقلال عن مفكري الحركة والطبقة العاملة في التنظيم مابين الادلجة والاعتقاد والتوجه السياسي مضطربة في حراكها لذلك كان من الصعب ضبط سير الحركة العامة للإخوان بأفق واحد مما حدا بمفكري الاخوان الى الانكفاء على الجانب العلمي ومحاولة تنظيم الاخوان في هذا المسار ويؤكد ذلك الرسالة المنسوبة لسيد قطب التي كتبها في السجن بعنوان لماذا اعدموني فيذكر (أنا إلى ذلك الوقت في محيط الإخوان المسلمين مجرد أخ مسلم .. حقيقة أن له من نفوسهم قيمته ومكانته الشخصية بوصفه كاتباً مفكراً إسلامياً له خبرته وتجربته في المجالات العامة، وله شهرته ومكانته في العالم الإسلامي .. ولكنه مع ذلك كله ليست له صفة حركية إدارية في الجماعة تعطي له الحق الشرعي في رسم خطة حركية ولا من توجيه الإخوان إليها. لأن هذا الحق لمكتب الإرشاد وحده ولمن يكلفه بذلك. ولست من أعضاء المكتب ولا مكلفاً منه بشيء. هذا الظرف كان يحتم علي أن ابدأ مع كل شاب وأسير ببطء وحذر من ضرورة فهم العقيدة الإسلامية فهماً صحيحاً قبل البحث عن تفصيلات النظام والتشريع الإسلامي، وضرورة عدم إنفاق الجهد في الحركات السياسية المحلية الحاضرة في البلاد الإسلامية للتوفر على التربية الإسلامية الصحيحة لأكبر عدد ممكن. وبعد ذلك تجئ الخطوات التالية بطبيعتها بحكم اقتناع وتربية قاعدة في المجتمع ذاته لأن المجتمعات البشرية اليوم-بما فيها المجتمعات في البلاد الإسلامية- قد صارت إلى حالة مشابهة كثيراً أو مماثلة لحالة المجتمعات الجاهلية يوم جاءها الإسلام. فبدا معها من العقيدة والخلق لا من الشريعة والنظام. واليوم يجب أن تبدأ الحركة والدعوة من نفس النقطة التي بدأ فيها الإسلام، وأن تسير في خطوات مشابهة مع مراعاة بعض الظروف المغايرة.

ولم يكن الزمن الذي يقضيه كل منهم يسمح بتكوين فهم كامل ولا واسع لهذا المنهج، ولكن فقط يفتح له نافذة للتفكير من جديد والقراءة في الكتب التي تساعده على هذا التصور والتي كنت أسمي له عدداً منها. وبعضها كان عندي في الليمان ومن مكتبته فيقرأ منها ما يمكن ويكمل الباقي بعد عودته، أولاً في صورة فردية. وفيما بعد تكونت أسر في سجن القناطر لدراسة هذه الكتب بالإضافة إلى كتب أخرى اختاروها بأنفسهم هناك كات أول مجموعة تكلمت معها في هذه المفهومات بتوسع - سنة 1962 على ما أذكر- مكونة من الأخوان: مصطفى كامل، وسيد عيد ويوسف كمال من سجن القناطر في فترة أقل من أسبوع، ولكنهم تحمسوا لهذه المفهومات وعادوا فتكلموا فيها مع بعض إخوانهم بحماسة كان لها رد فعل شديد في وسطهم. فبعضهم أخذ يتحمس لهذا الاتجاه من التفكير ويطلب منه المزيد. وبعضهم أخذ يتحمس ضده بشدة باعتبار أن فيه مخالفة للخط الحركي الذي سارت عليه الجماعة من قبل وتخطئه لها في بعض تحركاتها. وباعتبار آخر وهو أنه صادر عن جهة غير شرعية بالنسبة لهم.

وتوالى خلال هذه الفترة-من سنة 1962 إلى سنة 1964-مجئ أفراد آخرين أذكر منهم من تعيه ذاكرتي على غير ترتيب زمني، ومن السهل معرفة الجميع سواء من أحد الإخوان الذين كانوا في القناطر أو من السجلات..

أذكر منهم: رفعت الصياد-عبد الحميد ماضي- سعيد منسي- عبده صالح-فوزي نجم-الحاج عبد الرزاق أمان الدين-مصطفى دياب-سيد دسوقي-موسى جاويش-صبري عنتر-محمـود حامد-رشـدي عفيفي-عبـد السلام عماره-عبد الرؤوف كامل-سيد ...- رجب ...- سعد عفيفي-حسن عبد العظيم-صلاح الأنوار.

المصدر : لماذا اعدموني ص 17.

فإذا كان سيد قطب الى عام 1964 اخ مسلم موجها لحركة الاخوان المسلمون من بعيد من مكتبته ومن افكاره وماتبقى من عمره بعد هذا التاريخ هو سنتان قضى معظمها في السجون والإقامة الجبرية والمضايقات لا يبقى لنا الا ان نعده مفكرا إسلاميا اقترب من الاخوان وشعر بمحنتهم وارتضى ان يكون جزء منها ولكن ليس منها تنظيميا او في عداد المؤسسين لها.

ونرجع الى العقاد فقد ما تهيأت الظروف والأقدار لتقضي بالافتراق بين سيد قطب وأستاذه العقاد ، فقد انتهج النهج الإسلامي ، والكتابة في الموضوعات الإسلامية ، وذلك لرغبته في الإصلاح الديني ، سواء كان إصلاحًا سياسيًا، أو اجتماعيًا، أو ثقافيًا... إلخ(1).



واقتنع سيد قطب بمنهج حسن البنا، وطريقة إصلاحه، وأسلوبه البالغ في التأثير والإقناع(2) ومن هنا أخذت الفرقة تزداد بينه وبين أستاذه العقاد، وقد كان الأخير منتميًا إلى حزب الوفد الذي كان دائم التهجم للإخوان ، ولم يكن ينقدهم ويهاجمهم فحسب ، بل كان ينبذهم هم ومرشدهم حسن البنا بالمهاترة، والألفاظ الوضيعة (3)

ولعل تحول سيد قطب إلى الإسلاميات والحركة الإسلامية هو صدى صوت الفطرة عنده ، وعَوْد إلى طبيعته، طبيعة البيئة التي نشأ فيها ، وتربى عليها. ان تصوير سيد قطب على انه حامل راية الاخوان المسلمين وباني مجد الفكر التكفيري فيه من البعد عن إرادة سيد قطب بمقدار البعد السياسي الذي كان حاكما على العلاقة بكل ما يمت الى الحركة الإسلامية بأنه طامحا الى السلطة ، وعلى هذا كان الابتعاد عن الإخوان مثلا من قبل المفكرين أمثال العقاد هو من قبيل السلامة من وصم السياسة لهم بهذا الوصف ومما شجع على هذا حالة الانقسام في المواقف في داخل الحركة الإسلامية ذاتها .

التمهيد للإعدام :

22

كما سبق فان عوامل البيئة الخاصة "الوالدان " الذوبان في القران وخوف اليوم الاخر كان لها الاثر البالغ في تشجيع سيد لاكمال المسيرة الدامية نحو الحكم بالاعدام لان مواجهة نظام مستفز بأمنه ومشغول بطموحه الدولي ومضغوط عليه عالميا من دول كبرى القى بظلاله على حركة سيد قطب عتمة لم تنجل الى بعد اعدامه اذ تبين ان جمال عبد الناصر كان مفوضا حكم الداخل المصري لدوائر امنية واستخبارية لها مصلحة شبه شخصية في تصفية المعارضة الداخلية فقد حوكم صلاح نصر في زمن جمال وأحيل شمس البدران عن منصبه في المباحث العامة وجرت تغييرات كشفت عن فضائح انتهى بعضها بانتحار الرجل الثاني في مصر المشير عبد الحكيم عامر في اعقاب النكسة والبعض الآخر ظل ملازما للسرية محفوظا في قلب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل الذي تحدث عنها في اكثر من مناسبة في مقالاته حمل بعضها اسما يكشف الغموض "زوار الفجر " وعلى هذا لم يكن لسيد قطب - وقد سلك هذه السبيل - أن يعيش سالمًا آمنًا، فقد اعتُقل في يناير عام 1954م(1) ، وأفرج عنه بعفو صحي في مايو عام 1964م ، لكن المخابرات أصرت على ضرب الإخوان ، فألقت القبض على محمد قطب 30/7/1965م ، فبعث أخوه سيد قطب - وقد أفرج عنه - احتجاجًا للمباحث العامة فقبضوا عليه هو الآخر في 9/8/1965م ، وقُدم للمحاكمة مع كثير من الإخوان ، وصدر الحكم بالإعدام مع سبعة من إخوانه ، ونُفذ الحكم في فجر الإثنين 13 جمادى الأولى 1386هـ الموافق 29/8/1966م (2)، وبنتفيذ الحكم فتحت صفحة من التساؤلات والاحتجاجات والثغرات في جسم النظام ظل يغذيها دم سيد قطب ومن اعدم معه . فكل حدث يعلل به فبعد نكسة عام 1967م قال علاّل الفاسي (3): "ما كان الله لينصر حربًا يقودها قاتل سيد قطب"(4).









*مؤلفات سيد قطب (1)



يعتبر سيد قطب واحدًا من الذين حوربوا في إنتاجهم وفكرهم ، فلقد أتى على كتبه زمان حُكِم فيه عليها بالحرق والإعدام في دور النشر والمكتبات ، وكان ذكره في بعض الدراسات أو الرجوع إلى بعض كتبه جريمة لا تُغتفر، الا ان بعد جلاء الحضر برزت مؤلفات سيد قطب وهذه ابرزها :





في الحقل الأدبي :

1 - مهمة الشاعر في الحياة وشعر الجيل الحاضر.

2 - نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر.

3 - كتب وشخصيات.

4 - النقد الأدبي أصوله ومناهجه.

5 - الشاطئ المجهول.



* في الحقل القراني :

6 - التصوير الفني في القرآن.

7 - مشاهد القيامة في القرآن.

8 - في ظلال القرآن.



* في الأدب القصصي:

9 - طفل القرية.

10 - أشواك.

11 - المدينة المسحورة.



* في أدب الدعوة:

12 - العدالة الاجتماعية في الإسلام.

13 - معركة الإسلام والرأسمالية.

14 - السلام العالمي والإسلام.

15 - دراسات إسلامية.

16 - هذا الدين.

17 - المستقبل لهذا الدين.

18 - خصائص التصور الإسلامي ومقوماته . جزءان.

19 - الإسلام ومشكلات الحضارة.

20 - معالم في الطريق.



* آثار أخرى:

21- الأطياف الأربعة.

22 - أفراح الروح.

23 - نحو مجتمع إسلامي.

24 - أمريكا التي رأيت.

25 - في التاريخ فكرة ومنهاج.

26 - القصص الديني. بالاشتراك مع عبد الحميد جودة السحار.

27 - روضة الطفل. بالاشتراك مع آخرين.

28 - الجديد في اللغة العربية. بالاشتراك مع آخرين.

29 - الجديد في المحفوظات. بالاشتراك مع آخرين.

30 - معركتنا مع اليهود.

31 - فقه الدعوة.

32 - طريق الدعوة في ظلال القرآن. جزءان.

33 - الجهاد في سبيل الله.

34 - الإسلام أو لا إسلام.

35 - إلى المتثاقلين عن الجهاد.

36 - تفسير آيات الربا.

37 - تفسير سورة الشورى.

38 - رسالة الصلاة.

39 - قصة الدعوة.



* مقدماته لبعض الكتب:

- مقدمة "الإيمان وأثره في نهضة الشعوب" ليوسف العظم.

- مقدمة "خالد بن الوليد" لصادق إبراهيم عرجون.

- مقدمة ديوان العزيز عتيق.

- مقدمة "سخريات صغيرة" لمحمد قطب.

- مقدمة"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"لأبى الحسن الندْوي.



* بحوث لم تُنشر:

40 - أساليب العرض الفني في القرآن.

41 - أصداء الزمن. ديوان شعر.

42 - أوليات في هذا الدين.

43 - تصويبات في الفكر الديني المعاصر.

44 - حلم الفجر. ديوان شعر.

45 - الشريف الرضى.

46 - شعراء الشباب.

47 - الشعر المعاصر.

48 - الصور والظلال في الشعر العربي.

49 - عرابي المفترى عليه.

50 - في ظلال السيرة.

51 - في موكب الإيمان.

52 - قافلة الرقيق. ديوان شعر.

53 - القصة الحديثة.

54 - القصة بين التوراة والقرآن.

55 - القصة في الأدب العربي.

56 - القطط الضالة.

57 - الكأس المسمومة. ديوان شعر.

58 - لحظات مع الخالدين.

59 - المدارس الأدبية المعاصرة أو (المذاهب الفنية المعاصرة).

60 - المذاهب الأدبية المعاصرة.

61 - المراهقة. أخطارها وعلاجها.

62 - المرأة لغز بسيط.

63 - المرأة في قصص توفيق الحكيم.

64 - هذا القرآن.

65 - معالم في الطريق. المجموعة الثانية.

66 - من أعماق الوادي.

67 - المنطق الوجداني في القرآن.

68 - مهمة الشاعر في الحياة. الكتاب الكامل.

69 - النقد في الأدب العربي.

70 - النماذج الإنسانية في القرآن.



أما عن المقالات والدراسات التي كتبها في الصحف والمجلات فهي كثرة كاثرة بحيث يصعب حصرها (1).









--------------------------------------------------------------------------------

(1) الأعلام : 3/147 لخير الدين الزِّرِكْلي، دار العلم ، بيروت ، ط السادسة 1418هـ ، وسيد قطب حياته وأدبه/11 د. عبد الباقي حسين ، رسالة ماجستير بدار العلوم 1980م.
(2) عبقري الإسلام سيد قطب/27، د. سيد كشميري .
(3) عبقري الإسلام سيد قطب: 29 د. سيد كشميري.
(1) في وصف طبيعة هذه القرية يُراجع بتوسع : طفل من القرية لسيد قطب. الدار السعودية. جدة بدون تاريخ.
(2) عبقري الإسلام سيد قطب: 467 ، وسيد قطب حياته وأدبه : 12، 13 د. عبد الباقي حسين.
(1) راجع طفل من القرية: 52، 53 .
(1) عبقري الإسلام سيد قطب: 58 - 70 .
(1) عبقري الإسلام سيد قطب: 81، 82 .
(2) سيد قطب : 35 د. عبد الباقي حسين.
(3) عبقري الإسلام : 82 .
(4) سيد قطب : 38 .
(5) الأعلام للزِّرِكلي : 3/147 .
(6) عبقري الإسلام: 84 وما بعدها.
(1) ليس معنى هذا أن العقاد لم يكن اتجاهه إسلاميًّا ، إنما الإشارة هنا إلى التفرغ الكامل لسيد قطب في ذلك ، وإلا فقد خدم العقاد الفكر الإسلامي أي خدمة بما قدمه من مؤلفات بديعة.
(2) سيد قطب: 29 - 31 .
(3) عبقري الإسلام: 107 .
(1) عبقري الإسلام سيد قطب : 169.
(2) سيد قطب : 43 ، 44.
(3) من علماء المغرب ، وله كتاب "مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها".
(4) الأعلام الزركلي : 3/148.
(1) يراجع في ذلك عبقري الإسلام سيد قطب الأديب العملاق والمجدد الملهم د. سيد كشميري 221 - 459، وسيد قطب الأديب الناقد د. عبد الله الخباص 361 - 366 مكتبة المنار. الأردن. ط أولى 1983م.
(1) راجع مثلاً سيد قطب الأديب الناقد: 367، وما بعدها.

اثير الخاقاني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف